بسم الله الرحمن الرحيم
كانت جلسة طيبة و جيدة جداً . إستمتعنا بتلاوة القرآن و دوي الصوت المبارك لقراءة القرآن فـي هذا الفضاء . إن استماع آيات الكتاب الإلهي ينير فؤاد الإنسان حقاً .
لجلستكم و مراسمكم هذه بعدها الرمزي أيضاً ، و هو مهم جداً ، بعدها الرمزي هو أن القرآن يجب أن يكون محور اجتماع الأمة الإسلامية و جميع الشعوب المسلمة . لو جعلنا ـ نحن الأمة الإسلامية الكبري ـ مفاهيم القرآن وتعاليمه محور اجتماعنا لتغيّر واقع العالم و واقع الأمة الإسلامية.
لاحظوا اليوم ، يمكن المشاهدة بوضوح أنهم بدأوا حرباً شاملة كبيرة ضد أمة الإسلام كلها ، و ليس ضد جزء منها . لهذه الحرب أبعادها الاقتصادية ، و السياسية ، و الثقافية ، و العسكرية ، و الأمنية ، و لها أيضاً أدواتها الدعائية العظيمة . ما تلاحظونه راهناً فـي فلسطين أو العراق أو أفغانستان ، ليس مجرد حرب ضد شعب ، فإذا كانوا يحاربون إسرائيل فإنهم يحاربون فـي الواقع وجود الإسلام فـي هذه المنطقة . إنْ كانوا يجنحون لتأييد و تعضيد الكيان الصهيونـي بكل ما أوتوا من قوة ، فلأنهم يتوخون زرع عقبة كبيرة أمام تلاحم العالم الإسلامي و اقتداره . من قنوات فتح العالم الإسلامي فتح فلسطين ، و قد أضحى العراق الآن أيضاً من هذه القنوات . يريدون السيطرة على العالم الإسلامي .
القضية الرئيسة بالنسبة للاستكبار هي العالم الإسلامي . يهدفون إلى القضاء على العالم الإسلامي الذي له من النفوس أكثر من مليار نسمة ، و يمتلك شطراً هائلاً من المصادر المالية و الطبيعية الضرورية فـي الوقت الحاضر ، و تعمل الروح المتجددة و الحركة و الصحوة الإسلامية اليوم على أن يقف شامخاً . هدفهم هو العالم الإسلامي .
على دنيا الإسلام أن تفكر بالحفاظ على وجود الإسلام وصيانة عزة الأمة الإسلامية . فكيف يتسنى ذلك ؟ عن طريق القرآن . القرآن يعلمنا جميعاً ، لذا يتوجب تعلّم القرآن و فهمه . يجب شرب القرآن كالشراب العذب المقوي ، و جعل حياتنا بفضله طريةً مفعمةً بالقوة و العزة .
إخوتـي ! إن قراءة القرآن و تلاوته هي الخطوة الأولى ، وليست الخطوة الأخيرة . بدايةً لا مناص من التعرف على القرآن و الاستئناس به . ثم نصب مفاهيم القرآن أمام الأعين سطوراً حاسمة و متجسدة لبرنامج الحياة حتى لا يجرّوننا هنا و هناك . يجروننا يوماً نحو الشيوعية ، و يوماً صوب الليبرالية ، يتحدثون يوماً عن الاشتراكية و يوماً عن الرأسمالية . حين نتعلم القرآن و نتعرف عليه لن يتمكنوا أن يجرونا بهذا الاتجاه أو ذاك ،لأن خط القرآن الناصع هو الذي يهدينا ، و حينئذ ، يجب تطبيق هذه المفاهيم فـي واقع الحياة .
أنا طبعاً أحب أبطال القرآن هؤلاء حباً جماً ، و أجد فـي نفسي عاطفة و حباً يشدنـي إلى هذه الشخصيات المقرئة للقرآن . إنهم الذين يجسدون القرآن لنا ، يجسدونه لأذهاننا و قلوبنا و أرواحنا . هذه التلاوة الجيدة ـ التـي نشجعها كل هذا التشجيع ـ تبيّن المفاهيم . أنظروا لهذا الأستاذ المحترم الحال ضيفاً علينا السيد الشيخ أحمد محمد عامر كم كانت قراءته للقرآن اليوم جيدة . تلاوة القرآن بصورة جيدة إذا تمت بصوت حسن و نغمات جيدة و بالتركيز على المعانـي ، ستجسد مفاهيم القرآن أمام الإنسان ، و تقرّبه إلى العمل و إلى المعرفة القرآنية . لقد تقدم شبابنا إلى الأمام بنحو جيد و الحمد لله . نشكر الله فهذه من بركات الثورة .
كانت قراءة القرآن مهجورة فـي بلدنا يوماً ما . فـي زاوية ما من طهران أو مشهد ، يظهر شخص كالسيد مولايـي يعشق القرآن و يبذل جهوده و يقيم الجلسات تلو الجلسات إلى أن يخرِّج عدداً من التلاميذ بعد سنين طويلة . هكذا كان الحال فـي وقتها . كان هؤلاء يعيشون الغربة و لم يكونوا ظاهرين أمام الملأ و أمام أنظار العموم و فـي التلفزيون . لقد كان القرآن مُداناً فـي مجتمعنا أيام حكومة الطاغوت . نشكر الله على الحكومة الإسلامية و على سيادة الإسلام ، حيث القرآن اليوم مفخرة فـي بلادنا و تلاوته مبعث سمعة حسنة لبلادنا . هذه من مواهب الإسلام . هذا ما أسبغه علينا النظام الإسلامي . كانت هذه هدية الهية أن دخل القرآن إلى حياتنا و إلى أرواحنا و إلى ألسنتنا .
نشكر شكراً جزيلاً الإخوة الناشطين فـي الأوقاف و فـي الأقسام المختلفة ـ المؤسسات ذات الصلة بقضايا القرآن والتـي تمهد و تعد لهذه الجلسات ـ و كذلك أساتذة القرآن الذين يخرِّجون الشباب ، و الشباب الذين يتعلمون . الحمد لله ثمة أصوات عذبة و مواهب جيدة ، ولكن أؤكد تارة أخرى أن يتعرف قراء القرآن عندنا على مفاهيم القرآن ، فيفهموا ما يقرأون . هذا ما يساعد حتى على قراءتهم ، و يُعين على جمال التلاوة ، و على التأثير فـي نفوسهم أيضاً .
ربنا ، أحينا بالقرآن ، إجعل حياتنا حياةً قرآنية . أحشرنا مع القرآن فـي القبر و البرزخ و القيامة .
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته