بسم الله الرحمن الرحيم
مناسبة ‌الثالث عشر من آبان هي لخيرة شباب بلادنا قبل غيرهم، أي للطلبة الجامعيين و طلاب المدارس. و هذا الاجتماع الذي هو نموذج للتجمع العظيم لشباب البلاد من كافة أنحاء هذا الوطن الإلهي هو اجتماع زاخر بالمعرفة و البصيرة و الحماس و الشوق لمطامح الثورة الكبرى و أهدافها. و هي بالنسبة لي أيضاً من أطيب الفرص أن ألتقي بكم أيها الشباب الأعزاء و يا أبنائي الأحبة و أطرح هنا بعض الكلمات التي يجب أن تطرح بيننا.
المناسبات التاريخية لها في الغالب حكم الرمز و العلامة. يوم الثالث عشر من آبان لا يختلف بحد ذاته عن الأيام التي سبقته و الأيام التي تليه، لكنه رمز. ما معنى الرمز؟ الرمز هو ما يحمل وراءه و في داخله معان كثيرة. يتلفظ الإنسان بكلمة و تكون لها معان و حقائق عديدة كامنة فيها. و الثالث عشر من آبان من هذا القبيل. هذا اليوم رمز، و له خلفية و امتداد واسع من الأفكار المهمة، و القضايا الخطيرة، و المسائل التي لا تعدّ تاريخية بحال من الأحوال إنما تعدّ مسائلنا اليوم أيضاً.. لنلق نظرة على مناسبات هذا اليوم.
المناسبة الأولى في هذا اليوم هي أنهم نفوا إمامنا الجليل في مثل هذا اليوم من سنة 1343 . لماذا نفوه؟ لأنه ألقى قبل أيام من ذلك التاريخ كلمة حماسية في قم انتشرت فوراً في كل أنحاء البلاد عن طريق أشرطة الكاسيت و الكتابة، و قد طالب فيها بحق من الحقوق الوطنية. و كان هذا الحق الوطني الذي طالب به هو إلغاء قانون الحصانة القضائية الظالم. من المناسب أن يطلع جيل الشباب على هذه الأمور بوضوح، و يعلم أية منعطفات مررنا بها إلى وصلنا إلى هنا.
كان للأمريكان عشرات الآلآف من المأمورين في إيران - و ليس عددهم الدقيق بالأمر المهم، خمسون ألفاً أو ستون ألفاً أو أكثر - كان هؤلاء مأمورين سياسيين و أمنيين و عسكريين في داخل المنظومة الإدارية لإيران سواء في الجيش أو المنظمات الاستخبارية أو قطاعات التخطيط و البرمجة أو القطاعات الأخرى، كانوا هناك يتقاضون أجوراً مضاعفة من الحكومة الإيرانية، لكنهم يعملون لأمريكا. كانت هذه حالة سيئة موجودة في بلادنا. النظام الطاغوتي البهلوي بسبب تبعيته لأمريكا و عمالته لها جاء بهؤلاء تدريجياً إلى داخل البلاد و على مدى عدة سنوات. كان الأمر سيئاً إلى هنا. لكن ما حصل كان سوءاً مضاعفاً أضعافاً. و السوء المضاعف هو أنهم صادقوا في مجلس الشورى الوطني و مجلس الأعيان في ذلك الحين على قانون يقضي بإعفاء المأمورين الأمريكان من محاكم إيران و سلطتها القضائية و الأمنية. بمعنى لو افترضنا أن أحد هؤلاء المأمورين ارتكب جريمة كبرى في إيران فلن يكون من حق محاكمنا أن تستدعيه و تحاكمه و تدينه. كان اسم هذا القانون الكابيتولاسيون (الحصانة ‌القضائية). كان هذا منتهى ضعف الشعب و تبعيته للأجانب أن يأتي الأجانب إلى بلده و يفعلوا كل ما يشاءون، و لا يكون من حق محاكم البلاد و شرطتها أن يمسوهم بأي شيء. طلب الأمريكان هذا الشيء من النظام الطاغوتي و قدمه لهم النظام الطاغوتي على طبق من ذهب: قانون الحصانة‌ القضائية.
هم طبعاً كانوا يفعلون أفعالهم هذه بدون ضجيج، و لا يسمحون بانعكاسها في الصحافة، لكن الإمام اطلع على الأمر. هتف الإمام في خطابه قبل الثالث عشر من آبان في اجتماع طلبة العلوم الدينية و الناس في قم معترضاً على هذا القانون. و كان تعبيره أنه لو أهان مأمور أمريكي بسيط في هذا البلد مرجع تقليد، أو دهسه بسيارته، أو ارتكب أية جريمة، فإن قوانين إيران ستكون عاطلة تماماً إزاء هذا المأمور، و ليس من حق أي شخص التعرض له بشيء، فالأمريكان أنفسهم يعرفون ماذا يجب أن يفعلوا له. و واضح ما الذي سيفعلوه. هتف الإمام مقابل هذا القانون الظالم و كان قد خرج من السجن لتوّه. كان قد خرج قبل أشهر من سجنه الذي طال عدة أشهر. وقف الإمام و أسمع الجميع هتاف الشعب الإيراني المكبوت. و بالطبع فإن الكثير من أبناء الشعب الإيراني لم يكونوا على علم بالموضوع و بأن الشعب الإيراني يهان بهذه الطريقة، لكن الإمام كان على اطلاع.. و هكذا هو الراصد الحقيقي لمصالح البلد، حينما يطلع ما البلاء الذي ينزل بالشعب و كيف يهينونه و يسحقون شرفه فسوف لن يسكت بل يهتف بأعلى صوته. و كان مثل هذا الهتاف خطراً في ذلك الحين، لذلك ألقوا القبض على الإمام فوراً، و جاءوا به إلى طهران. و لم يبقوه في إيران بل نفوه إلى تركيا. هذا هو الحدث الأول.
إذن، أصبح الثالث عشر من آبان هنا رمزاً لحقيقتين كبريين و حساستين و خطيرتين: الأولى طمع الأمريكان. فلو لم يدافع الشعب عن حقه و شرفه فإن الاستبداد و الاستكبار سوف يتمادى إلى حد فرض قانون ظالم مثل الحصانة‌ القضائية على هذا الشعب. هذا هو هدف الهيمنة‌ الاستكبارية. ليست علاقة حكومة مثل الحكومة الأمريكية مع بلد لا يمتلك قوتها و قدرتها بالعلاقة العادية بين بلدين، لا، من وجهة ‌نظر الأمريكان أنفسهم فإن علاقة أمريكا بالبلدان التي يسمونها العالم الثالث علاقة أسياد و رعية، هم الأسياد و هؤلاء‌ الرعية. و هم يملكون كل الصلاحيات في هذا البلد، ينهبون نفطه و غازه و مصالحه و أمواله، و يؤمّنون مصالح أمريكا هنا، و يهينون الشعب هنا و يذلونه.
لو صفع عريف أمريكي قائداً كبيراً في الجيش الإيراني لما استطاع أحد الردّ عليه! في هذه المعسكرات المتعددة ‌في البلاد حينما كان العسكري الأمريكي البسيط يواجه ضابطاً أيرانياً كبيراً كان يتحدث معه كما يتحدث السيد مع رعيته! كان رجال الجيش ممتعضين لكنهم لا يجرأون على فعل شيء. هذه هي المسألة الأولى، و هي أن الثالث عشر من آبان رمز الاستكبار الأمريكي و رمز لروح الاعتداء و التطاول الاستكباري على الشعوب و منها الشعب الإيراني.
كثيراً ما حاول رؤساء الجمهورية الأمريكان بعد انتصار الثورة و تملقوا كثيراً و أطلقوا الكثير من الكلام المعسول عسى أن يستطيعوا إعادة فتح هذا الطريق المسدود. كانوا يطلقون بعض الكلام في الظاهر، لكن باطن القضية هي تلك القبضة الحديدية التي قلت أنهم يخفونها وراء قفاز من المخمل.
إذن، الثالث عشر من آبان يذكر بحقيقة مرة و مهمة جداً هي روح الاستكبار لدى القوى الاستكبارية‌ الطامعة‌ في الهيمنة. شعوب البلدان المختلفة و منها شعبنا يجب أن لا تنسى هذه الحقيقة أبداً و لتعلم أن الوجه الذي يحمله أولئك هو وجه المعتدي المتطاول الجشع الذي يطمع في المزيد و المزيد إلى درجة سحق شرف الشعب و الاعتداء على أعراضه و أرواحه و أمواله من دون أن يستطيع أحد محاسبتهم و طلب الإيضاح منهم.
المسألة الثانية التي يرمز لها الثالث عشر من آبان هي الهتاف القوي لإمامنا الجليل. كان ذلك الهتاف و النداء أسلم و أطهر النداءات، و قد خرج من أطهر الأفواه. الكثيرون قد يتحدثون و يعترضون هنا و هناك، لكن اللسان الذي نشر هتاف الثالث عشر من آبان سنة 43 في العالم كان أطهر الألسنة. أولاً كان هذا النداء منبعثاً من الحسّ الديني، و ثانياً كان منبعثاً من الحميّة و الغيرة الإسلامية‌ و الوطنية الطاهرة و التي لم يكن بوسعها إطاقة هيمنة العدو على هذا الشعب، و ثالثاً كان نداء‌ يعتمد على الدعم الجماهيري العام. و سبق أن ذكرت: مع أن الناس لم يكونوا مطلعين على الأمر في البداية، و لكن حين ارتفع نداء‌ الإمام دعمته الجماهير و حمته. و هذا الدعم هو الذي أفضى بعد أربعة عشر عاماً إلى انتصار الثورة‌ الإسلامية. كان ذلك الهتاف الطاهر كالنداءات البليغة القوية التي أطلقها الأنبياء بين الناس فاجتذبت إليها الناس و قلوبهم. قام الإمام بمثل هذه الحركة الهائلة‌ في البلاد و قد صبر على التكاليف حيث فصلوه عن بيته و حياته و عائلته و أصدقائه و أقربائه و نفوه إلى ركن معزول من العالم. إذن، المسألة الثانية هي أن الثالث عشر من آبان رمز لمثل هذا النداء.
المسألة المهمة جداً الأخرى التي تقف وراء هذا الرمز هي حادثة الطلاب في سنة 57. بعد مضي أربعة عشر عاماً على تلك الحادثة‌ نزل الشباب و الناشئة و طلاب الثانويات كأطهر و أنقى الشرائح إلى الساحة و قتلوا. يوم الثالث عشر من آبان يوم مذبحة‌ الطلاب في شوارع طهران. حينما نزل هؤلاء الناشئة و الشباب إلى الساحة، و رددوا نداء‌ الإمام قبل أربعة عشر عاماً انتقم منهم الجلادون مرتزقة أمريكا، و فتحوا النار عليهم، و أريقت دماؤهم على أسفلت الشوارع في طهران فخضبتها. هذه أيضاً قضية مهمة لا لمجرد أن عدداً من الشباب و الناشئة قد استشهدوا - و هذا أمر مهم طبعاً - بل لنقطة أهم هي أن الحركة العظيمة التي بدأها الإمام سنة 42 و 43 كانت من الحيوية و الفاعلية و التوثب إلى درجة أن الشباب الطاهر و طلاب المدارس ينزلون للساحة من أجلها و يشعرون بالمسؤولية و الالتزام و يقفون بوجه حراب الأجهزة‌ الطاغوتية‌ المتجبرة. هذا شيء نادر في العالم.
و كذا الحال اليوم أيضاً. اليوم أيضاً يقف طلاب الثانويات إلى جانب طلبة‌ الجامعات و سائر شرائح الشعب إلى جانب التعبويين و سواهم في الخط الأمامي للفئات و الشرائح الاجتماعية. خلال فترة الدفاع المقدس كان طلاب المدارس من الرواد و السباقين في الخطوط الأمامية. لو اتصلتم بعوائل الشهداء - و أنا على اتصال بالكثير منهم و ألتقيهم - و سألتموهم كم كان عمر ابنكم لقالوا ست عشرة‌ سنة و سبع عشرة سنة و أربع عشرة سنة. ما معنى هذا؟ معناه أن الشعور بالالتزام و الروح الثورية و الشعور بالمسؤولية الناجم عن البصيرة وصل إلى درجة أن الشاب الطالب من هذا الشعب ينزل إلى وسط الساحة و يفتح صدره للأهوال و يتخلى عن كل طموحات الشباب من أجل أن يحقق المبادئ الكبرى و الأهداف الإلهية و الإسلامية في المجتمع. هذا أيضاً حدث كبير آخر وقع في سنة 57 و يمثل مفهوماً عظيماً جداً يقف وراء‌ كلمة‌ الثالث عشر من آبان. الثالث عشر من آبان رمز لهذه الأمور.
المسألة الأخيرة التي وقعت في الثالث عشر من آبان هي احتلال وكر التجسس. في سنة‌ 58 و بمناسبة ذكرى نفي الإمام و استشهاد طلاب المدارس نزل الشباب مرة أخرى و فعلوا ما إذهل العالم و فرض الركوع على أمريكا. هذا هو واقع القضية. هذه ليست شعارات. اعلموا أنه يوم احتل وكر التجسس كانت سمعة الحكومة‌ الأمريكية و اعتبارها و هيمنتها أضعاف ما هي عليه الآن. لا تظروا إلى أمريكا حالياً حيث سقطت من العيون و الأنظار و صغرت و راحت الشعوب تسبها و تلعنها علانية. لم يكن الوضع هكذا في تلك الآونة، كان لأمريكا يومذاك هيمنة كبرى من الدرجة الأولى. و جاء طلابنا الجامعيون بشجاعة و شهامة و باعتبارهم الخط الأمامي لجبهة مقاومة الشعب الإيراني و احتلوا سفارة أمريكا و سجنوا الأشخاص الذين كانوا هناك. طبعاً أبدى الإمام الخميني لطفه و لينه و أمر بعد مدة أن يطلق سراح بعضهم مثل النساء ليعودوا إلى أمريكا، لكن العناصر الأصليين بقوا هنا إلى فترة طويلة. و كانت هذه بدورها حركة عظيمة زلزلت القدرة الأمريكية في العالم فسقطت أمريكا بكل هيمنتها و عظمتها في أنظار العالم فجأة. و وصل الأمر إلى درجة أن رئيس جمهورية أمريكا بادر إلى الهجوم العسكري الخفي الليلي على إيران من أجل إنقاذ هؤلاء الرهائن. و قد عبّأوا جواسيسهم هنا و مهدوا الأسباب و المقدمات و وظفوا أشخاصاً، و عينوا أماكن و هجوا بالمروحيات و الطائرات و جاءوا ليهبطوا في طبس و يأتوا من هناك ليأخذوا الرهائن معهم كما تصوروا، حيث وقعت حادثة‌ طبس المعروفة، و أراق الله تعالى ماء وجههم، و احترقت طائراتهم و مروحياتهم و اضطروا للعودة من طبس. هذه هي أحداث الثالث عشر من آبان.
الثالث عشر من آبان رمز له في داخله و من ورائه الكثير من المعاني، و كل هذه المعاني دروس لنا. و علينا أن نتذكرها:‌ طمع أمريكا و تبعية‌ النظام الطاغوتي لأمريكا و فساد أجهزته، و وقفة الإمام الخميني و الجماهير الإيمانية‌ المعتمدة على البصيرة، و تواجد جيل الشباب الثوري و شجاعته و جرأته في مقابل هيمنة أمريكا و وجهها المزيف المخادع، كل هذا كامن في داخل كلمة‌ الثالث عشر من آبان. و بالتالي فالثالث عشر من آبان ليس كلمة صغيرة.
تأملوا الآن قليلاً.. في العام الماضي.. عام 88 .. خرجت جماعة صغيرة تعيسة في الثالث عشر من آبان إلى شوارع طهران و رفعوا الشعارات ضد الثالث عشر من آبان، عسى أن يستطيعوا تلويث هذه المناسبة الكبرى. و قد أخفقوا و هزموا بالطبع، و كان واضحاً أنهم سيهزمون، و لكن لاحظوا ما الذي كان يقف وراء تحركهم هذا. ما الذي كانوا يواجهونه؟‌ كانوا يواجهون هذا الرمز الذي تقف وراءه كل هذه المعاني و المفاهيم الكبيرة. الواقع أنهم كانوا يجابهون هذه المفاهيم، و كانوا يريدون إحياء الهيمنة الأمريكية‌ مرة أخرى. أرادوا إسدال الستار على هيمنة أمريكا و تدخلاتها. أرادوا التشكيك في حركة الشعب الإيراني العظيمة مقابل ذلك الظلم الهائل.
حينما يدرك المرء ما هو معنى الثالث عشر من آبان يفهم من هم الذين أرادوا تسقيط الثالث عشر من آبان و تشويهه حسب ظنهم و ما هم و ما هو هدفهم. هذه هي البصيرة‌ التي نكررها و نؤكد عليها. ينبغي التأمل و التدقيق.
أقول لكم أيها الشباب الأعزاء إنكم اليوم في الخط الأمامي لحركة الشعب الإيراني. يرمق الشعب الإيراني قمماً و يسير نحوها. يعترف الصديق و العدو أن الشعب الإيراني يسير نحو القمم بسرعة. طبعاً لا يزال الطريق طويلاً جداً و ينبغي عدم التفكير بسذاجة. الطريق الممتد أمامنا ليس طريق سنة و سنتين، بل هو طريق طويل، بيد أن الشعب يتحرك و يسير، فما لم تكن هناك حركة لن يتاح بلوغ الأهداف. لا يمكن لأحد الوصول إلى أهدافه بالقعود و التمني و التثآؤب. ينبغي السير في الطريق و التقدم فيه بعزم. و الشعب الإيراني يفعل ذلك.
لقد حققنا تقدماً ملحوظاً على الصعيد العلمي و على الصعيد التقني و على المستوى السياسي و في مجال الخدمات المتنوعة و في مضمار إعمار البلاد. إن البلد كله حالياً أشبه بورشة عمل كبيرة يجري في كل جوانبها العمل و تقديم الخدمة و المشاريع العمرانية، و المدراء الإيرانيون يكسبون المهارة و الخبرة و التجارب، و أبناء‌ الشعب الإيراني يستفيدون، و نستغني نحن عن الآخرين.
في الماضي إذا أرادوا مدّ جسر في هذه المدينة كان يجب أن يأتوا بخبير أجنبي، و إذا أرادوا بناء سدّ فعليهم تحمل منّة عدة حكومات أجنبية، ناهيك عن الأعمال الأعقد. و الشعب الإيراني في الوقت الحاضر مستغن من هذه النواحي، و يمتلك طاقات بشرية غنية و ثرة و موهوبة و كثيرة. و له مدراء مخلصون و مندفعون و كفؤون. و هو يتقدم إلى الأمام. و لكن من هم الذين يقفون في مقدمة هذه الحركة العظيمة؟ إنهم الشباب و طلبة الجامعات و طلاب المدارس. الشباب هم الذين يتقدمون بهذه الحركة إلى الأمام. داينمو هذه المسيرة‌ الضخمة و هذا القطار العظيم المتقدم إلى الأمام باستمرار هم الشباب.
بالطبع لا بد من المدراء الكفوئين و أصحاب التجربة. الاعتماد على الشباب لا يعني عدم احترامنا لأصحاب التجارب و الأعمار الكبيرة و المخضرمين و الشيوخ، لا، هؤلاء أيضاً لا بد من وجودهم، و لكن ما لم يكن الشباب لن تتيسر هذه الحركة. و الشباب اليوم متواجدون في الساحة بتوفيق من الله و حول منه و قوة. و هذا شيء على جانب كبير من الأهمية و العظمة. أنتم الشباب الخط الأمامي لهذه الحركة سواء في الميادين السياسية أو الساحات الاقتصادية أو ميادين العلم.
على الصعيد السياسي كان الشباب هم الذين أحبطوا فتنة سنة 88 . شبابنا و أنتم طلاب المدارس و الطلبة‌ الجامعيون هم الذين كان لهم الدور الأكبر بدرجة تفوق العوامل الأخرى. و إلا فالفتنة كانت فتنة كبيرة. أقول لكم إنه إذا انقضت بعض السنوات فسوف تتحرك الأقلام المغلولة‌ الآن بيد الواعين الدوليين و سوف تكتب، و قد لا أكون في ذلك الحين، لكنكم ستكونون و ستسمعون و تقرأون أية مؤامرة‌ كبرى كانت تقف خلف فتنة عام 88 . كانت تلك الفتنة‌ شيئاً على جانب كبير من الأهمية، و كانت أهدافهم أهدافاً عجيبة غريبة جداً، و قد أرادوا في الحقيقة السيطرة على إيران. الذين كانوا من عوامل الفتنة - الذين نزلوا إلى الشوارع أو بعض الناطقين باسمهم - نزلوا إلى الساحة عن غير وعي في غالب الأحيان، لكن بعض الأيدي كانت توجههم دون أن يشعروا. أما كيف نزل هؤلاء إلى هذه الساحة و كيف ساعدوا العدو دون شعور منهم بذلك فهذا أمر يتطلب تحليلاً نفسياً دقيقاً. بيد أن واقع القضية هو ما ذكرت. كانت هذه القضية عملية‌ كبيرة‌ جداً. و أنتم الشباب من أنجز هذه العملية.
أبقوا في الساحة يا أعزائي. البلد بلدكم. و القمم التي ذكرتها لكم. حينما تبلغون كمال أعماركم إن شاء الله سوف ترون هذه القمم و ستصنعون المفاخر لشعبكم. طبعاً ما من حركة يمكن أن تنتهي، فالتحرك مستمر نحو القمم و لا يتوقف أبداً. المهم أن يتعلم الشعب و يتعود و يعقد العزيمة على السير نحو الكمال و السمو. و ينبغي أن لا ينتاب الخور هذه العزيمة في أي وقت من الأوقات.
لحسن الحظ فإن الجمهورية‌ الإسلامية‌ و الشعب العزيز الواقف سنداً لهذه الجمهورية يحميها و يحرسها أقوى و أقدر من أي وقت مضى. و طريقنا اليوم أوضح و أسطع من أي وقت آخر، و نعلم ما الذي نفعله و ندري إلى أين نحن سائرون. نعرف أصدقاءنا و نعرف أعداءنا.
و أعداء الشعب الإيراني أضعف من أي وقت آخر مروا به، و مكروهون و مبغوضون أكثر من أي وقت آخر، و يعانون المشكلات، و لهم مشاكلهم الاقتصادية و السياسية و شتى صنوف المشكلات. طبعاً هذا لا يعني أننا يجب أن نخلد إلى راحة البال و نتهالك على وسادات وثيرة و ننسى، لا، لا يصح أبداً الاستهانة بالعدو، و ينبغي أن تتذكروا دوماً أن الأعداء‌ في كمائنهم يترقبون و يرصدون، و لكن اعلموا أن العدو اليوم لا يستطيع استخدام الأساليب القديمة. الشعب الإيراني اليوم يقظ واع و شبابنا يقظون واعون صاحون. القسم الأعظم من شباب البلاد اليوم في خدمة‌ هذه الأهداف، سواء في البيئة الجامعية أو في مناخ السوق أو في أجواء‌ طلاب المدارس أو في بيئة رجال الدين، في كل المناخات يخوض الشباب في العمل.
اللهم اشمل هؤلاء الشباب بلطفك و رحمتك. اللهم اجعل الصلاح سائداً في هذا البلد. اللهم اجعلنا و جميع الشرائح كما أراد الإسلام و كما يرتضيه الإسلام. ربنا أمدد شعب إيران في انتصاراته الكثيرة. ربنا أسند هذا الشعب بأدعية الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه) و تقبلها بقبولك الحسن.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.