بسم الله الرحمن الرحيم
أرحب أولاً بجميع الإخوة والأخوات الأعزاء الذين تفضلوا إلى هنا من مناطق البلاد المختلفة وعبر طرق بعيدة وقريبة فشكلوا هذا المحفل الصميمي الودي في هذه الحسينية.
نبارك حلول ربيع الأول شهر ولادة نبي الإسلام المكرم سيدنا محمد بن عبدالله وأحد المحطات التاريخية الكبرى لكل الإنسانية. في الأول من ربيع الأول كانت هجرة الرسول من مكة إلى المدينة وهي بداية التاريخ الهجري الإسلامي. إنه شهر ربيع المولود، وربيع الهجرة.
إنها ذكريات تاريخية عظيمة وقيمة جداً بالنسبة للأمة الإسلامية. واليوم أيضاً في عالم الحداثة كما يصطلح عليه، وحسب السياقات الدارجة بين الشعوب والتي لم تكن في السابق، لا تزال الأمة الإسلامية في كل أرجاء العالم تستلهم هذه الذكريات وتغترف منها الدروس. أي مسلم يعيش في أية بقعة من العالم ويقوللاإله الله ومحمد رسول الله يشعر بالوجد والغبطة في هذا الشهر لذكرى ولادة ذلك العبد المختار وسيد البشرية. حب نبي الإسلام الكريم راسخ في قلب كل مسلم؛ لذلك تلاحظون راهناً أن جبهة الاستكبار العالمي حين ترمي لتضعيف الإسلام تستهدف الكيان المبارك للرسول الأكرم. الصهاينة والدول الخاضعة لنفوذهم، وأجهزة الاستكبار وعلى رأسها أمريكا المجرمة حين يرومون الاشتباك مع الأمة الإسلامية ومعارضة الإسلام، يوجهون حرابهم وهجماتهم لنبي الإسلام المعظم المكرم. ما معنى هذا؟ معناه أن ذكرى هذا الإنسان العظيم، واسمه، وولادته، وهجرته، وحكومته في المدينة طوال عشرة أعوام، وكل واحدة من ممارساته وخطواته التعليمية، لو تدبر فيها المسلمون اليوم وتأملوها لكانت درساً لهم ولفتحت أمامهم باباً واسعاً على الحياة. الرسول ملهم الأمة الإسلامية ولأنهم يعلمون هذا ولأنهم يخشون صحوة الأمة الإسلامية واقتدار مجتمع المسلمين البالغ مليار وخمسمائة مليون مسلم في شتى أنحاء العالم، لذلك يصطفّون ضد النبي، ويوجّهون الإهانات للرحمة التي بعثها الله للعالمين ولمصدر الخيرات والبركات للإنسانية في صحافتهم، وعلى ألسنة ساستهم، وفي كتبهم، وعن طريق مرتزقتهم. هذا ما يجب أن يوقظنا نحن المسلمين، فندرك ما هي الكنوز الهائلة المكنونة للمسلمين في كيان الرسول، وشخصيته، وذكريات حياته، وهجرته، وجهاده، وسيرته، ودروسه الكلامية والعلمية. لو انتفعنا من هذه الكنوز لارتقت الأمة الإسلامية إلى مكانة لا يستطيعون معها أن يضغطوا عليها ويتعاملوا معها بمنطق القوة، ويهددوها؛ هذا درس لنا.
جبهة الاستكبار تقف اليوم ضد الإسلام بصورة علنية وصريحة. صحيح أنهم يشنون هجماتهم السياسية والإعلامية ضد الجمهورية الإسلامية، لكن عداءهم للجمهورية الإسلامية سببه أنها ترفع راية الإسلام، ولأنها أحيت الإسلام في قلوب كل واحد من أبناء الأمة الإسلامية، وأسبغت الرونق على الإسلام وأعزته وحقّقت به العزة لنفسها. لذلك يعارضون الجمهورية الإسلامية ويعادونها. وهم يعارضون الإسلام في الحقيقة - أي يعارضون كل واحد من أبناء الأمة الإسلامية العظيمة والشعوب المسلمة - هذا ما ينبغي على كل مسلم إدراكه وفهمه بشكل صحيح وعميق.
يتشدقون بحقوق الإنسان، والديمقراطية، والطاقة النووية لفترة معينة، ويجعلون هذه الأمور ذرائع لعدائهم، بيد أن حقيقة القضية شيء آخر. حقيقة القضية أنهم يعلمون أن الإسلام قادر على جعل الأمة الإسلامية قوة عظيمة. هذا ما يعارضونه. يدرون أن اسم الرسول، وذكراه، وحياته، وسيرته، وتعاليمه بوسعها إخراج الأمة الإسلامية من ارتخائها ومنحها الحيوية والتوثب، وتحويلها إلى عنصر مؤثر ومتنفذ في الساحة الدولية، وإضفاء العزة عليها، وهذا ما يرفضونه وينصبون له العداء ويعارضونه. والّا من الذي لا يعلم أن الأمريكيين أول أعداء حقوق الإنسان. ولا أقصد بالأمريكيين جماهير الشعب الأمريكي، بل الساسة والمسؤولين والمتنفذين ومدراء النظام الأمريكي والكيان الصهيوني هم أول أعداء حقوق الإنسان. أنظروا ماذا يفعلون في غزة! وفي الأرض الفلسطينية! وكيف يعاملون الشعوب المسلمة! أنظروا كيف يتصرفون بقسوة وبشاعة مع الشعوب المظلومة في العراق وأفغانستان! لاحظوا ممارستهم التعذيب! يرفض رئيس الجمهورية الأمريكي قانون منع التعذيب رسماً وعلناَ؛ هذه قضية مهمة جداً معناها أن التعذيب يجب أن يصبح ممارسة قانونية، ويجب أن يتمكن الأمريكيون بكل حرية من تعذيب سجنائهم الأبرياء الذين يعتقلونهم في العراق وأفغانستان وأي منطقة من العالم. يرفعون راية مناصرة التعذيب ويتحدثون عن حقوق الإنسان!
ونتيجة هذه السلوكيات من قبل الساسة والمسؤولين الأمريكيين هي أن تصدع قلوب الشعوب المسلمة - أعماق قلوبهم - اليوم بشعاركم الموت لأمريكا. كلهم يطلقون هذا الشعار. ذات يوم استيقظ الشعب الإيراني ورفع شعار الموت لأمريكا لوحده، واليوم حيثما سافر رئيس جمهورية أمريكا الخائب من أقصى العالم إلى أقصاه - العالم الإسلامي وغير الإسلامي - تلاحظون كيف تخرج الجماهير في تظاهرات ضده، ويحرقون علمهم، ويهتفون الموت لأمريكا، ويصنعون دميته ويحرقونها. فهل هؤلاء أنصار حقوق الإنسان؟!
وقاحتهم هذه تدفع معظم الناس في العالم والشعوب الرازحة تحت نير الظلم لمعاداتهم وكراهيتهم. إنسانٌ يوافق التعذيب هكذا، ويوافق الاحتلال العسكري للبلدان، وإمطار الشعوب بالقنابل، ويوافق التمييز بين الناس في داخل أمريكا وخارجها بكل وضوح وعلانية ثم يتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان!! هذا ما يعرّف الشعوب بحقيقة وواقع جرثومة الفساد هذه وأعني بها الاستكبار، ويزيد من وعيهم ويُفهمهم ما الذي ترمي إليه هذه السياسات.
اعلموا أيها الشعب الإيراني أنكم لستم لوحدكم اليوم في العالم. هذا الشعار الذي تهتفون به شعار قلوب جميع الشعوب المسلمة وكثير من الشعوب غير المسلمة. وهذا ما تحقق بفضل بسالتكم، وصمودكم، وشجاعتكم. لقد أدركت شعوب العالم الحقيقة، وسقط ستار النفاق عن وجه هؤلاء المستكبرين. هم أيضاً يعلمون أن الشعب الإيراني فارس هذا التحرك العظيم في الأمة الإسلامية... يعلمون هذا، لذلك يوجّهون عداوتهم لإيران.
يعادون كل ما يحقق العزة والقوة والرفاهية والراحة لإيران والإيرانيين. ومن أمثلة ذلك الانتخابات التي سيخوضها شعبنا كتجربة عظيمة وسيتوجّه لصناديق الاقتراع بعد أيام قليلة. إنهم يعادون انتخاباتكم؛ يعادون أساس الانتخابات، ويعادون المشاركة الحماسية الواسعة للجماهير في الانتخابات، ويعادون انتخاب الشخصيات الأصلح وأنصار حقوق الناس، والمتعبدين، والملتزمين بالمبادئ والقيم الإسلامية. لماذا؟ لأنهم يعلمون أن الانتخابات والمشاركة الجماهيرية الهائلة، وصعود الشخصيات المناسبة الكفوءة إلى المجلس يعود عليهم بالضرر؛ لذلك يمارسون معارضتهم بأي شكل من الأشكال أتيح لهم؛ بالإعلام، بافتتاح الإذاعات، بتثبيط الناس عن الانتخابات في إذاعاتهم كما يتوهمون؛ إنهم يعملون كما يتوهمون وستكون النتيجة عكسية تماماً إن شاء الله.
في الأسبوع الماضي قالت أمريكا: نريد استصدار قرار من مجلس الأمن ضد إيران لنبعد الشعب الإيراني عن صناديق الاقتراع... تصوروا... ثم يدّعون ما يدّعون عن الديمقراطية وحكومة الشعب! مشاركة الجماهير في الانتخابات في أي منطقة من العالم ممارسة ديمقراطية؛ وما معنى الديمقراطية غير هذا؟ لكنهم يرفضونها لعلمهم أن الشعب الإيراني سيحقق لنفسه القوة والعزة بمشاركته المتحمسة في الانتخابات. والقضية واضحة من الآن، وكان واضحاً طوال الثلاثين عاماً الماضية أن أعداء الشعب متى ما حاولوا صده عن المشاركة في الانتخابات وبثوا دعاياتهم بهذا الاتجاه، عمل الشعب بالاتجاه المعاكس وشارك في الانتخابات بمزيد من الحماس والاندفاع. وسيحصل الشيء نفسه هذه المرة أيضاً بتوفيق من الله.
يعلم الشعب أن مشاركته في الانتخابات مصدر قوة وهيبة دولية له. وهذا ما لا يريده الأعداء. يريدون أن لا يساهم الناس في الانتخابات ليكون ذلك مؤشر إعراضهم عن النظام الإسلامي فيضعف بذلك النظام الإسلامي ويستطيعون هم الضغط على الشعب والبلد والحكومة والجميع.
هم يدركون أن التواجد الفاعل للجماهير في الانتخابات يمنح الجماهير القوة فيمنعهم ذلك من تطبيق مخططاتهم ضد إيران. هذا ما لا يريدونه. شغّلوا كل أجهزتهم الدعائية لصرف الناس عن المشاركة في الانتخابات. وعملاؤهم يعملون أيضاً للأسف. ما عدا إذاعاتهم ووسائل إعلامهم، يتواجدون هنا وهناك في الداخل أيضاً من أجل تثبيط الجماهير عن الانتخابات. يشككون في الخدمات الهائلة التي أنجزت داخل البلاد. من يمكنه إنكار الخدمات العظمى التي قدمتها الحكومة والمجلس لهذا البلد... الإنجازات الكبيرة التي تمت والمشاريع التي ستشهد الجماهير تدريجياً ثمراتها ونتائجها إن شاء الله وبتوفيق منه تعالى. يقولون كل ما لديهم ويفعلون كل ما يستطيعون ضد الحكومة والمجلس والمسؤولين من أجل حجب هذه الإنجازات عن أعين الناس وتثبيطهم. أو يبثون الشبهات في الانتخابات نفسها ويتساءلون: هل الانتخابات حرة أم غير حرة؟ هل يجري التلاعب في النتائج أم لا؟ أستطيع القول بكل ثقة إن الانتخابات - سواء التي ستجري بعد أيام أو الانتخابات السابقة - تتم بصورة صحيحة، ولذلك قلنا ونكرر الآن إن المشاركة في الانتخابات فريضة سياسية وفريضة دينية في نفس الوقت. القضية أشبه بشخص يقوّي جسمه بالفيتامينات والأطعمة المقوية؛ فإذا قوي جسمه تعذر على الجراثيم النفوذ إليه، وإذا هاجمه عدو سيستطيع الدفاع عن نفسه. هذه أهم قضية في باب الانتخابات؛ قضية مشاركة الجماهير.
لقد أثبت الشعب الإيراني طوال هذه الثلاثين سنة أنه نزل إلى الساحة متى ما كان ثمة اختبار لعرض اقتداره الوطني. إذا كان ثمة تظاهرات، أو انتخابات، أو مشاركة في الجبهات خلال فترة الدفاع المقدس - أي موطن يعد مظهراً من مظاهر الاقتدار الوطني - شارك الشعب الإيراني هناك بيقظة وشجاعة، ولهذا ازدادت قوة البلد والشعب والحكومة يوماً بعد يوم.
ما هي قيم الثورة؟ قيم الثورة بالدرجة الأولى تمتين الإيمان والتدين في القلوب وهذا هو مصدر جميع الأعمال والمساعي الجهادية؛ والعدالة الاجتماعية، ومكافحة الفساد، وحرية الجماهير في الانتخاب، وعدم فرض الآراء الفردية والحزبية والحكومية وغيرها على الناس ليستطيعوا التفكير بحرية والعمل بحرية والعمل بحرية ضمن إطار الضوابط الإسلامية. هذا معنى الديمقراطية الدينية. هذه هي قيم الثورة ومبانيها. لذا يجب عليكم حين تريدون التوجه لصناديق الاقتراع وممارسة العملية الانتخابية أن يكون هدفكم تشكيل مجلس ملتزم بمباني الثورة وقيمها هذه. النائب يجب أن يكون متديناً، أميناً، مؤمناً بالعدالة الاجتماعية - تكريس العدالة في كل أنحاء البلاد - مبغضاً للفساد في كل القطاعات وفي كل طبقة من طبقات المسؤولين، مؤمناً بعزة الجمهورية الإسلامية؛ هكذا يجب أن يكون المجلس. جربنا سبع دورات من مجلس الشورى الإسلامي. وحدث في مجلس الشورى الإسلامي أن دخل أشخاص عارضوا صفة الإسلامي لهذا المجلس! في الدورة الأولى دار النقاش حول ما يجب أن يكون اسم هذا المجلس - الذي تقرر أن يكون مجلس الشورى الإسلامي - ووقف البعض ورفضوا كلمة الإسلامي! هذا شخص لا يمثل الشعب الإيراني الذي قدّم كل هذه التضحيات للإسلام. إنه شعب يبحث عن عظمته، وعزته، واقتداره، وراحته، ورفاهه في الإسلام. ظهر من يعارض كلمة الإسلامي للمجلس! هذا ليس بالشيء الإيجابي. أو ظهر أشخاص في دورة أخرى من المجلس قرروا - طبقاً لإرادة المعارضين الذين طلبوا أن نترك قضية الطاقة النووية - سنَّ قوانين تلزم الحكومة بعدم متابعة التقنية النووية! حصل هذا أيضاً في إحدى الدورات، وهو ما لا يريده الشعب الإيراني. ولكن في هذا المجلس - المجلس حالياً - حدث أن سنّوا قانوناً يلزم الحكومة بمتابعة قضية الطاقة النووية ورفع العقبات التي تعتور هذا الطريق... كان هناك من كل الصنوف والأنواع.
يجب علينا التحلي باليقظة. كل واحد من أبناء الشعب ينبغي أن يتحلي بالوعي واليقظة. ليبعث الناس النائب المتدين، الأمين، المناصر للعدالة، المعارض للفساد، المناصر لحقوق المحرومين، الملتزم بركائز الإسلام وقيمه و بخط الإمام، ليبعثوا مثل هذا النائب للمجلس؛ وعندها سيكون المجلس قوياً عزيزياً. تشخيص هذا الأمر ليس سهلاً للجميع طبعاً، ولكن ينبغي تحقيقه، ويجب الاستعانة بالأشخاص المطلعين وأصحاب الخبرة والموثوقين.
وأقولها لكم إن التصويت للنواب والشخصيات المرشحة للدخول للمجلس له ثوابه عند الله تعالى حتى لو أخطأ الإنسان في تشخيصه واختياره. طبعاً، لو كان تشخيصه صحيحاً لكان ثوابه مضاعفاً. التصويت بحد ذاته، والتوجه لصناديق الاقتراع، ومجرد المشاركة في هذا الاختبار الكبير له ثوابه عند الله تعالى. الله تعالى يشهد أعمالنا وينظرها ﴿ وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾. اعملوا، بادروا، فالله يرى مبادرتكم، والرسول الأعظم يرى مبادرتكم، والمؤمنون يرون أيضاً. المؤمنون في البلدان الأخرى أيضاً يغتبطون لحضوركم عند صناديق الاقتراع. أطلق أعداؤنا الحمقى الجهلاء - زعماء السياسة الأمريكية - كل هذه التصريحات حول الانتخابات فأدى ذلك إلى تنبّه الشعوب المسلمة لهذه الانتخابات وتطاولت الرقاب ليروا ما سيفعل الشعب الإيراني فيها، كيف يخوض ساحة الانتخابات ومن الذين سينتخبهم. قال الأمريكان إننا نرغب بفوز النمط الفلاني من الأشخاص وعدم فوز النمط الفلاني. والشعوب المسلمة تنظر هل ستطبّق الوصفة الأمريكية في إيران أم تطبّق الوصفة الإيرانية الإسلامية. ما يريده الأمريكان على الضد من مصالح إيران.
رحمة الله على إمامنا الجليل حيث كان يقول: لا تهابوا عداء العدو وشتمهه. حين يوجّه لكم سوء القول ويقطّب في وجوهكم ويشتمكم، اعلموا أنكم فعلتم شيئاً عظيماً أو أنكم تفعلونه حالياً، ما أدى إلى انزعاجه. خافوا من أن يمدحكم العدو. إذا مدحكم فهذا دليل أنكم فعلتم شيئاً لصالحه . كل من يريد أعداؤنا (أعداء إيران) أن لا يفوز في المجلس والحكومة، ينبغي أن يفوز لأنه يعمل لصالح إيران. وكل من يبغي أعداؤنا دخوله لأجهزة الحكم والتشريع في البلاد، ينبغي أن لا يدخل هذه الأجهزة لأنه سيعمل حسب إرادة الأعداء.
النائب الصالح هو من يلتزم الإسلام، والعدالة، والمصالح الوطنية، وتكون حدوده الفاصلة عن الأعداء واضحة. وإن لم يتوفر هذا فلن يكون نائباً جيداً، ولن يكون نائب الشعب في الحقيقة. من حسن الحظ أن كل الفئات السياسية في بلادنا مجمعة تقريباً على أسس الإسلام والثورة باستثناء أقلية صغيرة، ولكن ينبغي تشخيص الحدود. البعض يخجلون من العدو، والبعض يلاحظونه ويهتمون له، والحال أنه ينبغي ملاحظة الشعب والله، وليس ملاحظة العدو... العدو عدو... كلما لاحظته وتراجعتَ إلى الوراء، تقدم هو إلى الأمام. إذا لم يكن ساتركم أمام العدو قوياً منيعاً نفذ العدو إليكم... هذا ما يريده الأعداء. هذا أحد المعايير. على الجماهير التنبه لهذا المعيار أينما كانوا من البلاد.
أصحاب الحدود الباهتة مع العدو وعملائه ليسوا الأصلح لدخول المجلس. ينبغي صعود أصحاب الحدود الواضحة مع العدو. هذا ما قلته سابقاً وأكرره الآن: ابحثوا واطلبوا العون من الله ومن الأشخاص المطلعين الأمناء الصادقين لتعلموا من الذين يجب أن تبعثوهم للمجلس. وعندئذ سيكون المجلس مجلساً بمقدوره بلورة أهداف الشعب وتجسيدها بالمعنى الحقيقي للكلمة؛ وكما لاحظنا طوال هذه الفترات المتنوعة والحمد لله فقد كانت المجالس هكذا بتمامها أو بأكثريتها. سنّوا قوانين جيدة، وحضّوا الحكومات على العمل. وسيكون المجلس الثامن إن شاءالله مجلساً يساعد على الممارسات الإيجابية، وعلى تحقيق الأهداف التي يتولى جميع المسؤولين والمنفذين وأعضاء الحكومة مواقعهم من أجلها، ويفتح الطرق ويضع قوانين تناسب الشعب، ويمارس دوره في الإشراف.
مهمة المجلس هي سن القوانين والإشراف. يجب أن يضع قوانين جيدة لتتمكن الأجهزة التنفيذية من العمل للناس وتقديم الخدمة - وقد كانت حكوماتنا والحمد لله خدومة، وهذه الحكومة خصوصاً تبذل مساعي وأنشطة جيدة جداً - ويستطيعوا القيام بما يريدون القيام به للناس. هذا من جهة وممن جهة ثانية هناك مهمة الإشراف، إذ ينبغي الإشراف على جميع الحكومات، ولابد أن يكون الإنسان خاضعاً للإشراف عموماً؛ إشراف الضمير وإشراف المشرفين القانونيين، وأن يعلم أنه تحت إشراف ونظر الله تعالى. هذا سيكون مجلساً جيداً.
أتمنى أن يعيننا الله تعالى نحن الشعب الإيراني وكل واحد من أبناء شعبنا العزيز في المدن المختلفة - في طهران أو المحافظات والمدن المختلفة، أو القرى والمناطق النائية - ليستطيعوا جميعهم إن شاء الله المشاركة في هذه الانتخابات بشوق وفاعلية واندفاع وبقصد القربة إلى الله، وستكون حصيلة هذه المشاركة العامة أولاً عزة الشعب الإيراني والهيبة الوطنية الإيرانية في أعين الأعداء والحؤول دون نجاح فتنهم، وثانياً انبثاق مجلس مفيد تماماً للشعب وصالح لبلوغ أهداف الثورة وقيمها، وستشملنا جميعاً إن شاء الله معونة سيدنا الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه)، وحشر الله أرواح الشهداء الطاهرة وروح الإمام المطهرة الذي فتح هذا الطريق أمام شعب إيران مع الرسول وأوليائه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.