بسم الله الرحمن الرحيم
كانت برامج الميدان جميلة و ذات معان عميقة. أرى لزاماً عليّ أن أبارك لكم جميعاً أيها الشباب الأعزاء، سواء منكم المتخرّجون الذين نالوا اليوم شرف الحصول على رتبهم العسكرية و صاروا رسمياً أعضاء في الجيش المجيد الشامخ للجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو الشباب الجامعيين الذين نالوا رتبهم و بدأوا طريقهم نحو الجاهزية و تلقي قيم الضباط في القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية. نتمنى أن يشملكم الله تعالى كلكم برحمته و فضله و هدايته، و يقدّر لكم حياتكم و عواقبكم بالنحو الذي يرتضيه.

الذكريات المجيدة لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية و خصوصاً القوة الجوية في جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية – و تقام مراسم اليوم بضيافة هذه القوة – لا يمكن أن تمحى من ذاكرة تاريخ هذا البلد. نعم لقد عرج إلى الملكوت شهداء و مضحّون، لكن دربهم و هو درب الجهاد المجيد في سبيل مبادئ الإسلام و القرآن و حماية الوطن الإيراني العزيز، لا يزال مستمراً. كانت معنويات الطيّارين الإيرانيين خلال فترة الحرب المفروضة من جملة الظواهر المنقطعة النظير في القوات المسلحة لبلدان العالم أو النادرة النظير جداً. ضباط القوة الجوية – سواء الطيّارون الشجعان أو الضباط التقنيون – كان لكل واحد منهم في موضعه دوره المهم، و قد استطاعوا الانتهاء بتجربة الدفاع المقدسة العظيمة على مدى ثمانية أعوام إلى نتائج باعثة على الفخر و الاعتزاز. إن ذكرى طيار مثل الشهيد بابائي و ضابط تقني جليل القدر مثل الشهيد ستاري لن تمحى أبداً من ذاكرة الشعب الإيراني.

لقد استطاع جيش الجمهورية الإسلامية و حرس الثورة الإسلامية في فترة صعبة من الامتحان العسير إظهار شخصية و هوية عن أنفسهم لا شك أنه لا يمكن أن نجد لها نظيراً في ماضينا أو نادراً ما يمكن مشاهدة نظير لها. ليعرف شبابنا الأعزاء قدر هذا. اعلموا يا أبنائي الأعزاء أننا نفخر بقواتنا المسلحة الشجاعة، و لتشعروا أنتم أيضاً بالفخر لانخراطكم في سلك هذا القوات المقدسة الشجاعة المضحية المعروفة. 

إننا و من دون أن نهدد أحداً، نعتبر تعزيز و اقتدار القوات المسلحة أهم عامل في سبيل صيانة الأمن الخارجي للشعب الإيراني و الجمهورية الإسلامية الإِيرانية. إننا لا نهدّد أحداً، لكننا نرى من اللازم أن يشعر شعب إيران و بلدنا العزيز في ظل السور المتين الرصين للقوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية – من جيش و تعبئة و حرس ثوري و قوات شرطة – بالأمن. لذلك نعتقد أنه من واجب كل المسؤولين أن يبذلوا مساعيهم في سبيل اقتدار القوات المسلحة، و يجعلوا تعزيز هذه القوات ضمن جداول أعمالهم. إننا نسمع التهديدات المتكررة و المقززة لأعداء الشعب الإيراني، و سيكون ردنا على أية شرور ضد شعب إيران رداً جدياً و شديداً. هذا ما يجب أن يعلمه كل الذين تعوّدوا على تهديد شعب إيران بالألسن. شعب إيران شعب أثبت صلابته في سبيل الدفاع عن مبادئه و مصالحه بنفس الشكل الذي أثبت به رغبته في السلامة و الصلح و التعايش مع أخوته المسلمين و مع كل أبناء البشر. هاتان الحالتان متوازيتان.

و أضيف بأننا ندعم التحرك الدبلوماسي للحكومة. إلى جانب الاستعدادات الشاملة للشعب الإيراني – سواء من الناحية الاقتصادية، أو من الناحية الأمنية الداخلية، أو من حيث متانة البنية الداخلية للنظام الإسلامي، أو من حيث الوحدة الوطنية، أو من الناحية العسكرية – فإننا نهتم للمساعي و التحركات الدبلوماسية سواء في هذه الزيارة الأخيرة أو في غيرها، و ندعم ما تقوم به حكومتنا و الجهود الدبلوماسية و الحراك على هذا الصعيد. طبعاً بعض ما حدث في زيارة نيويورك لم يكن في محله حسب رأينا، إلّا أننا متفائلون بالهيئة الدبلوماسية لشعبنا العزيز و الحكومة الخدومة في إيران، و نحن طبعاً نحمل نظرة سلبية تجاه الأمريكان و لا نثق بهم أبداً. إننا نعتبر حكومة الولايات المتحدة الأمريكية حكومة لا يمكن الثقة بها، و هي حكومة ترى نفسها فوق الآخرين، و غير منطقية، و ناكثة لعهودها، و هي إلى ذلك حكومة محبوسة بشدة في قبضة تصرف و اقتدار الشبكة الصهيونية الدولية – و من أجل مراعاة مطاليب و إرادات و المصالح غير المشروعة للشبكة الصهيونية الدولية يضطرون لمماشاة الكيان الزائف الغاصب المحتل لفلسطين، و إبداء اللين معه، و يسمّون ذلك مصالح أمريكا، و الحال أن المصالح الوطنية الأمريكية تتعارض تماماً مع ما يقوم به هؤلاء راهناً من دعم لذلك الكيان المصطنع، فحكومة الولايات المتحدة الأمريكية تبتز العالم كله و تخضع لابتزاز الكيان الصهيوني الزائف، و هذه حقيقة نشاهدها و نلمسها بوضوح – و نحن لا نثق بالحكومة الأمريكية لكننا نثق بمسؤولينا و نتفاءل بهم و نطلب منهم قطع الخطوات الصحيحة بدقة و بملاحظة كل الجوانب، و أن لا ينسوا المصالح الوطنية حتى للحظة واحدة.

المهم بالنسبة لنظام الجمهورية الإسلامية هو متانة البنية الداخلية لهذا النظام، و رصانة بنية الشعب الإيراني، و هذا هو الشيء الذي استطاع منذ اليوم الأول و إلى الآن صيانة هذا البلد و حفظه.. الاتحاد الوطني، و الاهتمام بالمبادئ السامية لنظام الجمهورية الإسلامية، و الاهتمام للعزة الوطنية. الشعب الإيراني شعب عزيز، و قد أعادت الثورة العزة لهذا الشعب. لقد ولّى الزمن الذي كان يتجرّأ فيه عريف أمريكي على صفع عقيد إيراني. لقد ولّى الزمن الذي كان فيه مدراء بلدنا العزيز مضطرين لملاحظة الأعداء الجشعين الطمّاعين. لقد أعزّت الجمهورية الإسلامية شعب إيران، و هذه العزة باقية، و هي تزداد يوماً بعد آخر، و بعد الآن أيضاً من واجب كل واحد من المسؤولين و جميع أبناء الشعب الإيراني صيانة هذه العزة و الدفاع عنها. الشعب يبقى شامخاً و يمكنه أن يتقدم بهويته الأصلية و بعزته.

و دور القوات المسلحة في هذه الغمرة هو أن يحافظوا على جاهزيتهم و على روحيتهم في الدفاع عن المبادئ و عن الشعب الذي منحهم ثقته و اعتمد عليهم. ليعتبر الجيش و الحرس و التعبئة و قوات الشرطة و كل الذين على صلة بالقوات المسلحة من واجبهم أن يكونوا سوراً قوياً منيعاً بوجه مؤامرات الأعداء و شرورهم ضد شعب إيران. و هذا بحاجة إلى الجاهزية و الاستعداد. إنكم شباب و مفعمون بالطاقة و تتمتعون بنقاء القلوب، و تستطيعون إعداد أنفسكم لمستقبل البلاد، و سيكون الله تعالى في عونكم. أسأل الله تعالى علوّ الدرجات للشهداء الأعزاء و علوّ الدرجات للإمام الخميني الجليل، و التوفيق لكم أيها الشباب الأعزاء في فترة خدمتكم و في كل أطوار حياتكم.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.