بسم الله الرحمن الرحيم

أهلاً و مرحباً بكم كثيراً أيها الأصدقاء الأعزاء، الإخوة و الأخوات الفنانون المميزون البارزون. يبدو لي أنني لم أجتمع لحد الآن بمثل هذه الجماعة الحسنة التركيبة لاستمع آراءهم و أرى الوجوه المحبوبة التي شاهدت أسماءها أو وجوهها عن طريق التلفاز فقط.
لقد سنحت هذه الفرصة و الحمد لله. لقد إلتقينا الكثير منكم أيها الأصدقاء الأحباب عن قرب و سمعنا آراءكم.. يقول الشاعر: »رأيت بعيني ما كنت سمعته من القصة«. اللقاء بكم أيها الأعزة أمر طيب بالنسبة لي. ثقوا أنه لو كان ثمة وقت لكنت مستعداً تماماً للجلوس عدة ساعات أخرى للاستماع لكلام عدد أكبر منكم، و ربما جميع الذين يريدون التحدث. إنني أستفيد من سماع هذه الكلمات. ثمة أشياء و تصورات في ذهن الإنسان بوسعه تصحيحها، أو أنه قد ينقل نقاطاً يظن أن الآخرين غافلون عنها.
الوقت ضيق و لا يسعني المجال لذكر جميع النقاط التي سجلتها هنا و هي كثيرة جداً، فنهاية وقتنا بطبيعة الحال أذان الظهر، فإذا حان وقت الأذان سأضطر لمفارقتكم. ثمة تقريباً خمس و عشرون دقيقة أو نصف ساعة أذكر فيها ما يجول بخاطري.
السبب في قولي إنني مستعد للسماع منكم هو اعتقادي بأن التلفزيون و الإذاعة و خصوصاً قسم الفنون التمثيلية - قسم المسلسلات و الأفلام - أهم بالنسبة لنا اليوم من أي وقت مضى. إنني لا أنظر على الإطلاق نظرة متهاونة للتلفزيون و لا أمر به مرور الكرام. الفنون التمثيلية مهمة جداً. و أبعاد تأثير هذه الفنون و مشاركتها في صناعة الثقافة واسعة جداً. و نحن اليوم بوصفنا شعباً حياً له ما يقوله و يشعر بهويته و وجوده و له بسبب ذلك أعداء كبار، نواجه أعداءً يستخدمون ضدنا طرائق و أساليب مختلفة و منها الأساليب الفنية و خصوصاً الفنون التمثيلية. و في هذا دلالة على أننا - كمنظومة لها ما تقوله في العالم و لها هدفها - كم علينا الاهتمام بالفنون التمثيلية و الاستثمار المادي و المعنوي فيها. لذلك فإنا أهتم اهتماماً حقيقياً بهذا الموضوع.
للإذاعة و التلفزيون اليوم دور مهم، و كذلك واجب كبير. و أنتم الأصدقاء الأعزاء من بأيديكم أحد أكثر أقسام الإذاعة و التلفزيون حساسية، تتولون ممارسة دور مهم جداً في حاضر بلادكم و مستقبلها. إننا نعتبر الإذاعة و التلفزيون القطب الأهم و الأكبر للهداية الفكرية. حينما قال الإمام الخميني إن الإذاعة و التلفزيون هي جامعة البلاد الكبرى لم يكن يجامل أحداً في مقولته هذه. فهذا هو الواقع و الحقيقة. إنها جامعة كبرى. إننا نروم أن ينهمر من هذه القمة و من هذا الينبوع، زلالُ المعارف الإلهية و الإنسانية و السياسية السليمة، و كذلك دروس الحياة المتنوعة على الناس. هذا هو توقعنا من الإذاعة و التلفزيون. حسناً، انظروا الآن ماذا تريدون أن تفعلوا في هذا المضمار.
طبعاً، هذه الآراء التي ذكرت، كنت أخمِّن أن يشير الأعزاء إليها، أي إنها لم تكن غير متوقعة بالنسبة لي. النقاط التي ذكرتموها أنا أعلم بعضها أو معظمها، و أعطيكم الحق بخصوص عدم توفر الأمن النفسي عند إنتاج العمل الفني، أو الشعور بهموم انعدام الأمن، أو مواجهة النقد، أو على حد تعبير أحد الأصدقاء حتى مواجهة الأجهزة القضائية و الشرطة و ما إلى ذلك. و لكن ثمة هنا مسألة و هي أنكم فنانين و الفنان حساس. أنا و أمثالي من الناس الأشداء لو قُدِّر لهذه المشاعر و الحساسيات التي تجعلكم قلقين هكذا و تبعث فيكم الشكاة و القشعريرة، أن تقصينا نحن أيضاً عن الساحة، لكان الوضع الآن بشكل آخر. حسناً، في حين أني كثيراً ما عاشرت الفنانين بأشكال مختلفة - و معظمهم من فناني حيّز الشعر و الأدب و القصة - منذ شبابي و إلى الآن، و أعلم لطافة أرواحهم و لينها و حساسيتها، كيف لي أن أطلب منكم عدم الالتفات لهذه النقود، و العكف على أعمالكم؟ الناس تتكلم فلتتكلم. باب النقد مفتوح على كل حال. لاحظوا مسلسل »النبي يوسف« مثلاً. تم إنتاج مسلسل لوحظت فيه كافة الضرورات الشرعية و مختلف صنوف الضوابط. و هو سيرة أحد الأنبياء. و أساس العمل قائم على العفاف و ليس الأسس الدارجة في الأفلام العالمية من قبيل الحبّ و الشهوات و ما إلى ذلك. ثم يواجه هذا المسلسل كل هذا الإقبال في العالم الإسلامي، و ربما في أماكن من العالم غير الإسلامي. مع ذلك كتبوا نقداً في إحدى الصحف و سجلوا ملاحظات صريحة على المسلسل و ذكروا أموراً سيئة، و خلقوا مشكلات أخرى. هذه أمور تحصل على كل حال. أريد أن أقول لكم لا تهتموا كثيراً للذين ينتقدون و يتكلمون. لو تقرر أن تلاحظوا هذه الأمور و الهموم و بعضها ربما غير واقعي - أي إن الروح الحساسة اللطيفة للفنان تتصورها، و هي في الحقيقة توهم الهمّ - لارتفعت حقاً إمكانية العمل. إنني اعترف بهذا، لذلك يجب أن لا تطيلوا الوقوف عند هذه الهموم و المقلقات. هذا أحد جوانب القضية.
الجانب الآخر للقضية أنه توجد فعلاً خطوط حمراء يجب مراعاتها. تجاوز بعض الخطوط الحمراء الأخلاقية أحياناً - و لا أروم التشديد على الخطوط الحمراء السياسية، إنما يقلق الإنسان عموماً للأخلاق و الدين و ما شاكل - لا داعي له في الأفلام و المسلسلات. ينظر المرء فيرى مسلسلاً متيناً و حسن المضمون لن يضيره شيء إطلاقاً إذا لم تكن فيه هذه الزائدة. لدينا أمثلة من هذا النوع. بعض علاقات الحبّ بين البنات و البنين التي تصور في الأفلام سيئة و تتضمن تعليماً سلبياً. هذا يختلف عمّا شاهدناه في مسلسل »الإغماء« مثلاً. شخص يحصل في ذهنه و هم أو تصوّر معين ثم يفهم في نهاية المسلسل أن الأمر ليس كذلك. هذا لا إشكال فيه، نعم، الحق في هذا معكم. أما أن تصوروا نمطاً من العلاقة بين المرأة و الرجل كعلاقة حبٍّ مغلوطة - كحالات الحبِّ المثلث أو المربع - في الفيلم، فهذا شيء مضر. هذا شيء لا يمكن معالجته، فلنحاول عدم إدراج مثل هذه الأشياء في الأفلام.
و لنفترض فيلماً له ظاهر النقد و شكله و قناعه الظاهري - فالنقد شيء جيد على كل حال - لكنه ليس عملاً ناقداً في الحقيقة، بل هو ضرب من التململ و التبرم. ثمة فرق أساسي بين النقد و التململ. النقد هو أن تجدوا نقطةً سلبية تعرضونها على أساس نقطة إيجابية تطرح في عملكم التمثيلي أو قصتكم، و تجعلونها مهزومة مقابل هذه النقطة الإيجابية. جوهر العمل التمثيلي هو طبعاً القصة و السيرة. و لديكم في هذه القصة بطل و هدف. هذا البطل يسعى وراء هدف، و يكافح عقبات و موانع معينة. إنكم تصورون تحدياً جاداً و واقعياً و عينياً. ما يقصده هذا البطل هو الوصول إلى ذلك الهدف و مكافحة هذه العقبات. و العقبات هي القبائح و السلبيات. بالتالي ما الذي يريد فعله الفنان الذي يكتب السيناريو أو المخرج الذي يخرج العمل، ما الذي يريد فعله في هذه القصة؟ ماذا يريد أن يجعل نتيجة هذا الكفاح و ثمرته؟ هذا شيء على جانب كبير من الأهمية. إذا كان يجب أن تكون ثمرة هذا الكفاح و التحدي بين الخير و الشر انتصار الخير على الشر فعليكم تصوير حركة الخير و مسيرته في هذا العمل التمثيلي. نعم لا إشكال في تصوير حركة الشر، و لكن ليتضح أن هناك حركة للخير تجري على يد شخصية البطل، فهو يناضل من أجل هذا الخير و يضحي في سبيله، بل و يموت من أجله أحياناً و في سبيل أن يصل إلى ذلك الهدف. بمعنى، صحيح أنكم تعرضون العيوب و السلبيات، و لكن تعرضون أيضاً شيئاً أكبر هو الجهاد و الكفاح ضد هذا القبح. و هذا سيكون نقداً. أنا باعتباري رجل دين و مسؤولاً في نظام الجمهورية الإسلامية أقول لكم: لا إشكال إطلاقاً في مثل هذا النقد، بل هو محبّذ لأنه يسوق المجتمع صوب رفع النواقص و المعايب، و هذا جيد.
و لكن أحياناً لا يكون الأمر من هذا القبيل، بل هو من قبيل التململ و التبرم. يركز المرء على نقطة سلبية و يكررها دوماً. و هل تفارق النقاط السلبية و نقاط الضعف المجتمع؟ و هل تُستأصل منه كلياً؟ إذا رفعتم هذه، كان هناك شيء آخر مكانها. هذا لا يمكن أن يعدّ اتجاهاً للفنان و لا هدفاً، و لا ميزة و لا فخراً أن يواصل الإنسان تململه و تبرمه و تسويده للأجواء و نشره لليأس. حينما تعرضون القبح و لا تعرضون عامل الخير الذي يراد له الانتصار على القبح أو مكافحته، فسوف ينتشر اليأس في المجتمع. حينما يشاهد المتلقي فيلمكم سيقول: طيب، و ما الفائدة؟ بكل ما للأفلام و الأعمال التمثيلية من تأثير عظيم.
أقول: إنتقدوا و لكن النقد بالمعنى الحقيقي للكلمة. أي اعرضوا الصراع و التحدي بين الخير و الشر ليتضح أنه إذا كانت في المجتمع هذه النقطة القبيحة المرفوضة، فهناك إلى جانبها محفزات لرفعها و الانتصار عليها، و هناك تيار و حركة للقضاء عليها. إذا عرضتم الفقر فلا يكون معنى ذلك أن ثمة فقراً في المجتمع و لا توجد إلى جانبه أية محفزات لمكافحة الفقر. إذا كان هذا فسيكون الفيلم بطبيعة الحال باعثاً على اليأس و يصوِّر الأجواء كالحة مظلمة و بخلاف الواقع.
و على المستوى السياسي - مثلما أشار بعض الأعزاء - نمرّ أيها الإخوة و الأخوات بفترة استثنائية. إننا نمرّ بفترة الاجتياز بمنعطف صعب. طبعاً سوف يجتاز شعبنا هذا المنعطف و سيصل إلى برّ الأمن و الأمان و السلامة، لكننا الآن نعيش أجواء المسيرة العظيمة. ألا ترون أن أكبر قوة اقتصادية و عسكرية و سياسية و علمية في العالم تعادينا صراحةً و علانيةً. هذا شيء مهم جداً و له معناه العميق. ما الذي أبداه الشعب يا ترى حتى نزلت القوى المتشدقة - البلدان غير المستعدة إطلاقاً لأخذ غيرها بالحسبان - هكذا بكل صراحة للساحة و راحت تحارب هذا الشعب؟ هم طبعاً يطلقون كلاماً معسولاً جميلاً - يتحدثون عن الديمقراطية و حقوق الإنسان و تعاون الشعوب - و لكن أي يقظ في العالم لا يدري أنهم يكذبون؟ أكاذيبهم مفضوحة واضحة!
نفس الذين حاربوا هذا الشعب لمدة ثلاثين سنة و عارضوه و عاندوه، و نفس هذه الأجهزة التي خرجت المواد الكيمياوية و الأسلحة من معاملها لتصل إلى يد صدام ليقصف بها الجبهات و الطرق و حتى المدن، نفس هؤلاء الذين يؤسسون على الصعيد الثقافي القنوات - و أنتم مطلعون على ذلك أكثر مني و تشاهدونها و تعلمون أنهم يؤسسون القنوات لهدم بناء العائلة و كسر حرمات العفاف و الحجاب و هو تراث إيران منذ آلاف السنين، حيث كان شعبنا و بلدنا عفيفاً نجيباً حتى قبل الإسلام على مستوى الشؤون الشهوانية و الجنسية - نفس هؤلاء ينتجون في المضمار السياسي فيلم »بدون ابنتي أبداً« و فيلم »300« و أفلام أخری يهاجمون فيها سمعة إيران، و تزخر بالأكاذيب و الخبث، نفس هؤلاء يزعمون أنهم لا يعادون إيران، و لا يخاصمون الشعب الإيراني، لكنهم يمارسون العداء ضده ليل نهار. هذه مسألة على جانب كبير من الأهمية. هذا يدل على أن شعبنا يعمل و يجد و يجتهد في ميدان عظيم، و يقف بوجه المطاليب الاستعمارية و الاستكبارية الغاصبة و الناهبة لهذه القوى، و هي أهداف منتشرة و محسوسة في كل العالم. إننا في حال كفاح عام. الشعب يعيش حال كفاح عام. في مثل هذه الظروف، من واجبنا أن نعلم ما الذي نفعله على الصعيد السياسي من حيث التوجه و المناخ السياسي للأفلام.
إذا كنتم بوصفكم مخرجاً، أو ممثلاً، أو كاتب سيناريو، أو عنصراً مؤثراً في إنتاج هذا العمل التمثيلي الدراماتيكي الجذاب الباهر، بوصفكم شخصاً يعمل في هذا الميدان، قد مارستم دور الصمود و معرفة العدو، و عرفتم دوركم و عملتم به، لكنتم أنفسكم أبطال قصة حقيقية. ستصبحون أنتم أنفسكم أبطالاً. كما لدينا في الفن التمثيلي و في القصة بطل و لدينا بطل سلبي. البطل هذا يسعى و يعمل و يجاهد لصالح هدف معين. و إذا كنتم في موضعكم الصحيح و مارستم دوركم لكنتم بدوركم أبطالاً، و عندها سيكون العمل الذي تنتجونه و الدور الذي تمثلونه أكثر روحاً و دفئاً و جاذبية و تأثيراً. هذا ما نتوقعه من المجتمع الفني في بلادنا. و منكم خصوصاً باعتباركم تتعاونون مع الإذاعة و التلفزيون.
إنني أعرف قدر الأعمال التمثيلية. إنني أعرف قيمة هذه الأعمال. أدري كم هناك خلف كل دقيقة بل كل ثانية من هذه الأفلام أو المسلسلات التي تنتجونها، كم هناك من التفكير و الإبداع و الابتكار و الفن و الجهد و السعي، و أحياناً السهر الطويل. طبعاً الكثير من مشاهدي هذه الأفلام لا يعلمون ذلك، فهم يشاهدون فيلماً - من ساعة أو ساعات - أو يعرض عليهم مسلسل، و لكن ثمة وراء هذه الساعة أو الساعات عالماً هائلاً من العمل، ابتداءً من العثور على الفكرة، حتى كتابة السيناريو، إلى اختيار المخرج و إيكال العمل إليه، إلى عناصر الإنتاج، إلى المكياج، و الديكور، و الأزياء، و التصوير، و المونتاج - تلك المرحلة الأخيرة - و العرض. كم من العناصر الفنية تعمل هنا، و كم من الأيدي الفنانة تجدّ و تجتهد هنا، و كم من الأذهان المبدعة تنشط.. هذا ما يعلمه الإنسان، و الحق أن من واجبنا تقديم الشكر و التقدير لكل هذه الجهود. الشكاة و العتاب الذي يطرحه بعض الأحباء أرى أنه حق و في محله، و لكن يجب في الوقت ذاته أخذ النقاط التي ذكرتها أيضاً بنظر الاعتبار.
طبعاً، كنت قد سجلت نقاطاً كثيرة هنا - ربما بمقدار كراس - لأذكرها لكم أيها الأصدقاء، و في خاتمتها سجلت 14 توصية تتوزع على مجالات مختلفة، لكنه حان وقت الأذان، و لا أستطيع مواصلة الحديث أكثر. و يجب أن نذكر هذه التوصيات للسيد ضرغامي. ينبغي تقديم الشكر حقاً له و لباقي مدراء أقسام الإذاعة و التلفزيون، خصوصاً قسم الفنون التمثيلية. لولا دور المدراء و نشاطهم فلا مراء أن مهمات الفنانين كانت ستزداد صعوبة. إننا نتقدم بالشكر و التقدير لكم جميعاً، و لكن نقول إن أمامنا الكثير من مجالات العمل و إمكاناته و فرصه. ثلاثة و ثلاثون ألف ساعة من الأعمال التمثيلية في السنة كما ذكر هو في الإحصاءات، في حين أن أكثر من ستين بالمائة من هذا المقدار في مضمار المسلسلات من إنتاج الداخل، و في مضمار الأفلام قالوا إن أربعين بالمائة من ذلك المقدار من إنتاج الداخل، هذه أرقام عالية جداً، و هي دليل وجود إمكانيات عجيبة في البلاد. الكثير من بلدان العالم لا تمتلك هذه الإمكانيات و الفرص، يمتلكها فقط عدد قليل من بلدان العالم المعروفة. و الواقع أن عدداً قليلاً من البلدان تدير البث لسائر البلدان. و هي على الأغلب أمريكا و هوليوود. و نحن نمتلك كل هذه الإمكانيات و كل هذه الطاقات البشرية، كل هذه الإمكانيات الصلائدية و من ثم الإمكانيات البرمجية و الرقائقية الهائلة، و هذا التاريخ الملئ بالأحداث.. إذن، نمتلك إمكانية و فرصاً هائلة للعمل.
لقد تحملتم عناءً كبيراً، و الحق أن نتائج جهودكم كانت آثاراً و أعمالاً جيدة. و لكن ما بين ما تمَّ إنجازه و ما يمكن إنجازه حسب هذه الفرص الهائلة، لا تزال المسافة كبيرة جداً. ما أتوقعه كبير جداً. إنني أحمل توقعات كبيرة جداً في هذه المجالات، و ليس في مقام التحدث إليكم، بل حينما أتحدث مع الكثير من المسؤولين. و أعتقد أن هذه التوقعات الكبيرة منطقية، و هي ليست بحال من الأحوال توقعاتٍ غير منطقية. مجرد أنكم تعملون بهذا المقدار الكبير فهذا دليل على أن ما نتوقعه ليس خيالاً و لا أوهاماً بل هو شيء ممكن عملياً. حينما لم تكن تتوفر لدينا كل هذه الإمكانات كان كل هذا العمل و كل هذه الآثار الفنية و كل هذه الأعمال التمثيلية الممتازة و البارزة، و هذا العدد الكبير من الفنانين القديرين حقاً. بعض فنانينا هم من الطراز الأول حقاً. لديهم قدرات و إمكانيات في جميع المجالات، و ينفعون في كل مكان. و إخراج بعض الأعمال ممتاز و لافت. لست من الخبراء في هذه المجالات و لا أستطيع إبداء رأيي كخبير، و لكن حين ينظر الإنسان كمشاهد يدرك آثار الفن و يشعر أن العمل عمل فني مميز. إذن، يمكن العمل كثيراً، و عليكم أن تعملوا بجد و غزارة إن شاء الله.
فيما يتصل بالأفلام التاريخية فإن الشيء الذي شغل بالي دائماً و قد ذكرّت به في بعض الأحيان، هو أن تجعلوا لغة هذه الأفلام لغة أكثر وضوحاً و تواصلاً مع الجمهور... ينظر المرء في الأفلام التاريخية فيجد أن لغة الفيلم و لغة الحوارات لغة تحريرية قديمة لكنها غير صحيحة. حينما ينظر من هو من المهتمين بهذا المجال يرى أن كاتب السيناريو أراد استخدام لغة تشبه لغة سعدي الشيرازي أو البيهقي أو ما شاكل، لكنه لم يستطع، و ظهرت النتيجة شيئاً مغلوطاً غير مفهوم و غير مستساغ لدى المستمع، و غير مقبول لدى أصحاب الاختصاص و الإطلاع. يتأمل المرء فيجد أن اللغة المستخدمة غير صحيحة، فما الضرورة لذلك؟ يقولون إننا نريد بهذه اللغة التعبير عن المناخ التاريخي القديم، لا، لا حاجة و لا ضرورة لذلك أبداً. يمكن التعبير عن المناخ التاريخي القديم بأشكال و طرائق أخرى. لا إشكال إطلاقاً في أن تقيموا حواراً طرفه الخواجة نظام الملك أو الشخصية التاريخية الفلانية أو الشاه عباس الصفوي بهذه اللغة العصرية الدارجة بيننا و المستخدمة في جميع الأفلام. هذا شيء لا يضرّ بالفيلم مطلقاً، بل العكس هو الذي يضرّ بالأفلام.
هناك ملاحظات من هذا القبيل. طبعاً كلامنا في هذه المجالات أغلبه مع السيد ضرغامي. فنحن لا نصل إليكم، لكننا نستطيع الوصول للسيد ضرغامي! عليه أن يبذل الكثير من الجهد، و كما ذكرتُ في حكمي له ينبغي مشاهدة ارتفاع مستوى العمل في الإذاعة و التلفزيون، و خصوصاً في قسم الأعمال الدراماتيكية و الفنون التمثيلية ينبغي بذل جهود كبيرة و العمل بجد و اجتهاد لتستطيعوا إن شاء الله الظفر في تنافسكم مع منافسيكم غير المنصفين.
لم نذكر النقاط و التوصيات التي سجلناها، و سوف نقرر لقاءً آخر إن شاء الله. وفقكم الله جميعاً.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته