بسم الله الرحمن الرحیم
نبارک حلول شهر رجب، و ولادة الإمام الباقر، و الذکری العظیمة للثالث من خرداد، و نبارک أیضاً لکم أیها الشباب الأعزاء رتبکم العسکریة فی منظومة حرس الثورة الإسلامیة.
لقد منّ الله المتعال علینا بنعمة کبیرة هی نعمة خدمة الجمهوریة الإسلامیة، و یقع علینا واجب شکر هذه النعمة. و قد کانت الساحة الیوم و الحمد لله زاخرة بالابتکارات، و ملأتها التجلیات الرمزیة الجمیلة طوال المراسم و البرامج، و هذا نموذج من رسالة الثورة الإسلامیة لنا و لکم و لجمیع الأجیال القادمة. یقول الله تعالی فی القرآن الکریم: «إن الذین یبایعونک إنما یبایعون الله».. الذین بایعوا الرسول الأکرم (ص) فی سبیل الإسلام بایعوا فی الحقیقة الله تعالی. «ید الله فوق أیدیهم».. الید التی وضعت علی أیدیهم للبیعة - و هی ید الرسول - هی فی الحقیقة ید الله. هکذا هی بیعة الإسلام و الدین و بیعة المأموریة و المسؤولیة الإلهیة. الإنسان فی هذه البیعة إنما یبایع الله. ثم یقول: «و من أوفی بما عاهد علیه الله فسیؤتیه أجراً عظیماً» (1). الذین یبقون أوفیاء لهذه المعاهدة و البیعة و یصبرون و یصمدون فسوف ینالون أجرهم العظیم من الله تعالی. و هذا الأجر لیس الأجر الأخروی فقط - رغم أن أجر الآخرة عظیم و عمیق و زاخر بالمعانی إلی درجة لا تفهمها أذهاننا الدنیویة المادیة - إنما هو أجر فی الدنیا أیضاً. أجر الذین یسیرون فی سبیل الله بالبیعة الإلهیة و یصبرون و یصمدون هی العزة و الشموخ و الحریة و الجلالة.
أتعلمون من حضیض أی ذلّ - فُرض علی الشعب الإیرانی نتیجة فرض سلطة ملوک جائرین علیه طوال عدة قرون - ارتفع الشعب الإیرانی إلی العزة التی یعیشها الیوم؟ الشعب الإیرانی الیوم عزیز و مقتدر و رائد و سبّاق، و هو متفائل و واثق بمستقبله، و آفاق المستقبل تبتسم له. و فی الداخل یشعر أفراد شعبنا و شبابه و شیوخه و مختلف شرائحه بالهویة، و یعلمون ما الذی یریدونه و یسعون إلیه.. جهودهم ذات معنی. هذه کلها أمور لها قیمتها.
الشعوب تصبح فارغة خاویة نتیجة الانقطاع عن الدین و المعنویة و الله، و تفقد هویتها، و تصاب بالحیرة و الضیاع. الشعوب تصاب بالذلة نتیجة البعد عن أحکام الله. کما أصیبت الأمة الإسلامیة بالذلة طوال قرون. إنه صمود الشعب الإیرانی و وفاؤه الذی فتح هذا الطریق القویم الحسن العاقبة أمام الشعب الإیرانی. و طبعاً الطریق القویم لا یعنی الطریق الخالی من التعب و الجهد. فالصعاب کثیرة، لکن فضائل البشر و جلالتهم و رجولتهم تتکوّن و تظهر فی البلایا الصعبة.
أیها الشباب الأعزاء، اعرفوا قدر نعمة الشباب و القدرات الذهنیة و الجسمیة، و القلوب الطاهرة النیرة التی منّ الله تعالی بها علیکم. ابذلوا مساعیکم و جهودکم فالبلد بلدکم و المستقبل لکم.. أنتم من یجب أن تواصلوا المسیرة نحو سموّ الأمة الإسلامیة بقوة و سرعة و بنحو متصاعد و تکونوا فی هذه المسیرة السبّاقین و حداة القافلة. لقد فتح الماضون هذا الطریق و جاهدوا و ضحّوا.
نشکر الله علی أن قواتنا المسلحة و الحرس الثوری و جیش الجمهوریة الإسلامیة و کل مؤسسات القوات المسلحة صمدت و صبرت فی هذا الطریق و أصرّت علیه، و ترکت عن نفسها تجارب باقیة.
الطریق طریقکم و العمل عملکم.. ابذلوا کل ما تستطیعون فی هذا السبیل. الشعب الإیرانی سائر نحو العزة و الرفعة المطردة. تقدمنا و رقینا و تکریس العدالة عندنا - و هذا العقد هو عقد هذه الأمور - یساعد علی تقدم و تنمیة العدالة فی العالم الإسلامی و بالتالی فی کل العالم.
جبهة الظلم و الاستکبار و التعسف و الجور فی العالم آیلة إلی الضعف. ضجیجهم الظاهری لیس دلیلاً علی قدرتهم الحقیقیة. أین ما یسطع نور المعنویة و الإیمان تنحسر الظلمات و تزول بشکل طبیعی و تدریجی. و هذا ما یقع الآن فی العالم. جوانب مهمة من هذه العملیة تقع علی عاتق الشباب الأعزاء، و أحد أکثر الجوانب حساسیة یقع علی عاتقکم أنتم الشباب الأعزاء.
نسأل الله تعالی أن یوفقکم و یوفقنا لنعرف قدرکم أیها الشباب الأعزاء، و نقرأ إن شاء الله فی وجوهکم و جباهکم النیّرة الشامخة مستقبل الشعب الإیرانی و الأمة الإسلامیة الزاخر بالمفاخر.
و السلام علیکم و رحمة الله و برکاته.

الهوامش:
1 - سورة الفتح، الآیة 10 .