الهواء

س 1: ما هو حكم امتناع بعض المصانع عن استخدام فلاتر التصفية المناسبة لمنع خروج العوادم المضرة بحجّة ارتفاع ثمنها، ما يتسبب في تلوث الهواء والإضرار بسلامة الناس؟

ج 1: يجب على كل شخص يريد أن ينشئ محلاً أو مصنعاً أن يكون لديه تقدير لتكلفته، وينظر هل هو قادر على تنفيذ هذا العمل أم لا؟ أحد اللوازم الضرورية للمحلات والمصانع هو فلاتر تصفية الهواء لكي لا يتلوث الهواء الذي هو ملك عامة الناس، ولذا فإن كان تركيب الفلاتر إلزامياً في القانون، فلا يجوز عندئذ التخلّف عنه، بل حتى إن لم يكن هناك قانون ينص على هذه المسألة، وكان هذا المعمل يلوث الهواء ويتسبب في إزعاج للناس، أو يَلحقُ بهم ضررٌ يعتدّ به، فهذا العمل مخالف للشرع، وكل شخص يفعله وهو ملتفت إلى ذلك فقد ارتكب حراماً.

 

س 2: هل يجوز استخدام السيارات التي تخرج عوادم زائدة عن الحد المجاز؟

ج 2: بشكل عام لا ينبغي تلويث الهواء الصافي الذي جعله الله لتنفس البشر والنباتات والحيوانات. وعليه، فإن كان التلوث الزائد عن الحدّ المسموح به الصادر من السيارة ممنوعاً قانونياً، فاستخدام هذا النوع من السيارات فيه إشكال. بل، حتى وإن لم يمنع القانون ذلك، ولكن صاحب السيارة علم أن هذه العوادم تلحق ضرراً كبيراً بالآخرين وتضر حقيقة بسلامتهم، فلا يجوز استخدامها.

 

س 3: ما هو حكم استخدام وسائل النقل الشخصية، وترك الاستفادة من وسائل النقل العامة، في حال تلوث جوّ المدينة؟

ج 3: إن كان الوضع استثنائياً وهواء المدينة ملوثاً لدرجة أنّ أي زيادة في عدد السيارات المستخدمة من شأنه أن يزيد من حدة تلوث الهواء ويتسبب في ضرر يعتدّ به للناس الذين يستنشقونه، ولا سيما الأشخاص الذين يعانون من أمراض قلبية أو تنفسية، ففي هذه الحالة كل شخص يتسبب في زيادة نسبة هذا التلوث ويلحق ضرراً يعتد به بالناس يكون قد ارتكب حراماً. وعليه، فلو طلب المسؤولون من الناس ألّا يستخدموا وسائل نقلهم الشخصية، يجب على الجميع مراعاة ذلك.

 

س 4: هل هناك إشكال في استخدام وسائل النقل الخاصة بدلاً من العامة؟

ج 4: الأصل في المسألة ألّا نلحق الضرر بالآخرين؛ فإن كان استخدام وسيلة النقل الشخصية يتسبب في تلوث الهواء ويلحق بالناس ضرراً يعتد به، فهذا العمل حرام. وبشكل عام، إنْ لم يكن هناك ضرورة لاستخدام وسيلة النقل الشخصية، وكان تلوث الهواء بنحوٍ يضر بصحة الناس وبسلامتهم، فهذا العمل غير جائز.

 

س 5: هل يجوز التدخين إذا كان موجباً لتلويث الهواء الذي يتنفسه الناس؟

ج 5: إن كان تشخيص المكلف أن استعمال الدخان والنرجيلة يسبب له ضرراً يعتدّ به، فاستعمالهما حرام. أما إذا كان يعلم بأنهما ليسا مضرين به، أو لم يتيقن بضررهما، ففي هذه الحالة يكون ترك استعمالهما هو الأفضل.

نعم، إن كان هناك شخص يُدخّن ودُخان سيجارته يتسبب في أذية للآخرين، أو يلحق بهم ضرراً يُعتد به، فهو حرام. أما إذا لم يكن فيه إيذاء للآخرين ولا ضرر يعتدّ به، فلا يكون حراماً، لكن الأفضل تركه.

 

س 6: مع الالتفات إلى أن التلوث الصوتي لا يقل ضرراً أحياناً عن أنواع التلوث الأخرى، فما هو حكم استخدام أبواق السيارات وأصوات «التشفيط» التي تؤذي الآخرين أحياناً، ولا سيما المرضى؟

ج 6: لا يجوز استخدام وسائل النقل ذات الصوت المؤذي، وكذلك كل شيء يُصدر أصواتاً مؤذية حتى الحيوانات التي تُربّى في البيت، فيما إذا أدّت إلى سلب راحة الآخرين. وأما إذا كان الصوت ضمن الحد العادي، وليس فيه إيذاء للآخرين، فلا إشكال فيه.

 

المياه

س 7: هل هناك إشكال في رمي النفايات ومُخَلّفات المواد الكيماوية والنفطية في البحر؟

ج 7: لا يجوز فيما إذا كان العمل الذي نقوم به مضرّاً بالأمن البيئي للآخرين، أو يوجِد خللاً في الظروف البيئية للحيوانات والنباتات دون مبرر. وأجلى مصداق لهذه المسألة هو البحارُ التي تعدّ بيئة عيش الكثير من الحيوانات التي خلقها الله. فالكائنات البحرية هي من المصادر المهمة لتأمين المواد الغذائية للإنسان، وعليه، فإذا كان هذا العمل يضرّ بالبحار وبالكائنات البحرية فهو حرام. المقصود من البحار هنا هو العام المعنى الذي يشمل البحيرات والخلجان والمحيطات... ومضافاً إلى هذا الحكم الشرعي، فإنْ كان القانون ينصّ على منع هذا العمل، فلا تجوز مخالفته، وإن حدّد القانون لهذا العمل غرامة، يجب على الأفراد أن يدفعوها.

 

س 8: هل هناك إشكال شرعي في تصفية مياه الصرف الصحي لأجل استخدامها للشرب؟ أم لأننا نعاني الآن من نقص في الماء، فنحن مجبرون في هذه الظروف الاضطرارية على هذا العمل؟

ج 8: يجب أن يكون ما يأكله الإنسان أو يشربه حلالاً وطاهراً. وعليه، فإن كانت مياه الصرف الصحي نجسة، فلكي نستطيع أن نستخدمها للشرب يجب أن يتحقق أمران: أولاً أن يكون شرب هذا الماء غير مضرّ بالإنسان من الناحية الطبية، وثانياً يجب أن يصل إلى مرحلة يصير معها طاهراً من الناحية الشرعية. ولذا، فإن تمّت تصفية مياه الصرف الصحي على نحو يتحقق فيها هذان الشرطان، فعندئذ لا إشكال في شربها، وهذا الأمر لا علاقة له بالاضطرار، لأن قاعدة الاضطرار تكون في المورد الذي لا يوجد فيه الحلال ليشربه.

وعليه، فإن تمّت تصفية مياه الصرف الصحي، واستخلص منه الماء العذب، وأكّدت المختبرات أنه غير مضر بالإنسان، وكذلك صار طاهراً، فعندئذ لا إشكال في شربه. ولكن مياه الصرف الصحي لا تطهر بمجرد أنها غير مضرة طبياً، بل يتطلب الأمر أن تتصل بالماء الكرّ، بل على الأحوط أن تمتزج به. ولذا، فبعد تصفية الماء وتجميعه، يجب وصله عند خروجه بأنبوب الماء المتصل بشبكة الماء الرئيسية في المدينة، المتصلة بماء الكرّ، على نحوٍ يختلط ويمتزج به. ففي هذه الحالة، يصير طاهراً ولا إشكال في شربه.

 

س 9: يستخدم الكثير من المزارعين، بسبب قلة الماء، مياه الصرف الصحي لسقي المزروعات، فهل هذا العمل مخالف للشرع؟

ج 9: لا إشكال شرعاً في ذلك. وعليه، فسقي المحصولات الزراعية بمياه الصرف الصحي، أو وضع السماد الطبيعي النجس عند آصالها، لا يوجب نجاسة منتوجاتها، لأنه في هذه الحالة تحدث عملية استحالة، فيتغير الماء إلى شيء آخر. وعليه، فالثمار وغيرها من المحصولات الزراعية طاهرة، ولا إشكال فيها.

 

س 10: ما هو حكم الاستفادة من المياه الجوفية في المجال الصناعي والزراعي؟

ج 10: لا ينبغي للإنسان أن يفكر في نفسه وحياته فقط. كأنْ يقول على سبيل المثال: هذه المزرعة لي، وما بقيت حياً، فسأعمل على استثمارها كيف أشاء، ولا تهمني مصالح الآخرين والأجيال المقبلة. فمن الممكن مثلاً أن يحفر بئراً يعود عليه بالفائدة، لكنه يضرّ بالموارد الطبيعية، ويؤثّر في منسوب المياه الجوفية، وهكذا الحال في قنوات الري التي تسقي المزارعَ منذ آلاف السنين، والتي هي من بركات البلاد. وعليه، فمع وجود القوانين المقررة من المسؤولين في هذه المسائل، فلا تجوز الاستفادة من المياه الجوفية في الأماكن الممنوعة قانونياً أو المملوكة للآخرين. نعم، عندما يكون هناك مجوّز قانوني، أو تكون الأرض ملكاً شخصياً ولا يوجد مانع قانوني، فلا إشكال فيها.

 

س 11: ما هو حكم صيد الأسماك بكمّية محدودة، بالنسبة إلى الأشخاص الساكنين على ضفاف الأنهار، وسكان المنطقة، مع الالتفات إلى أن هذا الأمر تمنعه «مديرية حماية البيئة»؟

ج 11: إن كان هذا العمل ممنوعاً قانونياً، فلا يجوز. وإلّا، فلا إشكال في الصيد بالمقدار المتعارف.

استكمالاً للسؤال السابق: إن كانت عملية الصيد قد وقعت، فما هو حكم أكل السمك الذي اصطيد سابقاً؟

إن كان الصيد ممنوعاً، فلا يكون مالكاً للسمك الذي اصطاده ولا يمكنه التصرف فيه. وإن تصرف فيه، فهو ضامن، وعليه دفع قيمته للجهة المختصة بذلك، أو أن يودعه في حساب بيت المال العام.

 

س 12: ما هو حكم الاستفادة من ماء السواقي الذي يستخدم لريّ البساتين والمزارع من أجل الوضوء أو الشرب أو غسل السيارات؟

ج 12: لا إشكال في التصرفات اليسيرة والمتعارفة من هكذا مياه، مثل ملء مقدار من الماء في وعاء، أو الوضوء، أو الشرب، حتى وإن لم نحرز رضى صاحب هذا الماء. وأما غسل السيارات فهو لا يدخل في التصرفات اليسيرة، لأنه يستهلك الكثير من الماء. نعم، لا مانع من أخذ مقدار سطل من الماء لغسل زجاج السيارة مثلاً، فهذا متعارف ولا إشكال فيه، لكن غسل السيارة كاملاً من هذا الماء فهذا غير متعارف، ويجب في هذه الحالة إحراز رضى صاحب الماء.

طبعاً من الممكن أن يكون العرف في منطقة ما أن يغسل الأشخاص سياراتهم من السواقي دون أي مانع. ففي هذه الصورة، يجوز غسلها، أما إن لم يكن من المتعارف، فلا يجوز من دون إحراز رضى صاحب الماء.

 

الأرض والنباتات

س 13: هل زراعة الأشجار والنباتات في المنازل أو الأماكن العامة لها ثواب خاص؟

ج 13: عموماً غرس الأشجار من وجهة نظر الإسلام له ثواب. كما أن زرع النباتات لتوسيع المساحات الخضراء، أو لتنقية الهواء، أو من أجل ثمارها، هو أمر جيد أيضاً. لكن هناك أحكام أخرى تجب مراعاتها. لذا يجب أن يكون المكان ملكاً لنا، فلا يجوز غرس الأشجار في الأماكن العامة دون إذن. كما لا يجوز أن نزرع في أملاك الآخرين. حتى في بعض الأحيان لا يجوز لنا الزراعة في ملكنا الشخصي، فيما إذا كان يسبب الأذى والضرر للآخرين، لأنه لا يجوز إلحاق الضرر والأذى بالناس بحجة وجود التوصية بالزراعة مثلاً.

 

س 14: هل يجوز أن نزرع أشجاراً في البستان، وبعد مدة نقطعها ونبيع خشبها؟

ج 14: أولاً، لدينا روايات تقول إنّه إنْ قطعتم شجرة، اغرسوا مكانها أخرى. فوجهة نظر ديننا في هذا الإطار هي توسيع الغطاء النباتي والمساحات الخضراء.

ثانياً، لا إشكال في قطع الأشجار لأجل الاستفادة من خشبها إذا كانت ملكاً شخصياً، أو ملكاً للآخرين ولكن بإذنهم، ولم يكن هناك منع قانوني من هذا العمل. وعليه، فإنْ كان هناك قانون يمنع من قطع أشجار البساتين داخل المدينة، وإن لم تكن هذه الأشجار من الأشجار المثمرة، فتجب مراعاة القانون ولا تجوز مخالفته.

 

س 15: ما هو حكم قطع الأشجار في المدن الكبيرة لبناء الأبراج والشقق السكنية الفخمة؟

ج 15: إن كان القانون يمنع من ذلك، فلا يجوز قطع هذه الأشجار.

 

س 16: ما هو حكم تكسير أغصان الأشجار؟

ج 16: لا ينبغي تكسير أغصان الأشجار دون مبرر لذلك. ولو كانت هذه الأشجار تعود ملكيتها للآخرين أو بيت المال، فهذا العمل حرام. وأما إن كانت ملكاً شخصياً، فأحياناً قد يكون كسر غصن من الشجرة نوعاً من الإسراف وإتلاف المال. لكن أحياناً أخرى نُقلّم الشجرة لتعطي ثماراً أكثر، فهذا العمل لا إشكال فيه.

 

س 17: هل هناك إشكال شرعي إن نزعنا غُصناً صغيراً من شجرة أو نبتة في الحدائق أو الشوارع العامة لنزرعها في المنزل أو في مكان آخر؟

ج 17: إن كان هناك منع قانوني، فلا يجوز. وأما إن لم يكن هناك منع قانوني، فلا إشكال. ولكن عادة تحتاج هذه الأعمال إلى إذن من المسؤولين المعنيّين.

 

س 18: قبل سنوات عدة حفرت بأداة حادة كلمات على شجرة. فما هو تكليفي؟

ج 18: إن كانت تلك الشجرة ملكاً لشخص وأنت تصرفت في ملكه وألحقت الضرر به، فعليك تحصيل رضاه. وإن كانت تلك الشجرة من الأموال العامة وبيت المال وقد تضررت، فعليك أن تدفع لبيت المال ما يعادل حجم الضرر الذي تسببت به. وأما إن لم يلحق ضرر بالشجرة، وعلمت أن صاحبها كان راضياً، ففي هذه الحالة لا شيء عليك. وأما إذا لم يكن راضياً بما قمت به، فعندئذ يجب تحصيل رضاه.

 

س 19: هل يجوز تقليم الأشجار والنباتات، وكذلك قلع النباتات الغضّة الطّرية التي تنمو في الربيع بالقرب من الأشجار المثمرة؟

ج 19: إن فعلت هذا العمل في ملكك الشخصي أو في ملك الآخرين مع إذنهم، فلا إشكال فيه. وإلّا، فلا يجوز أن تقلع الأعشاب من أراضي الآخرين أو حقولهم من دون إذنهم أو رضاهم. وكذا، لا يجوز قلعها من حدائق المدينة وبساتينها، لأن القانون يمنع من ذلك.

 

س 20: ما هو حكم غرس الأشجار في مداخل المدن؟

ج 20: غرس الأشجار في المدخل العام للمدينة يحتاج إلى إذن من المسؤولين، أو أن يكون القانون يسمح بذلك. طبعاً من الممكن أن يكون مسؤولو المدينة قد أجازوا للناس غرس الأشجار أمام منازلهم مثلاً. أو يكون العرف السائد في المنطقة أو المدينة أن يغرس الناس الأشجار أمام منازلهم أو محلاتهم التجارية، ولا يوجد منع قانوني من ذلك. فهذا أيضاً لا إشكال فيه.

 

س 21: ما هو حكم قطف الورود والنباتات لتزيين المجالس؟

ج 21: أصل العمل لا إشكال فيه، بشرط ألّا يكون هناك منع قانوني، وأن يكون الورد ملكاً خاصاً أو بإجازة مالكه.

 

س 22: يذهب الناس في بعض الأحيان إلى القرى للتنزّه، ولجهلهم بالطرق، يظنون أن جميع الطرق عامة، والأكل من ثمار أشجارها جائز، مع أنهم قد يعبرون في بعض الأحيان من طرق وبساتين خاصة، وأشجارها وثمارها ملك لأشخاص. فما هو حكم ذلك؟

ج 22: يجب الاجتناب عن الدخول إلى أراضي الآخرين التي فيها محاصيل من دون إذن أصحابها، حتى إن لم تكن مسوّرة، وألّا يلحقوا الضرر بالأرض ومحاصيلها، لأنّ هذا العمل حرام. أما الأراضي الواسعة غير المزروعة التي ليس لها سور، فيجوز العبور منها، أو الصلاة فيها، أو الجلوس دون حاجة إلى إذن أصحابها، دون أن يلحقوا الضرر بها.

أما الأكل من الثمار لدينا حكم كلي ورد في الفقه تحت عنوان «حق المارّة»، ومفاده أنّه يمكن للأشخاص الذين يمرون من طريق أن يأكلوا من ثمار الأشجار الموجودة في طريقهم، طبعاً ضمن شروط: أولاً ألّا يكونوا قد قصدوا هذا الطريق لأجل الأكل من هذه الثمار، وثانياً ألّا يلحقوا الضرر بالأشجار أو الأرض أو المحصول، وثالثاً ألّا يحملوا منها شيئاً معهم ويقتصروا على الأكل فقط، هذا في حال لم يكن للبستان أو الحقل سور، ولم يكن صاحب الأرض يمنع من ذلك، كما إذا وضع لوحة مكتوباً عليها «ممنوع الدخول» فعندئذ لا يجوز للشخص الدخول والأكل من الثمار. كذلك، لا يجوز أكل الثمار من الطرق غير المعلوم صدق حقّ المارة عليها، كالعبور من الطرق الخاصة التي ينشئها البعض لنفسه.

وهكذا فيما إذا كان العرف في المنطقة قائماً على عدم جواز الأكل من الحقول والأراضي التي لا يكون لها سور، ففي هذه الحالة، لا يجوز الأكل من هذه الثمار أيضاً، وعموماً الأفضل الاحتياط في الموارد المشكوكة.

 

س 23: ما هو حكم المشي على المروج الخضراء التي أنشأت في الشوارع والدوائر الرسمية، علماً أنها وبعد مدة من المشي عليها تتعرض للتلف، الأمر الذي يشوّه منظر المساحات الخضراء؟

ج 23: عموماً يحرم إلحاق الضرر أو إتلاف الأرض المزروعة، سواء كانت مزروعة بالنباتات مما يؤكل، أو للزينة، أو كانت قليلة أو كثيرة، أو كانت في أملاك الآخرين أو الأملاك العامة، مثل مساحات العشب الخضراء الموجودة في الشوارع أو الحدائق والبساتين. ولا فرق في ذلك بين أن يكون لهذه الأراضي سور يحميها أو لا، لأن التكليف يقضي بعدم جواز الضرر بملك الغير مطلقاً.

 

س 24: ما هو تكليفنا إزاء التقليد القديم المعروف بـ«عقد العشب» في يوم الطبيعة[1]؟

ج 24: لا وجه لهذا العمل، ولا يوجد في الدين ما يؤيده، ولا يعود هذا العمل بأي فائدة على الأشخاص الذين يفعلونه.

فضلاً عن ذلك، إنْ كانت هذه الأعشاب في الأملاك العامة أو في أملاك الآخرين، فلا يجوز الدخول إليها دون إذن أصحابها، وإن كنتم قد ألحقتم ضرراً فيها، فعليكم الضمان.

 

س 25: ما هو حكم اقتلاع النباتات الطبية، أو التي تؤكل، الموجودة في البراري؟

ج 25: إن لم تكن هذه الأراضي ملكاً شخصياً، ولم يكن هناك منع قانوني، فلا إشكال فيها.

 

س 26: هل يَصْدق على نهي الأشخاص عن رمي النفايات في الأماكن العامة وتلويث البيئة؛ عنوان النهي عن المنكر؟

ج 26: المقصود من المنكر من الناحية الفقهية هو كل عمل غير مرضي، وهذا العمل غير المرضي قد يكون حراماً، وقد يكون مكروهاً، ونهي الآخرين عن ارتكاب المحرم واجب، وأما نهيهم عن المكروه، فهو مستحب. وعليه، فحتى لو لم نقل بحرمة رمي النفايات في الأماكن العامة. إلّا أنّ النهي عن رميها نهيٌ عن المنكر المستحب. نعم، في بعض الموارد يكون رمي النفايات في الأماكن العامة محرّماً كما إذا سبّب الأذى والضرر. وفي كل الأحوال، يجب منع الآخرين من الإضرار بالبيئة.

 

س 27: هل يجوز رمي قشور الفواكه والنفايات التي تتحلّل في الجبال والبراري والطبيعة؟

ج 27: إن كان هذا العمل يُلحق ضرراً بالأراضي وبالطبيعة وبالبيئة، أو يؤثر في صحة الناس وسلامتهم، فهو حرام.[2]

 

س 28: ما هو حكم نقل الأنقاض وبقايا الأبنية المُخرَبة إلى الأماكن في الطبيعة الخالية من السكان؟

ج 28: لا يجوز ذلك فيما إذا كانت هذه الأماكن ملكاً للآخرين أو جزءاً من الأملاك العامة حيث يمنع قانونياً من رمي الأنقاض فيها.

س 29: هل يجوز صرف أموال الخمس والزكاة في مكافحة التصحّر؟

ج 29: لا إشكال في صرف الزكاة في هذه الموارد، لأن أحد وجوه صرف الزكاة هو عنوان «في سبيل الله»، أي الأعمال ذات النفع العام والأعمال اللازمة والضرورية. ولذا، عندما يتسبب اتساع رقعة الصحراء في عواصف رملية، تؤدي في تلوث الهواء والأذى والضرر. حينئذ لا بدّ من مكافحة ظاهرة التصحّر لدفع هذا الضرر. أما الخمس، فله مصارف مُحَددة شرعاً، وإذا أُريدَ صرفه في الموارد المذكورة، فيجب أخذ الإجازة فيها، وإلّا فلا يجوز.

 

 س 30: هل الانتفاع بالأرض في غير الجهة المُحَددة لها ينطبق عليه عنوان الغصب؟

ج 30: إذا كان الشخص يملك أرضاً مُرَخّصة للزراعة مثلاً، وأراد أن يستثمرها في مجال البناء، فلا يكون غاصباً، لكنه مخالف للقانون، وقد ارتكب ذنباً لمخالفته القانون.

 

س 31: إن رمي النفايات في الشوارع وعلى قارعة الطرقات وعلى ضفاف الأنهار تحول إلى إحدى المشكلات البيئية الكبيرة. فما هو حكم هذه الأعمال من وجهة نظر الشرع؟

ج 31: إذا كان في ذلك تشويه لصورة الإسلام أو ضرر بالبيئة أو شبهة الإسراف المحرّم، فهو حرام.[3]

 

س 32: هل يجب علينا فرز النفايات الجافة عن الرطبة؟

ج 32: إن كان القانون يطلب منكم أن تفرزوها، فيجب ذلك. وإلّا، فلا إشكال في عدم فرزها، ولكن من جهة أخرى، فإنّ رمي النفايات الجافة القابلة لإعادة التدوير مع الرطبة دون أن نفرزها، قد يكون إسرافاً محرّماً.

 

الحيوانات

س 33: ما هو حكم صيد الحيوانات؟

ج 33: إن كان الصيد مطلقاً ممنوعاً قانونياً، فلا يجوز، وكذا لو يمنع من صيد نوع معيّن من الحيوانات، فلا يجوز صيده كذلك. وفي غير ذلك يجوز الصيد.

 

س 34: ما هو حكم صيد الحيوانات الآيلة للانقراض، أو صيد الحيوانات التي تتغذى عليها تلك الأنواع؟ من قبيل الفهد الإيراني النادر أو الماعز البرية التي يتغذى عليها هذا النوع من الفهود؟

ج 34: إذا كان الصيد ممنوعاً قانونياً، فلا يجوز.[4]

 

س 35: ما هو حكم أكل لحم الحيوان الذي اصطيد بطريقة غير قانونية؟

ج 35: شرعاً كل من اصطاد حيواناً غير مملوك يصير ملكاً له، ولكن إذا كان قانون الدولة الإسلامية يمنع صيد هذا النوع من الحيوانات، فإنّ الشخص الذي اصطاد ذلك الحيوان لا يملكه، ويصير غاصباً له ولا يمكنه الانتفاع به، ويجب عليه تسليمه إلى المسؤولين مع الإمكان وإلّا يدفع ثمنه إلى بيت المال.

 

س 36: ما هو حكم قتل الحيوانات المؤذية من مثل النمل والصراصير والسحالي؟ سواء تعمّد ذلك أم لا؟ وما هو المراد من الحيوانات المؤذية؟

ج 36: لا يجوز إيذاء الحيوانات غير المؤذية، وأما الحيوانات المؤذية فلا إشكال في جواز قتلها. نعم قد ورد النهي عن إحراقها حيّة. وأما قتل الحيوانات غير المؤذية غفلةً وسهواً فلا يعدّ معصية. والمراد من الحيوانات المؤذية هو ما يكون كذلك بنظر العرف، سواء كانت أذيتها واضحة وظاهرة أم لا، كأن تَنْتقل الميكروبات وتتسبّب في أمراض الإنسان.

 

س 37: هل يجوز قتل الحشرات التي نخاف منها بلا سبب؟

ج 37: إذا لم يكن للخوف منها منشأ عقلائي فلا يجوز تعمّد قتل الحيوانات غير الموذية التي يحرم أكلها لمجرد ذلك. نعم، إذا كان هناك منشأ عقلائي للخوف منها فلا إشكال في قتلها.

 

س 38: ما هو حكم استخدام المشتقات النفطية والمواد الكيماوية لإبعاد الحشرات؟

ج 38: لا إشكال في استخدام المواد الكيماوية أو النفطية لإبعاد الحشرات عن البيوت ونحوها.

 

س 39: ما هو حكم تحنيط الحيوانات مثل الصقور لاستخدامها كزينة داخل البيت؟

ج 39: إذا كان القانون يمنع من اصطيادها فلا يجوز مخالفته، وعلى أي حال فقد ورد النهي شرعاً عن إيذاء الحيوانات، فلا يجوز أذيتها. وعليه، فلا يجوز تحنيطها لمجرد الزينة فقط. نعم، إذا كان ذلك لغرض عقلائي كالتعليم مثلاً، فلا إشكال فيه.

 

س 40: ما هو حكم أذية الحيوانات أو صيدها بهدف التسلية؟

ج 40: لا يجوز إيذاء الحيوانات غير المؤذية، سواء للصيد أو التسلية واللعب. نعم، لو اصطاد حيواناً من مأكول اللحم، ولم يكن ممنوعاً، واستفاد من لحمه، فلا إشكال في ذلك.

 

س 41: هل هناك إشكال إن حرقْنا الأعشاب الضارة ولا نعلم هل داخلها كائنات حية مثل الحشرات أم لا؟

ج 41: لا إشكال في ذلك، ولا يجب الفحص عن وجود الحشرات فيها. نعم، في بعض الأحيان قدر نرى الحشرات داخل الأعشاب، أو لدينا احتمال قوي بوجود حيوان غير مؤذٍ داخلها، ففي هذه الحالة لا يجوز إحراقها.

 

س 42: ماذا يتوجّب على السائق الذي يصدم بسيارته حيوانات برّية أو طيوراً ويتسبّب في موتها؟

ج 42: إن كان هذا الحيوان ملْكاً لشخص، أو تعود ملكيته إلى إحدى المحميات الطبيعية، يكون السائق ضامناً. أما إن لم يكن هذا الحيوان مملوكاً، وصدمه السائق اتفاقاً فلا يكون مذنباً ولا ضامناً.

 

س 43: هل هناك إشكال في تربية الكلاب والقطط في البيوت؟

ج 43: هناك فرق كبير بين الكلاب والقطط. فالكلاب من الأعيان النجسة، أما القطط، فليست نجسة. وسُؤر[5] الكلب نجس وحرام، أما سؤر القطة، فليس كذلك. كما أن الكلب يصدر أصواتاً قد تؤذي الجيران. كذلك تربية الكلاب في المُجمّعات السكنية من شأنه أن يؤذي الأشخاص الذين يريدون مراعاة أحكام الطهارة، لأن الطرق والإمكانات في هذه الأماكن تكون مشتركة عادة. وعليه، فإن كانت تربية الكلاب والاحتفاظ بها موجبة لأذية السكان أو تنجيس ثيابهم أو نقل الأمراض لهم، فلا يجوز.

لكن عموماً، إن كان للكلب منافع عقلائية، مثل حراسة معمل أو ورشة، أو حراسة بستان، أو لحفظ القطيع وغيرها من الأمور، فلا إشكال عندئذ في تربيته. وكذا، لا إشكال في الاحتفاظ بالقطط في البيوت بهدف اللعب والتسلية. وأما الكلاب، فقط ورد النهي عن الاحتفاظ بها داخل البيوت، لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب.

 


الهوامش: 

[1] هو اليوم الثالث عشر من فروردين، أول شهر في السنة الإيرانية. يخرج الإيرانيون في هذا اليوم من بيوتهم إلى أحضان الطبيعة. ومن العادات في هذا اليوم أن يعقد من لديه أمنية يريد تحقيقها أوراق العشب بعضها ببعض للوصول إلى أمانيه.

[2] تبيان:

«أحياناً هناك أعمال غير صائبة يمكنها أن تضر بصورة المجتمع الإسلامي. إن بعض سلوكاتنا ليست شخصية؛ نحن نريد أن نبني دولة قدوة للآخرين. وإن بعض سلوكاتنا لها آثار مضرة على المستوى العام. من الممكن أن يكون حجم هذه النفايات قليلاً لدرجة لا يمكننا عندها أن نعدّها حراماً من الناحية الشرعية، ومع هذا، من الجيد مراعاة هذه الأمور، ومن الحسن تجنّب هذه الأعمال».

 

[3] تبيان:

«إن هذه الأعمال تلوث البيئة وتُسيء إلى سمعة الدولة الإسلامية. لأنه عندما يأتي الآخرون ويرون هذه المناظر، سيقولون: هذه هي الثقافة الإسلامية! مع أنّ ثقافة الإسلام هي النظافة والطهارة. ثانياً: فضلاً عن تشويه هذا العمل صورةَ البلاد هو يضر بالبيئة، ولذا يجب على الأشخاص أن يبتعدوا عن هذا العمل، لأنه في أكثر الموارد يكون حراماً شرعاً. ثالثاً: هذه الأعمال التي تُحمّل الدولة أعباء مالية كبيرة جداً، فجمع هذه النفايات يكلف بيت المال أموالاً كثيرة.

النقطة الأولى التي يجب الالتفات إليها هي أن أداء الشكر على النعم الإلهية يكون بالاستفادة الصحيحة منها. وسوء الاستفادة من النعم كفرانٌ وتبديد لها. إن الله أنعم علينا بطبيعة جميلة وسواحل ممتعة وجو لطيف، فلماذا نكفر بهذه النعم ونلوثها بأنواع الملوثات؟

والنقطة الأخرى هي أن الكثير من هذه النفايات يمكن الاستفادة منها مجدداً. ورميها بهذاه الطريقة في حد ذاته نوع من الكفران للنعمة. هذه النفايات يمكن إعادة تدويرها، ولذا من الأفضل فرزها والعمل على إعادة تدويرها».

[4] تبيان:

«ما من حيوان خلقه الله إلا لحكمة، وله تأثير في الطبيعة وفي حياة البشر. لذلك، لا يجب العمل معها على نحو يؤدي إلى انقراضها. إضافة إلى ما سبق، إنْ كان صيد هذه الأنواع ممنوعاً في قانون الدولة والنظام الإسلامي، فلا يجوز صيدها».

[5] أي لُعاب.