إليكم النص الكامل للمقابلة التي أجرتها معه الصحفية والكاتبة السياسية مروة عثمان من بيروت، لبنان:
ما الذي يميّز مؤتمر دعم الإنتفاضة الفلسطينية هذا العام وفي هذا الوقت بالذات، خاصّة بعد خطاب قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي الذي اعتبره البعض إعلان بيان ختامي للمؤتمر في دقائقه الأولى؟
من دون شك المؤتمر كان علامة فارقة بالموقف السياسي والشعبي والمقاوم حيال القضية الفلسطينية لأن توقيته يأتي في مرحلة حساسة نرى فيها محاولات لطمس نهائي للقضية الفلسطينية. حتى أولئك الذين يسيرون في مسار التسوية تلقوا ضربة قاضية على ضوء المواقف التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء العدو بنيامين ناتنياهو تجاه القضية الفلسطينية. هناك محاولة لتغيير وجهة الصراع بالكامل في المنطقة ونقله إلى مسارات أخرى، فجاءت أعمال المؤتمر وجاء توقيت المؤتمر ليقول أن الراية الفلسطينية لا تزال مرفوعة وأن هناك دولة وحيدة في هذا العالم تعقد مثل هذا اللقاء البرلماني الفكري، الثقافي، السياسي والشعبي وتجمع هذا الحشد الكبير سواء من رؤساء برلمانات أم من برلمانيين أم من حركات مقاومة أم من فصائل فلسطينية جاءت كلها إلى هذا المؤتمر لتؤكد إيران من جديد أنها تتبنى هذه القضية وأنها الداعم الرئيسي لفلسطين ولتحرير فلسطين وللمقاومة في فلسطين. خطاب الإمام السيد علي الخامنئي الذي عدّه المؤتمر الوثيقة الأساسية، في الحقيقة رسم الإطار العام، البرنامج وحتى الخطوات التي يمكن أن يسلكها الشعب الفلسطيني قوى المقاومة الفلسطينية من أجل تحقيق الأهداف.
جاءت أعمال المؤتمر وجاء توقيت المؤتمر ليقول أن الراية الفلسطينية لا تزال مرفوعة
لو قرأنا هذا الخطاب بدقّة لرأينا أنه خُصص لقضية فلسطين، كل الخطاب ركز على القضية الفلسطينية و لم يطرح أي قضايا أخرى ليؤكد أن هدف المؤتمر هو فلسطين وليس أي شيء آخر وهذا ما عهدناه في الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه واليوم بقيادة الإمام السيد علي الخامنئي أنها صادقة في تبنيها للقضايا المحقة العربية والإسلامية وفي طليعتها قضية فلسطين. هكذا كانت مع فلسطين قبل الثورة من خلال موقف الإمام، أي أن قيادة الثورة كانت مع فلسطين ومن ثم خلال تأسيس الجمهورية الإسلامية وإلى اليوم في كل الظروف التي مرت بها إيران، نرى أن قضية فلسطين قضية محورية بالنسبة إليها. الأمر الآخر الذي رسم ما نسميه خطاً بيانياً لخطاب الإمام القائد من خلال موقف الآخرين المبني على قربهم من المقاومة أو ابتعادهم عن المقاومة. لم يصنف القوى حسب إنتماءاتها السياسية والدينيّة والقوميّة وما إلى شابه. صنّف هذه القوى على أساس قاعدة واحدة: من مع المقاومة فإن إيران معه، ومن ليس مع المقاومة إيران ليست معه.
قيادات الجبهات و الفصائل الشعبية الفلسطينية اليسارية منها والإسلامية حظيت بإهتمام كبير في إيران وفي المؤتمر خصوصاً، واعتبرت هذه الإشارة رسالة دعم كبير وعلامة مميّزة مع إيران. ولكن كيف سيتم ترجمة ذلك على الأرض علماً أن بعض الفصائل الفلسطينية كانت قد أعلنت سابقاً عدم موافقتها على خيارات إيران في المنطقة وفي سوريا خاصّة؟
لذلك القائد لم يجعل موقف إيران تجاه أي فصيل فلسطيني مبني على موقف هذه الفصائل من أي قضية إقليمية أو محلية أو ما شابه. لم يقل مثلاً الذي وقف مع سوريا أو ضد سوريا، مع اليمن أو ضد اليمن، مع البحرين أو ضد البحرين، مع أي قضية أخرى. قلت هذا خط بياني وأعتقد أنه رسالة مهمة لكل حركات المقاومة. الدعم الإيراني مبني على موقف إيران من الصراع العربي الإسرائيلي وليس على أي أمر آخر، وهذا فتح أبواب كثيرة للجميع. الأمر الآخر في الخطاب هو ما أعاد تأكيده القائد السيد علي الخامنئي، أن راية المقاومة ستبقى مرفوعة وإذا تخلى عنها البعض سيأتي من الشعب الفلسطيني من يرفعها لأن روح المقاومة في هذا الشعب موجودة منذ قبل عام 1948، منذ الثورات الأولى في الثلاثينيات إلى نشأة المقاومة إلى تطور المقاومة وإلى اليوم. وهذا ما نراه في المسار التاريخي للشعب الفلسطيني، عندما يتخلى فصيل عن المقاومة يأتي فصيل آخر ويرفع هذه الراية. حتى اليوم نرى أن الإنتفاضة الراهنة إنطلقت من شباب فلسطينيين دوافعهم مواجهة الإحتلال. ربما الكثير منهم لا ينتمي إلى أي فصيل فلسطيني وهذا ما أشار إليه القائد بطريقة أو بأخرى.
ما هو المطلوب اليوم من الفصائل الفلسطينية لإعادة الزخم مرة أخرى للقضية الفلسطينية وجعلها في سلم أولويات المنطقة؟
انطلقنا في البيان الختامي للمؤتمر من ركائز ثلاث: أولاً المقاومة هي الطريق الوحيد لتحرير فلسطين أي إلتزام خيار المقاومة، ثانياً وحدة الشعب الفلسطيني خلف هذا الخيار أي أن عنوان الوحد هو المقاومة والمقاومة قادرة على أن تجمع. وثالثاً أن الانتفاضة الراهنة هي فرصة حقيقية على الجميع أن يعملوا على دعمها من أجل أن تنمو وتستمر.
المطلوب اليوم على مستوى الفصائل الفلسطينية هو إعادة التأكيد على خيار المقاومة وإعطاء زخم للعمل المقاوم بالوحدة
نحن نعرف أن الانتفاضة الأولى في أواخر الثمانينيات قد هزّت الكيان الإسرائيلي، و جاءت عمليات المقاومة المتصاعدة في التسعينيات أوصلت في النهاية إلى تحرير غزّة. غزّة حُرّرت بالمقاومة. فوضعنا هذه الركائز الثلاث وهذه تمت بموافقة الفصائل الفلسطينية، بموافقة المجتمعين واعتبرت القواعد التي ننطلق منها في هذه المرحلة. فإذن المطلوب اليوم على مستوى الفصائل الفلسطينية هو إعادة التأكيد على خيار المقاومة وإعطاء زخم للعمل المقاوم بالوحدة، لأن التشتت والشرذمة هي عوامل ضعف، لذلك الوحدة تُلزم الجميع بخيار المقاومة. لدينا اليوم حالة ناشئة عن طريق الشباب الفلسطيني الذي يبادر إلى القيام بأبسط الإمكانات ذات الفعل الكبير، لذلك عندما يتم التوحد حول هذا الخيار أعتقد أن الشعب الفلسطيني يحتاج إلى مثل هذه الركائز الثلاثة من قبل فصائله.
ما دور السلطة الفلسطينية في كل ما سبق وذكرته عن الوحدة بين الفصائل والتأكيد على خيار المقاومة؟
نحن منذ اليوم الأول قلنا خيار التفاوض خيار عقيم وهذه هي النتائج وصلنا اليها اليوم. حتى أولئك الذين ساروا في المسار التفاوضي، وصلوا إلى نقطة لم يستطيعوا أن يحصلوا من خلالها على شيء. وجاء ترامب ونتنياهو ليقولوا انتهى المسار التفاوضي.
عطفاً على ما ذكرت، بعد زيارة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الرئيسَ الأميركي دونالد ترامب، أعلن ترامب وقوف أميركا بشكل كامل مع إنشاء دولة إسرائيل ودعمها في وجه كافة أنواع المقاومة في المنطقة. هل هذا الموقف بمثابة ضوء أخضر لإسرائيل للهجوم على المقاومة في لبنان وفلسطين؟
الولايات المتحدة دائماً كانت إلى جانب الإسرائيلي. لم يمر في يوم من الأيام أن كانت الولايات المتحدة منحازة إلى أي من قضايانا في المنطقة وخصوصاً فيما يتعلق بالصراع مع العدو الصهيوني. الولايات المتحدة تتبنى السياسات الإسرائيلية، وجاء ترامب ليكشف الوجه الحقيقي، ليعبّر في العلن عما تمارسه الإدارة الأميركية على مدى سنوات الصراع الطويلة في السر. هو فقط ظهّر الموقف الأميركي على المستوى العلني، ولكن بالحقيقة هذا هو الموقف الأميركي التي تمارسه الإدارات الأميركية منذ زمن. هل هذا يشكل ضوءاً أخضر؟ نحن نعتبر إسرائيل حالة عدوانية دائمة وأن وجودها هو عدوان وأن إحتلالها للأرض هو عدوان وهو حرب، لكن هذه الحرب تشهد أحياناً وقفاً لإطلاق النار.
الولايات المتحدة تتبنى السياسات الإسرائيلية، وجاء ترامب ليكشف الوجه الحقيقي، ليعبّر في العلن عما تمارسه الإدارة الأميركية على مدى سنوات الصراع الطويلة في السر
اليوم ما تمارسه إسرائيل في فلسطين أليس حرباً على الشعب الفلسطيني؟ بناء المستوطنات، جرف الأراضي، إقامة الجدار، إعتقال آلاف الفلسطينيين، استمرار احتلال جزء من الأراضي اللبنانية، استمرار احتلال الجولان، خروقاتها للسيادة اللبنانية دائماً في الجو والبحر والبر هي جميعها أعمال حربية. لكن العدو الإسرائيلي لا يشن حرباً شاملة أو كبيرة لأنه يخشى من النتائج وخاصة بعد حرب تموز 2006 أصبحت القيادة الإسرائيلية مهجوسة بفكرة تحقيق نصر واضح، وهذا النصر الواضح حتى الآن لم يتمكنوا من رسم الآليات التي يمكن أن يلجأوا إليها للوصول إلى النصر لأن في مواجهتهم مقاومة قويّة وقادرة وجاهزة ستلحق بهم الهزيمة إن شاء الله. فإذن الخيارات الحربية الإسرائيلية ليست مرتبطة فقط بالغطاء السياسي الأميركي. الخيارات الحربية الإسرائيلية مرتبطة بإمكانات إسرائيل في تحقيق النصر وهي تدرك اليوم أنها غير قادرة على تحقيق هذا النصر لأن ما سيواجهها في لبنان وأيضاً في فلسطين مقاومة تسعى إلى إلحاق الهزيمة بإسرائيل.
كيف تصفون جهوزية المقاومة في حزب الله في حال فرضت عليكم الحرب مع الكيان الصهيوني؟
أعتقد ما قدّمه سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاباته الأخيرة أوضح هذه الجهوزية خاصة بأن إسرائيل لن تكون قادرة على استيعاب نتائج هذه الحرب وأن أي مغامرة إسرائيلية في الحرب ضد لبنان لن تكون نتائجها لمصلحة الكيان الإسرائيلي بالعكس سترتد عليه هزيمة كبرى.