سؤال: في اجتماع يوم الثلاثاء 4/4/2023 الذي انعقد بين مسؤولي البلاد والإمام الخامنئي، اعتبر قائد الثورة الإسلاميّة أن أحد أسباب ضعف أمريكا هو الانقسام الذي حدث قبل بضع سنوات وما زال مستمرة بقوة. كما أشار في حديثه إلى أحداث الكونغرس. يرجى الحديث عن هذا الانقسام.

 

السيد إيزدي: بسم الله الرحمن الرحيم، يرجع ما ذكره قائد الثورة الإسلاميّة اليوم في خطابه بما يتعلق بالانقسام الأمريكي إلى انتخابات 2020، عندما أعلن بايدن فوزه في الانتخابات، في نفس الوقت الذي أعلن فيه ترامب فوزه. وبناءً على الاستطلاعات التي أجريت في ذلك الوقت يعتقد حوالي 80٪ من الأمريكيين الجمهوريين أن ترامب يجب أن يكون رئيسًا للولايات المتحدة ولا يقبلون بنتائج الانتخابات حتى اليوم. استمر هذا الانقسام حتى انتخابات الكونغرس عام 2022 حيث ظهرت المشاكل الناتجة عن انتخابات 2020 مرة أخرى واتضح أن المشاكل التي مرت بها أمريكا خلال تلك الانتخابات لا تزال دون حل. خلال هذا الأسبوع أيضاً واجهتنا قضية ترامب حيث تم توجيه الاتهام في نفس الوقت الذي أعلن فيه ترامب أنه يريد أن يكون مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات عام 2024. لذا فإن أحداث الأسبوع الماضي تظهر أيضاً أن هذه المشكلة ما زالت قائمة في أمريكا، ولم تجد حلاً والمشاحنات تراوح مكانها. أحد أسباب عدم حل هذه المشاكل هو عدم وجود مكان في النظام السياسي الأمريكي يستطيع قول الكلمة الأخيرة ومن ثم تنفيذها عملياً. تعود هذه المشكلة إلى الهيكل السياسي الأمريكي، ولهذا السبب تستمر مشكلة الانقسام على هذا النحو. ما يعني عدم وضوح المستقبل لهذه الأزمة. لكن، في رأيي، يجب إضافة هذه النقطة أيضاً، فبالأساس ما هو سبب تشكل هذا الانقسام؟ لماذا أصبح شخص مثل ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، ثم تم إنشاء هذه القضايا بهذا الأسلوب؟ هذا يعود إلى النقطة التي ورد ذكرها عدة مرات في أقوال قائد الثورة الإسلاميّة في السنوات الماضية، وهي تراجع أمريكا. أدرك الشعب الأمريكي أن بلاده آخذة في التراجع، التراجع الحقيقي والجاد. نسبة التراجع في نظر الشعب الأمريكي سريعة جداً. طبعاً، البعض خارج الولايات المتحدة،  وبعض التيارات السياسية داخل البلاد، لا يقبلون هذا الكلام لأنهم لا يملكون اطلاعاً كاملاً فيما يتعلق بالمحادثات الدولية، وخاصة تلك المتعلقة بأمريكا. لكن هذه هي مشكلة هذه التيارات السياسية. الأمريكيون الذين يعيشون هناك يدركون أن هذا البلد في حالة تراجع. ثم ماذا كان خطاب ترامب في انتخابات 2016 التي فاز فيها؟ كانت كلمات ترامب أن مكانة بلادنا تتراجع، ولدي طرق، ولدي حلول يمكن أن تحل هذه المشكلة. وانتخب تحت هذا الشعار. كان لديه انتقادات خطيرة للغاية للسياسيين السابقين، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين. كان يقول إن واشنطن "سوامب"، "سوامب" يعني مستنقع. وقال، سأقوم بتجفيف هذا المستنقع في واشنطن. "دريند سوامب"، تجفيف المستنقع. كان هذا أحد شعاراته الرئيسية. الآن، ما فعله عملياً هو أمر آخر، فمستنقع الفساد في واشنطن توسع في عهد ترامب، لكن كان هذا شعاره. لماذا استقطب هذا الشعار بعض الناس؟ بسبب مشكلة التراجع، واقع التراجع الذي يراه الشعب الأمريكي في حياته اليومية. وكانت النتيجة أن بعض الناس أصبحوا مهتمين بترامب. من ناحية أخرى، أدركت مجموعة أخرى من الأمريكيين أن الحلول التي قدمها ترامب لا تحل هذه المشكلة.

المجموعة الثانية أيضاً كانت مدركة لحدوث التراجع، إلا أنهم كانوا يعتقدون أن شخصاً مثل ترامب لا يمكنه حل المشاكل. ومع ذلك، وبسبب ضغط المشكلات على الشعب الأمريكي بأكمله، سواء المجموعة الأولى أو المجموعة الثانية، أصبحت هذه المشادات خطيرة، وانتشر الانقسام. لقد واجهت أمريكا مشاكل في الماضي، لكن كانت هناك مائدة واسعة وكانت هناك موارد مالية، وكانت أمريكا تقوم بالكثير من السرقات في أنحاء مختلفة من العالم. وكان هناك أشخاص على هذه الطاولة ولم يشاركوا في المشادات كثيراً. الآن، بسبب تراجع أمريكا، انخفضت الموارد المالية. نتيجة قضية ديون أمريكا، و قضية عجز الميزانية في أمريكا، والتي ذكرها الإمام الخامنئي اليوم، لم يعد من الممكن حل المشاكل التي كانت موجودة تقليدياً في أمريكا عن طريق بعثرة المال. انتشرت المشاكل، وتسارعت عملية التراجع. وماذا كانت النتيجة، النتيجة هي أن المعركة في أمريكا حوّلت المجتمع الأمريكي علانية إلى مجتمع منقسم. ولهذا السبب، فإن ترامب هو نتيجة ذلك الانقسام. تشكَّل الانقسام في أمريكا، وتتمثل قدرة ترامب في أنه استخدم هذا الانقسام ليصل إلى الرئاسة، ثم القضايا التالية التي رأيناها في السنوات الماضية. تتجاوز مشاكل أمريكا قضية ترامب بحد ذاتها. فإذا ذهب ترامب إلى الجحيم غداً، ستستمر هذه المشاكل. ضعف أمريكا من هذا الزاوية. أمريكا تضعف وستستمر في الضعف. تدريجيا، تتحول أمريكا إلى دولة عادية أخرى، وتفقد مكانتها كقوة عظمى.