وفي ما يلي النص الكامل للكلمة التي ألقاها سماحة الإمام الخامنئي خلال هذا اللقاء:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أرحّب بجميع الإخوة والأخوات الأعزّاء، حاملي الأمانة الوطنيّة والإسلامية الكبرى والمهمّة. فكلّ واحد منكم في أي موقع كان، وفي أيّ قسمٍ من هذه المجاميع الكبرى كان، سوف يحمل على عاتقه عملاً مهمّاً، أساسيّاً، مؤثّراً، قيّماً وباقياً إن شاء الله تعالى وسوف يؤدّيه، سواءً مجلس صيانة الدستور والهيئات المشرفة التابعة لهذا المجلس، أم وزارة الداخليّة المحترمة والهيئات الشعبيّة والرسميّة العظيمة المرتبطة بهذا النظام، أم المسؤولين عن حفظ الأمن وتوفير الأجواء الانتخابيّة السليمة، كالشرطة والآخرين.

قبل البدء بالملاحظات القصيرة التي سأعرضها عليكم، يجدر بي الإشارة إلى حادثة أليمة حدثت في هذه الأيّام، والتي هي بنفسها حادثة مرّة، وتحكي أيضاً عن أيادي خفيّة كثيرة، حادثة نبش قبر الصّحابي جليل القدر، حجر بن عديّ (رضوان الله تعالى وسلامه عليه) وهتك جثّة هذا العظيم. هذه القضيّة مؤلمة من عدّة جهات: فهي نفسها إهانة لصحابيّ هو من أكابر صحابة النبيّ، ومن حواريّي أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) وشهيد في سبيل الله، فيُفتتح قبره بعد ألف وأربعمائة عام، ويُخرج جسده، ويُهان، إنّها لحادثة مؤلمة جدّاً ومحزنة. مضافاً إلى هذا، هناك مرارة أخرى، وهي أنّ هناك في جماعة المسلمين والأمّة الإسلامية، أشخاص يعتبرون بأفكارهم الفاسدة والمتحجّرة والمتخلّفة والخرافيّة، تعظيم الأكابر والمبرّزين والشخصيّات النورانيّة في صدر الإسلام، شركاً وكفراً، إنّها واقعاً لمصيبة. هؤلاء هم الأشخاص أنفسهم الذين هدَمَ أسلافهم قبور الأئمّة (عليهم السلام) في البقيع. في ذلك اليوم، نهض العالم الإسلامي ضدّهم، من شبه القارّة الهنديّة إلى أفريقيا، ولو كانوا يجرؤون لقاموا أيضاً بهدم  قبر النبيّ المطهّر، وسّووه بالأرض. انظروا أيّ فكر فاسد، وأيّ روحيّة قذرة، وأيّ أناس سيّئي التفكير، يريدون أن ينقضُوا احترام العظماء ويهتكوهم بهذه الطريقة، ويعدّون هذا جزءاً من تكاليفهم الدينيّة!  اعلموا، أنّه في ذلك الوقت، حين هدموا قبور البقيع، اعترض عليهم العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه. وكما قلت هبّ العالم الإسلامي بوجههم، من شرقه من الهند إلى غربه.

حادثة نبش قبر الصّحابي جليل القدر حجر بن عديّ (رض) حادثة مؤلمة جدّاً ومحزنة
 

هؤلاء يقومون بهذه الأعمال الخبيثة، بحجّة أنّ هذه الأعمال هي عبادة!  وهل الذهاب إلى قبر أحدهم وطلب المغفرة له من الله تعالى، وطلب المغفرة للنفس في ذلك الجوّ المعنوي والروحي شرك؟ الشرك هو أن يصبح الإنسان أداةً في أيدي سياسات التجسّس البريطانية والسي آي إي الأميركيّة، ويُحزِن بهذه الأعمال قلوب المسلمين ويؤذيها.

هؤلاء لا يعدّون الطاعة والعبوديّة والخنوع للطواغيت الأحياء شركاً، ويعتبرون احترام العظماء شركاً! هذه مصيبة بحدّ ذاتها. الحركة التكفيريّة الخبيثة المنتشرة اليوم في العالم الإسلامي بفضل بعض عمليات التمويل- وللأسف هؤلاء يملكون المال والإمكانيات- هي واحدة من مصائب الإسلام.

بحمد الله، لقد أظهر الشيعة في أيّ مكان كانوا سواءً هنا أو في العراق أو في باكستان، أو في أيّ مكان يواجه فيه الشيعة هذه القضيّة المستجدّة أنّهم يتمتّعون بالنضوج الفكري. يريد العدوّ من خلال هذه الأعمال أن يؤجّج نار الصراع بين الشيعة والسنّة، لكنّ المجتمع الشيعي الكبير، العائلة الكبيرة لأتباع أهل البيت، أظهرت أنّها لا تنخدع بهذه الألاعيب. كما أنّ الإخوة من أهل السنّة في كثير من الأماكن، قد أدانوا هذا العمل، لقد أظهروا أيضاً وعيهم وبصيرتهم. وهذا ما ينبغي أن يستمر. هذه ليست من القضايا، التي تثير ضجيجاً ليومين أو ثلاثة أو خمسة أيّام أو أسبوع. ومن ثمّ تُنسى. وإن لم تُدان بأشدّ الإدانة من قبل المسلمين، وإن لم يقم الأكابر من أهل العلم والمتنوّرين والسياسيّين بوظائفهم في مقابل هؤلاء، فهذه الفتنة لن تنحصر  بهذه الأمكنة، بل ستجرّ البلاء على روح المجتمع الإسلامي، وسوف تمتدّ هذه النيران يوماً فيوماً. عليهم أن يقفوا بوجه هذه الفتن، سواءً بالوسائل السياسيّة، أو عن طريق إصدار الفتاوى الدينيّة، أو عن طريق المقالات التوعوية للواعين والنخب الفكريّة والسياسيّة في العالم. ينبغي الالتفات إلى أنّ الأيادي الخفيّة للأعداء  تفصح عن نفسها في هذه الأعمال، وهذا أمر لا يمكن للإنسان التغاضي عنه. أولئك الذين يقيمون المآتم ويثيرون الضّجيج في العالم من أجل هدم أحد الآثار القديمة، يسكتون مقابل هذه الظاهرة، سواءً المؤسّسات الدوليّة، أم الشخصيّات العالميّة، أم السياسيّين الذين يدعمون عُمي القلوب هؤلاء، هذا يشير إلى أنّ لهم يداً في هذه القضية، هذه القضيّة تُظهر الأيادي الخفيّة لهؤلاء.

اعلموا "إنّ ربّك لبالمرصاد"(1) يقول الله تعالى "إنّهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً" (2) هم يمكرون، لكنّ مكر الله سيغلب مكرهم حتماً، وهذه الحركة التي تريد أن تقف حجر عثرة أمام اتّحاد الأمّة الإسلامية وتقدّمها، سوف تتوقّف.

مسألة الانتخابات على امتداد الأربع والثلاثين سنةً هذه، كانت مسألة مصيريّة ومجدّدة لحياة الحركة العامّة في بلدنا. على امتداد هذه السنوات، استطاعت هذه الانتخابات المقامة في كلّ مرّة، والتي تجاوز عددها الثلاثين، وحضر فيها الشعب أمام صناديق الاقتراع، أن تدفع جملة من المصائب عن البلاد، وأن تنفخ قوّة جديدة، وروحاً جديدة، في جسد البلد والشعب والثورة، وهذه المرّة أيضاً، ولأسباب عدّة، هي أهمّ من بعض الانتخابات الماضية، إذ أنّ أحد الأسباب الآن وكما تمّت الإشارة هو اجتماع  انتخابات رئاسة الجمهوريّة، وانتخابات المجالس البلديّة، وفي بعض المناطق، الانتخابات الفرعيّة لبعض الانتخابات الأخرى معاً.

إنّ انتخابات رئاسة الجمهوريّة مهمّة جدّاً، وانتخابات المجالس البلديّة مهمّة جدّاً. ولنلتفت إلى أنّ الاهتمام بانتخابات رئاسة الجمهوريّة لا يمكنه التقليل من أهمّيّة  انتخابات المجالس البلديّة في أعين المسؤولين، والناس، والنخبة. إنّنا إذ نوكل الأعمال والقرارات إلى الشعب، على صعيد القرية مروراً بالمدينة ومن ثمّ على صعيد الوطن ككل، لهو أمر مهمّ جدّاً. المجالس البلديّة مظهر لمثل هذا الأمر. كما أنّ أهميّة مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة واضحة. فالدستور والأنظمة المرعيّة للبلد، كلّ هذه الفعاليّة والجهد والإمكانيات والميزانيّة ومسارات تحقيق الأهداف تقع أمام الجهاز الرسمي ورئيس الجمهوريّة، لذا هي فائقة الأهميّة.

إنّ إجراء الانتخابات في البلد، من مفاخر الجمهوريّة الإسلامية. في ذلك اليوم، الذي جرى فيه الحديث عن الانتخابات في هذا البلد، ابتداءً من الحركة المشروطة وإلى عهد الجمهوريّة الإسلامية قبل ذلك لم يكن من معنى لهذا الكلام ففي الحقيقة، لم تحدث انتخابات واقعيّة حماسيّة شاملة وعامّة بالمعنى الواقعي للكلمة، وحتّى لو حدثت انتخابات واقعيّة في زمن النهضة الشعبيّة، إلّا أنّها لم تكن بمستوى طموحات الشعب  الإيراني، حيث يأتي الناس من أقاصي القرى إلى صناديق الاقتراع، هم يعرفون، هم يعلمون، هم يقترعون، هذا الأمر لم يحدث سوى في الجمهوريّة الإسلامية، وكان إمامنا العظيم هو المبتكر والمصمّم والمهندس لهذا البناء. لقد أصرّ منذ البداية على وجوب إجراء إستفتاء عامّ على وجه السرعة لتعيين النظام الرسمي في الجمهوريّة الإسلامية.
 

الجمهوريّة الإسلاميّة تعني مشاركة الشعب الإيراني عامّةً، والحركة العامّة نحو تحقيق الأهداف والأماني الكبرى والعمليّة

 

في ثورات العالم، يحدث هذا بعد ثلاث أو أربع أو خمس سنوات، وأحياناً أكثر من ذلك، لكن في الجمهوريّة الإسلامية، جرى استفتاء عامّ وشامل بعد أقلّ من 50 يوماً على انتصار الثورة، وجاءت تلك الجموع الغفيرة والنسب العالية إلى صناديق الاقتراع واقترعت. أما هم لمن صوّتوا، فهي مسألة أخرى، المسألة الأساسيّة هي أنّ الناس برهنوا بكلّ وجودهم أنّهم حاضرون في الميدان، وانّهم مستعدّون للعمل واتخاذ  القرارات ورسم الخطط للمستقبل. حينذاك وُضعت اللُّبنة الأولى لهذا الأمر، أُسّس له، واستمرّ بعدها.
في بداية الثورة، حيث لم يكن الدستور قد أُعدّ بعد، وكان من اللازم تشكيل مجلس الخبراء، لم تمضِ بضعة أشهر حتّى استدعى الإمام مجلس قيادة الثورة إلى قمّ. كنت أنا من بين المدعوّين. تعاطى الإمام معنا بحدّة: "لِمَ لا تُقدمون على تشكيل مجلس يمكنه أن يُعدّ الدستور؟" كان الإمام يرى أنّ الأمر قد تأخّر. هذه هي طبيعة الجمهورية الإسلامية، وهذه الطبيعة باقية بحمد الله في الجمهوريّة الإسلامية. أراد الكثيرون أن يجعلوا الانتخابات باهتة، أن يؤجّلوها عن موعدها المقرّر، أن يفقدوا حضور الشعب فيها أهمّيّته ورونقه لديهم دوافعهم للقيام بهذا العمل لكنّهم أخفقوا، ولم يوفّقوا إلى الآن، ولن يُوفّقوا بعد هذا بعون الله تعالى.  لماذا يطمحون إلى التقليل من أهميّة الانتخابات؟ لأن العدوّ يعلم أنّ قوام الجمهوريّة الإسلاميّة يستند على  مشاركة الشعب. في الجمهوريّة الإسلامية، إن لم يحضر الشعب في الميادين، فلا قيمة للجمهوريّة الإسلامية. الجمهوريّة الإسلاميّة لا تتلخّص بوجود أربعة مسؤولين على  شاكلتي، الجمهوريّة الإسلاميّة تعني مشاركة الشعب الإيراني عامّةً، والحركة العامّة نحو تحقيق الأهداف والأماني الكبرى والعمليّة، هذا هو معنى الجمهوريّة الإسلاميّة.

إن اعتماد الجمهوريّة الإسلاميّة وقوّتها على قلب الشعب، على مشاعر الشعب وأحاسيسه، على عقل وفكر وبصيرة الشعب. إنّهم إذ لم يستطيعوا مع كلّ هذه الجهود على امتداد السنوات الأربعة والثلاثين، زعزعة الجمهوريّة الإسلاميّة، فبفضل هذا، وإلّا أيمكن لهذا العالم المادّي، وهذا العالم المستكبر، وهذه القوى الظالمة والقاسية والخبيثة، أن تسمح ببقاء نظامٍ حيّاً مع هذه المسوّغات التي تملكها الجمهوريّة الإسلاميّة؟ انظروا ماذا يفعلون مع البلدان التي انطلقت فيها الثورات باسم الإسلام، يمارسون الضغوط عليها. يفرضون عليها رغباتهم بالقوّة، يجبرونهم. لم تحصل هذه الأمور في الجمهوريّة الإسلاميّة، لم يقدروا على ذلك. يريد العدوّ أن يفرض رغباته على الجمهوريّة الإسلاميّة، وأن تستسلم الجمهورية الإسلاميّة لأوامرهم، وهذا يمكن أن  يحصل حين تكون الجمهوريّة الإسلاميّة ضعيفة. الجمهوريّة الإسلاميّة تستمدّ قوّتها من الشعب، لا يريدون لهذه القوّة أن تكون موجودة، لذا، ففي جميع انتخاباتنا، على امتداد هذه السنوات، بدأت الدعايات الإعلامية للعدوّ ضّدنا قبل موعد الانتخابات، أي إنّه قبل أن يبدأ مسؤولونا ووسائلنا الإعلامية وصحفنا بالعمل من أجل الانتخابات، كان العدوّ يضع خطّة ويبدأ بتنفيذها، والأمر كذلك هذه المرّة أيضاً.

لدينا معلومات أنّه هذه المرّة أيضاً، أنّ وسائل إعلام العدوّ الرسميّة والمعروفة وهي عملت حيثما استطاعت ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة تخطّط منذ فترة، تضع الخطط، والبرامج، لجعل الناس يتعاملون مع مسألة الانتخابات ببرودة، وقد باشروا بذلك أيضاً، بالنتيجة، إنّ مخطّطاتهم أوسع بكثير من هذا، يريدون ثني الناس عن الحضور أمام صناديق الاقتراع، يريدون للشعب أن لا يشارك في إدارة البلاد وتولّي أمورها، يريدون  له أن لا يحضر في الساحات، لذا هم يسعون جهدهم. لو لم يكن الشعب حاضراً في الميادين، لأمكنهم بكلّ سهولة مضاعفة هجومهم عدّة مرّات. إنّ حضور الشعب يصون النظام الإسلامي وبلدنا العزيز. حضور الشعب هو من يقوّي عوامل القدرة والقوّة فينا، يطوّر علمنا، ويزيد من بصيرتنا، ويطوّر آليّات الإدارة لدينا كما طّورها على امتداد هذه السنوات  فهذا بسبب حضور الشعب، بسبب دوافع الشعب، يريدون لهذه الدوافع أن تزول، لذا يسعون  لتبهيت (للتقليل من شأن) هذه الانتخابات.

أقول، بفضل الله تعالى وبهمّة الشعب العزيز، إن شاء الله تعالى، وبتوفيقه، ستكون هذه الانتخابات المقبلة، إحدى أفضل انتخابات لدينا وأكثرها حماسةً. بالطبع، يسعى العدوّ لإبطال جهود الشعب كما فعل في العام 88 (2009)ـ فهذا أيضاً كان من أفعال  العدوّ، فقد حملوا بعضهم على أن يتوقّع أموراً مخالفة للقانون، وأن يسعى على أساس هذه التوقّعات، إلى وقوف الناس بوجه النظام، وقد أخفقوا حتماً بعون الله تعالى.
 

أداء الأمانة هو بالعمل طبقاً لنصّ القانون، سواءً في مرحلة تحديد الصلاحيّات بالنسبة لرئيس الجمهوريّة، أو بالنسبة للمجالس البلديّة، أو الموارد الأخرى

 

وإن السبيل الأساسي لمنع حصول مثل هذه المشاكل الانتخابيّة، هو الالتزام بالقانون، أؤكّد على ذلك. على عموم أفراد الشعب في كلّ نقطة من نقاط البلاد، في المدينة، في القرية، في العاصمة، في المدن الكبرى وفي كلّ مكان، أن يسعوا إلى تحقيق هذا الأمر وهو أنّ كلّ من يتكلّم أن يكون كلامه على أساس القانون، كلّ من ينتظر ويتوقع، أن تكون توقّعاته موافقة للقانون. أولئك الذين في تلك السنة كبّدوا البلد والشعب تلك  الخسائر، لو كانوا سلّموا للقانون لما حدث ما حدث. ينصّ القانون على أنّ من لديه اعتراض فليأتِ ويعترض. في تلك السنة قيل، حتّى أنا طلبت من مجلس صيانة الدستور، وحينها مّدّدوا الوقت أيضاً لإعادة فرز الأصوات، وقلنا فليُعاد فرز الأصوات بالعدد المعقول ولكلّ صندوق يريدونه، حسنٌ، لم يرضوا! كانت أعمالهم غير منطقيّة، وغير معقولة، لقد كلّفوا البلاد ميزانيّات كبيرة. حسنٌ، فالبلد يعلو على هذه المسائل.   نظام الجمهوريّة الإسلاميّة قويّ. هذه الأعمال التخريبيّة، ووضع الإصبع في العين، وهذا الإزعاج والأذيّة، لا تُرضِخ الجمهوريّة الإسلاميّة. لقد واجهت الجمهوريّة الإسلامية على امتداد هذه السنوات مختلف أنواع السياسات والسياسيّين، لكنّها تقدّمت على الرغم من وجود كلّ هذه المعارضات وكلّ هذه الزوايا التي كانت توجد أحياناً، وهكذا ستكون في قادم الأيّام. الجمهوريّة الإسلاميّة لن تتزحزح بهذا الكلام. بالنتيجة، كلّفوا البلد خسائر. وإن الطريق لعدم تكليف البلد الخسائر هو الالتزام  بالقانون. وصيّتي لكم أيّها المسؤولون عن الانتخابات المحترمون هي: اتّخذوا القانون معياراً. في الآية الكريمة التي تُليت، تمّت الإشارة إلى أداء الأمانة "إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها"(3) أداء الأمانة هو بالعمل طبقاً لنصّ القانون، سواءً في مرحلة تحديد الصلاحيّات بالنسبة لرئيس الجمهوريّة، أو بالنسبة للمجالس البلديّة، أو الموارد الأخرى التي سوف نواجهها وسواءً في مرحلة فرز الأصوات، وأيضاً في مرحلة حماية الأصوات والصناديق.  ينبغي مراعاة نصّ القانون، بمنتهى الأمانة، والتي كانت ولا زالت كذلك بحمد الله إلى الآن.

من البديهيّ في كلّ انتخابات، أن لا يصل البعض إلى مبتغاه لا أريد أن أسمّيه خاسراً في الانتخابات، لا ينبغي علينا استخدام تعبير الخاسر والرابح وأمثال هذه العبارات والاصطلاحات الغربيّة الماديّة. إذا كنّا نخوض الانتخابات من أجل أداء التكليف، فليس هناك ربح وخسارة حسنٌ، اعترض هؤلاء. هكذا هو الأمر عندما يذهب الإنسان إلى القاضي. تصدر المحكمة حكمها، فالشخص الذي نال مبتغاه يكون مسروراً، والآخر يكون منزعجاً، على الشخص الآخر أن لا يتّهم المحكمة أنّها عملت خلاف الحقّ، لا، فهي محكمة، وتعمل على أساس القانون، لكنّه بالنتيجة، يستاء، ويكون غير راضٍ. علينا أن نتحمّل كلّ ما يحصل ويكون قائماً على أساس القانون، علينا جميعاً أن نتعلّم هذا الدرس، هذا هو الصبر الثوريّ، هذا هو التحمّل الثوري. نسأل الله تعالى أن يهدي القلوب إلى ما هو الأفضل للبلد.

الإدارة التنفيذيّة العليا في البلد، هي أمر كبير، وعمل مهمّ. إنّ كلمةً واحدةً قد تترك أثرها، وإنّ عملاً صغيراً أو كبيراً من قبل المسؤولين التنفيذيّين الرفيعي المستوى في البلاد كرئيس الجمهوريّة، والوزراء يترك أثراً، الأجهزة التنفيذيّة أيضاً كذلك. خدماتهم لهذا البلد لها تأثيرها الكبير، لا قدّر الله أن يترك تقصيرهم آثاره  السلبيّة الكبيرة. هذا يوجب علينا نحن الذين نريد أن ننتخب، توخّي الدقّة.

لنزِنْ الالتزام، والتديّن، والاستعداد، والقدرات، ولنعمل طبقاً للتشخيص. إذا خضنا أنا وأنتم، نحن الذين نريد التصويت، الميدان بنيّة صادقة وخالصة ومن أجل أداء التكليف ومستقبل البلد، وأردنا اتّخاذ القرار، فإنّ الله تعالى في هذه الصورة سيهدي  قلوبنا، إن الله تعالى يهدي القلوب بشرط أن يكون عموم أفراد الشعب واقعاً في صدد القيام بتكليفهم. لقد قيل مراراً، إنّ الانتخابات هي حقّ للشعب، وتكليفه أيضاً، علينا أن نستنقذ الحقّ، وأن نقوم أيضاً بتكليفنا على أكمل وجه. وهذه الانتخابات توفّر هذا الأمر.

ينبغي أن يكون رئيس الجمهوريّة فعّالاً، شعبيّاً، مقاوماً، مبدئيّاً، مدبّراً، ملتزماً بالقوانين والمقرّرات منفّذاً للقوانين، متحسّساً لآلام الناس، يلحظ مختلف شرائح المجتمع

 

على الأشخاص الذين يريدون دراسة الصلاحيّات، ويتّخذوا القرارات بناءً على ذلك، عليهم أن يلحظوا جميع الأمور إلى جانب بعضها.  ينبغي أن يكون رئيس الجمهوريّة فعّالاً، شعبيّاً، مقاوماً، مبدئيّاً، مدبّراً، ملتزماً بالقوانين والمقرّرات منفّذاً للقوانين كما ينبغي أن يكون متحسّساً لآلام الناس، يلحظ مختلف شرائح المجتمع، هذه هي الخصائص التي تلعب دوراً في انتخاب من نريد تسليمه المفاتيح التنفيذيّة للبلاد. نحن الشعب، من يقرّر في هذا المجال. لا يقولنّ أحد ماذا سيؤثّر رأيي أنا الشخص الواحد. فملايين الأصوات تتشكّل من هذه الأصوات الآحاديّة. على الجميع أن يشعر بالمسؤوليّة وسيردون الميدان بإذن الله. وهذا ما سيحصل بعون الله تعالى. من المؤكّد أنّ أمن البلد، وصيانته، وتقدّمه، سيزداد من خلال المشاركة العامّة للشعب وبنسبها العالية، وسوف يتمكّن هذا البلد بعون الله أن يخطو خطوةً أخرى نحو الأهداف العليا للثورة الإسلاميّة.

نسأل الله المتعال، أن يهدي بعونه قلوبنا جميعاً، سواءً التنفيذيّين، والمسؤولين، والمشرفين، وعموم أفراد الشعب، لنقوم بما فيه رضا له، وما فيه مصلحة للبلد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

الهوامش:

  1. سورة الفجر، الآية 14.
  2. سورة الطارق، الآيتين 15 و 16.
  3. سورة النساء، الآية 58.