بسم الله الرحمن الرحيم
إنه ليوم مبارك على شعبنا و مستقبلنا إن شاء الله. و هذا الاجتماع بدوره اجتماع له وزنه و احترامه. نسأل الله تعالى بتضرع أن يشمل الشعب الإيراني في هذه المرحلة الجديدة، و في هذه الدورة الجديدة من إدارة البلاد التي تبدأ من هذا اليوم، أن يشمله ببركاته و رحمته.
كلمة رئيس جمهوريتنا المحترم كانت كلمة رزينة و صحيحة و مناسبة. و المتوقع هو أن يجري الاهتمام خلال الأعوام الأربعة القادمة إن شاء الله بالنقاط التي ذكرها.
قضية مشاركة الشعب و الانتخابات في نظام الجمهورية الإسلامية بهذا الشكل البديع و الجديد الذي يعرض في العالم قضية على جانب كبير من الأهمية و من المناسب أن يجري فيها التأمل أكثر و تُناقش و تبحث. القضية هي قضية الديمقراطية الدينية، أي المشاركة المتلاحمة للشعب و التنافس الجاد و النشاط و المساعي الحقيقية للشعب إلى جانب مراعاة المعايير الإسلامية و الملاكات الإلهية. هذه التركيبة المذهلة هي ما تحتاجه الإنسانية و تتعطش إليه.
لم يكن لنا في بلادنا قبل انتصار الثورة أي نصيب من المشاركة الجماهيرية في مجالات اتخاذ القرار. كان هناك حكام مسلطون على الناس بالقوة و بفعل قدرات السلاح، و قد فرضوا على الناس حكماً يصحبه العسف و الضغط. و حينما كانوا يغادرون يتركون هذه الأمانة الإلهية العظيمة - أي الحكومة و الولاية على الناس - ميراثاً لأبنائهم و كأنها من أموالهم و ممتلكاتهم الشخصية. لم يكن للناس أي دور. الذين يتشدقون في العالم اليوم بالديمقراطية و حقوق الإنسان و ما إلى ذلك كانوا يتعاونون و يدعمون ذلك النظام المتجبر المستبد بما له من أساليب حكم خاطئة و غير إنسانية. و في البلدان التي تؤثر فيها مشاركة الجماهير - في مقام الادعاء على الأقل - في الحكم، ترى القيم المعنوية غائبة عن الساحة.
ما يميز الجمهورية الإسلامية كظاهرة بديعة هو مشاركة الشعب و العلاقة بالقيم المعنوية و الحكم الإلهي و الخشوع أمام الخالق. هذان الأمران يشكلان حقيقة واحدة. النقاش حول هل أن الجمهورية أم الإسلامية هي المتقدمة في النظام الإسلامي نقاش مغرض لا معنى له. الإسلامية و الجمهورية ليسا عنصرين منفصلين تم توصيلهما فأوجدا حقيقة واحدة. الجمهورية موجودة في صميم الإسلامية. ثم في الصميم من الاستناد على الحكم الإلهي اعتمادٌ على الشعب و احترامٌ لإرادته و أصواته. الجمهورية الإسلامية حقيقة واحدة و هي هدية الثورة الإسلامية لشعب إيران. هذا هو ما أثبتت الاختبارات و الامتحانات كفاءته على أفضل نحو خلال الأعوال الثلاثين الأخيرة.
الذين يدعون الديمقراطية يجب أن يجيبوا كم هي الديمقراطية الحقيقية في منظومة حكوماتهم. و أين يوجد هناك ما يوجد هنا لدى الشعب من اندفاع و انجذاب إيماني يتموج في قلوب الشعب الإيراني و يأخذ بأيديهم إلى صناديق الاقتراع لأداء الواجب؟ أين يمكن مشاهدة مثل هذا في تلك الديمقراطيات؟ هذ الأسلوب البديع للحكم هدية الإسلام لنا. إلى جانب هذه الحقيقة يجب التنبه إلى عظمة إمكانيات الجمهورية الإسلامية و النظام الذي يقوم عليها.
مضت ثلاثون سنة على الثورة. و أقيمت طوال هذه المدة ثلاثون انتخابات تقريباً. و قد شملت هذه الانتخابات مدراء البلاد التنفيذيين و المسؤولين التشريعيين و مدراء المدن. و قد تم تعيين أساس النظام الإسلامي و دستوره و مدراءه الكبار على أساس أصوات الشعب. إمكانية هذا النظام القائم على هذه الحقيقة أكبر و أرقى بكثير مما يراه الآخرون من خارج المشهد و يحللونه و يتحدثون حول هذا النظام. بغض النظر عن الكلام المغرض، حتى ما لا يقال عن أغراض معينة ينجم غالباً عن عدم فهم حقيقة الجمهورية الإسلامية. تمتع النظام الإسلامي بمثل هذه الإمكانية العظيمة. طوال هذه الأعوام الثلاثين حيث عملت الأذواق السياسية المختلفة داخل هذه الإمكانية الهائلة تم نقل السلطة بهدوء و عطف و احترام، و تم تداول السلطة التنفيذية من يد ليد على مدى ثلاثين سنة. جاءت أذواق مختلفة، وكان لبعض المدراء في فترات معينة من هذه الأعوام الثلاثين زوايا حياد معينة عن مباني الثورة، لكن إمكانيات الثورة استطاعت أن تحتفظ بهم في داخلها و تذيبهم في أتونها و تهضمهم، و تضاعف الثورة من إمكانيتها و تجاربها و تواصل طريقها باقتدار أكبر. الذين أرادوا توجيه الضربة لنظام الجمهورية الإسلامية من داخله لم ينجحوا.
واصلت الثورة طريقها و سبيلها المستقيم بمزيد من الاقتدار لحد اليوم و كل الذين تواجدوا داخل هذا النظام بدوافع مختلفة ساعدوا قدرات هذا النظام شاءوا أم أبوا. ينبغي النظر لهذه الحقيقة بدقة. هذه الإمكانية العظيمة وليدة الجمهورية الإسلامية و ناجمة عن الديمقراطية الدينية و الإسلامية. هذا هو ما أوجد هذه الإمكانية الهائلة و هذا هو سر بقاء و مناعة و صلابة الجمهورية الإسلامية و هو ما تمتلكه الجمهورية الإسلامية في ذاتها و سنحافظ عليه دوماً إن شاء الله.
انتخاباتنا لهذا العام كانت انتخابات مهمة جداً. و كان لها رسالتها و تجاربها، كما كانت وسيلة لامتحانات معينة. لقد عرَّضتنا هذه الانتخابات لامتحانات معينة. لقد كانت انتخابات مباركة جداً في رأيي. أولاً رسائل هذه الانتخابات كانت مهمة جداً.
الرسالة الأولى لهذه الانتخابات هي أن الجمهورية الإسلامية رغم مضي ثلاثين سنة لديها القدرة على تعبئة الشعب و إنزالهم إلى الساحة بشكل يحطّم الأرقام القياسية العالمية و يتجاوزها جميعاً. توقع البعض طوال هذه الأعوام للنظام الإسلامي أن يبلى و يسقط من أعين الناس و يفقد قدرته على تعبئة الجماهير، و قد أثبتت هذه الانتخابات أنه كلما مر يوم كلما ازدادت قدرة النظام الإسلامي على تعبئة الجماهير و كسب ثقتهم. هذه حقيقة مهمة جداً. بعض الأمور الهامشية تغيّب هذه الأصول عن الأنظار. أصل الحقيقة في هذه الانتخابات هي أن الثورة الإسلامية و النظام الإسلامي حيٌّ و جذاب و سائر في طريق الرشد و التعالي إلى درجة أنه رغم مضي ثلاثة عقود لا تزال لديه القدرة بهذا الشكل على تعبئة الجماهير و إشراكهم في الساحة. نصاب الخمسة و ثمانين بالمائة نصاب منقطع النظير في كل العالم أو نادر النظير على الأقل.
و الرسالة الأخرى لهذه الانتخابات و هذا التواجد الجماهيري الهائل هي وجود الثقة المتبادلة بين النظام الإسلامي و الشعب. في هذه الانتخابات انفتحت الساحة للحوار و لدخول أشخاص بميول مختلفة و استقطاب و طرح الآراء المتضاربة المتنوعة. هذا دليل ثقة النظام بنفسه و مؤشر أن النظام الإسلامي يثق بشعبه. و الشعب في المقابل يثق أيضاً بالنظام و قد جاء و أدلى بأصواته. لو لا الثقة بالنظام لما كان هذا الاهتمام و الإقبال الشعبي. الذين يتحدثون عن عدم الثقة الشعبية إذا لم يكن كلامهم هذا عن غرض معين فهو عن غفلة. أية ثقة أعلى من أن يحضر الشعب و يدخل في ساحة الانتخابات و تثق الجماهير بنظامهم و حكومتهم و يمنحوها أصواتهم و ينتظروا أن يسمعوا منها نتائج التصويت؟ هذه ثقة الناس العالية. و هي ثقة لا تزال قائمة بتوفيق و فضل من الله تعالى، و توقعنا من مسؤولي البلاد و العاملين في القطاعات المختلفة أن يضاعفوا بسلوكهم من هذه الثقة. هذا هو الرصيد الأصلي للنظام الإسلامي.
و قد كانت في هذه الانتخابات رسالة أخرى هي وجود النشاط و الحيوية و الأمل لدى الشعب. و هذا شيء طبيعي في بلدنا و مجتمعنا، لأن أكثرية بلدنا شباب و الشباب هم مظهر الحيوية و الأمل. نزلوا إلى الساحة بأمل. و لو لا الأمل بالمستقبل فإن القلب اليائس المكتئب لا يخوض ساحة الانتخاب. مشاركة الشعب و مشاركة الشباب دليل الأمل.
و قد انطوت هذه الانتخابات على تجارب. تضمنت تجربة لشعبنا و مسؤولينا و أنا أصرّ على أن ننظر جميعاً لهذه التجربة بعين الجد. على كافة المسؤولين و كذلك جميع أبناء الشعب أخذها مأخذ الجد. التجربة هي أن نعتقد بإمكانية توجيه الضربة دائماً من قبل أعداء الثورة و أعداء إيران الإسلامية حتى في أفضل الظروف. علينا النظر دوماً لكمائن الأعداء. الغفلة عن إمكانية توجيه ضربة لحركة الشعب الإيراني العامة شيء خطير. كونوا حذرين. إنها توصية أمير المؤمنين (سلام الله عليه) حيث قال: »و من نام لم ينم عنه«.(1) يجب أن لا يغلبنا النوم في ميدان الحياة السياسية، يجب أن لا ننام خلف خنادقنا. إنْ نمت أنت فيجب أن تعلم أن العدو ربما كان يقظاً. هذا ليس تحليل نحلله، إنما هو معلومات. لقد حاول أعداء نظام الجمهورية الإسلامية و سعوا عسى أن يستطيعوا داخل مناخ الحرية الذي منحه النظام الإسلامي للشعب أن يخلقوا للناس متاعب و مشاكل. سعوا و أنفقوا الأموال و وظفوا وسائل إعلامية كثيرة و عبأوا عملاء كثيرين عسى أن يستطيعوا أن يصنعوا من هذا الوضع الذي يعد عيداً لشعب إيران و احتفالاً وطنياً كبيراً، أن يصنعوا وضعاً ضد الشعب الإيراني.. بذلت مثل هذه المساعي. يجب أن تكون هذه التجربة إنذاراً لنا جميعاً و لكل أبناء الشعب. إذا كنّا سيئي الثقة ببعضنا في ساحة الحياة السياسية و الاجتماعية، و نظرنا لبعضنا بعين العداء فسوف تسنح هذه الفرصة لأعدائنا الحقيقيين. إذا لم نفكر و لم تكن لدينا بصيرة و إذا نسينا أن ثمة أعداء يكمنون للثورة فسوف نتلقى ضربة. كانت هذه تجربة لنا.
لم يكن لنا منذ بداية الثورة انتخابات بمشاركة تبلغ أربعين مليون و بنسبة خمسة و ثمانين بالمائة. في هذه الانتخابات توفرت مثل هذه الفرصة الكبيرة لأول مرة. و لكن في نفس هذا الفرح الكبير تغلغلت أياد لتوجيه ضربات للشعب الإيراني. ينبغي التحلي باليقظة. و هذه اليقظة ليست باللسان فقط. على كل واحد من أبناء الشعب، و الاتجاهات السياسية المختلفة، و من يحبون البلاد، و من يحبون النظام الإسلامي، الكل و الكل، عليهم أن يتحلوا باليقظة بالمعنى الحقيقي للكلمة و لا ينخدعوا.
هناك أيد عملت منذ فترات طويلة و مهّدت الأمور لتستطيع استغلال فترة الانتخابات ضد شعب إيران. لحسن الحظ كان الشعب الإيراني و لا يزال يقظاً. ضبّبوا الأجواء و بثوا المرارة في النفوس إلى حدّ ما، لكنهم لم يستطيعوا القيام بما يريدون. كان هذا بفضل يقظتكم أنتم أيها الشعب. و هذه تجربة لنا لكي نعلم أن العدو يكمن لنا.
و اعتقد أن أعداءنا أيضاً اكتسبوا تجربة من هذه الانتخابات، و إذا لم يكونوا قد اكتسبوها فعليهم الآن كسبها، و هي أن على الأعداء أن يعلموا أية حقيقة يواجهونها، و لا يخطئوا في فهم النظام الإسلامي و الثورة الإسلامية، و لا يتوهموا أن بالإمكان تركيع الثورة الإسلامية و النظام الإسلامي بمثل هذه الممارسات التافهة. النظام الإسلامي حي. لا يتوهموا أن بوسعهم عبر تقليد مغلوط لمشاركة الشعب الهائلة في ثورة سنة 1357، و من خلال رسم كاريكاتيري لتلك الثورة، بوسعهم توجيه ضربة لعظمة الثورة و النظام الإسلامي. ينبغي أن تكون هذه التجربة قد حصلت للأعداء، فلا يخطئوا، النظام الإسلامي لن يُهزم بمثل هذه الأمور.
عظمة هذه الثورة و عظمة هذا النظام و تجذّر نظام الجمهورية الإسلامية تجلّى لأعداء الجمهورية الإسلامية أكثر في أحداث الشهر أو الشهرين الأخيرين. هذا الشعب شعب مؤمن و يقظ و موهوب. لا يمكن هزيمة هذا الشعب بمسجد ضرار. لدينا في تاريخنا نماذج لهذا الأمر: »و الذين اتخذوا مسجداً ضراراً و كفراً و تفريقاً بين المؤمنين و إرصاداً لمن حارب الله و رسوله«.(2) لا يمكن عبر تقليد أداء قائد الثورة العزيز العظيم إمامنا الجليل و الذي كان غارقاً في القرآن بكل فؤاده و روحه و كيانه، لا يمكن خداع هذا الشعب. قلوب هذا الشعب مستضيئة بنور الإيمان. إنه شب يقظ، شبابنا يقظون. هذه تجربة للأعداء.
و قد انطوت هذه الانتخابات على امتحانات. من الامتحانات الامتحان الذي خاضه أبناء الشعب، و اعتقد أن الشعب نجح في هذا الامتحان و أحرز درجات القبول. مشاركة الشعب الهائلة كانت امتحاناً عظيماً خرج الشعب منه مرفوع الرأس. الكثير من أبناء الشعب و من التيارات السياسية عملوا بما أملاه عليهم الواجب. لكن بعض الخواص رسبوا طبعاً. هذه الانتخابات جعلت البعض يرسبون. بعض شبابنا الذين خاضوا الساحة بصدق و سلامة أخطأوا في بعض الحالات رغم يقظتهم. و الكثير من شباب البلاد ساروا بشكل صحيح معتمدين على نفس ذلك الإيمان و الصدق. آمنوا بشخص معين و منحوه أصواتهم، ثم فاز ذلك الشخص أو لم يفز، هذا ليس ملاكاً، الملاك هو أن يكون للإنسان عقيدته و يخوض ساحة العمل السياسي انطلاقاً من شعوره بالواجب. ثم يُسلِّم الجميع للقانون. الأكثرية الساحقة للشعب - من شباب و نخب و كتل شعبية هائلة - كانت ضمن هذه الفئة و نجحت في هذا الامتحان. و البعض انخدعوا طبعاً.
و كان ثمة امتحان لمسؤولي البلاد. عليهم معرفة قدر هذه النعمة. رئيس جمهوريتنا المحترم المنتخب الذي تولى هذه المسؤولية الكبرى من قبل الجماهير بأصوات عالية و بنصاب منقطع النظير عليه معرفة قدر هذه النعمة و شكرها. و على زملائه أيضاً في الحكومة المستقبلية أن يعرفوا قدر هذه النعمة.. عليهم معرفة قدر الإسلام، و قدر الإيمان، و قدر هذا الضياء الذي أنار قلوب الشعب و أخذ بأيديهم إلى هذه الساحة. تثمين عظمة هذه الثورة يقتضي أن يبذل مسؤولو البلاد كل قدراتهم و جهودهم لخدمة الشعب و التقدم نحو أهداف الثورة.
النقاط التي ذكرها رئيس الجمهورية العزيز المحترم كانت جيدة. ينبغي البرمجة لها و التقدم بها إلى الأمام. إنني أوصي مسؤولي البلاد و الحكومة التي ستتشكل أن تهتم بالبرمجة في العمل. البرمجة ستساعد الجماهير على الوثوق بما يرونه أمامهم و إصدار أحكامهم بشأن تقدم البلاد. الاعتماد على البرامج و الخطط و على القانون، و تعاون السلطات الثلاث مع بعضها من الواجبات الرئيسية و من عناصر الشكر و التقدير. إنها من أجزاء ذلك الشكر العظيم الذي يجب علينا تقديمه. يجب أن نشكر الله تعالى.
الله تعالى يوفر هذه الفرص و يمنحنا هذه النعم الكبيرة. إنه ليس شكر باللسان فقط. الشكر في إطار عمل المسؤولين هو عملهم بواجباتهم و المسؤوليات الملقاة على عواتقهم. و المقتضيات الضرورية لهذه المسؤوليات هي التنسيق بين السلطات الثلاث. على المجلس مساعدة الحكومة، و على الحكومة التعاون مع المجلس، و على السلطة القضائية مساعدة الحكومة و المجلس من موقعها الخاص. لتعاضد السلطات بعضها. الحكومة لكل هذه الأعداد الهائلة التي شاركت في الانتخابات، و رئيس الجمهورية لهم جميعاً. هذا ما ينبغي أخذه بنظر الاعتبار بكل تأكيد أثناء العمل و البرمجة.
طبعاً، ثمة إلى جانب أنصار رئيس الجمهورية المحترم - و له الكثير من المحبين في داخل البلاد و حتى خارج البلاد - فئتان ينبغي الاهتمام بهما، بمعنى أنه يجب أخذ وجودهما بالحسبان. فئة منهما هي فئة المعارضين الغاضبين الجريحين، و لا شك أنهم سيعارضون الحكومة خلال دورة الأعوام الأربعة القادمة. لقد عارضوا و سيواصلون معارضتهم. و لكن ثمة فئة أخرى هي جزء من النظام و ليس لها أية عداوة مع رئيس الجمهورية و النظام، لكنها قد توجّه بعض النقود. ينبغي أخذ هؤلاء الناقدين بنظر الاعتبار و استماع آرائهم و قبول ما يمكن فهمه و قبوله. و أتمنى أن يجري العمل بهذا الشكل و سيجري العمل بهذا الشكل إن شاء الله.
أبناء الشعب كلهم إخوة. من جملة الأعمال التي يجب القيام بها أن البعض تضرروا في هذه الأحداث الأخيرة - أصابتهم أضرار مالية، و أضرار في الأرواح، أو ربما أضرار في سمعتهم - و على مسؤولي البلاد المسارعة لمساعدتهم. يجب حماية المتضررين و يجب تشخيص من ألحقوا هذه الأضرار و مؤاخذتهم، أياً كانوا.
لبلادنا إمكانيات واسعة و لها احتياجات كثيرة و أمامها أهداف طويلة الأمد. إمكاناتنا كبيرة جداً. لدينا إمكانات و خيرات طبيعية و مناجم، و طاقات بشرية هائلة و هي فوق كل شيء. الموهبة البشرية في بلادنا أعلى من الحد المتوسط في العالم. هذه أرصدة كبيرة جداً.
و احتياجاتنا كبيرة أيضاً. لدينا تخلف مزمن. يجب تلافي هذا التخلف على كافة الأصعدة. على الصعيد العلمي، و على الصعيد الصناعي، و على الصعد الاجتماعية، و في المجالات الثقافية. هذه أمور تتطلب العمل و الجد. و الحمد لله، الحكومة و رئيس الجمهورية المحترم من أهل الجد و العمل و الناس أدركوا ذلك و فهموه و شاهدوه و لمسوه. أصوات الناس العالية من أسبابها يقيناً هذا الجد و المثابرة لدى الحكومة التاسعة و رئيس الجمهورية المحترم. ينبغي مواصلة هذه الحالة. يجب ملء هذه الفراغات بتلك الإمكانات. ينبغي إنجاز أعمال كبيرة و باقية و على الجميع المساعدة بهذا الاتجاه. إذا أردنا بلوغ تلك الأهداف فعلى الجميع أن يمدّوا يد المعونة و يتركوا الأذواق المختلفة جانباً. حينما انتخبت الحكومة و نزلت إلى الساحة فعلى الجميع مساعدتها سواء كانوا يوافقونها من حيث الذوق السياسي أم لا. عليهم مساعدتها سواء كانت لهم نقودهم تجاهها أم لم تكن هناك نقود. السلطة التنفيذية و الجهاز التنفيذي للبلاد يتحمل على عاتقه العبء الأكبر. ينبغي مساعدته و على الجميع مد يد العون كي يستطيع إن شاء الله إيصال هذا الحمل إلى منـزله و سيستطيع.
لا شك أن أدعية بقية الله (أرواحنا فداه) - الذي يقام هذا المجلس و هذه المراسم الكبرى عشية ميلاده السعيد و ستكون أدعيته مباركة لهذا الاقتران - ستشمل إن شاء الله مسؤولي البلاد و كل أبناء الشعب، و الأرواح الطاهرة للإمام الخميني و الشهداء الأبرار أيضاً ستدعو في عالم الملكوت للشعب الإيراني إن شاء الله، و نتمنى أن تكون أرواحهم الطيبة راضية مسرورة عنّا جميعاً.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الهوامش
1 - نهج البلاغة، الكتاب رقم 62.
2 - سورة التوبة، الآية 107.