بسم الله الرحمن الرحيم

أرحب بكم أيها الإخوة الأعزاء و قادة و منتسبو القوة الجوية في جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية، و أبارك لكم هذا اليوم المجيد و هذه الذكرى الكبيرة، و نحيّي الذين خلقوا حادثة التاسع عشر من بهمن في ظرفها الذي كان بالغ الحساسية و الأهمية. أشكر تقرير القائد المحترم (1)، كما أشكر من الصميم لكم هذا النشيد العميق و الكثير المعاني الذي قدّمتموه.
بعض الأحداث أكبر مما يلاحظ في بادئ الأمر. أحياناً تكتسب حادثة أبعاداً و مديات لم يكن يتوقعها حتى صانعوها. يقول القرآن الكريم: «يعجب الزرّاع» (2).. يذكر الله عزّ و جلّ صفات لتصوير و وصف أصحاب الرسول الأكرم (ص) و المؤمنين في صدر الإسلام و المجاهدين الكبار، فيشبّههم بنبات يخرج من الأرض و يستحكم تدريجياً و ينمو و يكبر بحيث يثير أعجاب حتى المزارعين الذين بذروا هذه البذرة في الأرض. و حادثة التاسع عشر من بهمن هي من هذا القبيل. في ذلك اليوم قلّ ما كانت أبعاد هذه الحادثة تلوح للأنظار، لكن أبعادها تجلت و ظهرت تدريجياً. و بمقياس أكبر و أوسع فإن الثورة الإسلامية نفسها كانت من هذا القبيل أيضاً. يوم بدأ الإمام الخميني الجليل النهضة في سنة 1341 [1962 م] ما كانت هذه الحصيلة المذهلة و هذه المديات الواسعة لتخطر على بال أحد، لكنها وقعت و حصلت، و طبعاً لذلك أسبابه و كيف يمكن لحادثة أن تكون مباركة معطاءة - و ليس هنا محل الحديث عن ذلك - على كل حال كانت حادثة التاسع عشر من بهمن حادثة زاخرة بالبركات. من الأشياء التي حصلت غفلة عنها في تحليل هذا الحدث و آثاره هو تأثيرها في صناعة الاستقلال.. أين؟ في الجيش. أي قطاع من النظام الاجتماعي في عهد الطاغوت تحمّل أكبر الآلآم و المحن من هيمنة و تدخل الأجانب. لقد أيقظت حادثة التاسع عشر من بهمن الشعور بالاستقلال في مثل هذا الجهاز و في مثل هذه المنظومة.
لقد أيقظت هذه الحادثة الشعور في كل الجيش - في القوة الجوية أولاً و من ثم في باقي الأجزاء و القطاعات - بأنه يمكن إخراج الذات من تحت مظلة نفوذ الأجانب و تدخلهم و تطاولهم. لذلك كنت أقول الآن للأعزاء (3) إن أول مكان حصل فيه «جهاد الاكتفاء الذاتي» هو القوة الجوية، ثم انتشرت هذه الحالة إلى كل الجيش. لقد كانت روح الاستقلال و الثقة بالذات هذه مهمة للجيش و للقوات المسلحة، و هي مهمة إلى هذا اليوم، و مهمة في المستقبل أيضاً. و أقول هذا كجملة معترضة، و إلّا فإن ما أروم قوله شيء آخر: من أجل أن تستطيعوا استعراض كفاءتكم في مواجهة التحديات و التهديدات من موقعكم و هو موقع صيانة الأمن الجوي للبلاد يجب أن تشعروا بالاستغناء عن الآخرين و بالاستقلال و العودة إلى الذات و الاعتماد على إمكانياتكم و طاقاتكم، و عندئذ سوف تتفجّر المواهب. و هذا ما حصل لحد الآن و ما سيحصل بعد الآن أيضاً. قضية الاستقلال قضية مهمة لكل البلاد و للثورة برمّتها. الاستقلال من أركان الثورة الإسلامية و نظام الجمهورية الإسلامية. كان شعار الاستقلال إلى جانب شعار الحرية من أهم شعارات الثورة و لا يزال و سيبقى.
لاحظوا أنه بعد اندحار أسلوب الاستعمار المباشر - و الذي كان سائداً في الماضي و كانوا يستعمرون البلدان بشكل مباشر - و قد نسخ ذلك الأسلوب، ظهر الاستعمار الحديث كبديل. و الاستعمار الحديث هو أن لا تدخل القوى التدخلية الخارجية مباشرة إلى البلدان الأخرى و تديرها و تستعمرها، إنما يتربع على رأس تلك البلدان عملاء الاستعمار و الذين يصغون لكلامه و يعتمدون عليه، و حيث أن الحكومة المعتمدة على الخارج غير ممكنة من دون الاستبداد، فقد كانوا يحكمون بطريقة استبدادية و يؤمّنون مصالح القوى الخارجية. هذا هو الاستعمار الحديث. و ما كان الكفاح ضد الاستبداد قد وصل إلى نتيجة و ما كان سيصل من دون مكافحة تلك القوى الخارجية التي تقف وراء الدكتاتور.
و كذا الحال اليوم أيضاً. إذا افترضنا شعباً طفح به الكيل من استبداد حكامه و ثار و أطلق ثورته و حارب ذلك المستبد، لكنه استسلم لتلك السلطة المهيمنة الخارجية التي وقفت سنداً لذلك المستبد فسيكون مصير تلك الثورة و المسؤولين و المدراء فيها إما الهزيمة أو الخيانة، و لا يخرج الأمر عن هاتين الحالتين. إما أنهم سوف يمنون بالخيانة و يخونون ثورتهم و بلادهم. أو إذا أرادوا أن لا يخونوا فسوف ينهزمون و يمحون من الساحة. و كما لاحظنا في بعض هذه الثورات التي وقعت في الأعوام الأخيرة حيث حاربوا المستبد و غفلوا عن القوى التي تقف خلف المستبد و تسانده، أو فكّروا أحياناً بالمداهنة و المداراة معها، و تلاحظون النتائج اليوم. مكافحة المستبد و مصالحة المستكبر لا تؤدي إلى أية نتيجة. الثورة الموفقة الناجحة و المنتصرة هي التي ترى تلك القوة التدخلية التي تقف وراء الدكتاتور و تحاربها. لذلك عندما تحرّك شبابنا و استولوا على وكر التجسس الأمريكي و وجّهوا ضربة مهينة لأمريكا قال الإمام الخميني إن هذه ثورة أكبر من الثورة الأولى. الثورة الأولى أيضاً كانت ثورة، و كانت عظيمة و منقطعة النظير، و لكن في هذه الخطوة الثانية أثبت الشعب الإيراني أنه يعرف الطبقة التالية للهيمنة و المشاكل، و هو عاقد العزم على محاربتها و النضال ضدها.
هنا يمكن فهم قضية الاستقلال. الاستقلال معناه أن يفهم البلد القوى التدخلية و يواجهها و يقف أمامها. ليس الاستقلال بمعنى سوء الأخلاق مع العالم كله، إنما الاستقلال معناه مجابهة تلك القوة التي تريد التدخل و الأمر و النهي و إنفاق شرف الشعب و مكانته لصالح مصالحها. هذا هو معنى الاستقلال. من هو عدو استقلال شعب من الشعوب؟ القوى الخارجية التدخلية هي التي تهاب و تخاف من مشاعر الاستقلال في بلد من البلدان و تحاول إضعاف هذا الشعور لدى الشعب و عند أبناء ذلك الشعب السائرين في الدرب و عند قادته و روّاده، لذلك تنطلق أجهزتهم الإعلامية لأجل تثبيط الشعوب عن الاستقلال. يروّجون لفكرة أن الاستقلال السياسي للبلدان أو استقلالها الثقافي و الاقتصادي يتنافى مع تقدمها. و أنتم تسمعون مثل هذا الكلام. المطلعون على الإعلام العالمي يسمعون مثل هذا الكلام. غرف العمليات الفكرية تنشر مثل هذه الأفكار في العالم باعتبارها أفكاراً فلسفية. و ثمة أفراد في داخل البلدان - بما في ذلك بلادنا - ينشرون نفس هذا الكلام بالنيابة عنهم، و يقولون إن بلداً ما إذا أراد أن يكون له مكانه بين مجموعة البلدان المتقدمة في العالم فلا مفرّ أمامه من أن يخفّض من ميوله للاستقلال، و إلّا فلا يجتمع أن يريد البلد أن يكون مستقلاً و يشدّد على مصالحه فقط و يكون له في الوقت نفسه مكان في منظومة التقدم العالمية.
هذا الكلام كلام خاطئ تماماً، و هو من صناعة الذين يعارضون استقلال البلدان. ما يأمله و يهدف إليه المقتدرون التدخليون هو أن يتدخلوا في البلدان ليستطيعوا بذلك تأمين مصالحهم، و ليس من المهم بالنسبة لهم أن تسحق مصالح تلك الشعوب. إنهم مصرّون على التدخل. و هذا ما كان في النظام الطاغوتي. كانوا يتدخلون صراحة في من يكون لنا بهم علاقة و من لا يكون لنا بهم علاقة، و من نبيعه النفط و بأيّ مقدار نبيعه و كيف نستهلك، و من يتولى المسؤولية الفلانية الحساسة و من لا يتولاها. و مثل هذا البلد سيصبح جهازاً أو وسيلة لمصالحهم، و تنسى المصالح الوطنية بالكامل. لن يعود هدف مدراء البلاد و مسؤوليه المصالح الوطنية بل تأمين مصالح المتدخلين. و الاستقلال يُنهي هذا السياق الخاطئ الخياني و يحول دونه. هذا هو معنى استقلال البلد. ليس الاستقلال بمعنى الزعل مع البلدان الأخرى، إنما هو بمعنى إيجاد سدّ أمام نفوذ البلدان التي تريد تهميش مصالح ذلك البلد و الشعب لصالح مصالحها هي. هذا هو معنى الاستقلال، و هو أهم الأهداف بالنسبة لبلد من البلدان.
و الشيء الذي يستطيع تأمين الاستقلال لثورتنا الإسلامية هو الاعتماد الصريح و الواضح على ركائز الثورة. يجب الاعتماد على أصول الثورة و مبانيها و قيمها بشكل صريح و شفاف. و هذا ما كان عليه إمامنا الخميني الجليل. منذ بداية النهضة طرح الإمام الخميني كل كلامه و آرائه بصراحه و دون أي غموض. منذ البداية رفض الإمام الخميني النظام الطاغوتي الوراثي الملكي الاستبدادي، و لم يتحرّج في ذلك. منذ البداية كان واضحاً أن الإمام الخميني ينشد نظاماً شعبياً جماهيرياً. و الملكية الوراثية مرفوضة عنده. و النظام الاستبدادي مرفوض عنده. و النظام الفردي المعتمد على إرادة الفرد مرفوض عنده. هذا ما أعلنه الإمام الخميني بصراحة و دون تحفظ أو غموض. أعلن الإمام بصراحة أنه يجب أن يقوم نظام حكم إسلامي يستند على الفكر الإسلامي و القيم الإسلامية. و لم يتكتّم على ذلك. و لم يجامل الإمام الخميني في قضية مواجهة الشبكة الصهيونية الخطيرة التي تريد السيطرة على العالم، و لم يترك بعض الكلام مغلفاً، بل اتخذ موقفه بصراحة من الصهيونية. لقد اتخذ الإمام الخميني موقفاً صريحاً من الكيان الصهيوني الزائف الغاصب الذي يحكم منطقة فلسطين المظلومة. و لم يتردد في ذلك أو يتكتم أو يغلف الكلام بأغلفة معينة. لاحظوا.. هذه هي الأصول و الركائز. لم يتكتم الإمام الخميني إطلاقاً على أننا نعارض نظام الهيمنة.
نظام الهيمنة هو ذلك النظام الدولي الذي يعتمد تقسيم العالم إلى مهيمن و خاضع للهيمنة. و هذا ما رفضه الإمام الخميني بكل حسم. و نظام الهيمنة يتجسّد بأكمل أشكاله في الحكومة الحالية للولايات المتحدة الأمريكية، لذلك اتخذ الإمام الخميني موقفه من أمريكا بكل صراحة. موقفنا مقابل أمريكا ليس من باب أنهم شعب و نحن نعارض ذلك الشعب أو يكون للخصوصيات العرقية تأثير في ذلك.. ليست هذه هي القضية.. القضية هي أن طبيعة حكومة الولايات المتحدة الأمريكية و ذاتها و سلوكياتها تدخلية و سلطوية. و قد اتخذ الإمام الخميني موقفه الصريح و الشفاف من هذا النظام. و لذلك ترون أن الثورة لا تزال بعد مضي 35 عاماً على نفس أصولها و ركائزها و دربها الحقيقي.. الثورة لم تتبدل و لم تتغير، و لم تغير كلامها و لم تبدّل دربها و لم تغير أهدافها.. هذا شيء على جانب كبير من الأهمية. تفقد الثورات مقاومتها أمام الطوفانات التي تعصف بها. الكثيرون يغيرون كلامهم أو يغيرون طريقهم أو يمحون بالكامل و لا تبقى لهم باقية. لكن الثورة الإسلامية حافظت على أهدافها الواضحة منذ ظهورها و لحد اليوم، و سارت نحو الأهداف و حققت حالات مذهلة من التقدم في مختلف القطاعات. و هي تعمل لتنتشل نفسها من بلد و شعب منسي عديم التأثير في العالم لتصبح قوة كبيرة في المنطقة و عنصراً مؤثراً في السياسات الدولية. في أنحاء شتى من العالم تعرف كل الشعوب شعب إيران كشعب شجاع صادق ذكي و مقاوم.
و قد أطلقت كل هذه المحاولات و المساعي و الممارسات الإعلامية ضد النظام الإسلامي. طوال فترة من الزمن ركّزت الأجهزة الإعلامية و السياسية لأعداء الشعب الإيراني مساعيها على ترويج التخويف من إيران - التخويف من الإسلام أحياناً و التخويف من إيران أحياناً أخرى - لكن شعبية الشعب الإيراني تضاعفت بين شعوب العالم. هكذا هم اليوم، لا فقط أبناء شعوب العالم العاديون بل و حتى النخبة غير المغرضة منهم. لاحظوا تصريحاتهم و آراءهم حول الشعب الإيراني: شعب مقاوم و ذكي و صبور.. ينظرون لشعب إيران من هذه الزاوية. هذا ما أثمرته اليوم سياستهم في التخويف من إيران. الشعوب لا تخشى من نظام الجمهورية الإسلامية و شعب إيران بل تخشى و تحذر من هيمنة أمريكا. أمريكا هي المعروفة بالتعسف و التدخل في شؤون البلدان و إثارة الحروب. الشعوب تعرف أمريكا باعتبارها حكومة مثيرة للحروب و مؤجّجة للنزاعات و متدخلة في شؤون الشعوب الأخرى. الشعوب تحذر من أمريكا و تكره أمريكا. وجه نظام الجمهورية الإسلامية يزداد إشراقاً يوماً بعد يوم بتوفيق من الله، و قد تعالت سمعة الشعب الإيراني في العالم باستمرار، و سوف يستمر هذا السياق. السرّ في بقاء نظام الجمهورية الإسلامية على درب الثورة و الخطوط الأصلية للإمام الخميني الجليل هو هذه الصراحة. يجب عدم التخلي أبداً عن هذه الشفافية و الصراحة. يجب أن تكون مواقف الجمهورية الإسلامية شفافة أمام المعارضين و أمام الأصدقاء و الأعداء. يمكنهم تغيير التكتيكات و أساليب العمل لكن الأصول يجب أن تبقى قوية متينة. هذا هو سرّ متانة الثورة و رمز تقدم البلاد.
من هم أعداء ثورتنا في الوقت الحاضر؟ أعداء الثورة هم عدة قوى فاسدة ليس لهم سمعة أو ماء وجه في العالم. هؤلاء هم أعداء شعب إيران. و أصدقاء شعب إيران هم كل الذين سمعوا رسالة الثورة و رسالة الجمهورية الإسلامية. قد لا يكون البعض على اطلاع. كل من سمع شعارات الجمهورية الإسلامية و علم بصمودها و تعرّف على ثباتها إلى جانب ظلامتها يناصر نظام الجمهورية الإسلامية. و نظام الجمهورية الإسلامية معناه شعب إيران و جماهيرها. ليس الشعب منفصلاً عن النظام، إنما هو يقف سنداً و دعامة وراء النظام. هذا هو سرّ رصانة النظام و اقتداره.
من جوانب ما يقوله المسؤولون الأمريكان لمسؤولينا في تصريحاتهم المختلفة هو إننا لا نعتزم تغيير النظام في إيران. أولاً هم يكذبون، فلو كانوا يستطيعون لما ترددوا لحظة واحدة في تهديم هذا الأساس. و ثانياً هم لا يستطيعون. أجهزة الاستكبار تستطيع زحزحة النظام الذي لا يتوكّأ على أبناء الشعب. نظام الجمهورية الإسلامية يعتمد على إيمان الشعب و على محبة الشعب و على إرادته. أية ثورة يحضر فيها الشعب في الشوارع و يرفع الشعارات القوية المدوية لإحياء ذكرى الثورة بعد مضي عشرات الأعوام عليها؟ و سوف ترون إن شاء الله في يوم الثاني و العشرين من بهمن أن شعب إيران سيحضر مرة أخرى في كل المدن بكل قوة و يرفع صوته و يبدي اقتداره الوطني. المهم هو أن يعلم شعب إيران أن الصمود و الثبات هو سرّ نجاحه. و الشعب الإيراني و الحمد لله يعرف ذلك. المهم هو أن يعلم أن طريق أمنه هو عرض اقتداره الوطني، فليعرضوا اقتدارهم الوطني. للاقتدار الوطني مظاهر، و الشعب يعرض هذا الاقتدار في التجمعات الحاشدة، و في الميول و الاندفاع، و في أمثال مظاهرات الثاني و العشرين من بهمن، و في الانتخابات المختلفة، و يعرضه أيضاً في حالات التقدم العلمي، و في مواكبته لنظام الجمهورية الإسلامية. هذا هو المهم. الشيء الذي يصون أمن البلاد هو إبداء الاقتدار الوطني. حين يبدي الشعب اقتداره الوطني أمام الأعداء فلن يستطيع الأعداء فعل شيء.
للأسف يلاحظ المرء اليوم أن بعض الكلمات تصدر عن الأعداء بين حين و آخر، و هذا مبعث عبرة لشعبنا. في هذه المفاوضات التي تجري في هذه الأيام على الشعب الإيراني أن يرصد هذه المفاوضات و يراقبها، و أن يرى التصريحات غير المؤدّبة للمسؤولين الأمريكان و يراقبها و يعرف العدو. البعض يريدون صرف رأي الشعب عن عداء الأعداء، لا، لاحظوا العدو و لاحظوا ازدواجيته و نفاقه. المسؤولون الأمريكان يتحدثون في الجلسات الخاصة مع مسؤولي بلادنا بشكل و بمجرد أن يتركوهم يتحدثون في الخارج بشكل آخر. ليلاحظ شعب إيران هذه الازدواجية و النفاق لدى العدو و نيّاته السيئة القذرة. ليكن الشعب واعياً متنبّهاً. ليلاحظ الشعب الإيراني ضرورة صيانة اقتداره الداخلي. هذه هي توصيتنا الدائمة للمسؤولين. المشكلات الداخلية لا يعالجها سوى شيء واحد و هو النظر للإمكانيات الداخلية - و هذه الإمكانيات و الحمد لله كبيرة و كثيرة جداً - و الاستفادة منها بشكل حكيم. و لحسن الحظ فإن المسؤولين الاقتصاديين في الحكومة متنبّهون لهذا المعنى و قد توصلوا لهذه النتيجة. السبيل إلى رفع المشكلات الاقتصادية للبلاد - و نتحدث الآن عن هذا الجانب من المشكلات - ليس في النظر للخارج و رفع الحظر الذي يفرضه العدو و ما إلى ذلك. السبيل هو النظر للداخل و تقوية البنية الاقتصادية الداخلية، و هم يعتزمون القيام بهذا و سوف يتقدمون و يتوفقون في هذا الأمر إن شاء الله. لا يمكن النظر للعدو و التوقع منه. يقول الأمريكان في بعض تصريحاتهم و قلقلة ألسنتهم إننا أصدقاء للشعب الإيراني. إنهم يكذبون، و يمكن استنتاج هذا من أعمالهم. إنهم يهدّدون إيران، ثم يتوقعون أن تقلل الجمهورية الإسلامية من قدراتها الدفاعية.. أليس هذا مضحكاً؟ أليس هذا سخرية؟ في الوقت الذي يهددون يقولون قللوا قدراتكم الدفاعية. لا ، المسؤولون في القطاعات المختلفة و في القوات المسلحة سوف يزيدوا من قدراتهم الدفاعية يوماً بعد يوم بتوفيق من الله.
ما ينقذ البلاد هو الاعتماد على الطاقات الداخلية و النظر للذات، سواء على الصعيد الاقتصادي أو على صعيد مختلف الشؤون الاجتماعية و السياسية أو على مستوى الشؤون الثقافية. و سوف يجري تبليغ سياسات الاقتصاد المقاوم في المستقبل القريب إن شاء الله. و بعد تبليغ هذه السياسات سوف يصار إلى إنشاء البنى اللازمة و الأعمال اللازمة و المساعي اللازمة لتكوين اقتصاد مقاوم يعتمد على مقاومة الشعب، و سوف يواصل الشعب مسيرته. المهم هو أن يحافظ أبناء شعبنا على وحدتهم. على أبناء الشعب و المسؤولين و النخبة أن لا يسمحوا للهوامش بالمساس بالأصل. الأصل في مسيرة الشعب اليوم هو إيجاد الاقتدار الداخلي و الوقوف بوجه الأعاصير المعارضة المعاكسة. كانت هناك على مدى هذه الأعوام الـ 35 أعاصير و طوفانات شديدة و قد وقف الشعب و الحمد لله و أحبط تحركات الأعداء في هذه الأعوام الطويلة، و بعد الآن أيضاً يجب أن يستطيع الشعب إن شاء الله إحباط هذه التحركات و سوف يحبطها. ليحافظ أبناء الشعب على وحدتهم.. ينبغي رفع درجة الوحدة و الاتحاد و التعاطف و التقارب بين المسؤولين و أبناء الشعب. ليثق مسؤولو البلاد و مدراؤها بالشعب، و ليثق الشعب أيضاً بالمسؤولين. قد يكون لدى البعض نقودهم فلينقدوا، لكن لتكن النقود منصفة. بالنظر إلى أن الحكومة لم يمض على توليها زمام الأمور سوى شهور يجب منح الفرصة لتستطيع أن تتقدم بالأمور إن شاء الله إلى الأمام باقتدار و جدارة. على الناقدين أن يتفطنوا لهذه النقطة و يتعاملوا مع الحكومة بصدر منشرح، و على المسؤولين الحكوميين أيضاً أن يتعاملوا بصدر منشرح مع الناقدين. على الجميع أن يحترم بعضهم بعضاً و أن يقدروا ظروف بعضهم. لدينا أعداء و لأعدائنا عملاؤهم في داخل البلاد، هذا شيء ينبغي عدم الغفلة عنه. لا نسمح و لا تسمحوا لعملاء الأعداء في داخل البلاد باستغلال نقاط الضعف و إيجاد حالات من خلل و تضعضع. لنسر كلنا سوية و إلى جانب بعضنا في طريق الإمام الخميني الجليل و على درب اقتدار هذا البلد إن شاء الله. و الله تعالى سوف يوفق هذا الشعب، و سوف تسير الأمور على أحسن وجه إن شاء الله، و سوف ينتصر الشعب الإيراني في هذه الفترة من الزمن إن شاء الله على أعدائه بتوفيق من الله و حوله و قوته، سواء في ما يتعلق بالملف النووي أو القضايا المختلفة الأخرى.
نتمنى أن يوفقكم الله تعالى جميعاً لتستطيعوا أين ما كنتم - سواء في القوة الجوية أو في أي موقع من جيش الجمهورية الإسلامية، و في مجموعة القوات المسلحة، و كل أبناء الشعب - أن تنهضوا بواجباتكم، و أن ننهض كلنا إن شاء الله بواجباتنا، و نوفر إن شاء الله مستقبلاً جيداً لبلادنا و نظامنا و شعبنا العزيز.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الهوامش:
1 - اللواء الطيار حسن شاه صفي.
2 - سورة الفتح، شطر من الآية 29 .
3 - أقيم قبل اللقاء العام لقاء حضره قادة القوة الجوية.