بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً، أشكر من أعماق قلبي الإخوة و الأخوات الأعزاء المتصدين لمسألة إشاعة الصلاة. هذا شيء حسن و قيم في كل مكان، لا سيما في الجامعات. و أسأل الله تعالى أن يوفقكم و يوفق حضرة الشيخ قرائتي و سائر العاملين في هذا المشروع الكبير الذين أبدوا همةً - هو الذي غرس هذه الشجرة الطيبة في الأرض و قد نمت و أفرعت و أورقت و أثمرت اليوم و الحمد لله - و يطيل عمره كي يستطيع متابعة المشروع إن شاء الله.
أهمية العمل في إقامة الصلاة و إشاعتها نابع من أهمية الصلاة ذاتها. حينما نرى كل هذا الترغيب و التشجيع و الاهتمام بالصلاة في الشرع الإسلامي المقدس - سواء في القرآن، أو في كلمات النبي المكرم، أو في أحاديث المعصومين - نكتشف أن الصلاة العنصر الرئيس أو أحد العناصر الرئيسية بين مجموعة الأدوية المعالجة لأمراض الإنسان الجسمية، و الروحية، و الفردية، و الاجتماعية. تشكل جميع الواجبات الشرعية و اجتناب المحرمات مجموعة من الأدوية الموصوفة من قبل الله لتقوية البنية الروحية للإنسان و إصطلاح أمور دنياه و آخرته - إصلاح المجتمع و إصلاح الفرد - و لكن ثمة في هذه المجموعة عناصر مفتاحية ربما أمكن القول إن الصلاة أبرزها و أكثرها مفتاحية. » الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة «.(1) هكذا هم المؤمنون، و المجاهدون في سبيل الله، و المضحون من أجل تعزيز المعارف الإلهية » إن مكناهم في الأرض « إذا جعلناهم متمكنين قادرين في الأرض و سلمناهم السلطة فعليهم القيام بكثير من الأمور: تكريس العدالة، و إفشاء كثير من الظواهر، و لكن أول هذه الأمور: » أقاموا الصلاة «.. ما هو السرّ في الصلاة و الذي يجعل إقامتها مهمة إلى هذا الحد؟
قيل الكثير حول الصلاة. لكل إنسان في داخله نفس متمردة.. فيل ثمل إذا راقبتموه و طرقتم على رأسه بالمطرقة دوماً فسوف لن يوقعكم في الهلاك، و سوف تتم السيطرة علی سلوكه و ستكون هذه النفس الإنسانية سبباً لتقدمكم إلى الأمام. النفس هي مجموعة الغرائز الإنسانية التي إن تمت السيطرة عليها بصورة صحيحة و استخدمت في الطريق الصواب سترتفع بالإنسان إلى ذروة الكمال. المشكلة هي أن هذه الغرائز تصاب بالسكر و الثمالة. لا بد من وجود سيطرة. إذا كان ثمة ظلم في العالم فهو نتيجة سكر الغرائز و النـزعات النفسية لدى شخص أو عدة أشخاص، أو جماعة من الناس. و إذا كان ثمة فحشاء في العالم فالسبب هو ذاك أيضاً. و كذا الحال إذا كان ثمة إهانة للإنسان و سحق لكرامته في العالم. و كذا الحال إنْ كان هناك فقر في الدنيا و كان جزء كبير من المجتمع البشري يعاني الحرمان من النعم الإلهية على الأرض. النـزعات النفسية للجماعة الظالمة هي التي توجد الظلم، و الجماعة المستكبرة هي التي توجد الاستضعاف. و الجماعة الشمولية الطامعة التي لا تعرف الرحمة هي التي تصنع الفقر و الجوع. النـزعات النفسية التي أوجدت كل هذه المفاسد في العالم منذ بداية التاريخ و إلى اليوم، و كلما تمادى الإنسان في استخدام القدرات المتنوعة التي أودعها الله في داخله، كلما ازدادت هذه الأحوال السلبية و لم تنقص. الظالم الذي يمتلك قنبلة ذرية يختلف عن الظالم الذي يقاتل بالسيف فقط. هذه النـزعات النفسية أضحت أكثر خطورة على البشر.
ثمة في البشر مثل هذا الشيء. كل البشر مبتلون بهذا الفيل الثمل في داخلهم و يجب عليهم احتواءه. يتأتى هذا الاحتواء بذكر الله، و باللجوء إلى الله، و بالشعور بالحاجة إلى الله، و الإحساس بالتفاهة أمام عظمة الله، و الشعور بقبح الذات مقابل الجمال المطلق لله تعالى. كل هذه الأمور ناجمة عن الذكر. الإنسان المتقي يعني الإنسان الذي يراقب ذاته و يتذكر و لا يكون مصدر شرور و ظلم و فساد و طغيان و سوء على هذا و ذاك من الناس. الذكر الإلهي ينهاه و يصدّه دوماً: » الصلاة تنهى «، تنهى هنا ليست بمعنى أنها تكبل يديه و رجليه و تعطل فيه غرائزه. يخال البعض أن معنى » الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر « (2) هو أنك إذا صليت فسوف تزول الفحشاء و المنكر، لا، معناها أنك حين تصلي فإن واعظك الداخلي الذي أحيته الصلاة سيتحول صوتاً يذكرك دوماً بسيئات الفحشاء و المنكر. و التذكير و التكرار يؤثران على القلب طبعاً و يجعلانه خاضعاً خاشعاً. لذلك ترون أن الصلاة يجب أن تتكرر. الصيام مرة واحدة في السنة، و الحج مرة واحدة في العمر، أما الصلاة فعدة مرات في اليوم الواحد. هنا تكمن أهمية الصلاة.
إذا صلينا فسيعم الأمن داخل الإنسان و في قلبه و كذلك في المجتمع و علی حكّام المجتمع مهما كبر ذلك المجتمع. سيشعر قلب الإنسان بالأمن.. و يشعر جسمه بالأمن.. و يشعر المجتمع الإنساني بالأمن. هذه هي ميزة الصلاة، و هذه هي خصوصية إقامة الصلاة في المجتمع. لذلك يجري كل هذا التأكيد على مهمتكم في لجان إقامة الصلاة و لجان إشاعة الصلاة في كل ناحية من نواحي البلاد، و بين كل شريحة من شرائح المجتمع و أهمها شريحة الشباب النخبة و طلبة الجامعات. معنى ذلك الأخذ بيد المجتمع إلى حالة الذكر العامة، فيتذكر الجميع صغاراً، و كباراً و نساءً، و رجالاً، و مسؤولين حكوميين، و سواهم، و الشخص الذي يعمل لنفسه، و الشخص الذي يعمل لجماعة معينة، إذا تذكروا الله فستنتظم أمورهم. معظم معاصينا تنتج عن الغفلة. لذلك تتكرر الصلاة دوماً.
قيل الكثير في هذا المجال، و تحدثنا نحن مرات عديدة. للصلاة جسم و روح. ينبغي التفطن لهذه النقطة. أي إن كل واحد منا، أنا نفسي و الآخرون يجب أن نتفطن لهذه النقطة. للصلاة قالب و مضمون. لها جسم و روح. لنحذر من أن يكون جسم الصلاة خالياً من روح الصلاة. لا نقول إن جسم الصلاة الخالي من الروح لا تأثير له إطلاقاً، بلى، له تأثير بسيط على كل حال. بيد أن الصلاة التي شدد عليها الإسلام، و القرآن، و الشرع، و الرسول، و الأئمة ( عليهم السلام ) كل ذلك التشديد هي الصلاة التي اكتمل جسمها و روحها على السواء. لهذا الجسم قراءته، و ركوعه، و سجوده، و هبوطه إلى الأرض، و قنوته، و ارتفاع صوته وانخفاضه بما يتناسب و تلك الروح. هذا التنوع من أجل تغطية جميع الحاجات التي ينبغي أن تُشبع بواسطة الصلاة، و لكل منها سرّه الخاص، و مجموعها يشكل قالب الصلاة و ظاهرها، هذا الشكل مهم جداً، لكن روح الصلاة هي التوجه. لنعلم ما الذي نفعله. الصلاة من دون توجه قليلة التأثير كما قلنا. بوسعكم الانتفاع بطريقتين اثنتين من قطعة ألماس ثمينة تزن عدة قيراطات. طريقة منهما هي أن تستخدموها كألماسة أي كحجر كريم ثمين. و الطريقة الأخری أن تستخدموها كحجر ميزان فتضعوها في كفّة الميزان بدل عيار ذي عدة غرامات وتضعون في الكفّة الثانية مقابلها » فلفلاً « أو » كركماً « على سبيل المثال! هذا أيضاً استخدام للألماس، و لكن أي استخدام هو؟! إنه أشبه بتضييع الألماس. طبعاً هو استخدام يختلف عن تحطيم الألماس الذي يعد أسوء على كل حال من ذلك الاستخدام. لكن الانتفاع من الألماس ليس في أن يستعمله الإنسان كحجر ميزان و يزن به » الفلفل « و » الكركم «. ينبغي عدم التعامل مع الصلاة كألماسة نستخدمها حجراً للميزان.. للصلاة قيمة كبيرة جداً.
تارة يصلي الإنسان كما يمارس سائر عاداته اليومية من قبيل تفريش الأسنان أو الرياضة.. و كذلك نصلي. و تارةً يصلي و هو يشعر أنه يريد الحضور بين يدي الله.. هذه حالة مختلفة. نحن في محضر الله دوماً، سواء كنا نياماً أو صاحين، أو غافلين، أو ذاكرين. لكن تارة تبادرون للتوضّؤ و التطهر و الاستعداد بطهارة جسم و طهارة ملبس و طهارة معنوية ناتجة عن الوضوء و الغسل لتذهبوا عند إله العالم. علينا في الصلاة أن نشعر بمثل هذا الشعور. يجب الدخول إلى الصلاة بمشاعر الحضور أمام الله و التحدث معه. يجب أن نشعر أنفسنا أمام الله و نخاطبه. و إلا مجرد أن نبث في الجو أمواجاً بكلماتنا و حروفنا فهذا ليس الشيء الذي طولبنا به. يمكن القول: » الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين... « و بث أمواج هذه الكلمات. و يمكن قراءتها قراءة حسنة و لكن من دون توجه و سيكون الأمر هنا أيضاً بثاً للأمواج الصوتية في الهواء. هذا ليس الشيء الذي أُريد منا. طُلب منا أن نحمل قلوبنا في الصلاة إلى الباري، و نتحدث حديث القلوب، نتحدث بقلوبنا. هذا هو المهم. علينا التنبه إلى قضية روح الصلاة في عملية إشاعة الصلاة، و في الصلاة التي نؤديها، و الصلاة التي نعلمها للآخرين.
طبعاً هذه الروح لا تتحقق بدورها من دون جسم حتى يتصور الإنسان أنه لو كان الأمر كذلك إذن استطيع أن اكتفي بذكر الله مائة مرة و لا أصلي، لا، فكما قلنا تم تصميم ذلك الجسم في ضوء الحاجات التي تشبعها هذه الروح. لذلك لاحظوا وجود خصوصيات معينة لحالات الصلاة المختلفة.. غير واجبة.. مستحبة.. أين ينظر المرء عند الوقوف.. و أين ينظر عند السجود.. توصي بعض الروايات بإغلاق العينين عند الركوع، و توصي بعضها بالنظر إلى الأمام. كل هذه الخصائص تساعد على تحقيق حالة الحضور و التواجه اللازم للإنسان.
أما أهمية الصلاة فهو ما قد لا نقدر فعلاً عن وصفه. يقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) لوصيه في مرض رحيله: » ليس منيّ من استخفّ بالصلاة «.(3) و الاستخفاف هو عدم الاهتمام. هذه الصلاة بكل هذه السمات و الفضائل كم تأخذ من وقت الإنسان؟ صلاتنا الواجبة - هذه الركعات السبع عشرة - إذا صلاها الإنسان بدقة و رويّة قد تأخذ من وقته أربعاً وثلاثين دقيقة، و إلا فستأخذ من وقته أقل من هذا. يحدث أحياناً أن نجلس أمام التلفاز بانتظار البرنامج الذي يستهوينا و نشاهد قبله الدعايات و الدعايات و الدعايات لمدة عشرين دقيقة أو خمس عشرة دقيقة، و لا ينفعنا أيٌّ منها و تأخذ من وقتنا عشرين دقيقة، من أجل البرنامج الذي نريده. هكذا تنقضي دقائق عمرنا. ننتظر التاكسي، و ننتظر الباص، و ننتظر صديقنا ليأتي و نذهب لمكان ما، ننتظر الأستاذ الذي تأخر في القدوم إلى الصف، ننتظر خطيب المنبر الذي وافى المجلس متأخراً، كل هذه تهدر من وقتنا عشر دقائق، و خمس عشرة دقيقة، و عشرين دقيقة. فكم سيكون من المهم إنفاق هذه العشرين دقيقة أو الخمسة و عشرين دقيقة أو الثلاثين دقيقة على الصلاة.. هذه الممارسة الراقية الكبيرة.
ينبغي الاهتمام بالصلاة بين شباب البلاد أكثر من سائر الشرائح. الشاب يتنوّر قلبه بالصلاة، و يتحلّى بالأمل، و تبتهج نفسه و تغتبط. هذه الأحوال تختص بالشباب غالباً. الشاب يستطيع أصابة اللذة. و إذا وفقنا الله أنا و أنتم وصلينا صلاةً بحضور قلب فسنرى أن الإنسان لا يشبع من الصلاة المصحوبة بالتوجه لله. حينما يتوجه الإنسان للصلاة سيصيب لذةً لا توجد في أي من الملذات المادية. هذا نتيجة التوجه. عدم الاهتمام للصلاة، و الخمول أثناء الصلاة من سمات المنافقين. لا أن كل من أصابه الخمول و الكسل عند الصلاة فهو منافق، لا، يعرِّف الله المنافقين في القرآن و يقول: اعرفهم بهذا. كان في زمن النبي منافقون يصلون لأجل فلان و فلان ولا يؤمنون بالصلاة في قلوبهم. » و إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يرائون الناس «.(4) نعم حينما لا يكون للشخص طرف آخر يخاطبه و لا يتحدث مع الله فسوف يتعب و يمل و تبدو الصلاة بالنسبة له عملاً طويلاً. و الحال ما هي الأربع دقائق؟! إذا خاطب الإنسانُ اللهَ في هذه الحال فسترون أن الصلاة تخطف كما يخطف البرق، و سيتحسّر الإنسان و يودّ لو طالت أكثر.
أشيعوا هذا المعنى بين الشباب. إذا تعوّد الشباب منذ الآن على الصلاة الحسنة فلن تكون الصلاة صعبة عليهم حين يبلغون أعمارنا. إذا لم يتعود الإنسان على الصلاة الحسنة و بلغ أمثال أعمارنا، فستكون هذه الصلاة الحسنة صعبةً عليه لكنها ليست مستحيلة. ذلك أنه تعود على الصلاة الحسنة منذ شبابه. و أعني بها الصلاة المصحوبة بالتوجه - ليس معنى الصلاة الحسنة تلك التي تقام بصوت حسن و قراءة جيدة، إنما تعني الصلاة بتوجه و حضور قلب؛ أن يكون قلب المصلي حاضراً بين يدي الله فيتحدث معه من قلبه و بقلبه - و عندئذ تصبح سجيته و لن يجد مشقّة فيها، فيبقى يصلي صلاةً حسنة حتى آخر عمره.
ثمة نقطة أشار لها الشيخ قرائتي الآن و كرّرها في الماضي، و ذكرناها نحن تتعلق بقلة المساجد و أماكن الصلاة في المواقع المزدحمة. ينبغي أن يطرح أعضاء الحكومة الحاضرون هنا - الوزراء المحترمون الحاضرون هنا - هذه القضية في الحكومة بجد. جميع المشاريع الهندسية الكبيرة يجب أن تتضمن ملحقاً خاصاً بمسجد أو مصلّى. حينما نخطط لقطارات الأنفاق، و محطات قطارات الأنفاق، ينبغي أخذ المسجد بنظر الاعتبار فيها؛ و حين نخطط لمحطات القطار، أو المطار، لا بد من ملاحظة المسجد فيها. حينما نخطط للأحياء السكنية لا بد من ملاحظة المسجد و قد يلزمنا فيها أكثر من مسجد. هل يمكن أن نصمم حياً سكنياً و ننسى تخطيط شوارعه؟ هل الحي السكني ممكن بدون شارع؟ ينبغي النظر للمسجد بهذه الطريقة. لا معنى للحي السكني من دون مسجد. حينما يستطيع بناة المساكن المكثفة الحصول على تراخيص لبناء هذه المساكن و يبنونها، لا بد من وجود مصلى في الخارطة التي يقدمونها و يحصلون في ضوئها على الترخيص. هكذا يجب أن نتعامل مع المصلی.
أشاروا إلى الرحلات الجوية، لا رحلات الحج فقط، بل في شتى الرحلات الجوية الداخلية و الخارجية البعيدة التي تغطي وقت الصلاة لا بد من مراعاة مسألة الصلاة. ليكن هناك وقت للصلاة قبل الإقلاع أو بعد حطّ الطائرة. لا يكن الأمر بحيث يقعلوا قبل أذان الصبح و يحطوا بعد طلوع الشمس، لا، لينظّموا الرحلات بحيث يستطيع الناس أداء صلاتهم. إما قبل الرحلة أو بعدها. و إذا لم يتسنّ هذا - أحياناً تحول ضروراتُ الرحلات الداخلية، و الخارجية، و الخطوط الجوية دون ذلك - ليوفّروا داخل الطائرة إمكانية إقامة الصلاة، و طبعاً يمكن تحديد اتجاه القبلة تماماً. أي إن الطيارين خبراء في ذلك و يفهمون المسألة و يعرفونها، كي يستطيع من يريد الصلاة أداءها داخل الطائرة. و قضية حركة القطارات هي أيضاً على هذه الشاكلة من باب أولى.
لا يمكن مقارنة هذه الأمور في بلادنا حالياً بما كان عليه الوضع قبل الثورة. غالبكم لا يتذكر الوضع قبل الثورة. كان وضعاً عجيباً! سواء هنا أو في بعض الأماكن الأخرى. سافرنا إلى العراق لزيارة العتبات المقدسة، و لم يتوقف السائق لصلاة الصبح رغم كل محاولاتنا. أي إن ذلك كان متعذراً. نظموا الأمور بحيث يتعذر ذلك. و اضطررت أن أرمي بنفسي من نافذة في آخر القطار - وكنا بالقرب من المحطة أو في بداياتها - كي استطيع أداء الصلاة، لأن القطار كان وسخاً و لا يمكن الصلاة فيه. على كل حال لم تكن هذه الأمور تراعى أبداً. و قد اختلف الوضع الآن كثيراً. غير أن المتوقع أكثر من هذا. ينبغي أن تتضح أهمية الصلاة.
أوصي السادة أئمة الجمعة و الجماعة و رجال الدين المحترمين في المدن و في طهران مراراً، بضرورة عمارة المساجد. ينبغي أن يرتفع صوت الأذان من المساجد. يجب أن يرى الجميع مظاهر الاهتمام بالصلاة و إقامة الصلاة في المدينة الإسلامية - خصوصاً في مدن مثل طهران و مدن البلاد الكبرى - و يشعروا به، سواء أبناء شعبنا أو الذين يدخلون هذه المدن. يجب أن تكون العلامات و المؤشرات الإسلامية واضحةً جليةً. كما ينبغي أن تكون العلامات الإسلامية واضحة في هندستنا. الصهاينة إذا بنوا بناية في أي مكان في العالم يحاولون وضع علامة نجمة داود المشؤومة عليها بشكل من الأشكال. هذا هو أداؤهم السياسي. علينا نحن المسلمين مراعاة العلامات الإسلامية و الهندسة الإسلامية في جميع أعمالنا.
على كل حال، نتمنى من الله التوفيق. مسألة الصلاة ليست بالمسألة الصغيرة، إنها قضية كبيرة جداً. جميع العاملين في هذه المجال هم من » و المقيمين الصلاة «(5) إن شاء الله. و قد ذكر القرآن » و المقيمين الصلاة « للإشارة إلى المؤمنين الطاهرين النـزيهين المخلصين خصيصاً. جعلكم الله جميعاً من مقيمي الصلاة و مَنَّ الله تعالى بعونه و توفيقه و متّعنا جميعاً ببركات الصلاة إن شاء الله؟
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الهوامش:
1 - سورة الحج، الآية 41.
2 - سورة العنكبوت، الآية 45.
3 - علل الشرايع، ج 2، ص 356.
4 - سورة النساء، الآية 142.
5 - سورة النساء ، الآية 162.