بسم الله الرحمن الرحيم
أرحّب بجميع الإخوة و الأخوات الموجودين هنا، و أبارك بعثة سيّدنا الرسول الخاتم النبي الأعظم مطلع النور في تاريخ الإنسانية. کما أبارك لکم جميعاً و لکل المسلمين الانتصار الباهر لإخوتنا في لبنان في مواجهة الکيان الصهيوني، و هو في الحقيقة انتصار للإسلام. کان إخوتنا في جنوب لبنان و في مواجهة المعتدين الصهاينة هم الخط الأمامي للأمة الإسلامية.
هذا الاجتماع اجتماع جد مهم و عظيم. لقد اجتمعتم هنا من أنحاء العالم الإسلامي. ينبغي بلا شك استخراج مستقبل العالم الإسلامي من تخطيطات و برمجيات الشخصيات الزبدة في العالم الإسلامي.. الشخصيات العلمية و الدينية و السياسية. هذه الجماعة و الجماعات البارزة في العالم الإسلامي إذا نظرت للأمة الإسلامية نظرة تتوخّى الحقيقة و معالجة الآلام و البحث عن العلاج، فسيکون للأمّة الإسلامية مستقبل حسن. إذا لم نعرف واجباتنا، أو لم نعمل بها، فسوف تستمر لسنوات طويلة أخرى أوجاع العالم الإسلامي التي عانى منها لحد الآن. واجباتنا ثقيلة.
موضوع نقاشکم هو الأقليات الإسلامية في البلدان غير الإسلامية. و هو بالطبع موضوع مهم، و من المناسب أن يفکر فيه مجمع التقريب بين المذاهب و المبرزون في العالم الإسلامي و يبرمجوا له. إنني أقدّر ما قمتم به في هذا المجال، و لکن أروم الإشارة إلى نقطة و هي أن قضيتنا الأولى في العالم الإسلامي هي «وحدة الأمة الإسلامية». إذا استطعنا التغلب على کيد الأعداء و إحباط مخططاته في بث الخلافات فسوف تعالج الکثير من مشکلاتنا. و من جملة هذه المشکلات مشکلة الأقليات الإسلامية.
إننا نعاني من مرض مهلك ينبغي أن نعقد عزائمنا و هممنا لإبعاده عنا. الاختلافات في العالم الإسلامي و عدم الانسجام و إثارة العداوات و الأحقاد مرض جد خطير.
و أقولها لکم إنه لو کان هذا المرض موجوداً طوال الأزمنة الماضية بشکل طبيعي في جسد العالم الإسلامي و الأمة الإسلامية، فإن الأيدي السياسية اليوم تتوخّى بکل ما أوتيت من قوة تشديد هذا المرض. إننا نلاحظ نماذج ذلك في العالم الإسلامي، و هي مما ترتعد له فرائص المرء. إننا لا نخاف من الأعداء الخارجيين. هيبة أمريکا و القوى الاستکبارية لم تصبنا لحد الآن بالخوف و التردّد. و تجييش الجيوش العدائية و الإعلامية و السياسية و العسکرية و الاقتصادية لم تفرض علينا أبداً مواقف الانفعال و لن تفرضها علينا، لکننا نرتعد خوفاً لهذا المرض الداخلي في العالم الإسلامي. عالجوا هذا المرض.
حينما رُفِعت في إيران راية الإسلام، و تأسست الجمهورية الإسلامية بهدف تحقيق الأهداف الإسلامية، خطط أعداء الإسلام لبث الاختلافات بدقة و تابعوا هذا المخطط. فالمسلمون حينما يشعرون بالشرف و العزة و يشاهدون أن رفع راية الإسلام أمر ممکن، و حينما تبعث فيهم روح الهوية الإسلامية، و حينما ترفع کتل الشعوب المسلمة شعارات الإسلام في کل مکان، أدرك الأعداء أن الأخطار التي تهدد مصالح الاستکبار في هذه المنطقة الإسلامية العظيمة خطر جاد، و أن مصالحهم العدوانية مهدّدة بشکل حقيقي.
العالم الإسلامي بنفوسه البالغة نحو مليار و نصف المليار نسمة، و بإمکانياته الإقليمية و الجغرافية و الطبيعية و الإنسانية الوفيرة، و بأرصدته المنقطعة النظير، بمقدوره تشکيل منظومة متحدة عظيمة. منذ مائتي عام و إلى اليوم و أکياس الاستعمار الغربي تمتلأ دوماً من هذه المنطقة، سواء في الحقبة الاستعمارية، أو في حقبة الاستعمار الحديث، أو في الفترة الراهنة، کانت هذه المنطقة في خدمة الأهداف السياسية للعالم الاستکباري، و على رأسه أمريکا. إذا حققت الأمة الإسلامية وحدتها، و إذا عرضت قدرتها الإسلامية بالمعنى الحقيقي للکلمة، و إذا تحقق الاستقلال الإسلامي في هذه المناطق بالمعنى الحقيقي للکلمة، فسوف تنقطع السيطرة و الهيمنة الاقتصادية و السياسية و الثقافية للأعداء. و هذا ما لا يرضونه و يحاولون بکل ما أوتوا من قوة أن لا يحصل. و السبيل الذي عثروا عليه هو بثّ الخلافات، و قد تغلغل هذا المرض للأسف في جسد العالم الإسلامي. إنني أرجوکم أن تفکروا في هذه القضية بشکل جاد.
إننا کثيراً ما نذکر اسم الوحدة الإسلامية، و نتحدث کلنا عن الوحدة الإسلامية و الأخوة الإسلامية. و على المستوى العملي يشعر جماعة من المبرّزين في العالم الإسلامي بالأخوة بشکل حقيقي - و روح الأخوة تتموّج الآن في هذا الاجتماع - إننا جميعاً نعتبر بعضنا من بعض، و لا نرى فواصل بيننا. هذه حقيقة.. لکننا لا نمثل و لا نلخّص واقع العالم الإسلامي على الصعيد السياسي و على صعيد الحکومات بين کتل الشعوب بالمعنى الکامل للکلمة. الأعداء ينشرون بذور الاختلافات بين الأمة الإسلامية، و من الأرضيات المساعدة على نمو هذه العصبيات رجال السياسة غير الخلّص، و العصبيات الخاطئة و عدم رؤية الآفاق البعيدة للعالم الإسلامي، و التقوقع في أطر و مجالات صغيرة.
أشار بعض الأعزاء إلى العراق. لاحظوا ما الذي يحدث في العراق. في العراق اليوم و في بعض البلدان الأخرى يقف البعض من الإخوة السنة و الشيعة بوجه بعضهم، و يعادون بعضهم قربة إلى الله! لماذا؟ من الذي حقن هذه التحفزات الباطلة بينهم. هذه الأشياء ليست من الإسلام.
تعالوا و اجعلوا الوحدة الإسلامية واقعاً عملياً، و أعدّوا ميثاقاً يقبله و يصدّقه و يعمل به کل علماء الإسلام و کل المثقفين في العالم الإسلامي، و کل المبرزين السياسيين المخلصين في العالم الإسلامي، حتى لا يعود هناك مسلم يجرؤ على تکفير متکلم بکلمة التوحيد من مذهب أو تيار آخر، و حتى يکون الإخوة مع بعضهم.
مرادنا من الوحدة الإسلامية ليس توحيد العقائد و المذاهب الإسلامية. ساحة تضارب المذاهب و العقائد الإسلامية و العقائد الکلامية و الفقهية - و لکل فرقة عقائدها و سيکون لها في المستقبل أيضاً عقائدها - ساحة علمية و مساحة للبحث الفقهي و الکلامي، و يمکن لاختلاف العقائد الفقهية و الکلامية أن لا يترك أي تأثير على واقع الحياة و الساحات السياسية. ما نقصده من وحدة العالم الإسلامي هو عدم التنازع: «و لا تنازعوا فتفشلوا» (1).. أن لا يکون هناك تنازع و خلافات.
يقول القرآن الکريم: «و اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقوا» (2). الاعتصام بحبل الله واجب على کل مسلم، لکن القرآن الکريم لا يکتفي بأمرنا بالاعتصام بحبل الله، إنما يقول اعتصموا بحبل الله مجتمعين متراصّين «جميعاً».. اعتصموا بحبل الله کلکم سوية. و هذا الاجتماع و هذا الاتحاد واجب آخر. و عليه، فضلاً عن أن المسلم يجب أن يعتصم بحبل الله، يجب عليه أن يعتصم به مع سائر المسلمين و إلى جانبهم. علينا أن نعرف هذا الاعتصام بصورة صحيحة و نمارسه و نقوم به. تقول الآية القرآنية الشريفة: «فمن يکفر بالطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى» (3). هذا يفسّر لنا الاعتصام بحبل الله. کيف يتمّ التمسّك بحبل الله؟ بالإيمان بالله و الکفر بالطاغوت.
نظام الولايات المتحدة الأمريکية هو في الوقت الراهن الطاغوت الأعظم في العالم، لأنه أوجد الصهيونية و يؤيّدها. أمريکا هي خليفة الطاغوت الأعظم السابق أي بريطانيا. اعتداءات نظام الولايات المتحدة و حلفاؤها الفکريون و المتعاونون معها خلقت في الوقت الحاضر متاعب للعالم الإسلامي الذي راح يتعرّض في تقدمه و مواقفه و رقيّه المادي و المعنوي لضغوط أمريکا و أنصارها و المتعاونين معها. في اعتداء الکيان الصهيوني الأخير على لبنان في الشهر الأخير - و الذي أفضى إلى هذه الملحمة الإسلامية الکبرى من قبل حزب الله، حيث نزل عليهم النصر الإلهي - دخلت أمريکا ساحة الحرب بصراحة، و لم تکتف بالدعم اللساني و المالي و السياسي، إنما وفرت الأسلحة للکيان الصهيوني و أرسلتها له و ساعدته. و الواقع أن الأمريکان هم الذين أرادوا هذه الحرب و بدأوها. الأمريکان اليوم هم الطاغوت الأعظم.
الإيمان بالله حالة شائعة في معظم أجزاء الأمة الإسلامية، و لکن قد لا يوجد فيها کفر بالطاغوت. و الکفر بالطاغوت أمر ضروري. من دون الکفر بالطاغوت لا يمکن التمسك بالعروة الإلهية الوثقى. إننا لا ندعو البلدان و الحکومات و الشعوب للمسارعة إلى محاربة أمريکا، إنما ندعوهم لعدم الاستسلام لأمريکا. ندعوهم لعدم التعاون مع عدو الإسلام و المسلمين. و من مصاديق عدم التعاون عدم الاکتراث لوساوسهم بخصوص وحدة الإمة الإسلامية، و المحافظة على وحدة الأمة الإسلامية.
نعتقد أن أهم قضية في العالم الإسلامي حالياً هي قضية الاتحاد. إذا تحقق هذا الاتحاد فسيمکننا تحقيق التقدم العلمي و السياسي. تلاحظون کم يضغط أعداء العالم الإسلامي في قضية الملف النووي على إيران. إنهم يعلمون إننا لا نسعى للحصول على قنبلة نووية. إنما يزعجهم تقدم العلم و التقنية في هذا البلد. بلد إسلامي أثبت و أعلن أنه لا يستسلم للسياسات الأمريکية و أنه لا يخاف أمريکا، يجب أن لا يتجهّز بأکثر تقنيات العالم تقدماً، أي التقنية النووية. و هذا هو سبب ضغوطهم. و بالطبع فإننا اتخذنا قرارنا. لقد أدرك الشعب الإيراني طوال الأعوام السبعة و العشرين التي تلت الثورة و من خلال التجارب أن السبيل الوحيد للخلاص من کيد الأعداء هو التوکّل على الله و الصبر في الميدان و الجهاد. لقد سلکنا هذا الدرب لحد اليوم و ذقنا طعم ثماره الحلوة، و سوف نواصله بحول الله و قوّته و بکل عزيمة، و نحن نشاهد آثار ذلك و خيراته.
أيها الإخوة و الأخوات الأعزاء! يمرّ العالم الإسلامي اليوم بوضع استثنائي. يمکن القول إن العالم الإسلامي لم تتوفر له الفرصة التي يعيشها اليوم منذ قرون من الزمان. تتوفر أمامنا اليوم فرصة کبيرة جداً. لقد استيقظت الشعوب الإسلامية، و امتدت أمواج الصحوة الإسلامية إلى کل أرکان العالم الإسلامي، و تعرّفت الشعوب الإسلامية على حقوقها، و الکثير من القادة المسلمين - حتى لو لم يتظاهروا بذلك - ممتلئون في داخلهم بکراهية الاستکبار و النفور منه، و هذا ما نشاهده. في الکثير من البلدان الإسلامية يعيش الرؤساء و القادة و السياسيون و المسؤولون کثيراً من الاستياء و الألم من سلوکيات أمريکا و القوى الاستکبارية. هذه فرصة کبرى للعالم الإسلامي ينبغي الاستفادة منها. ثمة واجب على عاتق الشخصيات السياسية، و ثمة واجب على عواتق القادة الفکريين و الثقافيين. و هذا الواجب الثاني ليس بأقل أهمية من الواجب الأول. علماء الإسلام و المثقفون و الأساتذة في العالم الإسلامي و المفکرون الکبار فيه و أصحاب المنابر الشعبية الذين بوسعهم توجيه أفکار جماهيرهم، يتحمّلون واجبات کبيرة، و عليهم تفهيم الناس درجة اقتدارهم الوطني و قوة الکتل الشعبية في العالم الإسلامي بصورة صحيحة.
منذ قرون - من بداية الحقبة الاستعمارية و إلى اليوم - و الأجهزة الاستعمارية تروم تفهيم الشعوب المسلمة أنها لا تحسن شيئاً و لا تقدر على شيء. و کأنها تقول للشعوب المسلمة: إنکم غير قادرين على مواجهتنا. و قد استطاع الاستعمار على مدى فترات طويلة إقناع الکثير من المسلمين بهذه الفکرة، و ساعدت على ذلك خيانة بعض الشخصيات السياسية. و کانت نتيجة هذه القناعة الخاطئة مشکلات کبيرة على رأسها قضية القدس الشريف و فلسطين.
مضت إلى الآن نحو ستين سنة على سلب فلسطين، بيت المسلمين، و التي فيها قبلة المسلمين الأولى، من أيدي المسلمين و من أيدي أصحابها، و راح الفلسطينيون مشرّدين في البلدان، أو يتعرّضون في بيوتهم لضغوط الغاصبين الأدعياء الذين مکثوا هناك بکل وقاحة، و حظوا بدعم أعداء الإسلام و تأييدهم. هذه غصّة کبيرة و مصيبة عظمى حصلت لأن المسلمين غفلوا عن قدراتهم. لو حصلت هذه الصحوة التي حصلت اليوم في عقود الثلاثينيات و الأربعينيات من القرن العشرين للميلاد، لما وقعت قضية فلسطين، و لما تجرّأت الحکومة البريطانية الغاصبة يومذاك على اغتصاب بلد إسلامي من أهله دفعة واحدة، و إعطائه للأجنبي. و اليوم، علينا تدريجياً تعويض ما خسرناه، و هذا الشيء ممکن بالبرمجة و العقل و التدبير و العزيمة الراسخة. و لکن بالميول للانفعال و الاستسلام لن يصل العالم الإسلامي لأهدافه أبداً. و بالخوف من الأعداء و عدم الإيمان بطاقات الجماهير و قدراتها لن تتحقق أبداً مقاصد العالم الإسلامي و الأمة الإسلامية.
کتل الشعوب المليونية التي تشاهدونها في البلدان الإسلامية قوة عظمى، إذا تمّ تفعيلها فلن تستطيع أية قوة أجنبية الوقوف بوجهها. و مثال ذلك هو ما حدث، و أتمّ الله تعالى الحجة علينا جميعاً. حدث لبنان و انتصار حزب الله الواضح الذي کان بحق مصداقاً للآية الكريمة: «کم من فئة قليلة غلبت فئة کثيرة بإذن الله و الله مع الصابرين» (4)، أتمّ الحجّة علينا جميعاً. نعتقد أن من أعظم خصوصيات الإمام الخميني الراحل أنه عرف طاقات الشعب و اکتشفها و استفاد منها، و وضع ثقته في الناس.
لم يکن وضع إيران قبل الثورة وضعاً جيداً. لم يکن للناس مسار واضح يسلکونه، و الأعداء کانوا مسلطين، و کانت إيران مقراً و قاعدة لإسرائيل و محل استراحة الکيان الصهيوني، يأتون و يذهبون، و يأکلون و ينتفعون سياسياً و مالياً. و يوم قرّرت بعض البلدان العربية استخدام النفط ضد إسرائيل، طمأن الشاهُ الصهاينة، و ربط على قلوبهم، و قال لهم: أنا سأعطيکم نفطاً. هکذا کان وضع إيران في ذلك الحين، و لم يکن لأحد أمل بشيء. لکن إمامنا الخميني الراحل (قدّس الله نفسه الزکية) حينما عقد الهمة و العزيمة على النضال لم تکن لديه من قوة سوى قوة الشعب. لقد تعرّف على هذه القوة و اعتمد عليها، و الله تعالى الذي في يده کل شيء - «و ما رميت إذ رميت و لکن الله رمى» (5)- قلّب القلوب و حوّلها. و حينما تنبّهت القلوب لهذه الحقيقة نزلت الطاقات و القوى إلى الساحة و تزلزلت قوة نظام الشاه الطاغوتي العميل، و قام النظام الإسلامي في هذا البلد. إننا في أکثر مناطق العالم الإسلامي حساسية، و نقع على مفترق طرق، و کان أکبر اعتماد أمريکا و الاستکبار في هذه المنطقة على نظام الشاه.
يتوجّب معرفة قوة الجماهير و قدراتها. إنها قوة عظيمة. من أجل إنزال هذه القوة إلى الساحة لا بُدّ من الهمّة و العزيمة و الإخلاص و الجهاد. إذا نزل الشعب إلى الساحة و اقترب الساسة و من بأيديهم زمام الأمور من کتل الشعوب المليونية في بلدانهم، فلن تستطيع أية قوة الوقوف بوجههم، و لن تؤثر فيهم أية تهديدات. طبعاً، من دون الجهاد و من دون تحمّل الصعاب، لا يصل الإنسان لأي هدف، و على الأمة الإسلامية تحمّل الصعاب لتستطيع الوصول لأهدافها السامية. هذه هي واجبات العالم الإسلامي المهمّة اليوم.
نشکر الله على أنْ هدى قلوب جماعات کبيرة من الشعوب المسلمة و المبرّزين و العلماء و النخبة إلى سواء السبيل و الطريق الصحيح. أساس القضية هو أن لا تسمحوا لليأس بالتغلغل إلى قلوب الشعوب، و لا تسمحوا بأن تتلبّد الآفاق و تسوّد أمامهم، و لا تدعوا هيبة الاستکبار تلقي بظلالها الثقيلة على قلوبنا و عزائمنا و إراداتنا، و لا تدعوا الخلافات تضعفنا و تستنزفنا. يلاحظ المرءُ اليوم للأسف أن کلام أمريکا و بريطانيا يتکرّر على لسان بعض الساسة في العالم الإسلامي! يکرّرون الأشياء التي يريدها أولئك، و يؤجّجون نيران الاختلافات بين الشيعة و السنة و الخلافات الطائفية في العالم الإسلامي. و هذا تحديداً متطابق مع ما يريده أعداء الإسلام. يجب مواجهة هذه العملية.
نتمنى أن يوفقنا الله تعالى لکل ما يرضيه، و يساعدنا لنستطيع إن شاء الله النهوض بواجباتنا. إننا في الجمهورية الإسلامية فرحون من أعماق قلوبنا لتحقق الوعود الإلهية، و نرى تباعاً و باستمرار إنجاز الوعود الإلهية. و طبعاً، فإنهم يهدّدوننا، و التهديدات موجودة دوماً. لا شيء جديد أبداً - منذ بداية الثورة و هم يهدّدون الجمهورية الإسلامية، لکن الجمهورية الإسلامية استطاعت بثباتها إحباط هذه التهديدات، و کذا سيکون الحال بعد الآن أيضاً؛ سوف يجري إحباط التهديدات و احتوائها بعد الآن أيضاً - و أي بلد من البلدان المسلمة يقف بوجه الاستکبار و لا ينهزم نفسياً سيرى بعينه هذه التجربة الناجحة، ألا و هي تجربة الانتصار و إنجاز الوعود الإلهية.
إننا نمدّ يد الأخوّة لکل الشعوب الإسلامية، و لکل القادة الفکريين و السياسيين في العالم الإسلامي، و نطلب منهم تحکيم و تکريس أواصر الأخوّة هذه أکثر فأکثر، و نتمنّى أن يقرّ الله تعالى أعين العالم الإسلامي بمزيد من الانتصارات في شتى المجالات.
و السلام عليکم و رحمة الله و برکاته.

الهوامش:
1 - سورة الأنفال، الآية 46 .
2 - سورة آل عمران، الآية 103 .
3 - سورة البقرة، الآية 256 .
4 - سورة البقرة، الآية 249 .
5 - سورة الأنفال، الآية 17 .