بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيد الأنام محمد وآله وأصحابه والتابعين.
السادة العلماء
الصديق العزيز السفير السيد مجتبى أماني
الإخوة الكرام جميعاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أجد كأن سماحة الشيخ علي دعموش قد لخص كل ما نريد أن نقوله تقريباً وأصاب في كل كلمة جزاه الله خيراً، أنا اعتبرها كلمة الأساس، نبني عليها حتى لا نكرر أنفسنا.
أولاً أقول ليس في العالم الإسلامي قائد أو زعيم سياسي أو ديني يحق له أن يوجه رسالة للحجيج وللأمة الإسلامية غير القائد الخامنئي ـ حفظه المولى ـ، لموقعه، ولأنه دمج أو جمع بين القيادة السياسية والدينية كما كان الرعيل الأول من الراشدين، ولأنه بدأ بنفسه كما يقول سيدنا علي (ع): من أراد تأديب الناس فليبدأ بنفسه. وكما نقول ونكرر دائماً: علة المسلمين وعلة الإسلاميين في العالم نختصرها بآية واحدة من كتاب الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾.
شعاراتٌ عظيمة لا يقابلها عملٌ ولا سلوك ولا التزام، هذا لا ينطبق على الثورة الإسلامية في إيران، ولا ينطبق على القائد المؤسس السيد الخميني ولا على القائد الخامنئي ولا على الجهات المرتبطة بهذا الاتجاه، وبهذا المحور العظيم الذي يحمل فلسطين على ظهره ويواجه الاستكبار بكل ما أوتي من قوة.
يعني ما من كلمة قالها سماحته إلا وكان قد بدأ بها بنفسه وبمن معه، يأمرهم بالجهاد والإنفاق في سبيل مواجهة الاستكبار العالمي والصهيونية وكل ما يسيء إلى العالم الإسلامي. فهو يعطي المثل الأعظم، وهي ليست الرسالة الأولى، وكل رسائله فعلاً تستحق أن يقف الإنسان أمامها باحترامٍ كبير.
وهنالك شيء خاص بشخصية القائد ذكرناها في أكثر من مناسبة لا أعلم إن كان الإخوة الحضور قد سمعوا ذلك منا، وقد سمعت من سماحة الأمين العام القائد الملهم السيد حسن نصر الله، أن سماحة القائد السيد الخامنئي استبق الزمن في أربع قضايا في غاية الأهمية لا أدري لعلهم ازدادوا الآن وهذا سمعناه منذ فترة، ولكن أهمها يجب أن يعاد ذكرها دائماً وهو ذلك الاجتماع الذي ضمّ قادة المقاومة في لبنان جميعاً عام 99 وقد تداولوا فيما هو حال الجنوب، فقال آخرهم ولعله الحاج عماد بعد التداول: سيرى أبناؤنا أو أحفادنا الانتصار في جنوب لبنان، فنظر سماحته إلى الوجوه واحداً واحداً مبتسماً، وقال: كل الذين هنا سيرون الانسحاب الإسرائيلي، الانتصار على إسرائيل في جنوب لبنان.
قالها بثقةٍ بالغة، وهذا الذي كان، فاستبق التاريخ في حقبة من أهم الحقب. ومثل ذلك أمثلةٌ ثلاث لن أدخل فيها لضيق الوقت، ولكن هذا الأمر نموذجٌ عن هذا القائد الذي يتحلى برؤية وثقةٍ، وقد زاده الزهد والإخلاص كثيراً وزاده تسديداً ووضوحاً في الرؤية فجزاه الله خيراً وأدام ظلّه.
انطلاقاً من هذا الموضوع، يجب أيضاً أن نوجه إلى العالم الإسلامي رسالة، ونقول: هذه الكلمة تدعو لليقظة، وطبعاً لا يفترض من المسلمين أصلاً ولا من أي إنسان أن يبقى دائماً على مستوى واحد من الإيمان واليقين، الصحابي الكريم حنظلة أتى وقال لرسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : نافق حنظلة يا رسول الله! قال له: لماذا؟ قال: نكون عندك نسمع عن الجنة والنار وكذا ثم نذهب إلى البيت فننشغل بالعيال والنساء والمال.
قال: يا حنظلة! لو ظللتم على ما كنتم عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات، ولكن ساعة فساعة. هنا تأتي الآيات مثلاً: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
ومثل هذا من سورة التوبة، الكثير، مثل هذا ما هو موجه لأهل بدر، ومثل هذا ما هو موجه لأهل أحد وغير ذلك. حوالي ست مواقع في القرآن الكريم تدعو للاستنفار، أي هنالك دعوة دائماً لتجديد الدين. القرآن لا يتوقّع أن نبقى جميعاً على نفس المستوى، ومن أحق من قيادة القائد الخامنئي وما قدمه وما التزم به بهذه الدعوة.
نعم، هنالك غفلة شبه عامة في العالم الإسلامي وأكثر من غفلة، البعض يعيش غيبوبة والبعض يعيش ارتداداً والبعض يعيش في حالة أخرى.
في مناسبة سابقة في هذا المكان، ذكرنا في موضوع كان يتناول تفسير الآية:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ جاءت الآية بعد إدانة بعض المسلمين في ولائهم لليهود والنصارى وفي التسرع في الخضوع للعدو. مختصراً، طبعاً لا أستطيع أن أسرد كل الآيات واشرحها.
وصلاً إلى أنه في كل فترة سيأتي من يأتي ومن ينوب كما قيل في آية أخرى، أما في سورة محمد فقد جاءت الآية: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾.
من يرتد منكم عن دينه ليس بالضرورة ارتداداً كاملا لكن من يرتد عن فلسطين مرتدٌ جزئياً لأن فلسطين آية من القرآن، لأن وصف الصهيونية وأفكار الصهيونية وجرائم الصهيونية مبثوث في القرآن الكريم أكثر من أي موضوعٍ آخر فكيف يمكن لمسلم أن يتجاهل الصهيونية وأن لا يجعلها عدوه الرئيسي؟! وكيف لمسلم أن لا يعتبر نفسه عدواً بشكلٍ طبيعي للطاغوت؟! وقد قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أن اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} يعني مهمة الأنبياء ليست الدعوة إلى الله فقط بل مواجهة الطاغوت، طبعاً هذا قد يكون بحاجة إلى شرحٍ آخر.
إذاً ما يدعو إليه القائد في هذه الرسالة وفي موقفه وفي سلوكه السياسي بشكلٍ عام إنما هو منطلقٌ من آيات من القرآن الكريم، وليس من اجتهادٍ فقهي أتى به المذهب الشيعي أو قاله الإمام جعفر الصادق (ع) على قدره، أو أي إمام آخر، إنه هو موقفٌ قرآنيٌ قحّ كما يقال، موقفٌ خالصٌ لله، على الأمة أن تستجيب وأن تنضم إلى هذه المسيرة التي يمثلها بشكلٍ أو بآخر محور المقاومة وما يقدمه من انتصارات.
والسلام عليكم ورحمة الله.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي موقع arabic.khamenei.ir