بسم الله الرحمن الرحيم

أهلاً و مرحباً بكم أيها الإخوة و الأخوات الأعزاء. نرجو من الله تعالى أن يمنَّ بلطفه و فضله و ببركة الأرواح الطيبة للشهداء الأبرار في عاشوراء الحسين، و بعزة و بكرامة أسرى أهل بيت الرسول في الملأ الأعلى، و يوصل أخباراً سارّة عن جميع الأسرى و المفقودين و الشباب الأعزاء الذين لا نمتلك نحن و لا عوائلهم خبراً عنهم.
المصائب طبعاً كثيرة في ثنايا هذه الحياة الشريفة. ساحة عاشوراء الحسين نفسها ساحة لأنواع المصائب. إنه لعجيب حقاً كيف جعل الله تعالى ساحة عاشوراء مجموعة من المصائب الكبرى، حيث استطاع أناس عظام و على رأسهم سيدنا أبو عبد الله الحسين (عليه الصلاة و السلام) أن يتحملوا هذه المصائب الجليلة بكرامة و رفعة و صبر و شكر. هذان الجانبان من القضية منقطعا النظير في تاريخ البشرية. تلك المصائب بتلك الشدة و التنوع التي اجتمعت كلها في يوم واحد من الصباح إلى العصر، شيء منقطع النظير في العالم، و أيضاً الصبر الذي أُبدي حيال هذه المصائب منقطع النظير في التاريخ.
تلك الشهادات، و تلك المظلوميات، و ذلك الشعور بالغربة، و ذلك العطش، و ضغوط الآلام التي تنزل بشخص بسبب قلقه على عائلته، و القلق من المستقبل، و من ثمّ فقدان أعز الأعزاء في عالم الوجود - أي الحسين بن علي عليه السلام - و عائلته و أبنائه و أصحابه، و من ثم الوقوع في الأسر. و ليس الوقوع في أسر أناس شرفاء. فالوقوع في أسر إنسان شريف مما يمكن أن يطاق. لكن أولئك الناس لم يكونوا شرفاء، و لم يكونوا بشراً، بل كانوا شياطين. لقد تحملت عائلة الإمام الحسين (ع) مثل هذا الأسر بعد كل تلك المصائب التي نزلت بهم من صباح عاشوراء إلى عصره. من هو الذي تحمل تلك المصائب؟ الإمام السجاد - مقام الإمامة - وزينب الكبرى - تالي تلو مقام الإمامة - و من ثمّ النساء و الأطفال الذين ليس لهم حسب الظاهر مراتب معنوية سامقة كالإمامة و الولاية.. لكنهم تحملوا و صبروا. هذا هو السرّ الكبير الذي خلّد واقعة عاشوراء.
أية جماعة من الناس تتحمل المصائب بترفع و صبر و شموخ في سبيل هدف كبير و مقدس و سامق، و ليس هدفاً فارغاً، فسوف يحظون بجزء من تلك القيم. ذلك أننا نقيم وزناً و قيمة لعوائل الشهداء و الأسرى أنفسهم الذين في أيدي العدو. ليس اعتباطاً أن يقيم الشعب و التاريخ قيمة لمجموعة من الناس. لو لم يكن ثمة صبر لما انبثقت هذه القيمة. طبعاً، لحظات الأسر لحظات صعبة حقاً. و خصوصاً الأسر في أيدي هؤلاء الأعداء الذين قال أسرانا الأحرار الأعزاء حين عادوا كيف كانوا يتعاملون مع أسراهم. لا كما تعاملنا نحن مع الأسرى الأجانب، إنما تعاملوا بطريقة أخرى، و للحق و الإنصاف إنهم لم يتعاملوا بطريقة إنسانية.
كل لحظة من لحظات أعمار الأسرى الذين لا يزالون في أيدي الأعداء - و نحن طبعاً لا نمتلك إحصائيات دقيقة عنهم، لكننا نعلم إجمالاً أنهم مجموعة من هذا القبيل - و لياليهم و نهاراتهم لها قيمتها عند الله تعالى، و هم تماماً كالشهداء الذين قلنا عنهم إنهم يأتون بالدرجة الولى من حيث الثواب، و تأتي بعدهم عوائلهم، و الأسرى أيضاً على هذه الشاكلة، أي إن الأسرى الذين تحملوا كل تلك الآلام يأتون في المرتبة الأولى من حيث الأجر و الثواب، و يأتي من بعدهم أنتم عوائل الأسرى الذين تحظون أيضاً بأجر عظيم جداً.
إنني أعلم ماذا تتجرع العائلة التي لها ابن مفقود لا تعلم مصيره. إنها أزمنة و أطوار عصيبة جداً على الأمهات و الآباء و الزوجات و الأبناء و العوائل.. إنها ساعات و ليال و أيام صعبة. لكن أجرها عظيم بنفس المقدار. أنا طبعاً أشعر بالشفقة حتى على أسرى العدو الذين عندنا. أدعو حتى لهم عسى أن يوفر الله أسباب تحررهم. لكنهم في الحقيقة ليسوا أسرانا بل أسرى الحكومة البعثية، لأنه لو أجابت الحكومة البعثية إجابات مقبولة حول أسرانا و مفقودينا، لم يبق داعٍ للاحتفاظ بهم هنا. كنا سنطلقهم أيضاً ليعودوا إلى بيوتهم و حيواتهم.
إنهم لا يجيبون عن مصير أسرانا و مفقودينا. لقد راجعناهم مراراً و تكراراً - ربما أكثر من مائة مرة - و لم نحصل على إجابات صحيحة. و للأسف يبدو أن الأوساط الدولية كالصليب الأحمر و الآخرين لا يمارسون مسؤولياتهم الحقيقية في هذه القضية للأسف. قلنا إنكم إذا تقولون إن أعزاءنا هؤلاء قد فارقوا الحياة فدلونا على أماكن دفنهم لنعلم هذا على الأقل. لكنهم لم يفعلوا حتى هذا. في مثل هذه الظروف كيف نستطيع إطلاق الأسير العراقي الذي عندنا؟ و بماذا نجيب الناس؟ إذا لم يكن هؤلاء عندنا هنا مقابل الذين أسروا منّا عند العدو، فبأي أمل سنستطيع استعادة أعزاءنا منهم؟ إذا افترضنا أن بعضهم قد فارق الحياة كيف نستطيع استعادة أجسادهم الطاهرة و آثارهم و بقاياهم؟ نحن مضطرون للاحتفاظ بهؤلاء هنا، و إلاّ لا نرغب من الناحية الإنسانية بالإبقاء عليهم هنا على الإطلاق.
مع أنهم أعداؤنا، و قد أطلقوا في ساحة الحرب حتى آخر رصاصة عندهم، ثم وقعوا في الأسر، إلاّ أن تصرفنا معهم تصرف إنساني. هكذا أمرنا الإسلام. تعاملنا معهم ليس تعاملاً عنيفاً، بل تعامل مناسب. و لا نرغب أن يبقوا أسرى عندنا. نرغب أن يطلق سراحهم و يذهبوا. من حيث الترتيب المنطقي هم في الواقع ليسوا أسرانا، بل أسرى حكومتهم. قبل سنوات تجمع عدد من هؤلاء الأسرى و ذهبت فتحدثت معهم. و قلت لهم هناك إنكم في الحقيقة أسرى رؤسائكم. هم الذين لا يجيبون شعب إيران، و تكون النتيجة أن تبقوا أنتم هنا.
على كل حال، إنه امتحان كبير لكم. و اعلموا يا أعزائي أن لكل واحدة من هذه المصائب الإلهية التي تنزل بالإنسان أجرها العظيم. ليست المسألة ذات جانب واحد. ينال الإنسان ثوابه من الله تعالى نظير المحن و الصعاب، و ما من أحد يغبن في النظام الإلهي. الشخص الذين استشهد ابنه لا يتساوى مع الشخص الذي يعيش ابنه معه في البيت. الشخص الذي فقد سلامته أو سلامة أحد أحبائه في سبيل الله لا يتساوى مع من لم يفقد هذه السلامة. و الشخص الذي فارق عزيزه و لا خبر عنده عنه لا يتساوى مع الآخرين. عموماً للمساعي و الأعمال التي يقوم بها الإنسان أو المجتمع أجرها عند الله. (و هم فيها لا يبخسون)(1). لا يغبن أحد و لا يبخس في النظام الإلهي. اعلموا هذا. إنه امتحان إلهي و نتمنى أن يمدّ الله تعالى يد عونه. و السادة المسؤولون في قسم الأسرى يبذلون و الحق يقال جهوداً و مساعي حثيثة. نحن نرى و نشهد أن الحكومة و مسؤوليها أيضاً يبذلون جهوداً كبيرة. نحن نرى ماذا يفعلون. بيد أن الطرف المقابل ليس كذلك. نتمنى أن يجعل الله تعالى النتيجة طيبة بفعل استقامتكم و صبركم و المسؤولين.
أذكر هنا قضايا أساسية تهمّ شعبنا: قضية الانتخابات اليوم تعدّ حقاً ساحة للامتحان الإلهي. لاحظوا كيف تعرض الامتحانات الإلهية للجميع! و هل يمكن أن لا يتعرض الإنسان في حياته لامتحان إلهي؟ المهم هو أن يستطيع المرء الخروج من الامتحان الإلهي مرفوع الرأس. أذكر لشعب إيران عدة نقاط حول الانتخابات التي ستقام يوم الجمعة بالسلامة، ليتنبهوا لهذه النقاط.
النقطة الأولى هي أن ما يجري اليوم على مستوى البلاد فيما يتصل بالانتخابات هو الشي اللازم و الضروري و المحبّذ لشعب إيران و لمصير هذا البلد. هياج الانتخابات يعمُّ الأجواء كلها و الجميع يشعرون أنهم مساهمون مشاركون في هذا الأمر الكبير. و الشعب يشعر أن مستقبل الشؤون التنفيذية للبلاد في يديه، لأنه سيبعث شخصاً كي يتولى رئاسة السلطة التنفيذية. مستقبل بناء البلد، و إدارته، و علاقاته، و ثقافته، و اقتصاده، و قضاياه الاجتماعية، و قضاياه الإنسانية، تنبع كلها من هنا. ثمة دورة أخرى تعقب الدورات الماضية التي حالفها التوفيق و النجاح و الحمد لله. يشعر الناس أنهم مساهمون في هذه القضايا، و هذا بالضبط ما نريده من الله تعالى، و ما لا يرغب فيه العدو، و يتألم منه في قرارة نفسه، و يريد أن لا تكون الأمور على هذه الشاكلة. يريد العدو أن لا تحظى الانتخابات في إيران بإقبال عام. لكن ما تشهده الساحة اليوم هو عكس ما يريده الأعداء. الكل بانتظار يوم الجمعة. الكل بانتظار أن يستطيعوا التصويت للشخص الذي يرغبون فيه و يعتبرونه الأصلح حسب تشخيصهم. هذا شيء جيد و مميّز جداً.
إنني أطلب من الشعب الإيراني كله - بالتوكل على الله و عقد الآمال عليه - الحفاظ على هذا الشعور بالمسؤولية إلى حين التوجه نحو صناديق الاقتراع و الإدلاء بأصواتهم. سيشارك في هذا الامتحان الإلهي عدد كبير من الناس إن شاء الله، و يوفون بعهدهم للبلاد و الثورة، و يمارسون دورهم في مستقبل البلد. هذا هو ما يجرح العدو بشدة. الواقع أن توجّه الناس بأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع و تجمع عدد كبير من الأصوات للمرشحين يبث اليأس في نفوس الأعداء. إن اجتماع عدد كبير من الأصوات مهم في أساس الانتخابات. هذه في الواقع أصوات لاستقلال البلاد، و اتباع النظام، و مواكبة القيادة. الجماهير بفعلها هذا تبث اليأس في نفوس الأعداء، و توجه صفعة لهم في الحقيقة.
النقطة الثانية هي أن تحاولوا ممارسة هذه الخطوة الجميلة و هذه العملية الجماهيرية الضخمة - و هي بحق تجربة شعبية و وطنية و إسلامية كبيرة - بالنزاهة و النظافة و الطهر المحبّذ في الإسلام. بالطبع، هكذا هو شعبنا العزيز على العموم و في أغلبيته. حاولوا أن لا تحصل حالات كدر و شجار. السباق الانتخابي إلى جانب كونه من أكثر مهام الشعب جداً و أهمية، و ليس فيه أي هزل أو لعب، بل هو أمر على جانب كبير من الجدّ، لكنه يشبه السباقات الرياضية. في السباقات الرياضية يبذل الجميع مساعيهم، لكن أصحاب الأخلاق و الفهم لا يمزجون هذه المساعي بالأعمال القبيحة غير اللائقة.
أنا طبعاً أقصد أبناء شعبنا، و إلاّ توجد بعض الشعوب الأخرى - كالبريطانيين مثلاً - يحوّلون مسابقات كرة القدم إلى مذبحة! لا شأن لنا بأولئك. شعبنا صاحب أخلاق و معنويات و عاطفة. لا تدعوا أجواء الانتخابات تصبح أجواء كدر و شجار. ليمارس كل واحد من المرشحين و أنصاره الدعاية لأنفسهم، و لكن لا ينالوا من أصدقائهم و أبناء وطنهم و إخوتهم الذين يدعمون مرشحاً آخر، و لا يجرحوهم و لا يؤذوهم. دققوا في هذه النقطة فهي مهمة جداً.
طبعاً، تطلق هنا و هناك بعض الكلمات بخلاف المتوقع. و ليتنبّه الجميع هنا إلى أن بعض هذه الممارسات ليست من فعل الأصدقاء بل هي من فعل الأعداء. إطلاق قافلة فرح في عصر يوم عاشوراء ليس من فعل الجماهير الثورية المسلمة، بل هو من فعل العدو. و لنفترض أنهم رفعوا صور أحد المرشحين، هذه حيلتهم، يجب عدم اتهام أحد المرشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية أنك كنت تعلم بهم و هم أنصارك. كلا، أية مناصرة يجترحها هؤلاء لأهل الدين و المعنويات؟ لا علاقة لذا بذاك. ربما كان نفس أولئك المخدوعين الذين ركبوا الباصات في الشوارع و أوجدوا تلك المناظر القبيحة لا يعلمون ما هي القضية، فهناك يد تحركهم لأجل تخريب الأجواء و تشويهها، و لأجل إزعاج الناس، و لكي تبدو الانتخابات في أعين المتدينين عملية غير مناسبة، و لتسقيط الوجوه في أنظار الشعب. طبعاً على المسؤولين أن يبحثوا و يجدوا تلك اليد الخفية. إنني أوصي المسؤولين توصية أكيدة و أطلب منهم أن يبحثوا و يجدوا الأيدي الخفية التي ارتكبت هذه الممارسات القبيحة. ينبغي عدم التجاوز عنهم. ليس الكلام عنهم. الكلام عن حالات الغفلة التي قد تصدر أحياناً عن الأصدقاء لا سمح الله. يتهمون البعض و يوجهون الإهانات للبعض. هذا ليس بالفعل الصحيح. طبعاً، لا إشكال في الدعاية المنطقية و المعقول و المدعومة بالأدلة و البراهين. و لكن ينبغي عدم تكدير الأجواء و تخريبها.
النقطة الثالثة هي أن العدو بمقدار ما هو منزعج من تكاثف الأصوات في يوم الانتخابات، فهو في صدد أن يحول حلاوة الانتخابات مرارة في مذاق الشعب الإيراني فيما لو اجتاز هذا الشعب تجربته الانتخابية بنجاح. لقد نظروا و خططوا لهذه المسألة منذ فترة. طرحوا شائعات التلاعب بالأصوات و كون الانتخابات صورية، و اختلقوا النوادر و الاستهزاء و أشاعوها بين الناس، و قد كرّر البعض ما اختلقوه عن غير وعي. و يجب علي القول إن إشاعة التلاعب في الانتخابات مصدرها العدو. الإذاعات الأجنبية حملت الكلمات المخلصة لرئيس الجمهورية المحترم على محامل غير مناسبة و غير لائقة. و حتى بعض المحللين و الأصدقاء اعترتهم الغفلة و حملوا القضية على أشياء سوف تحصل و تساءلوا ما الذي سيحصل! ما هذا الكلام؟!
أفيمكن في انتخابات تقام في الجمهورية الإسلامية أن يعطي أحد لنفسه الحق أو يتجرأ على التلاعب بأصوات الناس؟ أولاً، مجلس صيانة الدستور مؤسسة عادلة و تراقب و تشرف على الانتخابات و لا تدع أي مجال للتلاعب. ثانياً جاءني وزير الداخلية المحترم و قال كن مطمئناً أننا لن نسمح بتغيير حتى صوت واحد. هؤلاء مسلمون و ثوريون و متدينون و موضع ثقة و قد أحرزوا الثقة من مجلس الشورى الإسلامي. و على فرض حصول مخالفة صغيرة في مكان ما، فإن هذا لن يؤثر إطلاقاً على نتيجة الانتخابات. و أنا نفسي أراقب و أدقق و لن أسمح بأن يعطي أحد لنفسه الحق بالتلاعب في الانتخابات و هو فعل خلاف الشرع و خلاف الأخلاق السياسية و الاجتماعية. مثل هذا الشيء لن يحصل إطلاقاً. توّهم البعض أن ماذا سيحصل؟! و قد استفسرت أنا خصوصاً من رئيس الجمهورية و قلت ربما كان لديه خبر ما، لكنه قال: لا. إنني أوصي المسؤولين و العاملين في كل الانتخابات أن لا تصدر منهم مخالفة. ليس ثمة مشكلة معينة. البعض أثاروا الضجيج و أثارت الإذاعات الأجنبية الضجيج أيضاً. كلا، سوف تقام الانتخابات بمنتهى الإتقان و الدقة. المسؤولون العاملون موضع ثقة، و أنا نفسي لن أسمح بأن تتعرض الانتخابات إلى أدنى مشكلة.
النقطة الرابعة هي أن ينتبه الشعب الإيراني كله و المرشحون المحترمون أنفسهم أن أي واحد من هؤلاء الأشخاص الأربعة إذا حاز بمشيئة الله و بالسلامة على أكثرية الأصوات - سواء في المرحلة الأولى أو في المرحلة الثانية من الانتخابات - سيكون رئيس الجمهورية القانوني. طبعاً على الشعب أن يسعى سعيه و يبذل جهده و يبحث عن الأصلح. لقد قلت مراراً إن القضية هنا قضية الدين و الله و أداء الواجب. كما أن أصل الانتخابات واجب إلهي فإن انتخاب الأصلح واجب إلهي أيضاً. و سبق أن قلنا حتى لو كان الاختلاف بين الصالح و الأصلح ضئيلاً فإنه في هذه القضية كثير. عليكم أن تبحثوا و تجدوا الحجة بينكم و بين الله. بمعنى ينبغي أن تسيروا في طريق لو سألكم الله تعالى معه لماذا انتخبتم هذا الفرد تستطيعون أن تقولوا: لهذا السبب. لتكن لديكم الحجة و السبب بينكم و بين الله، ثم توجهوا للإدلاء بأصواتكم ببال مطمئن. على الناس أن يفعلوا هذا، و نحن بدورنا نطلب من الله و ندعوه و نأمل منه أن يوجِّه قلوب الناس نحو المرشح الأصلح، الذي تكون صلاحيته و أهليته أكثر حقاً. مجلس صيانة الدستور اعتبر هؤلاء السادة الأربعة صالحين. و لا شك أنهم ليسوا في درجة واحدة من الصلاحية، بعضهم صالحون، و بعضهم أصلح. ابحثوا و شخصوا الأصلح و امنحوه أصواتكم.
كل من يذهب و يدلي بصوته سواء كان رأيه صائباً أي إنه منح صوته للأصلح، أو إذا أخطأ و منح صوته لغير الأصلح، فمجرد أنه توجه إلى صناديق الاقتراع نتيجة شعوره بالواجب و أدلى بصوته، فإن هذه المشاركة مأجورة و مثابة عند الله تعالى، و دليل علی أنه شخص مخلص للنظام و القيادة. المهم هو هذا الشعور بالواجب. على جميع أبناء الشعب الشعور بالواجب.
و ثمة حسّ و الحمد لله و كما سبق أن قلت بأن الجماهير نزلت إلى الساحة بكل هياج و اندفاع، فحافظوا على هذا الهياج إلى يوم الانتخابات بل إلى لحظة الإدلاء بأصوات، بل و زيدوه و ضاعفوه. اذهبوا و اسعوا و حققوا في الأمر و شخصوا الأصلح، و امنحوا أصواتكم للشخص الذي تتصورون أنه أصلح و قد تمّت الحجة له بينكم و بين الله، و كونوا واثقين من أنكم أديتم تكليفكم. هذا هو ما ينبغي على الجميع التنبه له. و كل من تكون نتيجة فرز الأصوات لصالحه فسوف يمدّ الله تعالى يد عونه، و سوف نساعده نحن أيضاً ليستطيع النهوض بواجباته.
أسس النظام الإسلامي أسس واضحة محددة. أعتقد أن من نجاحات هذه الدورة من الانتخابات على صعيد الدعاية لرئاسة الجمهورية هو أن هؤلاء المرشحين الأربعة المحترمين ذكروا الأسس القيمية للثورة بصراحة. هذا شيء إيجابي جداً. جرى التكرار و التأكيد و اتضح ماذا يريد الشعب، و ما هو الشيء الذي ترغب فيه الأمة. طبعاً، أي واحد من هؤلاء السادة سيتقبل المسؤولية ينبغي أن يتحمل مسؤولية الكلام الذي قاله. إننا لن ندع الأمر علی عواهنه. عليهم أن ينفذوا ما وعدوا الناس به. و سوف يطالبهم الناس و سوف نطالبهم نحن أيضاً بالنيابة عن الناس. سوف يمنّ الله تعالى بتوفيقه إن شاء الله ليستطيع الفائز أداء دينه و الوفاء بعهده.
الحالة التي أمامنا هي تجربة و امتحان كبير و ساحة طيبة محببة. احذروا من أن يقلب العدو هذه الساحة الحلوة الطيبة إلى شيء مرير مؤسف. احذروا من أن يستطيع عملاء العدو الإخلال و التخريب، حتى يمكن لهذه الظاهرة الحسنة الإيجابية في نظام الجمهورية الإسلامية - ظاهرة تدخل جماهير الشعب و مشاركتهم في شؤونهم - أن تحقق نتائج جيدة كما حققتها في المرات السابقة.
ربنا بمحد و آل محمد تفضل أنت بالهداية على هذا الشعب لما فيه صلاح هذا الشعب، و أرضِ عنّا القلب المقدس لسيدنا الإمام المهدي المنتظر.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الهوامش:
1 - سورة هود، الآية 15.