بسم الله الرحمن الرحيم

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بفضل الله، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين، أبي القاسم المصطفى محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. متابعينا عبر موقع الإمام الخامنئي - دام ظلّه الوارف - الرسمي khamenei.ir السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. من الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة ندعوكم لمتابعة هذا اللقاء مع الإعلامي الأستاذ علي شعيب. السلام عليكم أستاذ علي.

 وعليكم السلام ورحمة الله

من أوائل الصحفيين الذين دخلوا إلى القرى الحدودية المحررة عام ألفين، من أوائل الصحفيين الذين سجلوا وواكبوا دخول الناس إلى قراهم المحررة وكان المشهد بعينه كما يعبر أشبه بمشاهدة التمثيل في الأفلام، بات يعرف برفيق الحدود وهو الذي بقي طيلة فترة عدوان تموز في المنطقة الحدودية ودخل إلى بعض القرى التي انسحب منها العدو بعد إعلان وقف إطلاق النار ليقف على بعد أمتارٍ عدة تفصله عن جنود العدو. بث صورة الحياة في ذروة الحرب، وتتبع العدو ولاحقَه وكشف أكاذيبه ودعايته الزائفة، الإعلامي الميداني المقاوم رفيق الحضور الأستاذ علي شعيب في حوارية مع موقع الإمام الخامنئي - دام ظلّه - لنتحدث معه عن أيام عدوان تموز وعن النمط الإعلامي الذي ينتهجه في أجواء الذكرى السابع عشرة للانتصار الإلهي.

تحية مجددا لكم أستاذ علي، ونحن نقف بداية لا بدّ من أن نعرّف المتابعين عن هذه النقطة التي نقف فيها على الحدود مع فلسطين المحتلة، وطبعاً  قبل بدء هذا اللقاء، كنا برفقة الأستاذ الحاج علي وكنا على مقربة من هذا الموقع حيث يقف جنود العدو الصهيوني، تفضل أستاذ علي.

السلام عليكم ورحمة الله، بسم الله الرحمن الرحيم، أهلاً وسهلاً بكم على أرض الجنوب الحدودية،  حيث نقف الآن. طبعاً بالبداية من دواعي الاعتزاز والفخر أن أكون مشاركاً على هذا الموقع وضيفاً لهذا الموقع الذي نعتز ونفتخر أن نكون من ضيوفه.

طبعاً من المعروف أولاً أننا نقف عند حدود بلدة حولا الحدودية في جنوب لبنان هذا الموقع اسمه موقع العباد الإسرائيلي هو موقع عسكري من أهم المواقع المنتشرة على طول الحدود مع لبنان لقربه، وعلى تماس مباشر مع السياج الحدودي، مضت ثلاث سنوات على العدو الإسرائيلي وهو يبني هذا الموقع، من الباطون المسلح. في العام ألفين وثلاثة وعشرين، نرى  العدو  في هذا الموقع يقفل على نفسه بجدار إسمنتي كما رأيتم قبل قليل ونراه الآن. الجدار  الذي يبنيه على طول الحدود مع لبنان، حتى لم يعد هذا الموقع مرئيا للجانب اللبناني بكل تفاصيله. الآن أهم موقع إسرائيلي هو الذي يختبئ خلف الجدار ومن المتوقع أن يعوّل المستوطنون على هذا الموقع بأنه سيشكّل الحماية الأساسية للمستعمرات خصوصاً مستعمرة المنارة القريبة من هنا. هذا الموقع يختبئ الآن، وأعتقد أن هذا المشهد سيؤثر سلباً حتى على معنويات المستوطنين داخل الأراضي المحتلة.

الأستاذ علي، هل هذا الجدار جديد أيضاً؟

هذا الجدار ما زال قيد البناء،  رأيتم بأم أعينكم كيف أن العدو يبني هذا الجدار اليوم، أي أنّ الآليات تقوم بعملية بناء هذا الجدار الآن.

نعم أستاذ علي، أن تصمد وتكون مصدراً للخبر ومصدراً للانتصار في حرب كحرب تموز ألفين وستة مسألة تتجاوز حتماً العدسات والمهنية والخبرة، مسألة ترتكز على الروحية والإيمان والاعتقاد الذي يحمله المجاهدون والمقاومون والإعلاميون أمثال الأستاذ علي شعيب، ما هو العنوان الذي استشعرته لحظة اتخاذ القرار لمواكبة يوميات العدوان الصهيوني وملاحقة العدو في حرب ألفين وستة؟

طبعاً يجب أن نعود في البداية إلى الوراء، التربية في المنزل هي تربية إيمانية، وتؤخذ من الوالدين، وطبعاً نحن أبناء مسجد في قريتنا في الجنوب، نحن أبناء خطّ الإمام الخميني (قدس سره)، ربينا وتفتحت عيوننا على الشيخ راغب حرب، كنا نسكن في منزله عندما نهاجر من بيروت وكنا مشاركين بكل الأنشطة التي كانت تجري في قرانا. نحن طبعاً ما بعد الاحتلال ربينا...

 تربية جهادية...

طبعاً، أي إنّ المنشأ بدأ من هنا. عندما كان الشيخ راغب حرب هو الأستاذ فمن الطبيعي أن نستمر نحن، فهو القدوة، طبعاً أن نستمر في هذا الخطّ قبل أن نحمل الكاميرا، نحن أبناء هذه المقاومة وأبناء بيئة المقاومة، فمن الطبيعي أن يكبر هذا الاعتقاد ويكبر هذا الإيمان، من الطبيعي أن نتخذ من أي وسيلة سلاحاً، فكيف إذا ما أصبحت الكاميرا السلاح منذ سنوات طويلة. الإعلام بات سلاحاً قويّاً إلى جانب البندقية وإلى جانب الصاروخ. كنت أعتبر أن استخدام هذا السلاح يتمّ بطريقة صحيحة لأنه سلاح ذو حدين.

لأنني كنت أعتقد أن استخدام هذا السلاح بطريقة صحيحة وخصوصاً أنني بنيت على خلفية، أجريت دورات عند الإعلام الحربي في العام ستة وثمانين، وطبعاً لم أعمل في الإعلام الحربي ولم أعمل في الإعلام، في العام اثنين وتسعين انخرطت في هذا المجال وكانت أول صورة قمت بتصويرها هي في فترة ما قبل استشهاد السيد عباس الموسوي مباشرة في السادس عشر من شهر شباط أثناء وجوده على المنبر في مسجد جبشيت، كانت هذه الصورة الأولى في المجال الإعلامي التي التقطتها وبعد ذلك عندما غادر مسجد جبشيت وتوجهت إلى تفاحتا. وهي ربما كانت آخر صورة لسماحة السيد عباس الموسوي (رحمة الله عليه) لأنه بعد أن غادر المسجد وتوجه إلى تفاحتا قام العدو باغتياله واستشهد (رحمة الله عليه).

حرب تموز أثبتت أن المعركة الإعلامية والمعركة النفسية كانت توازي الحرب العسكرية لأن العدو كان يتكل على الحرب النفسية والإعلامية مثل اتكاله على الحرب العسكرية وربما اتجه نحو الحرب الإعلامية أكثر من الحرب العسكرية بسبب فشله في الميدان أمام المقاومين، فـبات يعطي زخماً قوياً باتجاه الأكاذيب والأضاليل التي كان يبثها عبر كل القنوات الإمبراطورية الإعلامية الدولية التي كانت تسانده في هذه الحرب. كان من واجبنا نحن أمام هذا الواقع أن نقاوم بالصورة وبالكلمة إلى جانب الآخرين المقاومين الذين كانوا يقاومون بأجسادهم وبصواريخهم وببنادقهم وبدمائهم حتى.

أستاذ علي، وأنت ابن هذه المدرسة، التي قادها أمثال الشهيد الشيخ راغب حرب والشهيد السيد عباس الموسوي (رضوان الله عليهما)، طبعاً توقفت عند هذه الصورة التي أخذتها للسيد عباس، ولكن في مقارعة العدو ما هي أكثر صورة علقت في الذاكرة وكان لها محلها.

ربما في وسط الحرب، عندما كانت القوات البرية قد بدأت بالدخول إلى مارون الرأس وإلى بعض النقاط المتاخمة للحدود، كان العدو يقصف كل القرى، كان يقصف الضاحية، كان يقصف البقاع، كان لبنان كله عرضة للغارات الجوية، كانت الخيام التي هي على مقربة من بلدة كفركلا مكان حصول الحادثة، تتعرض لمئات الغارات الجوية كل يوم، وللقصف المدفعي. وأيضاً كفركلا كانت تتعرض [للهجوم] وهي المتاخمة للحدود مباشرة، والتي عجز العدو عن دخولها طيلة فترة الحرب وحتى النهاية لم يدخل إلى بلدة كفركلا، على الرغم من وجودها على السياج الشائك تماماً.

رأيتم ذلك بأم العين؟

بأم العين طبعاً، كنت متواجدا هناك. نعم، كنا نرى ونشاهد كيف كانت قوافل النازحين  تغادر هذه القرى نتيجة المجازر التي كانت ترتكب والقصف المدفعي العنيف الذي لم يكن يميز بين المدني والعسكري، كانت البيوت تنهار بالكامل في كل القرى الحدودية.

كان العدو يبث أنه دخل إلى بلدة كفركلا عبر الوسائل الإعلامية الأخرى، فصار هناك انطباع بأن كفركلا سقطت، أنا كنت متواجدا بالقرب من بلدة كفركلا، ورأيت كيف أن القذائف كانت تتساقط على كفركلا، في تلك الأثناء، ما كان يؤكد عدم وجود قوات في هذه المنطقة، أنني كنت أتصل بالمتواجدين في كفركلا فيقولون إن هذا كذب.

كان من واجبي أن أدخل تحت القصف، على رغم المخاطر التي كانت تحدق بأي أحد يتحرك في المنطقة لإثبات أن هذا العدو يكذب، وهذا جزء من السلاح الذي تحدثت عنه، السلاح الإعلامي، مقارعة العدو بهذا السلاح الإعلامي. بالفعل دخلت إلى بلدة كفركلا، المشهد المفاجئ الذي لم أكن أتصوره حتى أنا، خصوصاً عندما كنا نرى قوافل النازحين، أنني دخلت إلى بعض أحياء كفركلا،  وكان القصف متوقفاً رأيت الصامدين يخبزون، والنساء تخبز في ثلاث مواقد للصاج.

الحياة الطبيعية، أشهد بالله رأيت عدداً من الأطفال يلعبون على الدراجات الهوائية أمام هذه المواقد، وعندما كنت أصور اجتماع كل أولئك الأطفال أمام الموقع الإسرائيلي بالمطلة، مستعمرة المطلة المحاذية، وبدؤوا يهتفون: "يا نصر الله يا حبيب دمر دمر تل أبيب." لا زلت أذكر ذلك. كان هذا المشهد بمجمله.

أبرز صورة في وسط هذه الحرب، صخب هذه الغارات الجوية، كان هذا المشهد المضيء في وسط الحرب وكم شعرت أننا نحن كإعلاميين، جميع الإعلاميين مقصرون أمام هذا المشهد مقصرون أمام هؤلاء الصامدين لنقل صورتهم. لم يهاجر كل المواطنين اللبنانيين في داخل القرى، وكان هؤلاء جزءًا لا يتجزأ من المقاومة ومن المشهد المقاوم في زخم وصخب هذه الحرب.

كانت هذه النقطة المضيئة الكبيرة إلى جانب النقاط التي كان المقاومون يسجلونها بتضحياتهم وصلاباتهم في مواجهة الدبابات الإسرائيلية الغازية التي كانت تُدَمَّر وتَحترِقُ في وسط سهل الخيام وفي مارون الرأس وفي عيناتا وفي بنت جبيل وفي وادي الحجير، كل هذه المشاهد المضيئة وهذا الجانب المدني المضيء في وسط هذه الحرب.

نعم، قراءة بعض ما جاء في كلام جنابك في المقابلات التي أجريت بعد عدوان تموز وبعد هذا النصر الإلهي، تشير إلى أنك كنت عندما تدخل إلى القرى كان يكون هنالك فقط فارق شارع بينك وبين العدو الصهيوني، وأنت كنت تشاهد لحظة خروجه من هذه المناطق.

تحديداً في رب ثلاثين،  في الرابع عشر من آب صباحاً الساعة الثامنة، كان العالم كله يراهن على أن القرى مدمرة، والمنطقة الحدودية كلها هوت على الأرض. يعني مثلاً هناك نموذج بلدة الخيام، حيث أن ألف منزل تعرض لغارة جوية، وقد سُوّيَت بالأرض، بالإضافة إلى جميع المنازل التي كانت متضررة. يعني كانوا يقولون أين سيسكن مئات الآلاف الذين سيعودون؟!

الساعة الثامنة صباحاً، لحظة توقف العمليات الحربية، كنت متواجداً عند أحد السواتر التي تفصل الغارات الجوية للطرقات المقطوعة بين الأرض الحدودية التي كانت تتعرض للقصف والمناطق المفتوحة، وعند السواتر كان الناس واقفين وينتظرون الجرافات.

أي الجرافات التي كانت تتحضر لفتح الطرقات، كان قد سبقها الناس، أي قوافل العائدين، هذا انتصار إضافي إلى جانب الانتصار الذي تحقق بهزيمة العدو من خلال عدم تحقيقه الهدف وهو نزع سلاح المقاومة والوصول إلى الليطاني. كنت أتحدث عن الحرب الإعلامية، كان العدو بحاجة إلى التقاط صورة واحدة لجندي إسرائيلي يصل إلى نهر الليطاني وهو يشرب من مياه النهر، كان كافياً لأن تقف الحرب منذ اليوم الثاني على بدئها، كان العدو يستطيع أن يقول أنه حقق هدف العملية وهو الوصول إلى الليطاني، لكن إلى هذا الحدّ انتهت الحرب ولم يستطع العدو الإسرائيلي أن يلتقط حتى هذه الصورة. 

طبعاً في الذاكرة صور السيارات، حيث كانت تحمل الأثاث، كأنهم أتوا في جولة...

نعم، ردّاً على سؤالك، العدو لم يستطع  الهروب  قبل أن يعود الناس، أي أنّ الناس تقاطعوا مع قافلة القوات الإسرائيلية المنسحبة، التقيت بهم تماماً في واد بين بلدتي رب ثلاثين والعديسة وهم يخرجون من وادي الحجير مذلولين ومنسحبين باتجاه وادي هونين، وهناك سجلت هذا المقطع من الفيديو في التقرير، وقلت: انظروا إليهم، هؤلاء الجنود الصهاينة المنسحبون الآن مذلولين من منطقة وادي الحجير. أي كان الناس يدخلون وكان العدو الإسرائيلي ينسحب من أمامهم. هذا مشهد المذلة في العام ألفين وستة.

الإعلام المقاوم الميداني أستاذ علي يشكل بداية مدرسة إعلامية لها قواعدها وأصولها المركبة بين المنهج والتجربة، كيف تصف التجربة في هذا النوع من الإعلام بترقب العدو بل وملاحقته؟

هناك مثل عندنا يقول أن الإعلامي الذي يبقى على «الزفت» ليس من الممكن أن يزاول مهنة الإعلام، أولا الإعلامي يجب أن يكون في مكان الحدث، أن يعرف طبيعة وجغرافيا هذه الأرض أن يكون ابن هذه الأرض حتى يستطيع أن يبدع. منذ العام ألفين وستة وأنا متواجد على الحدود مع فلسطين المحتلة لأنني أعتبر أن رسالة الإعلام التي أحملها هي هذه الرسالة، الصراع مع العدو الإسرائيلي.

أن تكون مقارعاً للعدو الإسرائيلي بالإعلام، يجب أن تكون على تماس مباشر معه لا أن تجلس في بيتك أو في مكتبك وتتابع عبر مواقع التواصل أو الاتصالات. لا، يجب أن تكون على تماس مباشر مع الحدث يجب أن تصنع الحدث، يجب أن نقطف أي لحظة أو أي خطأ يرتكبه العدو أو أي خرق يرتكبه العدو يجب أن تكون حاضراً.

نعم وبالتالي عندما تكون حاضراً تستطيع أن تبدع، أنا أحياناً أنشر صورة لا تعليق عليها، تقرأ من نفسها، وبالتالي الصورة هي التي تتحدث على الخلفية الوطنية المقاومة التي أغمل من أجلها. المقاوم لديه بندقيته، وأنا احمل سلاحي. لكن هذا الدور هو دور مترابط، أنا أعتبر أن هذه الكاميرا سلاح ومن هذا المنطلق أنا أتعامل مع كل صورة ومع كل كلمة أبثها أو أنشرها.

يعني هناك مسألة مهمة جداً، هناك تنافس بين المواقع وبين التلفزيونات وبين القنوات وكلٌّ يضع لوجو على صورته، أنا منذ العام ألفين أنشر الصور من دون أي لوجو ومن دون أي اسم ولم أقل أنني صورتها حتى تنتشر هذه الصورة وتحقق الهدف الذي صورتها من أجله. كنت أغضب جداً عندما أرى هذه الصورة وقد وضع عليها لوجو لموقع معين لأنها عندما تضع هذا اللوجو فإن هذه الصورة تتوقف.

من هذا السلوك أستاذ علي نکتشف بأن هذه الصورة هي صورة المقاومة.

نعم، ويجب أن تنتشر وأن تصل إلى الجميع. ليس الموضوع سبقاً صحفياً، يعني ليس من المعيب في المسألة الوطنيّة والمقاومة أو من الخطأ أو الجريمة أن تنافس وتجعل هذه الصورة مادة للتنافس وتضع عليها إمضاء أو توقيع.

نعم يعني بات هذا يعد سلاحاً من سلاح المقاومة كما يفهم من كلام جنابك، هل كانت هذه التجربة لمواجهة أسلوب مشابه عند العدو على مستوى الإعلام؟

يعني العدو هو جيش كلاسيكي يقوم بـ..

ولديه من ينطق باللغة العربية.

نعم وهناك ضعف كبير لدى الجيش الإسرائيلي ببث ومخاطبة البيئة عندنا، يقرأون أفكارنا خطأ وأحياناً يبثون أخباراً أو بيانات أو تعليقات بالصوت والفيديو تكون عادة مادة للاستهزاء عندنا أو مجرد أن أقرأ أنا بعض الأخبار أو البيانات التي يبثها الجيش الإسرائيلي الذي يتحدث باسم دولة.

محل سخرة لدى جمهور المقاومة.

نعم أسخر من هذا الكلام ومن الطبيعي أن لا نرد على أي شيء يطلقه العدو باتجاهنا ولا نعطيه أهمية، أحيانا يكون هناك تضليل معين في مكان معين ربما يؤثر سلباً باتجاهنا فمن واجبنا نحن أن نواجه بالحجة والبينة والواقع، نرد على بيان الجيش الإسرائيلي وعلى واقعة أسردها الجيش الإسرائيلي بما يدحض أكاذيبه إن كان بصورة أو بتعليق معين أو بحقيقة معينة، وهذا ما يعود إلى ضرورة [معيّنة]، والمراسل أو وجود الإعلام في مكان الحدث [إنّما هو] ليواجه بنفس المنطق.

هذا النمط أستاذ علي يعني الذي تفضلت وتحدثت عنه يتفوق عن غيره من الأنماط الإعلامية على مستوى الجذب؟

بالتأكيد، لأن العمل الميداني له جاذبيته وخاصة إذا كان بقضية لها مكانة خاصة محورية لدى الجمهور ولدى البيئة المقاومة، كل ما ينطق باسم هذا المفهوم له جاذبية خاصة، لأن هذه هي قضيتنا الكبرى، الصراع مع العدو الإسرائيلي. أي مادة تتحدث عن هذا الصراع وتتحدث بطريقة جاذبة ومحببة وواقعية وصادقة، فالصدق في نقل المعلومة هو أساس.

الآن يقع أي حدث على الحدود فتتصل كل القنوات الفضائية التي نراها نحن كعرب وكبيئة لنا مباشرة بي - حتى من الخصوم - كمصدر ثقة للخبر لأنهم يعرفوننا أننا عندما نطلق المعلومة لا نطلقها عبثاً إنما الخلفية صادقة وعن خلفية واقعية، وأننا لسنا بحاجة لأن نبث معلومة غير صادقة لأن الواقع هو الذي يتحدث، نحن ننقل ما يكون على الواقع.

إذا كان هناك خبراً أو معلومة تضر بنا كإعلام مقاوم وتضر بنا كمقاومة، لسنا مضطرين لأن نبثها ولسنا مضطرين بأن ننفي وأن نتحدث عنها بغير واقعيتها، [بل] يكفي أن نحجب هذه المعلومات. نحن لا نبث أي معلومة لها أضرار على بيئتنا أو على مقاومتنا ولسنا مضطرين لأن نبرر لأحد ولسنا مضطرين لأن نبرر للعدو، نحن في معركة عسكرية وإعلامية مع العدو ونقوم بكل ما يخدم هذه المعركة.

والصدق كان رصيداً للمقاومة الإسلامية في لبنان منذ نشأتها.

يعني خاصة قناة المنار التي أنا واحد من مراسليها تتمتع بهذه الصدقية ورصيدها الكبير هو الصدق، أي معلومة تصدر من المنار ليست كأي معلومة تصدر من القنوات الأخرى، باتت هذه المعلومة معلومة حقيقية وواقعية وصادقة وهذا بات راسخاً في مفهوم المشاهدين.

حتى في الإعلام المحلي.

نعم بالطبع حتى في الإعلام المحلي.

أستاذ علي ما هو عنصر القوة في هذا النمط هل هو الأسلوب أم القرب من الحدود؟ يعني حيث وقفنا قبل هذا اللقاء على مسافة صفر من العدو الصهيوني، لأن التقنيات الموجودة مع الحاج علي تكون الكاميرا أحياناً وقد تكون هاتفاً نقّالاً، إلّا أنّ نفس وجود الحاج علي بات يشكل بذاته عنصر قوة.

يعني هو عنصر تحدي وهو أيضاً يضيف مصداقية للصورة التي سننقلها. يعني عندما أقول أن جيش العدو الآن يقفل الجدار وأبث هذا المشهد على مقربة من الجدار، أولاً في هذا الأمر عامل تحدي، أقف إلى جانب العدو الإسرائيلي، رأيتم كيف أنه جهّز سلاحه، يعني [هذه] محاولة تهديد من أجل إبعادنا عن هذه النقطة. عندما تسجل هذه اللحظة وتبقى واقفاً وصامداً وتستكمل عملك وتقوم بتصوير الجدار الذي يبنيه العدو والذي هو تعبير عن الخوف والقلق [لدى العدوّ] من الجانب اللبناني، يقف ويختبئ خلف هذا الجدار ويهددك من خلف هذا الجدار ولا يجرؤ أن يطلق رصاصة واحدة باتجاهنا.

طبعاً ونحن نحمل القلم والورقة والكاميرا.

ولا يجرؤ على أن يطلق الرصاص لأن في ظهرنا حماية، لأننا نحن تحت مظلة حماية ردع تفرضها المقاومة على هذا العدو، العدو رغم كل ما يجري على الحدود منذ العام ألفين وستة لا يجرؤ على استهداف أي مدني لبناني هنا على الحدود نتيجة شعوره بأنه إذا تعرض لأي لبناني سيكون هناك ردّ من المقاومة على العدو، ولذلك يخشى العدو التعرض لنا.

مجرد الوقوف في هذا المشهد هو عامل جذب وطمأنينة ومصداقية ويدعو الآخرين لكسر هيبة الجندي الإسرائيلي. يعني كنت أقوم أنا كثير من الأحيان بتصوير الجنود الصهاينة وهم نائمين على نقاط الحراسة، أو الجندي الإسرائيلي التي يتكئ على بندقيته ويصعد إلى الجبل ويقع، وهكذا وعندما ألتقط صورة لضابط إسرائيلي يركل برجله رأس الجندي الإسرائيلي النائم على الحدود، تسقط الهيبة التي كان العدو يحاول من خلال إعلامه أن يزرعها في أذهاننا كعرب ومسلمين [بحيث يقول] أنّه بعبع ويخيف الآخرين.

من خلال هذه الصور أصبحت الناس تشاهد وهن الجندي الإسرائيلي، لم يعد هناك هيبة. كان الجندي جنديّ الجيش الذي لا يقهر...

من خلال الصورة، هذا الجندي الذي بالإضافة إلى ما رآه العالم كله كيف كان صاغراً ومهزوماً أمام المقاومين في عدوان تموز والذي تكسرت هيبته، هيبة دباباته - الجيل الرابع من الميركافا - على أرضنا، كل العالم شاهد كيف كانت تحترق دبابات الميركافا.

طبعاً نحن مرآة لإنجازات المقاومين، نحن الانعكاس وصورة الإنجاز الذي يحققه المقاومون ولسنا نحن أصحاب الإنجاز، نحن مرآة لهم ونحن خلفهم دائماً.

حلقة متكاملة، نحن نكمل ما يقومون بصنعه من إنجازات ترفع رؤوسنا ورؤوس الأمة ورؤوس كل الشرفاء في هذا العالم. أنت ترى كيف أن العدو يستكمل بناء الجدار الإسمنتي من خلال هذه الرافعة.

نرى أن الاطفال يأتون الآن ليقفوا وجهاً بوجه مع هذا العدو، هذا المشهد مشهد صمود وتحدّي، يعني أن يروا كيف يختبئ هذا العدو الإسرائيلي...

هذا المشهد كبير جداً، يجب ألّا نستهين به، فهو يعطي معنويات كبيرة لبيئتنا والأحرار في هذا العالم، وأيضاً في الوقت عينه يعطي انطباعاً سيّئاً لدى المستوطنين. نعم هم يقولون يعني أنه نحن نتكل على هذا الجيش عندما نرى أن جيشنا يختبئ خلف الجدر فكيف ينبغي لنا أن نشعر نحن.

بالأمس عصراً قام أحد اللبنانيين بتعليق لعبة هي على شكل طابة، لكن لونها كان أخضراً، على السياج الشائك في مستعمرة المطلة، تسع ساعات الإسرائيلي لم يجرؤ على الاقتراب من هذه اللعبة المعلقة على السياج. ودعا المستوطنين لعدم الاقتراب من السياج، وأتبع بيانه بمفردة، نتيجة التدريبات لم يجرؤ الإسرائيلي على القول لمستوطنيه أن هناك جسم مشبوه معلّق على السياج حتى لا يخافوا ولا يشعروا بالخوف، إلى هذه الدرجة هم حساسين بنقل المعلومة للمستوطنين وهذا من حساسية الخوف لدى المستوطنين الذين يقطنون على الحدود مع لبنان.

وإلى هذا الحد استطاعت المقاومة الإسلامية أن تصنع هذه المعادلة في وجه العدو الصهيوني، في الدقيقة الأخيرة أستاذ علي مع هذه التجربة والرصيد في الإعلام الميداني المقاوم، وكما تعلمون أن الإمام الخامنئي ـ دام ظلّه الوارف ـ قد أكد أن جهاد التبيين هو فريضة حتمية. هذا الإعلام الميداني وهذه التجربة، إلى أي حدّ تجدونها ضمن إطار فريضة جهاد التبيين؟

هي أساس في جهاد التبيين، كل ما نقوم به هنا على الحدود بهذا الجزء من العمل هو جهاد تبيين. أن تظهر خلفية كل صورة وخلفية كل خبر يعني تدعه يتحدث عن نفسه في هذا الصراع وأن تقوم أنت أيضاً باستقبال كل الزائرين والوافدين وتشارك شخصياً مع طلاب الجامعات الذين يحضرون إلى الحدود برحلات تعليمية وتعريفية، أنا ألاحقهم حتى أقف معهم لأنخرط في هذا الجزء من جهاد التبيين لأكون شريكاً في هذا الجهاد وهذا جزء من طبيعة عملنا في الأساس وتواجدنا على هذه الحدود.

 وكدعاء الإمام الخامنئي نسأل الله تعالى أن يكتبنا من جند جهاد التبيين بإذن الله تعالى. الشكر الجزيل لك أستاذ علي شعيب الإعلامي القدير والميداني المقاوم، بارك الله بكم. الشكر من القلب والشكر منّي باسم موقع الإمام الخامنئي ـ دام ظلّه ـ لإتاحتكم هذه الفرصة على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.

شكراً لكم.

حفظكم الله إن شاء الله. شكراً لكم متابعينا على مشاهدتكم لهذا اللقاء كما الشكر للأستاذ الإعلامي الحاج علي شعيب على إتاحته هذه الفرصة لموقع الإمام الخامنئي ـ دام ظلّه الوارث ـ khamenei.ir نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.