جاءت كلمة الإمام الخامنئي خلال هذا اللقاء على الشكل التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم يوم حلو جداً وعصيٌ على النسيان بالنسبة لي. أولاً يجب أن نشكر الله تعالى، فقد انقضت أيام محرم وعَشرة عاشوراء هذه السنة بعظمة وجلال وبمشاركة جماهيرية حارة وكبيرة المعاني أكثر من السنوات الماضية، وهذا [أمرٌ] جديرٌ بالشكر. إنكم شباب الإسلام وشباب عاشوراء وشباب القِيَم الإسلامية ونحن نفخر بكم. 
[اسمحوا لي أن] أشير إلى حادثة الأهواز المريرة [التي حدثت] قبل يومين، فهذا الهجوم يدلُّ على أننا في هذا الدرب الذي نسير فيه ـ وهو درب الفخر والرفعة والتقدم ـ لدينا الكثير من الأعداء. هذا ما ينبغي أن تتذكروه جميعاً ودائماً بأنَّ لدينا الكثير من الأعداء. وبالطبع فإن هذا العمل الذي قاموا به كان عملاً جباناً. عندما تهجمون بالرشاشات على جماعةٍ لا تمتلك الأسلحة وليس لها القدرة على الدفاع [عن نفسها] فمن الواضح أنَّ البعض سوف يُستشهدون، لكنَّ هذا العمل ليس عملاً شجاعاً، بل هو عمل جبان. العمل الشجاع [هو العمل الذي] قام به شبابنا، كلُّ واحد في ميدان من الميادين، أنتم في ميدان الرياضة، والبعض في ميدان الدفاع المقدس، والبعض [الآخر] في ميدان العلم، تلك أعمال شجاعة وقيّمة. لكننا طبعاً سوف نُلقِّن هذا العدو درساً، سوف نُلقِّنه درساً قاسياً إن شاء الله، وحسب ما وردني من معلومات لحدِّ اليوم فإن [هذه الجريمة] من فِعل هؤلاء الذين أين ما يفشلون في سوريا ولبنان يتدخل الأمريكيون لينقذوهم، إنها فِعَلتهم، فِعلة أولئك الذين أيديهم في جيوب السعودية والإمارات العربية (1). 

سوف نُلقِّن العدو الذين ارتكب جريمة الأهواز درساً قاسياً إن شاء الله.

فيما يتعلق بعملكم سجلت عدة نقاط لأقولها لكم: أولاً وكما قلت فإن الميدالية الحقيقية هي أنتم، الطاقات الإنسانية الكفوءة المؤمنة الذكية الجدية المثابرة، تُمثل القيمة الأكبر بالنسبة لأي بلدٍ من البلدان؛ هكذا هي الطاقات الإنسانية. سوف نتقدم من خلال هذه الطاقات الإنسانية في أي ميدان نخوض [غماره]، كما أننا تقدمنا الآن في ميدان الرياضة والحمد لله. لاحظتم أننا في الفروع التي لم يكن لنا فيها سابقة [خبرة] كبيرة فُزنا على مؤسسي ذلك الفرع، السيدات والبنات والبنين في فروع ومجالات مختلفة هم مبعث فخر واعتزاز. حسنٌ، لقد فزتم وانتصرتم والحمد لله. 
إحدى النقاط أن تعلموا -وأنتم تعلمون- أن جبهة الاستكبار العالمي تغضب وتنزعج لأي انتصار نُحرزه ـ سواء الانتصار في مجال الرياضة أو في ساحة الحرب أو في ميدان العلم ـ سوف يغضبون من انتصارنا في أيَّة ساحة، إذن انتصاركم في الواقع انتصار على جبهة الاستكبار أيضاً. أنتم الذين هزمتموهم وأغضبتموهم وهم مضطرون لأن يتألموا. تعلمون أنهم على استعداد لأن يعطوا الحكم مالاً ويفعلوا كل شيء من أجل أن لا تفوزوا في مختلف المجالات. إنهم معادون [لنا] بهذا الشكل. عندما تفوزون تكونوا في الواقع قد هزمتموهم من الناحية المعنوية والعاطفية. ليس المنافس في الميدان هو الذي يخسر أمامكم فحسب، بل هناك جبهة واسعة خلف الستار تخسر وتنهزم على أيديكم، ولهذا نحن نفخر بكم. 
الحقيقة إنني في بعض الأحيان عندما أصدر نداءً لكم عقب فوزكم وأقدم الشكر لكم فإن هذا ينبع من قلبي؛ أي إنني أشكركم بالمعنى الحقيقي للكلمة، لأنكم في الواقع تهدون الشعب الإيراني انتصاراً وطنياً وتبثون الفرحة في نفسه. هذه نقطة. 
نقطة أخرى هي أنه في بعض مسابقاتنا الرياضية استطاع فوزنا أن يُفرح ملايين الناس في بلدان أخرى. المباريات التاريخية بين إيران وأمريكا، مسابقة كرة القدم المعروفة، أفرحت الناس في مصر وفي بيروت وفي الكثير من البلدان الأخرى. إنهم هناك لا تربطهم بنا أيَّة قرابة لكنهم يفرحون لفوزنا. إذن فوزكم يُحزن جبهة ـ وأيُّ شيءٍ أفضل من أن تحزن [هذه الجبهة] فهم أعداء الإنسانية ـ و[فوزكم] يُفرح جماعة عظيمة من الناس، فهو فوزهم هم أيضاً. 
نقطة أخرى هي أن انتصاراتنا غالباً ما يُعتَّم عليها من قِبَل أجهزة الأعداء الإعلامية. لدينا حالياً انتصارات كبيرة في المجالات العلمية، والكثير من أبناء شعبنا لا يعلمون بها أيضاً، لكننا نعلمها. نحن من ضمن البلدان العشرة الأولى في عدد ملحوظٍ من الحقول العلمية الحديثة في العالم. أي من بين أكثر من مئتي بلد في العالم نحن من ضمن البلدان العشرة الأولى، وأحياناً نحن من ضمن البلدان الستة أو السبعة الأولى في العالم. هذه أمور غالباً ما يخفونها ولا يُصرِّحون بها، انتصارات مختلفة في مجالات وساحات متنوعة. لكن الفوز في ميادين الرياضة لا يمكن لأحدٍ كتمانه، وهذه هي ميزة ما تقومون به؛ أي إنكم عندما تفوزون في ساحة الرياضة فلن يعود بوسع أحدٍ إنكار ذلك، فهو شيء يراه العالم كله ومئات الملايين من الناس بأعينهم. وهذا ما يرفع من قيمة عملكم. 

غالباً ما تُعتِّم أجهزة الأعداء الإعلامية على انتصاراتنا في مختلف المجالات، إلا أن انتصاراتكم في المجال الرياضي لا يمكن لأحدٍ كتمانها وهذا ما يرفع من قيمة عملكم.

ونقطة أخرى مهمة جداً برأيي هي سلوككم. لقد أبديتم في ساحات التنافس الرياضي هذه السنة ـ وكذلك كان الحال في الماضي أيضاً ـ [أبديتم] هويتكم الإيرانية والإسلامية بالمعنى الحقيقي للكلمة. لقد تجلت الشخصية الإسلامية والإيرانية في أعمالكم أنتم الرجال وفي أعمال هؤلاء السيدات. سجدتم ودعوتم، ولم تصافح فتاتنا الإيرانية رئيس الجمهورية الذي أراد مصافحتها لأنه من غير المحارم، هذا شيءٌ له قيمة كبيرة وهو مهم جداً. لقد عرض التلفاز تجمع فريق كابادي (2) للسيدات وقد سجدن، هذا ما عرضه التلفاز. هذه أمور لا يمكن حساب قيمتها، فهي أرقى بكثير من الحسابات المادية. سيداتنا اللواتي حضرن في ساحات الرياضة حضرن بوقار ومتانة وكلهن [حضرن] بالحجاب الإسلامي وبعضهن ارتدين الحجاب الإسلامي الإيراني الخاص أي الشادر، والشادر هو أساساً رمز للمرأة الإيرانية في العالم كله. هذا شيء له قيمة كبيرة. إهداؤكم ميدالياتكم للشهداء وللمدافعين عن المراقد، أحد الأبطال الذين فازوا بميدالية أهدى ميداليته لأحد الشهداء المدافعين عن المراقد، وأهداها آخر لعمه الشهيد، هذه أمور لها قيمة كبيرة، وهي دليل على هويتكم الثورِية والإسلامية والإيرانية. هذه هي الأمور التي ترفع شعباً من الشعوب. ليس الخضوع والخشوع مقابل ما يفرضه الاستكبار فخر، إنما هذا هو الفخر. هذا هو البطل الأصيل. بعض البلدان لها أبطالها لكنهم أبطال بالإيجار. يستأجرون الأبطال من هذا البلد ومن ذاك البلد. وليس بوسع ذلك البطل المستأجر أن يُعبِّر عن هوية ذلك الشعب. البطل الأصيل الذي ينبثق من صميم شعبه هو الذي يمكنه أن يُمثِّل شعبه ويعرض هوية شعبه، وهذا ما فعلتموه وهو أمرٌ له قيمة وأهمية كبيرة.   
أريد أن أقول لكم حذار من أن يخيفوكم، حذار من أن يقولوا لكم إذا لم تشاركوا في المباريات الفلانية وإذا لم تفعلوا الشيء الفلاني وإذا لم تظهروا بالشكل الفلاني وفي الاتحاد الرياضي الدولي الفلاني وفي التشكيلات [المنظمات] الدولية الفلانية فإنهم سوف لن يرضوا عنكم. فليذهبوا إلى الجحيم إن لم يرضوا، [إنهم] لا يستطيعون ارتكاب أية حماقة. هدّدوا السيد علي رضا (3) والحمد لله على أنه شارك هذا العام وفاز وعاد. لم يشارك العام الماضي في تلك المباراة؛ أي إنه بمعنى من المعاني [بتعبير آخر] رضي بالخسارة من أجل قيمةٍ [ما] فهددوه وهددوا اتحاد المصارعة. لا تستسلموا لهذه التهديدات وسيروا في دربكم وأنجزوا مهماتكم وتابعوا أهدافكم. ليست ساحة الرياضة ساحة خوف وقلق واعتناء بآراء الآخرين بل هي ساحة شجاعة وإقدام وتقدم. لا يمكننا عدم المبالاة بالقيم والأصالة من أجل أن نكسب ميدالية ما في موضع من المواضع. أن تكتبوا على صدوركم «يا علي» و«يا زينب» فهذا شيء قيِّم جداً. إنه شيء قيِّم حقاً بشكل لا يوصف. أن تسجدوا بعد الفوز فهذا شيء قيِّمٌ بلا حدود. قلت إن هذه أمور لا تُحسب حقاً ولا يمكن حصرها بالحسابات المادية. لاحظوا هذه الأمور. على كل حال لا تسمحوا لهذه الهوية القيمة بأن تُغلب بالانفعال [الخضوع] مقابل مطالبات وأمور كاذبة خاطئة وباطلة مفروضة من قبل البعض.  
نقطة أخرى أريد أن أوصيكم بها خصيصاً هي أنَّ الأبطال محط اهتمام وأنظار الناس، وأنتم جميعاً محط نظر وفي الأضواء والناس ينظرون لكم ويعرفونكم، لكنهم لا يعرفونكم في ساحة الرياضة فقط بل يعرفونكم أيضاً في الشارع وفي محل العمل وما إلى ذلك. يمكنكم أن تكونوا نموذجاً للصلاح والنجابة والشرف والطهر. اجعلوا سلوككم خارج ساحة البطولة والرياضة أيضاً بشكل يتطابق مع السلوك الجيد الذي يصدر عنكم في ساحة الرياضة. حدث أحياناً أن البعض تألقوا جيداً في ساحة الرياضة ولكن تصرفوا بعد ذلك بطريقة غير مناسبة. 

اجعلوا سلوككم خارج ساحة البطولة والرياضة بشكل يتطابق مع السلوك الجيد الذي يصدر عنكم في ساحة الرياضة، فإبمكانكم أن تكونوا نموذجاً للصلاح والشرف والطهر.

يمكن أن يكون الإنسان بطلاً ومتواضعاً في الوقت ذاته، ويمكنه أن يكون بطلاً ومتديناً، ويمكن للرياضية أن تكون بطلة وأماً صالحة ـ لقد أثبتت إحدى هذه السيدات أنها أمٌّ صالحة ـ ويمكن أن يكون المرء بطلاً وثورياً رائداً. هذه أمور ينبغي أن تتذكروها وتهتموا بها إن شاء الله.
وأقول أيضاً إنَّ البطولة تكون أحياناً بعدم النزول إلى الساحة. لاحظوا إنهم يثيرون ضجيجاً أن لماذا لا تتنافسون مع الكيان الصهيوني، ولماذا لا تتصارعون معه، ولماذا لا تفعلون كذا وكذا، فهذا يعود لرغبتهم في حرفِ الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني عن الطريق القويم المستقيم الذي سار فيه منذ بداية الثورة. 
لقد قلنا منذ بداية الثورة إننا نرفض نظامين. لا أننا لا نقيم معهما علاقات [فقط] بل إننا نرفضهما أساساً. أحدهما الكيان الصهيوني والثاني نظام الفصل العنصري في إفريقيا الجنوبية. هؤلاء الذين يتشدقون اليوم في العالم بحقوق الإنسان وما إلى ذلك كانت لهم إلى اللحظة الأخيرة علاقاتهم مع هذا الكيان ـ ولا زالوا يلهثون وراءه إلى الآن ـ وأيضاً مع نظام جنوب إفريقيا؛ أي النظام الذي كانت فيه أقلية صغيرة بيضاء تتسلط على أكثرية مليونية سوداء هي صاحبة الأرض. وقد كان أولئك البيض قد وفدوا من بريطانيا وهم بريطانيون في الأصل، وقد سيطروا على هذا البلد سنين طويلة ربما كانت بحدود المائة سنة ـ ولا أتذكر الآن على وجه التحديد ـ وقد قلنا إننا لا نقبل هذا النظام. فإفريقيا الجنوبية ملك الناس في إفريقيا الجنوبية وليست ملكاً للمحتلين البريطانيين.  
عندما أطلق سراح السيد نيلسون مانديلا (4) من السجن جاء وجلس في نفس هذه الغرفة، هنا حيث تجلسون أنتم ـ قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية ـ جلسنا وشرحت له قصة الإمام الخميني وكفاحه وقلت له إنَّ كفاح الإمام الخميني كان على هذا النحو، وأنه لم يستخدم الرصاص والبنادق والانقلاب وما إلى ذلك، بل خاطب الشعب وأقنع قلوبه ونزل الشعب بأجسامه إلى الشوارع. ما من نظام يستطيع مواجهة الناس الذين يأتون بأجسامهم إلى الشوارع بشجاعة والانتصار عليهم. وأدركت أن هذا [الأمر] أثَّر في قلبه. وعندما خرج مانديلا من هنا انطلقت المظاهرات في شوارع إفريقيا الجنوبية واستمرت إلى أن أسقطوا نظام الفصل العنصري. وهذا [الكيان] أيضاً سوف يسقط. هذا النظام أيضاً نظام عنصري حقاً ونظام فصل عنصري غاصب كذاب خبيث صهيوني سوف يسقط هو الآخر. ونحن لا نتنافس ولا نتبارى معه. هذه هي البطولة. أن لا يكون بطلنا على استعداد للمصارعة أو المنافسة معهم أو في أية مسابقة أخرى فهذه بطولة. أن يكون بطلنا على استعداد للخسارة والوقوع أرضاً من أجل أن لا يضطر للتسابق معهم طبقاً للبروتوكولات الدولية فهذه بطولة. قلت للسيد علي رضا كريمي في العام الماضي عندما جاء إلى هنا إنَّك بطل لأنك لم تذهب ـ أي فعلت ما من شأنه أن لا تضطر للتسابق معه حتى لو تقبَّلت الخسارة، وهذا أمر صعب على المصارع؛ أن يكون بإمكانه الفوز لكنه لا يفوز بل يتقبَّل الخسارة، هذا صعب جداً ـ حين تقبَّلت هذه الصعوبة فهذه بطولة، هذه هي البطولة الحقيقية. على كل حال كلكم شباب صالحون بنات وبنين في أي حقل ومجال تعملون ضمنه، أنتم صالحون. واصلوا مهمة الرياضة البطولية إلى المقدار الذي تستطيعونه وترغبون فيه، فالرياضة البطولية قمة، وينبغي على هذه الرياضة البطولية أن تدفع الناس للسير والصعود نحو هذه القمة، لا [أقول] أن يمارس الجميع الرياضة البطولية بل أن يمارس الجميع الرياضة [العادية] بمعنى أنَّ الرياضة يجب أن تكون محببة في أنظار الناس من الشباب إلى الشيب من أمثالنا، على الجميع أن يمارسوا الرياضة ونحن بدورنا نمارس الرياضة بما يتناسب وشيخوختنا، رياضة الشيوخ طبعاً. 
موفقين إن شاء الله، ونسأله تعالى أن تكونوا جميعاً بخير وسعادة إن شاء الله. وأعطوهم تلك الخواتم التي وعدتهم بها ـ نعم للسيدات وللسادة ـ موفقين إن شاء الله وأنا أدعو لكم. 
والسّلام عليكم‌.

الهوامش:
1-    كناية عن مرتزقة السعودية والإمارات.
2-    إحدى الألعاب الرياضية الجماعية.
3-    علي رضا كريمي. 
4-    رئيس جمهورية إفريقيا الجنوبية الأسبق.