بسم الله الرحمن الرحيم

أشكر الله تعالى على توفيقه اليوم للحضور في اجتماعكم المتحمّس المحتشد أيها الأعزاء في هذا المركز البالغ الأهمية من مراكز العمل و الاقتصاد و الصناعة، و اللقاء بكم أيها الأعزاء بمناسبة يوم العامل، الذي كان على الدوام مناسبة مهمة بالنسبة لنا. الارتياح اليوم مضاعف بالنسبة لي، و لأقل إن من البرامج الجذابة بالنسبة لي بشكل طبيعي على طول السنة هو اللقاء بالعمال بمناسبة يوم العامل. و قد ترافقت هذه المناسبة في هذه السنة بزيارة هذا المركز النشيط و الرائد، و مجموعة «مپنا» التي جمعت - و الحمد لله - خصوصيات متعددة من تجليات العمل المنشود في البلاد إلى جوار بعضها، و هذان العاملان - [اللقاء بالعمّال و زيارة مجموعة مپنا] - هما اليوم مبعث ارتياح و فرحة. كانت الزيارة اليوم مغتنمة جداً بالنسبة لي، و اللقاء بكم أيها الأعزاء و العمال و الناشطون هو أيضاً فرصة مغتنمة أخرى.
إننا على أعتاب شهر رجب، و رجب شهر العبودية لله، و شهر التوجّه لله و ذكره. و نحن أبناء البلاد و المحبّين لمصير البلد و الشعب، نعتقد - و الجميع في البلاد تقريباً يعتقدون - أنه يمكن بمعونة الله و هدايته و تسديده القيام بالكثير من الأعمال، و قطع خطوات واسعة.
أذكر نقطتين على وجه الاختصار و الإيجاز: النقطة الأولى تتعلق بقضايا العمل و العامل. ما شدّدنا عليه دوماً و نؤمن من أعماق كياننا بأنه ضرورة للبلاد و لثقافة البلاد العامة عبارة عن تكريم و احترام العمل و العامل. للعامل معنى عام. كان الإمام الخميني (رضوان الله عليه) يقول: كان الأنبياء أيضاً عمالاً. و هذا هو الواقع. في مجموعتكم أيضاً مدراؤكم و ناشطوكم و مخططوكم و صناع فرص العمل عندكم الذين يوفرون إمكانية تنمية العلم و تطويره و رفع جودته، وصولاً إلى كل واحد من العمال - العمال المتعلمين الخريجين، و العمال المهرة، و العمال أصحاب التجربة، إلى العمال العاديين - كلهم عمال. العمل نفسه محترم، و التحرك و السعي في الاتجاه الصحيح له احترامه بحدّ ذاته. هذه هي نظرة الإسلام. كل شيء يجب أن يتقوم على أساس هذا التكريم و الاحترام. إذا طرحنا شيئاً باسم حقوق العامل و منزلته فيجب أن يكون على أساس هذا الاحترام للعمل و للعامل. و واقع القضية هو أن الحضارات الإنسانية و التقدم المادي في العالم في كل العهود و العصور و كذلك التقدم المعنوي و الروحي و الداخلي لكل إنسان لا يمكن أن يتحقق إلّا بالعمل. لا بدّ من العمل و لا مندوحة من السعي و المثابرة. هذه الآية التي تلاها لنا اليوم المقرئ حسن الصوت: «وَ اَن لَيسَ لِلاِنسانِ اِلّا ما سَعي» (1).. معناها أن مكتسباتكم ليست إلّا في ظل مساعيكم و جهودكم و عملكم. ينبغي أن نفكر بهذا الشكل على كل المستويات. يجب أن نعمل.
النظرة الخصامية بين العامل و رب العمل و ما إلى ذلك، هذا تفسير خاطئ لحقيقة. الكل يجب أن يتعاونوا. بل إن نظرة التضاد و التعارض و التزاحم التي سادت الأفكار الغربية - و هي لا تختص بالماركسيين، فقد كانت هناك قبل الماركسيين أيضاً نظرة شائعة دارجة في الأفكار الغربية تقوم على التضاد و التعارض - نظرة مرفوضة من وجهة نظر الإسلام. إنها ليست بالنظرة المقبولة. في الإسلام هناك دعوة للألفة و الائتلاف و الوحدة و التعاون و التراحم. هذا هو أساس الفكر الإسلامي في كل الأنشطة. و طبعاً للتعامل حدوده و ضوابطه، و لكل شخص حقوق ينبغي مراعاتها، و هي ممكنة التحقيق في ظل الحكومة الإسلامية. النظرة التعارضية خاطئة. و النظرة الصحيحة في الإسلام هي نظرة التعاون و التعامل و التواصل. هذه فكرة يجب أن تكون في كل شؤوننا و كل القضايا المتعلقة بالحياة. يضطر المرء للدفاع في مقابل الشخص الذي يريد توجيه الضربات للمكانة النفسية و الروحية و الفكرية و الوجودية للإنسان و المجتمع، لكن السياق الأصلي هو التعاون و التعامل و الائتلاف. هذه هي النظرة الأساسية للإسلام. نعتقد أن مجتمعنا العمالي يجب أن يكرّم و يحترم. نعتقد أن كل من يعمل و يقوم بعمله و يقوم به بشكل حسن جيد فهو محظيّ بالرحمة الإلهية. يقول: «رَحِمَ اللهُ اِمرَءً عَمِلَ عَمَلاً فَأَتقَنَه». الذي يقوم بعمله بوجه حسن و صحيح مشمول بالرحمة الإلهية. هذه هي النقطة الأولى و إحدى النقطتين الأساسيتين التي كان من اللازم أن أذكرهما.
النقطة الثانية تتعلق بالحقيقة التي يمكن مشاهدة واحدة من تجلياتها الجميلة في هذه المجموعة العاملة أي مجموعة مپنا. إنها حقيقة الكفاءة.. الكفاءة الناتجة عن العلم و الذكاء و المثابرة و الإبداع و العزيمة الراسخة، و التي نشاهدها لحسن الحظ في هذه المجموعة. هي هذه نظرتنا لكل حركة البلاد.
«العزيمة الوطنية و الإدارة الجهادية» هو الشعار الذي طرح لهذا العام 1393 ، لكنه ليس بالشيء الذي يتعلق بهذه السنة فقط، بل هو هويتنا و سمعتنا و مستقبلنا و الشيء الذي يرسم مصيرنا. إذا كانت العزيمة الوطنية و إذا توفرت الإدارة الجهادية فسوف يتقدم الاقتصاد و تتطور الثقافة. و الشعب الذي يكون له اقتصاد متقدم و ثقافة متقدمة يرتقي إلى الذرى و لا تناله إهانة. قبل الثورة أهانونا لعشرات السنين. الشعب الإيراني بهذه السوابق و بهذه الحضارة العريقة، و بكل هذا التراث الثقافي العميق، و بكل هؤلاء العلماء في مختلف الحقول و الميادين على مرّ التاريخ، وصل به الأمر إلى حيث أن حكام هذا الشعب و من أجل أمور البلاد الأساسية كان يجب أن يبعثوا أناساً إلى السفارة البريطانية و سفارة أمريكا ليحصلوا على إذن من السفير البريطاني و السفير الأمريكي. فهل إهانة أسوء من هذه لشعب؟ يوم لم يكن هناك أثر للعلم و المعرفة في أوربا و الغرب، و يوم كان الجهل سائداً على تلك البلدان بالمعنى الحقيقي للكلمة، قدّمت إيران للعالم أمثال الفارابي و ابن سينا و محمد بن زكريا الرازي و الشيخ الطوسي و غيرهم من الشخصيات العظيمة. هذا هو تراثنا، و هذا هو ماضينا. ما كان يجب أن نهان، و ما كان يجب أن نسمح للقوى العالمية الناهبة أن تأتي و تمسك اقتصادنا بيدها، و تنهب نفطنا و تسيطر على مصادرنا، و تهين شعبنا من النواحي السياسية و الاجتماعية. لكن هذا حصل.
إذا أراد الشعب الإيراني أن يكسب مكانته اللائقة فإن هذه المكانة معروفة. لقد قلت مراراً إن شعبنا يجب أن يصل إلى حيث يضطر الباحثون في العالم من أجل أن يبلغوا قمم العلم إلى إتقان اللغة الفارسية. هذه مكانة معرّفة و مطروحة. و قد نصل إلى هذا المستوى بعد خمسين عاماً، لا بأس.. فليكن. إذا أردنا أن نصل إلى هذه المكانة المعرّفة المطروحة يجب أن نستخدم العلم و الذكاء و القدرة العالية على الحراك و الفعل، و القدرة على الإبداع و الابتكار، و العزيمة الراسخة في كل المجالات. يجب الارتفاع بمستوى الاقتصاد، و الارتفاع بمستوى الاقتصاد غير ممكن و لا مفيد من دون نمو ثقافي. ينبغي للثقافة أيضاً أن ترتفع و تترقى. إذن شعار هذه السنة شعار حياتنا و هو شعارنا الدائمي. و لحسن الحظ فإن هذا هو ما يشاهده المرء في مختلف قطاعات المجتمع الاقتصادي و الصناعي الناشط للبلاد بما في ذلك مجموعة «مپنا» هذه. طبعاً كان لديّ تقارير، و قد شاهدت اليوم جوانب من ما كنا قد قرأناه في التقارير. هذا يدل على أن الشعار الذي رفعه إمامنا الخميني الجليل، أي شعار «نحن قادرون» هو شعار واقعي و ليس مجرد شعار لفظي. هذا هو الحال حقاً. الأعمال التي كانت بالنسبة لبلادنا - من وجهة نظر بعض الخواص و المدارء - غير ممكنة تحصل اليوم بسهولة و انسيابية في مجموعتكم هذه.
لا أنسى في الأعوام الأولى من عقد الستينيات [الثمانينيات من القرن العشرين للميلاد] حينما كنت رئيساً للجمهورية، في منطقة من البلاد لا أروم ذكر اسمها، كان لدينا محطة طاقة غازية نصف منتهية، و كنا نصرّ و نقول لهم إننا يجب أن ننهي هذه المحطة بأنفسنا. و جاءني بعض المسؤولين - و البعض منهم على قيد الحياة و بعضهم انتقل إلى رحمة الله و فارق الحياة - و قالوا: يا سيدي، هذا غير ممكن، لا تجهدوا أنفسكم عبثاً، و لا تبذلوا مساعي عبثية. جاءوا ليثبتوا لي و يقنعوني بأننا لا نستطيع، و يجب أن نطلب من تلك الشركة الصانعة أو شركة أخرى في العالم أن تأتي، و كان ذلك في بحبوحة الحرب و فترة الحرب كانت فترة ضغوط كثيرة و حظر عسير.
و اليوم استطعتم أنتم شباب هذا البلد و الناشطون فيه و مدراؤه الجهاديون الأعزاء أن ترفعوا أنفسكم إلى مرتبة عليا في إنشاء محطات الطاقة الغازية - المرتبة السادسة في العالم - هناك شركة في أمريكا و شركة في ألمانيا و شركة في فرنسا و شركة في إيطاليا و شركة في اليابان، و أنتم تحتلون المرتبة السادسة في العالم، و أنتم تصنعون محطة طاقة غازية.. هذا شيء مهم جداً. في تلك الأعوام كانوا يقولون لنا إن هذا غير ممكن، و لكن بفضل المثابرة و الهمّة و التوكّل على الله تعالى، و بتشجيع الطاقات الموهوبة، و بالعزيمة الراسخة التي أبداها المدراء الإيرانيون، حصل هذا الشيء. أريد أن أقول: يا أعزائي.. هذا المستوى الذي أنتم فيه اليوم ضاعفوه عشرة أضعاف، فهذا الشيء أيضاً قابل للتحقيق و الحصول، و سوف يحصل. بعض الأشياء لا تستطيع الهمم الدانية و النظرة القاصرة أن تدركها و تفهمها، لأنها لا تعرف طبيعة الإنسان، و لأنها لا تفهم المعونة الإلهية، و لا تدرك قدر و قيمة العزيمة الراسخة، و تنكر مواهبنا الداخلية الذاتية. و هذه بدورها من البلايا التي نزلت بشعب إيران. سنوات طويلة من الهيمنة الثقافية و السياسية و الاقتصادية للأجانب على هذا البلد، رسّخت في الأدمغة فكرة أن الإيراني لا قدرة لديه، لاحظوا أية خيانة كبرى! الموهبة الإيرانية أعلى من المتوسط العالمي. الشاب الإيراني و الموهبة الإيرانية تحتل درجات عالية في سلّم المواهب البشرية في العالم، و إذا بهم يتظاهرون بأنه لا توجد هنا مواهب. هذا ما يتعلق بقبل الثورة و قد بقي للأسف إلى سنوات بعد انتصار الثورة، فقد كان هناك أفراد تجذرت هذه الأفكار الخاطئة في أذهانهم.
و لأروي لكم أيها الأعزاء - الإخوة و الأخوات - هذه الذكرى فأقول: جاءني شخص ليثبت أننا يجب أن لا نتابع مشاريع الطرق و الطرق السريعة التي نريد إنشاءها. كان يقول إننا ليس لدينا مدير مشاريع.. ليس لدينا مدراء.. و كان يسوق الأمثلة. الأشياء التي تجعل الشعب متخلفاً هو هذه الأفكار. الحمد لله أنتم في هذه المجموعة عمل عمالكم و مدراؤكم و مسؤولوكم و مصمموكم كلهم بشكل جيد، و صارت مجموعة «مپنا» هذه اليوم مجموعة باعثة على الفخر و الاعتزاز و المباهاة.. مباهاة البلد بكم و مباهاتكم أنتم الذين استطعتم أن توجدوا هذه القدرات و تعرضوها على الصديق و العدو.. يجب أن تتباهوا و تفخروا بذلك. كلكم في أي موقع كنتم، من عمال و مدراء و مسؤولين و مصمّمين و مبرمجين و قطاعات مختلفة يجب أن تفخروا لأنكم ساهمتم في تكوين هذه النتائج الجميلة و الباعثة على الفخر. طبعاً ينبغي دعم أنشطة هذه المجموعة و المجاميع المماثلة. و من جملة أعمال الدعم أن تجد الأجهزة الحكومية نفسها مكلفة بعدم نحت منافسين أجانب لمنتجات هذه المجاميع. هذا أحد جوانب الاقتصاد المقاوم الذي تحدثنا عنه. الإنتاج الداخلي هو العمود الفقري للاقتصاد المقاوم. إذا أريد للإنتاج الداخلي أن يزدهر فمن المتيقن أنه يجب ضخّ المساعدات فيه و الحيلولة دون الأمور و الأشياء التي تمنع نموه و ازدهاره، و كذلك يجب أن توفر لمنتجاته الأسواق، و تجري السيطرة بشكل من الأشكال على استيراد المنتجات المشابهة لمنتجاته - و لا نستخدم هنا كلمة المنع - بل يجب أن تخضع هذه العملية لمراقبة دقيقة وفق حسابات. كما يجب على الحكومة أن تساعد في خصوص العقود الخارجية التي تبرمها هذه المجموعة و أمثال هذه المجموعة. قلنا إن اقتصادنا داخلي التدفق خارجي النظرة. علينا أن ننمو و نتدفق و تتضاعف إمكانياتنا و قدراتنا من الداخل، و لكن يجب أن تكون لنا نظرتنا للخارج. الأسواق العالمية لنا، و ينبغي أن نستطيع بهممنا و إبداعاتنا أن نتواجد و نشارك في هذه الأسواق، و هذه المشاركة غير متاحة من دون دعم الحكومة. طبعاً يمكن لقطاعات مختلفة من الحكومة أن يكون لها نصيبها و إسهامها في هذا المجال.
عامل «الإدارة الجهادية» المهم عبارة عن الثقة بالذات، و الاعتماد على النفس، و التعويل على العون الإلهي. حين أشرت إلى الاسم المبارك للإمام الباقر (عليه السلام) و الاسم المبارك للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) و التبرك بأيام شهر رجب في بداية حديثي، فهذا هو السبب. لنستمد العون من الله و نتوكل عليه في كل أعمالنا، و لتكن لنا ثقتنا بالعون الإلهي. حينما تطلبون العون من الله تعالى فستنفتح الطرق أمامكم: «وَ مَن يتَّقِ اللهَ يجعَل لَهُ مَخرَجًا ، وَ يرزُقهُ مِن حَيثُ لايحتَسِب» (2).. هذا الرزق الذي تذكره هذه الآية و الوارد في آيات أخرى، يصل لنا أنا و أنتم بأشكال مختلفة. أحياناً تنقدح في أذهانكم أفكار كالبرق و ينفتح طريق كان مغلقاً، هذا بدوره رزق إلهي. و في فترة ضغوط متراكمة يشرق فجأة أمل وافر في قلوبكم، هذا أيضاً من الرزق الإلهي. إذن، يجب الاعتماد على العون الإلهي، و استخدام الذكاء و العلم و هذا بدوره من أركان المقاومة الاقتصادية، و قد جرى شرحه في موضعه.. لا بدّ من المجاميع العلمية المحور و مجموعتكم هذه لحسن الحظ من النماذج البارزة للمؤسسات العلمية المحور.. و الاستعانة بالمثابرة و السعي الدؤوب، إذ ينبغي عدم الاستهانة أو الاستخفاف بالعمل، فلا تقنعوا بالتقدم الذي أحرزتموه، و تطلعوا و تشوقوا إلى مزيد من التقدم. الاقتناع بهذه الحدود التي توصلنا لها يصيبنا بالتوقف و الركود و المراوحة. لا بدّ من إبداع و سير في طرق جديدة و انتهاج طرق اختزالية.
من جملة النقاط التي سجلتها لأذكرها، و لحسن الحظ شاهدت اليوم أثناء زيارتي و تجوالي أنها تحظى بالاهتمام، قضية البحث العلمي و التنمية و هي على جانب كبير من الأهمية. الحمد لله وجدت أنهم خصصوا قطاعاً أو قسماً مهماً للبحث العلمي و التنمية. قضية أخرى هي التعاون و التواصل بين القدرات و الطاقات في القطاعات المختلفة، حتى تكون على معرفة و اطلاع بعضها ببعض. هل هذه الإمكانيات و القدرات الموجودة في «مپنا» معروفة لدى القطاعات الاقتصادية و الصناعية الناشطة في البلاد؟ هل هم مطلعون عليها؟ هل جامعات البلاد على اطلاع كامل بإمكانيات و قدرات «مپنا»؟ و هل أنتم مطلعون على قدرات الجامعات؟ طبعاً يقول الأعزاء الذي رفعوا التقارير (3) إنهم ناشطون في هذا المجال، لكنني أروم التأكيد على هذه القضية.. قضية التعاون و الاستفادة من إمكانيات البعض كما هي الأواني المستطرقة. لينتفع الكل من الكل، فهذا التعاضد و التكامل يؤدي إلى مزيد من التقدم.
ذكر المدير المحترم السيد علي آبادي في حديثه نقطة اعتقد أنا أيضاً بها و أؤيدها و تنبهت لها دوماً. قال إنهم يرفعون الحظر عن أيّ موضع نكتسب فيه القدرات اللازمة. و هو على حق. الحظر يفرضونه على الأشياء و المواقع التي تكون فيها أيديكم مغلولة. و في أي قطاع تستطيعون أن تبدوا عن أنفسكم تحركاً و تقدماً يشعر الطرف المقابل أن الحظر عملية عبثية و حمقاء و لا طائل منها. و المثال الواضح لذلك هو هذا اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين بالمائة الذي كنا بحاجة ماسة له لمحطة طاقة طهران للأبحاث. كان مخزون البلاد آيلاً للنفاد، و بذلك سوف تتعطل محطة الطاقة هذه، و تغيب بذلك الأدوية الإشعاعية التي يحتاجها الناس و كانت تنتج هناك. و حاول المسؤولون أن يحصلوا على اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين بالمائة. و قصة الألاعيب و التمثيليات التي أطلقها عتاة العالم - و على رأسهم أمريكا و بعض القوى الأخرى - بشأن اليورانيوم المخصّب بنسبة عشرين بالمائة قصة طريفة و طويلة و جديرة بالسماع لمعرفة ما الذي فعلوه! كنا على استعداد لشراء هذه المادة، لكنهم تشبثوا بأنواع الحيل و الألاعيب ليخلقوا عراقيل، إلى أن وصلت الجمهورية الإسلامية أخيراً إلى نتيجة أن تنتج بنفسها اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين بالمائة. لكنهم لم يكونوا يصدقون أن هذا سيحدث، و لم يكونوا يصدقون حتى لو تم إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين بالمائة، أن نستطيع بعد ذلك إنتاج الوقود منه، أي إنتاج قضبان الوقود و صفحات الوقود من هذا اليورانيوم. و قد استطاع شباب الجمهورية الإسلامية - شباب أمثالكم - و العلماء الشباب بذكائهم و إبداعاتهم و بالإدارة الجيدة أن يقوموا بهذا العمل. و بعد أن أدرك العالم كله الآن أن الجمهورية الإسلامية حصلت على هذه التقنية و أنتجت هذا المحصول و تستطيع الاستفادة من هذا المنتج، إذا بهم يتحركون، و يقول هذا الطرف تعالوا و اشتروا منا، و يقول ذاك الطرف تعالوا و اشتروا منا.. يقولون: إننا على استعداد لبيعكم هذه المادة، و لكن لا تنتجوها بأنفسكم.
هكذا هو العالم.. ضغوط العالم و ألاعيبه و التمثيليات السيئة للقوى المختلفة الكبرى و الصغرى في العالم أمام نظام الجمهورية الإسلامية و أي نظام مستقل تابع لضعف هذا النظام أو قوّته. أين ما كنتم ضعفاء ازدادت غرابة أطوارهم و ألاعيبهم، و أين ما كنتم أقوياء و مقتدرين و تقفون على أرجلكم و تعتمدون على أنفسكم يضطرون أن يتعاملوا معكم بأدب أكثر و منطق أكثر. هذا هو مفتاح حلّ كل مشكلات البلاد. يجب أن تتدفق البلاد من الداخل. يجب أن تأمّنوا أنفسكم داخلياً و ذاتياً على المستوى الاقتصادي و لأجل مستقبلكم. و الشعب الإيراني شعب موهوب و قادر، و طاقاتنا الإنسانية لا نهاية لها، كما أن ذخائرنا الطبيعية أيضاً كثيرة جداً لحسن الحظ. نتمنى أن يوفقكم الله تعالى جميعاً، و يوفقنا و يوفق مسؤولي البلاد و كل واحد من أبناء الشعب لنستطيع إن شاء الله العمل بواجباتنا.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.‌

الهوامش:
1 - سورة النجم، الآية 39 .
2 - سورة الطلاق، أجزاء من الآيتين 2 و 3 .
3 - السيد علي ربيعي وزير التعاون و العمل و الرفاه الاجتماعي، و السيد عباس علي آبادي رئيس الهيئة الإدارية في مجموعة «مپنا».