غزة - khamenei.ir

بينما تبذل جهات مسلمة وأجنبية جهودا كبيرة لدعوة المعمورة إلى مقاطعة الكيان الصهيوني، تسارع دول عربية كبيرة ومركزية في المنطقة إلى عقد الاتفاقات مع العدو، على مستويات عدة: سياسية وأمنية واقتصادية وتكنولوجية، رامية بعرض الحائط أوجاع الشعب الفلسطيني المستمرة، وحقوقه المسلوبة منذ 67 عاما.

حالة المسارعة إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، استوجبت استنكارا عربيا وإسلاميا واسعا قادته الجمهورية الإسلامية في إيران وجهات رسمية وأهلية عدة، في الوقت الذي تُجمع فيه القوى والفصائل الفلسطينية، على رفض التقارب مع العدو وإبرام التسويات معه بأي حال من الأحوال.

حالة المسارعة إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، استوجبت استنكاراً عربياً وإسلامياً واسعاً قادته الجمهورية الإسلامية في إيران وجهات رسمية وأهلية عدة

ورغم أن السلطة الفلسطينية تلتزم اتفاق تسوية مع الكيان الصهيوني، فإن حركة «فتح» التي تتزعم السلطة، رفضت المساعي العربية الأخيرة حتى من مبدأ طريقة التفاوض، بل رأت أن «هذه الاتصالات قفزة في المجهول». وأعلن القيادي في «فتح» يحيى رباح، رفض حركته لأي اتصالات عربية أو لقاءات مباشرة أو سرية مع العدو، معتبرًا ذلك «هدية مجانية لإسرائيل دون مقابل». وقال رباح، في حديث إلى مراسلنا، إن هناك أطرافا إقليمية تسعى إلى إبرام تسوية مع العدو دون مقابل، كما أن ذلك «تجاوز للشرعية الفلسطينية... ومستقبل العلاقة بين إسرائيل والدول العربية مصيره الانهيار ما لم تضمن الحقوق الفلسطينية».

ورغم أن السلطة الفلسطينية تبنّت خيار التسوية مع العدو، فإنها اليوم لا تحصد سوى خيبات الأمل. في المقابل، تحمل حركة «حماس» موقفا رافضا لكل التواصل مع العدو. يقول القيادي في «حماس» يحيى موسى، إن «الرهان على مشروع التسوية رهان فاشل، الغرض منه تصفية القضية الفلسطينية وإنهاؤها تماما مقابل بقاء المشروع الإسرائيلي على قيد الحياة». وحذر موسى، في حديثه مع khamenei.ir، من «خطورة مساعي بعض الأطراف (العربية) للتقارب مع العدو الإسرائيلي وتلميع صورته في الوقت الذي يمارس فيه عمليات القتل والتنكيل»، مضيفا: «نرفض زيارات المسؤولين العرب إلى الكيان الصهيوني لأنها تعطيه الشرعية، كما تعطيه ضوءا أخضر للاستمرار في سياساته».

ورغم أن السلطة الفلسطينية تبنّت خيار التسوية مع العدو، فإنها اليوم لا تحصد سوى خيبات الأمل

لكنّ الأمين العام لحركة «الصابرين نصرا لفلسطين ــ حصن»، هشام سالم، رأى أن «حركة التطبيع مع العدو ليست جديدة وإنما تعبر عن الواقع الحقيقي لبعض الأنظمة العربية في علاقتها بالكيان... ما يحدث إنما هو إخراج هذه العلاقات للعلن وبالتدريج». وأرجع سالم، في حديث إلى مراسلنا، «التهافت العربي نحو العدو إلى  سببين: استغلال الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة والواقع العربي المتردي، وثانيا شعور هذه الأنظمة أنها بتحالفها مع الكيان يمكن أن تشكل قوة ضد العدو الوهمي (إيران) الذي صنعته لنفسها».

وكان رئيس الوزراء في الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، قد زعم أن «التطبيع أو دفع العلاقات مع العالم العربي يمكن أن يساعدنا في دفع السلام الأكثر وعيا واستقرارا ودعما بيننا وبين الفلسطينيين».

«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، شنّت هي الأخرى هجوما على مساعي التسوية بين الدول العربية والكيان. ودعا أبو أحمد فؤاد، وهو نائب الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية»، العرب إلى «تشكيل حاضنة دعم للمقاومة والانتفاضة الفلسطينية، بدلا من البحث عن عملية تسوية»، معربًا عن قلقه إزاء تحركات أطراف إقليمية لنسج خيوط علاقة من شأنها أن تعزز أمن الكيان. وأضاف فؤاد: «هذه الزيارات تكشف حجم المخاطر التي تتعرض لها القضية الوطنية ومصالح شعوبنا العربية، جرّاء السياسة الرسمية السعودية التي تعمل على حرف بوصلة الصراع في المنطقة». كما أشار إلى «إجماع فلسطيني برفض العودة إلى المفاوضات وفق القاعدة الحالية»، لافتا إلى أن «الولايات المتحدة داعم رئيسي للإرهاب الإسرائيلي ولا يمكن التعويل عليها كمرجعية للمفاوضات مع إسرائيل».

يجمع الموقف الفلسطيني على أن «أي تطبيع مع الكيان الصهيوني هو "خيانة لفلسطين وللأمة وللإسلام"

كذلك، قال القيادي في «حركة الجهاد الإسلامي» خضر حبيب، إن السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال هو المقاومة، مضيفا أن أطرافا عدة «تبحث عن تقديم طوق النجاة للاحتلال، وهي مخالفة لرغبة الشعوب العربية والإسلامية التي ترفض أي علاقة مع محتل أرضها». ووصف حبيب محاولة التقرب من الكيان الصهيوني بـ«المشبوهة»، ومن شأنها تقديم «قرابين الطاعة للولايات المتحدة».

في السياق نفسه،  أكدّ عضو المكتب السياسي في «الجبهة الديموقراطية» طلال أبو ظريفة، أن الحديث عن عملية التسوية «الهدف منه إشغال الرأي العام ومحاولة سد فراغ ما قبل الانتخابات الأميركية». وأعلن أبو ظريفة، في حديث إلى Khamenei.ir، رفض «الديموقراطية» أي عملية تطبيع عربي أو تسوية مع العدو وفق شروط الأخير. كما شدد على ضرورة دعم «انتفاضة جيل الشباب في الأراضي الفلسطينية».

إذاً، يجمع الموقف الفلسطيني على أن «أي تطبيع مع الكيان الصهيوني هو خيانة لفلسطين وللأمة وللإسلام»، كما يقول، سالم، الذي يرى في النهاية أنه «خارج عن المسار الطبيعي لحركة تاريخ هذه الأمة... وحتما مصيره الفشل والسقوط ولن يجني أصحابه إلا الخزي والعار».