رسائل ونداءات

بيان بمناسبة انتصار حزب الله لبنان

بسم الله الرحمن الرحيمحضرة الأخ المجاهد الغالي السيد حسن نصر الله أدام الله عزّه وعافيته.سلام عليكم بما صبرتم..تحيّة لكم ولإخوانكم ولمجاهدي حزب الله فرداً فرداً وبعد،فإن الذي أهديتموه للأمة الإسلامية بجهادكم وصمودكم المنقطع النظير يفوق حدود وصفي، وإن جهادكم البطولي المظلوم والذي تكلّل بالنصر الإلهي لكم، قد برهن مرة أخرى أن الأسلحة المتطوّرة الفتّاكة غير فاعلة أمام الإيمان والصبر والإخلاص، وأن الشعب الذي يملك الإيمان والجهاد لا ينهزم أمام هيمنة القوى الظالمة.لقد كان انتصاركم انتصاراً للإسلام، ولقد استطعتم بحول الله وقوّته أن تثبتوا بأن التفوّق العسكري ليس بالعدد والأسلحة والطائرات والبوارج والدبابات، وإنما هو مرهون بقوة الإيمان والجهاد والتضحية مع الاستعانة بالعقل والتدبير.إنكم فرضتم تفوّقكم العسكري على الكيان الصهيوني، كما كرّستم التفوّق المعنوي القيمي على الأصعدة الإقليمية والعالمية، وقد سخرتم من الخرافة القائلة بأن الجيش الصهيوني لا يقهر، وكشفتم عن زيف مهابة هذا الجيش وكشفتم للجميع مدى هشاشة الكيان الغاصب.إنكم جلبتم العزّة للشعوب العربية وكشفتم للعيان عن مدى قدرات هذه الشعوب في الساحة العملية، بعد أن حاولت الأجهزة الإعلامية والسياسات الاستكبارية إنكار هذه القدرات ونفيها لعشرات السنين.إن ما حدث يشكّل حجّة من الله تعالى على جميع الحكومات والشعوب الإسلامية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.لقد أصبحتم مرة أخرى مصداقاً لهذه الآية القرآنية المشرقة: {قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك عبرة لأولي الأبصار}، وأولو الأبصار في عالم اليوم هم تلك الجماهير المليونية والشباب الغيارى المؤمنين في دول المنطقة، والساسة النزيهين والمستقلّون والعقلاء.إن جهادكم المظلوم قد فضح العدو وكشف عن وجهه الحقيقي. إن ما ارتكب من مجازر بشعة بحق المدنيين، وقتل الأطفال والأبرياء والنساء العزلاوات، ومجزرة قانا وكثير من الأحداث المماثلة الأخرى، وتشريد آلاف العوائل وتدمير البنى التحتية لأجزاء مهمة من لبنان، وغيرها من المآسي، كل ذلك كشف عن الوجه الحقيقي لقادة أميركا وبعض الدول الأوروبية جنباً إلى جنب مع وجه الكيان الصهيوني الكريه البغيض. كما كشف عن مدى الكذب والزيف والرذالة الذي يحفّ بالشعارات الكاذبة المنافقة التي يرفعها هؤلاء: حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية. وقد كشف أيضاً عن مدى المآسي التي يمكن أن تطال المجتمع الإنساني عندما يكون قادة الدول بعيدين عن الرحمة والشفقة والمنطق والصدق.إن التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي والتي اعتبر خلالها جرائم الكيان الصهيوني عمليات دفاعية، ومزاعمه المضحكة حول انتصار إسرائيل في حرب لبنان، جسّدت أمام أعين الجميع نموذجاً ساخراً لهذه القسوة والفظاعة، وانعدام الحق.أما لبنان، وما أدراك ما لبنان. لقد برز لبنان مشرقاً مشعشعاً بفضل عزيمة شعبه وبسالته. لقد أخطأ العدوّ في تصوّره بأنه من خلال مهاجمته لبنان يستهدف أضعف حلقة في سلسلة دول المنطقة، ليدشّن مشروعه الشرق أوسطي الموهوم كما ينشده هو، إلا أن العدو الأميركي ــ الإسرائيلي كان في غفلة عن صبر الشعب اللبناني وذكائه وبسالته، كما كان في غفلة عن قوة سواعد لبنان الضخمة، ومن السنّة الإلهية التي تشير إليها الآية الكريمة: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}، وقد أفاقته من غفلته تلك الصفعة القوية التي تلقّاها من الشعب اللبناني وشبابه البواسل وساسته الأذكياء.واليوم يحاول العدوّ بتر هذا الساعد القويّ الفاعل، ويعمل على إثارة الخلاف بين السياسيين، وبثّ جراثيم الجزع وانعدام الصبر والشك والتردّد بين المواطنين. فعلى الجميع أن يكونوا يقظين أمام هذه السموم المرشوشة. إنكم ستنجحون بحول الله وقوّته في إحباط مؤامرات العدوّ، ومستحقّون بذلك انتصاراً ثانياً إن شاء الله.إن الجهاد الذي تواجهونه اليوم في هذه الساحة لا يقلّ أهمية عن جهادكم المفعم بالتضحية والتفاني في الساحة العسكرية. وإن عناصر الصبر والتوكّل والإخلاص والتدبير، تشكّل المقوّمات المصيرية في هذه الساحة.أحيّيكم، وأحيّي سائر الإخوة الأبطال في ساحة الجهاد، وأقبّل أياديكم وسواعدكم. سيد علي الخامنئي  

100 يوم من الطوفان