ما العوامل الأساسية التي أدت إلى إخفاق الكيان الصهيوني في تحقيق أهدافه في قطاع غزة بعد مئة يوم من الحرب؟
إن الإخفاق الإسرائيلي في تحقيق أهداف الحرب بعد مئة يوم له أسباب عدة أولها الأهداف التي وضعها وتخدم الحكومة المتطرفة حالياً ومستقبل بنيامين نتنياهو السياسي. هدف إعادة الأسرى لم يتحقق، ولا تدمير بنية «حماس» العسكرية، وثمة صراع الآن بين الأمريكيين الذين يريدون ألا تخدش العملية العسكرية صورتهم العالمية، وبين الإسرائيليين الذين يريدون عمليات إبادة لإعطاء صورة النصر لمواطنيهم. إذن، لا تتناسب الأهداف بين الإسرائيليين وحلفائهم، ثم إن "إسرائيل" بسبب الصفعة التي تعرضت لها (7 أكتوبر) وضعت أهدافاً وحاولت أن تحققها بقسوة لكي لا يقوم المجتمع الصهيوني على نتنياهو.
ثمة سبب آخر هو صمود المقاومة وحفاظها على بنيتها القيادية، أي الاتصال والتحكم والتواصل بين رؤساء الألوية وبين المجموعات، بجانب الإخفاق الإسرائيلي في القضاء على قيادة المقاومة. حتى إن المحللين الصهاينة يقولون إن المقاومة الفلسطينية لا تزال فعالة، أي لم تتحول كما كان يُتوقع إلى مجرد أفراد يخوضون حرب عصابات ويمكن القضاء عليهم تدريجياً، بل تتصرف كتشكيل عسكري منتظم، وهذا الانتظام يحول دون القضاء عليها.
هناك عامل آخر هنا هو أن "إسرائيل" فوجئت بكمّ القذائف المضادة للدروع التي كان يملكها المقاومون الفلسطينيون، فقد رسمت خطتها على أساس مواجهة العبوات الناسفة التي يعرف أن المقاومين الفلسطينيين يملكون كثيراً منها، ثم فوجئ بأن الخطر الأساسي على آلياته وجنوده في قطاع غزة يأتي من القذائف الصاروخية مثل «الياسين 105» وما شاكل.
هذه العوامل كلها تضافرت ليتبعد الإسرائيلي عن صورة النصر في غزة عامة، والآن بسبب العمل العسكري المتعثر، وبسبب الكارثة الإنسانية والإبادة لسكان غزة، بدأ الراعي الأمريكي يضغط للدخول إلى المرحلة الثالثة للعملية العسكرية، وهي تغييرات لفظية فقط، أي لكي يسوق هذه المرحلة أنها ذات ضرر أقل على البنية المدنية جراء تقديم دعوى في محكمة العدل الدولية، ولذلك لا يمكن للإسرائيليين أن يستمروا على هذا النحو.
إذن، الأهداف الإسرائيلية العالية وغير المنطقية في البداية، والإخفاق في القضاء على بنية المقاومة العسكرية، وصمود المقاومة وتمكنها من الحفاظ على بنيتها والسيطرة عبر الأنفاق وبقاء كمية كبيرة من السلاح، كلها من العوامل التي أدت إلى الإخفاق الإسرائيلي في غزة.