بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام علی سيدنا و نبينا أبي القاسم المصطفی محمد و علی آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديين المعصومين، سيما بقية‌ الله في الأرضين.
أشكر الله تعالی أن وفقني لأحضر خلال هذه الزيارة هذا الحشد المتحمس المؤمن الثوري لأهالي كازرون. الواقع أني كنت مديناً لأهالي كازرون،‌ ففي زياراتي السابقة‌ إلی محافظة ‌فارس خلال فترة رئاستي للجمهورية لم أوفق لمثل هذا؛ وأشكر الله أن تفضل واستطعت زيارة هذه المدينة التي تعد من أسمی‌ مدن فارس بل كل البلاد من حيث الماضي التاريخي والمؤشرات الثورية العميقة ، والمشاركة في اجتماعكم أيها الإخوة والأخوات الأعزاء . هذا الاجتماع أيضاً والحمد لله زاخر بالذوق والمعنوية والروح الثورية والعقيدة الدينية العميقة ، وهذا من فضل الخالق عليكم أيها الأهالي الأعزاء وهو ثواب علی مساعيكم الطويلة وجهادكم في سبيل الله في الماضي التاريخي.
كازرون في التاريخ القريب من عصرنا مدينة مميزة باقية في الذاكرة. خلال عهد اعتداء الحكومة الانجليزية علی الخليج الفارسي ، سجل الكازرونيون لأنفسهم منزلة كبيرة في النضال . وفي نهضة تأميم النفط ، والسير تحت قيادة المرحوم آية الله الكاشاني ( رضوان الله عليه ) كان لهؤلاء الأهالي دورهم . في الخامس عشر من خرداد كان أهالي كازرون من الذين أبدوا مشاركة بارزة جلية . وفي السنة الأخيرة من الكفاح وعلی أعتاب انتصار الثورة أبدی شباب كازرون وأهاليها المؤمنون صموداً ونهضة في مواجهة نظام الطاغوت بحيث كانت كازرون إحدی 11 مدينة في كل البلاد أعلنت فيها الحكومة العسكرية . هذا شيء مهم جداً . وفي تلك الفترة قدمت مدينة كازرون شهداءها .
ولكازرون تاريخ حافل بالمفاخر في ميدان العلم والأدب وتخريج الشخصيات البارزة. أضف إلی ذلك أن سلمان الفارسي - هذا الصحابي الجليل والشخصية البارزة الحية المميزة دوماً في تاريخ الإسلام - ينتسب إلی هذه المنطقة مما يعد مدعاة فخر لها . سلمان الفارسي طبعاً لكل إيران . كل أهالي إيران ، والمتحدثين بالفارسية ، وكل الإيرانيين المحبين للرسول الأكرم ،‌ يفخرون بسيدنا سلمان . سلمان ينتمي لبلادنا وشعبنا . ويعد أهالي كازرون ولادته بينهم وفي منطقتهم ؛ ويعتبر أهالي إصفهان أنه نشأ وترعرع في منطقتهم، ولا تناقض بين هذين القولين . مضافاً إلی محافظة فارس ومدينة كازرون ودشت أرجنه التي تنسب الاسم المبارك لسلمان الفارسي إليها وهي علی حق في ذلك ، ومضافاً لأهالي إصفهان الذين يقولون بنشأة وتربية هذه الشخصية الإلهية عندهم ، وهم أيضاً علی حق ، فإن كل الإيرانيين - من بعيد وقريب - يفخرون بشخصية مثل سلمان .
قالوا أبو الصقر من شيبان قلت لهم
كلا ولكن لعمري منه شيبانُ
يجب أن لا يقال إن سلمان الفارسي من فارس أو من إيران ، يجب القول إن فارس وإيران من سلمان الفارسي . مقام الإيمان ، والمعرفة ، والجهاد في سبيل الله ، والبحث للوصول إلی معين الحقيقة الزلال ، يرفع الإنسان إلی مرتبة يقول معها الرسول : « سلمان منا أهل البيت » . يعده ضمن أهل البيت ، فتكون شخصيات مثل سيدنا أبي ذر ، وعمار ، والمقداد وسائر الصحابة في مرتبة متأخرة عن سلمان . هذا درس لنا ، وقدوة للشباب الإيراني ؛ أي إن البحث عن الحقيقة وإصابتها والإصرار عليها هو الذي يجعل من سلمان سلماناً . كما أن الجهاد ، والإخلاص ، والالتزام بعقيدة الحق التي لم تتأت‍ی بسهولة جعل أهالي كازرون نموذجيين تبقی ذكراهم واسمهم واسم مدينتهم راسخاً دوماً في خاطر الإنسان المحب لمصير البلد . هذا هو الشرف الحقيقي . إننا نشدد علی هذه القيم في تشخيص سلسلة القيم الإسلامية . علی النساء والرجال الكازرونيين ، وشباب كازرون ومن أجل التحلي بالشرف والكرامة حسب منطق الإسلام ، التشديد علی هذه الأمور :‌ علی‌ الثبات والصمود والإصرار علی قول الحق الذي عرفوه واتبعوه ، هذا هو مدعاة الشرف : « أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل » . الآخرون يعدون أصحاب الثروة والمناصب هم الأشراف . لكن معيار الشريف في الإسلام معيار مختلف . كل من يجاهد في سبيل الله أكثر ، وكل من يتعشق المبادئ الإلهية أكثر وأعمق ، وكل من يسير في هذا الدرب بصدق أكبر ، يكون شرفه عند الله أعظم . هذا بيان لإخلاصنا وحبنا القلبي لكم يا أهالي كازرون الأعزاء ، لتعلموا أنه كما تبدون المحبة لي ولمسؤولي البلاد، فإن قلوبنا أيضاً مفعمة طافحة بمحبتكم .
أشرت إلی الماضي الثوري الزاخر بالغيرة لأهالي كازرون . ولهذا كان أهالي كازرون وكل محافظة فارس تقريباً‌ غير مرغوب فيهم من قبل نظام الطاغوت . كانت هذه المحافظة مغضوباً عليها . انظروا لشيراز ولاحظوا مساعي الطاغوت الثقافية وجهوده للتغيير والاستحالة ، وقارنوا ذلك بالأنشطة التي ينبغي للحكومة أن تقوم بها لمحافظة كفارس من الناحية العمرانية وستلاحظون أن نظام الطاغوت لم يأبه لعمارة هذه المحافظة وإرساء بناها التحتية اللازمة لتنميتها . طرق المحافظة كانت تعاني مشكلات ونواقص ، وكذلك مياهها ، وسدودها ، وتأسيس الصناعات الثقيلة في كل أنحائها . محافظة في قلب البلد وبهذه العظمة التاريخية ، كانت متخلفة من حيث الطرق والمواصلات . النظرة لهذه المحافظة ولقضايا البلد بشكل عام لم تكن في عهد حكومة الطاغوت نظرة مخلصة تتحری العلاج وتركز علی رفع المشكلات . كانت نظرة أخری لها حساباتها الخاصة .
لاحظوا أنه يوم دخلت خطوط سكك الحديد إلی إيران ، كان الشيء الأول الذي يخطر ببال أي إنسان هو ربط المناطق الوسطی‌ للبلاد عن طريق هذه المحافظات المركزية - إصفهان وفارس - بالخليج الفارسي . هذا هو الشيء الطبيعي أكثر الذي كان يمكن القيام به في هذا البلد . لكنهم لم يفعلوا ذلك . كتب أحد الكتاب السياسيين الانجليز وكان بدوره شخصية سياسية - تابعة للجهاز الاستعماري الخائن لمصالح البلد - في كتاب له ترجم إلی‌ الفارسية تحت عنوان «‌ إيران والقضية الإيرانية » معترفاً بأن خطوط سكك الحديد الإيرانية كان يجب أن تمتد من طهران وتمر بوسط البلاد - محافظة إصفهان وفارس - لتصل إلی الخليج الفارسي ؛ لكن هذا لم يحدث . مدوا سكك الحديد في إيران خلال عهد الطاغوت وإبان حكم رضا خان وفقاً لمصالح القوی التي تعد معادية لهذا البلد ، أي بريطانيا وروسيا ، وأطلق عليها اسم سكك الحديد الشاملة . وهذا كذب محض ؛ أية شاملة ؟ لأجل أن تستطيع جبهة الحلفاء آنذاك - بريطانيا وروسيا - نقل السلاح والعتاد بين طرفي البلاد ، والانتفاع من نفط البلاد ، عمدوا إلی مد سكك الحديد من جزء من الخليج الفارسي - وعلی‌ بعد مسافة - إلی طهران ، ومن طهران إلی‌ شطر من بحر الخزر ، كي تستطيع القوات الروسية والانجليزية التواصل فيما بينها ونقل السلاح والمعدات والإمكانات ونهب النفط الإيراني إلی حيث يريدون . بمعنی‌ أن السياسة التي حكمت مشروعاً عمرانياً في البلد هو مد سكك الحديد خضعت للسياسات الاستعمارية ونفوذ الأجانب إلی هذا الحد . وستكون النتيجة أن تبقی‌ شيراز في قلب البلد بلا سكك حديدية . طبعاً تم بفضل وتوفيق من الله إنجاز مشاريع جيدة في هذه المحافظة علی صعيد الطرق والمواصلات خلال أعوام الثورة . هذا أولاً وثانياً سيتم بلطف من الله وحول منه وقوة إنجاز خطوط سكك الحديد والطرق التي تربط هذه المنطقة بمناطق المياه وسائر أنحاء البلد علی‌ يد الجمهورية الإسلامية ؛ هذا شيء سوف ينجز . هذا حق محافظة فارس ويجب أن يتم . أنجزت والحمد لله أعمال جيدة علی كافة الصعد ، وخصوصاً في السنوات الأخيرة ؛ علی‌ صعيد الصناعات ، والصناعات الثقيلة ، وبناء السدود وغير ذلك . وينبغي أن تتم علی يد الحكومات سلسلة الأعمال الخدمية الإنتاجية في هذه المحافظة وكباقي المحافظات بالنحو الذي يليق بها وكما هو حقها ؛ وهو ما سوف يحصل بالتوفيق الإلهي إن شاء الله.

قدم الشعب الإيراني وجوده وكيانه في سبيل بلوغ هذا الهدف الكبير. والحقيقة أن شعب إيران شعر بهويته خلال عهد الثورة الإسلامية. ما أراده الأعداء الأساسيين لهذا الشعب وتابعوه دائماً هو أن يسلبوه هويته. حينما لا يشعر الشعب بشخصيته وهويته فسوف يخضع بسهولة أكبر؛ ينكرون ماضيه وإمكاناته وقدراته الداخلية والذاتية ليستطيعوا السيطرة عليه بسهولة. هذه هي المهمة التي تواصلت بقوة في هذا البلد خلال فترة الاستحالة الثقافية أي العهد البهلوي المشؤوم، وتم تعزيزها يوماً بعد يوم في تلك السنوات. وقد غيرت الجمهورية الإسلامية الاتجاه مائة وثمانين درجة. الشعب الإيراني يشعر بالهوية؛ الهوية الإسلامية، والهوية الإيرانية النابعة من الهوية الإسلامية. يشعر أن إيران الإسلامية هي تلك الهوية الضائعة التي يجب أن يستعيدها ويرسم مطامحه ومساعيه وجهاده على أساسها. هذه مهمة نهض وينهض بها شعبنا بشكل جيد. لهجة اليأس التي يكررها البعض باستمرار أنكرها ولا أوافقها إطلاقاً. أنني ومن خلال إطلاعي على مختلف قضايا بلدنا الكبير وشعبنا العظيم أرى عياناً أن هذا الشعب وشبابه ازدادوا مع مضي الزمن ونحو ثلاثة عقود على بداية انتصار الثورة ازدادوا عمقاً ونضجاً وتجربة بشأن مرتكزات الثورة.
الحماس الثوري كمشعل تتصاعد ألسنته، وقد يخبو، لكن قِطَع الحطب المتينة التي استطاعت الاشتعال بهذا المشعل والتحرك نحو الاشتعال والاضطرام لها تأثير أكبر من تأثير المشعل. المشعل يخبو، لكن النيران الباقية تزداد يوماً بعد يوم، والبركة تحل على الشعب من تلك النيران الباقية.
لقد يئس أعداء الشعب الإيراني اليوم حيال حركة هذا الشعب ولا يدرون ماذا يفعلون. أقول لكم أهالي كازرون الأعزاء وهذه المنطقة والحشد الصميمي المجتمع هنا: إن أعداء نظام الجمهورية الإسلامية أي شبكة الاستكبار العالمي - لا الحكومة الأمريكية فقط - أعني مجموعة قادة القوة الاقتصادية الظالمة في العالم اليوم، والذين يأتون ويذهبون بالحكومات في البلدان التي تعرف بالديمقراطية، في أمريكا نفسها وفي بعض البلدان الأخرى ذات الصلة الوثيقة بالشبكة الصهيونية، الحكومات ذات العلاقة بهذه الشبكة الاستكبارية العالمية المتنفّذة القوية، يرون مصالحهم في خطر أمام النهضة والصحوة الإسلامية. يرون هذه المصالح غير الشرعية مهددة بالخطر.. هؤلاء هم الأعداء. استخدم هؤلاء الأعداء كافة الوسائل الممكنة لمواجهة هذا الشعب وأُحبطوا. لاحظوا، ما العمل الذي كان بوسعهم فعله خلال هذه الأعوام الثلاثين ولم يفعلوه؟ كل ما لم يفعلوه لم يفعلوه لأنهم وجدوه عديم الفائدة بل ومضراً بهم حينما حسبوا الفوائد والأضرار. إنْ لم يفعلوا شيئاً فلأنهم حسبوا حساباتهم ووجدوا أنه مضر بهم أن يفعلوا هذا. وإلا فقد فعلوا كل ما استطاعوا ولم يكن مضراً بهم. فرضوا حظراً اقتصادياً، وشنوا هجوماً عسكرياً، ودبروا انقلاباً عسكرياً في الداخل، ووجدوا بين سكان البلاد هنا وهناك بعض ضعيفي النفوس فكسبوهم وبثوا الدعايات والإعلام ضد الثورة على لسانهم وبأنفاسهم، بل لقد تحالفوا حتى مع الشيوعيين في هذا البلد.
الاستكبار الأمريكي الذي كانت الماركسية والشيوعية يوماً ما عدوهم العلني، بحث ووجد العناصر اليسارية والشيوعية المعطوبة القديمة هنا وهناك وتحالف معهم من أجل مواجهة شعب إيران عسى أن يستطيع توجيه ضربة له، لكنه أخفق في كل هذا واستطاع الشعب الإيراني أن ينتصر عليهم.
يجب أن نعرف ما هي اليوم خطة هذا العدو الخائب المهزوم أمام الشعب الإيراني. ينبغي أن نكون يقظين »العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس«. إذا عرفنا الساحة، والعدو، وخطط العدو، فلن يأخذنا على حين غرة. هذا ما يجب أن تعلموه أيها الشعب الإيراني. شعبنا شعب واع والحمد لله. وثمة متحدثون وخطباء ومتحمسون ومستنيرون كثار بين علماء الدين وعلماء الجامعات يرشدون الناس ويوجهونهم. وقد تطور شبابنا المتحمسون على مختلف الأصعدة. استطاع شبابنا التعبوي اليوم أن يتقدم في ميادين العلم، والتجربة، والتقنيات المعقدة. هذا هو شعبنا، إذن ليس من الصعب عليه معرفة الساحة.
أقول لكم إن من المواضع التي يروم العدو اليوم استثمارها هي قضية الاختلافات. الاختلاف بين هذا المذاق السياسي وذاك. الاختلاف بين هذه المحافظة وتلك، الاختلاف بين هذا الذوق وذاك، وبين هذا المذهب وذاك. هذا هو أحد السبل. وهم يتابعون هذه المهمة في العالم الإسلامي طبعاً. قرأت مؤخراً - قبل عدة أسابيع - في أحد التقارير أن البرلمان البريطاني يوصي حكومته بالبحث عن المناطق التي لا تتفق فيها الفرق والمذاهب الإسلامية والتركيز عليها؛ وهذا معناه تفجير الخلاف والحرب بين المذاهب الإسلامية. وفي الداخل أيضاً يتابعون هذا المشروع بشكل آخر كما ذكرنا.
ومن الطرق أيضاً إشغال الشباب. قلت للشباب قبل سنوات إن مستقبل البلاد لكم، فاسعوا وراء العلم والتجديد العلمي، واستجاب شبابنا الجامعي، ودفع اساتذتنا أصحاب التجارب الطويلة المشاريع إلى الأمام بجدهم وتواجدهم في الساحة. وحين ننظر اليوم نرى أن التقدم العلمي للبلاد ملحوظ وماتع جداً قياساً إلى ما قبل عشرة أو خمسة عشر عاماً، وسيكون كذلك في المستقبل أيضاً. من خططهم إشغال الشباب وجرفهم إلى اللهو واللعب والأمور التي تبعدهم عن المسار الرئيسي للحياة الثورية التي يعيشها الشعب الإيراني. من الأمور غير المحبذة لديهم أن يكون شبابنا متدينين متقين ورعين نـزيهين.
علينا إيجاد المناعة لأنفسنا حيال هذا. بمقدور شعب إيران بوحدته واتحاده وتضامنه وسعيه وجهاده والنظر بجد لحركته العظيمة نحو قمم الكمال، بمقدوره أن ينتصر على العدو وسينتصر عليه بتوفيق من الله.
لقد أعاننا الله تعالى طوال هذه الأعوام الثلاثين. يرى الإنسان العون الإلهي ويد القدرة الإلهية تعاضد هذا الشعب في مختلف الفترات. ومنها أن الحكومة التي تمثل الاستكبار - الحكومة الأمريكية - تعاني اليوم مشكلات عديدة. إخفاقات الحكومة الأمريكية ليست بالشيء القليل. لاحظوا الأعوام السبعة أو الثمانية الأخيرة؛ هزموا في قضية فلسطين، وفي تفريغ أذهان الشعوب من الاهتمام بفلسطين. واخفقوا في الهيمنة على مصير الشعب العراقي وفي تسليمه لحكومة مطلقة ذات اتجاه واحد. قال المرشح لرئاسة جمهورية أمريكا قبل أيام إن الهجوم الأمريكي على العراق كان بسبب نفط الشرق الأوسط. وأحدث قوله هذا ضجة كبيرة في الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية. وهذا هو ما قلناه منذ أول يوم.. يوم كانت أمريكا تمهد الأرضية للهجوم على العراق ويوم شنت هذا الهجوم قلنا علناً وبصراحة إنكم تكذبون إذ تقولون إنكم تتوخون تحرير شعب العراق؛ كلا، أنتم ترومون أسر شعب العراق. صدام كان ذئباً ضعيفاَ قياساً إلى قوات الاحتلال الأمريكية. جاءوا، وقلنا إنهم جاءوا من أجل النفط، لا نفط العراق وحسب، بل نفط المنطقة؛ من أجل أن يكون لهم موقع ومقر في الخليج الفارسي بالقوة والعنوة لا بالسياسة. جاء الأمريكان بهذه النية. والآن يعترف هذا المرشح لرئاسة الجمهورية من الحزب الجمهوري الأمريكي صراحة بهذا المعنى، ويقول إن لدي خطة لكي لا تعود أمريكا بحاجة إلى نفط الشرق الأوسط ولا تضطر لإيفاد شبابها إلى ساحة الحرب. بمعنى أن الشعب الأمريكي يكره المشروع الذي أطلقته له الحكومة الأمريكية، يكره حرب العراق واحتلاله ويمقتها إلى درجة أن مرشح رئاسة الجمهورية يركز على هذه النقطة من أجل كسب أصوات الناخبين.
أليس هذا إخفاق للحكومة الأمريكية؟ وهل فوق هذا إخفاق؟ أخفقوا في فلسطين، وفي العراق، وحتى في الهيمنة على أفغانستان الضعيف. وفشلوا في تطبيق خططهم في لبنان. لسانهم لا يتوقف طبعاً وتهديداتهم دائمية. القوى الكبرى تعيش بتهديداتها أكثر مما تعيش بحقيقة وجودها وذلك من أجل أن يرهبوا الطرف المقابل.
اكتشف الشعب الإيراني هذا السر ولم ولن يفزع من تهديدات أمريكا وسائر القوى الكبرى والمعتدين والمتغطرسين والمهذارين.
لكنني أقول لكم: يا أعزائي، أيها الأهالي المؤمنون والشباب المتحمسون في كازرون، وكل الشباب في كافة أنحاء البلاد. عدم الفزع هذا صفة حسنة جداً.. هذه الشجاعة سمة ممتازة، وهذا الوعي والمعرفة بقدرات الذات ميزة كبيرة، لكن أياً منها لا يكفي.. هذه أمور لازمة لكنها غير كافية. الكل يجب أن يسعوا، الحكومة والشعب يجب أن يسعوا، ولابد أن يبنى هذا البلد كنموذج إسلامي. الجوانب الاقتصادية والثقافية يجب أن يجري الاهتمام بها من قبل المسؤولين والشعب وكل واحد من الشباب. الكل ينبغي أن يشعروا بالمسؤولية. وإذا أردنا لهذه المسؤولية في البلاد أن تثمر ويستطيع المسؤولون بمساعدة الجماهير أن يبنوا إيران المستقبل كما يليق بالإنسان الإيراني واسم الإسلام المقدس، فالسبيل إلى ذلك هو أن تبقى الصلة بين أبناء الشعب وبين الشعب والمسؤولين قوية صميمية كما كانت لحد الآن. كل من يدعو الشعب إلى التفرقة، وإلى الفصل بين الشعب ومسؤولي البلاد، وكل من يقرع طبول الخلاف يكون قد عمل بخلاف مصلحة هذا البلد والشعب.. أياً كان.
ينبغي الحفاظ على الاتحاد، والوفاق، ووحدة الكلمة، وحسن الظن ببعضنا. يقول القرآن الكريم: »لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً«.. نقّوا قلوبكم تجاه بعضكم، وسيروا متعاضدين، ويتقّنوا أن الله تعالى يعين ويدعم مثل هذا الشعب ومثل هذه القلوب الصادقة والخطوات الرصينة.
الشعب والحمد لله وبفضل منه مستعد في كل مكان، ومسؤولو البلد مستعدون أيضاً لتقديم الخدمة، وبوسع هذا الشعب ومسؤوليه التغلب على كافة المعضلات وسوف يتغلبون. يقول الأعداء إن عمر الجمهورية الإسلامية لن يتجاوز المقدار الفلاني، واقول إن كل هؤلاء الأعداء سيموتون في حسرة زوال الجمهورية الإسلامية، وسيقف الشعب الإيراني شامخاً عزيزاً في العالم تزداد رفعته يوماً بعد يوم. قد لا نكون يومذاك لكنكم ستكونون موجودين أيها الشباب. لا تنسوا أن الطريق هو طريق الإسلام وطريق الله. إذا أردتم أن يتبوّأ هذا البلد العريق المبارك الذي يعد مهداً للحضارة والثقافة مكانته الحقيقية ويكون نموذجاً للبلدان الأخرى ينبغي أن لا تنسوا طريق الإسلام والتمسك بالإسلام. نتمنى أن تشملكم جميعاً أيتها الجماهير العزيزة أدعية سيدنا بقية الله (أرواحنا فداه).
أشكركم على مودتكم واجتماعكم هذا، والنشيد الذي قرأتموه كلكم بحماس وحيوية، وأتمنى أن يشمل الله تعالى أهالي كازرون وكل محافظة فارس بألطافه وبركاته وفضله ورحمته دوماً.
اللهم نوّر القلوب الطاهرة لهؤلاء الشباب والأهالي الأعزاء، والنساء والرجال المؤمنين بأنوار هديك وخذ بأيديهم. أعِزّ الشعب الإيراني وأنصره على أعدائه وأنزل بهم بطشك وقهرك وذُلَّكَ. ربنا أرضِ عنا القلب المقدس لإمامنا المهدي وأجعلنا جنوداً حقيقيين له. وأرفع يوماً بعد يوم من درجات أرواح الشهداء الطاهرة وروح إمامهم المباركة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.