لقد تألق المرحوم الحاج السيد مصطفى الخميني (رضوان الله تعالى عليه) تألقاً حقيقياً في موضعين. الموضع الأول في بداية النهضة أي في الخامس عشر من خرداد [5 حزيران 1963 م]، والموضع الثاني في مطلع الحركة الشعبية العامة. هناك قام وذهب إلى الصحن الطاهر للسيدة المعصومة واستطاع بفعله هذا توجيه وهداية هذه الحركة العظيمة. وهنا [في سنة 1978م] حرّك بوفاته وفقدانه عواطف ومشاعر هذا المحيط الهائل. في تلك القضية الأولى، ولم أكن وقتها في قم طبعاً بل كنتُ في السجن، ولكن الحاج السيد مصطفى (رضوان الله عليه) أثبت هناك أنه من حيث سنخ ومعدن الشخصية نسخة ثانية من الإمام الخميني نفسه. هذا ما أثبته حقاً. في تلك الحادثة العجيبة في هجوم المأمورين وأحداث طهران وقم، قام وذهب وجلس في الصحن في قم. وقام بعض المجاهدين والشجعان من شباب قم مثل المرحوم الحاج ميرزا أبي القاسم وكيلي وتجمعوا حوله ـ كما وصلتنا الأخبار بعد ذلك ـ ووجهوا الجماهير وقادوهم، في ذلك اليوم الذي اعتقلوا في ليلته الإمام الخميني (رضوان الله عليه)، بعد عاشوراء. حسنٌ، لقد كان عملاً عظيماً ومهماً للغاية.

لقد كان المرحوم الحاج مصطفى الخميني إنساناً مميزاً. ولم أره طبعاً في السنوات الأخيرة حين توجّه أولاً إلى تركيا ومن ثم إلى النجف. وكنت أطلع من بعيد على بعض أحواله، لكنه عندما كان في قم وكنا نحن أيضاً في قم كنت أعرفه عن قرب بشكل كامل. أولاً كان من الناحية الذهنية والموهبة العلمية في عداد النوادر. أي إنه كان يحمل فعلاً موهبة متفوّقة وذهناً وقاداً كما عبَّر الشيخ رشاد، وهذا صحيحٌ تماماً. وقد درس بشكل جيد على الرغم من أنه كان من أهل الجلسات والعِشرة والعلاقات الاجتماعية ـ  نحن لم نكن نشاهد (ذلك) ولكنهم يقولون إنه كان يجلس مجالسه في الصحن (صحن حرم السيدة فاطمة المعصومة (ع) ) حتى بعد ساعتين من الليل أحياناً ـ لكنه عندما كان يذهب بعدها للمنزل ويعكف على الدراسة كان أفضل من كل أقرانه، وكان أكثر فضلاً وفهماً منهم جميعاً. إذن، كان مثلَ هذا الإنسان البارز من النواحي العلمية والذهنية.

ومن حيث بساطة المعيشة كان المرحوم الحاج السيد مصطفى الخميني زاهداً بالمعنى الحقيقي للكلمة، من حيث الملابس، ومن حيث السلوك والتعامل، ومن حيث الطعام، ومن حيث رعايته لعائلته، كان حقاً إنساناً زاهداً معرضاً عن الدنيا، حسب ما رأيناه في الفترة الأخيرة التي شاهدناه فيها، أما فترة النجف فليست لي معلومات كثيرة عنها. إلى ما قبل فترة الكفاح كان قد اكتسب أيضاً منحى سلوكياً عرفانياً جيداً، وكانت له توجهاته وكان من أهل الذكر والحضور وما شاكل. هذا أيضاً جانب آخر من شخصيته.

والجانب الآخر من شخصية الحاج السيد مصطفى الخميني شجاعته، فقد كان فعلاً كما قال عنه الإمام الخميني أمل مستقبل الإسلام. وقد كان هذا بسبب جامعية هذا الإنسان وشموله، سواء من الناحية العلمية، أو من حيث تهذيب النفس ومراقبتها، أو من حيث الشجاعة، المرجع الذي يريد أن يكون مرجعاً لأمور الناس وقضاياهم يجب أن يكون شجاعاً، ويجب أن يستطيع فهم قضايا المجتمع، ويبادر ويعمل في الوقت اللازم. وللإنصاف فإن الحاج السيد مصطفى الخميني (رضوان الله تعالى عليه) كان هكذا. على كل حال كان شخصية بارزة.

~مقتطفات من كلمة الإمام الخامنئي في لقائه المسؤولين عن إقامة مؤتمر تكريم ذكرى آية الله السيد مصطفى الخميني 22/10/2017