في رأيكم ما هو السبب الرئيسي في إخفاق الكيان الصهيوني في المئة يوم الأخيرة من العدوان على غزة؟

كانت المقاومة الفلسطينية قد بشّرت بعد السابع من أكتوبر المجيد بأنّها قادرة على الصمود في مواجهة الإرهاب الصهيوني، سواءً اعتمدَ جيش الاحتلال في إرهابه وإجرامه ووحشيته على سلاح جوه، أو فكّر في الدخول البري إلى قطاع غزة، أو عمليات الاغتيال الواسعة.

بعد مئة يوم من الملحمة البطولية واستمرار العدوان الإسرائيلي-الأمريكي على قطاع غزة، ومحاولته الحثيثة اجتثاث المقاومة، أو على أقل تقدير إضعافها إلى الدرجة التي تتخلى بها عن فكرة مجابهة العدو، نجد باعتراف أطراف عدة داخل الكيان الصهيوني أنّ عدوانه الواسع باستخدامه أنواع وأسلحة الموت والدمار والخراب كافة أخفق حتى هذه اللحظة في تحقيق الهدف الأول لهذا العدوان.

يعود إخفاق العدوان الإسرائيلي-الأمريكي على قطاع غزة بمقاومته وشعبه إلى عدد من الأسباب، ويمكن ذكرها في نقاط:

1- البون الشاسع والفرق الواضح في نفسية المقاوم الفلسطيني المندفع نحو قتال العدو بإيمان عالٍ وروحية متميزة وجهاد متفانٍ، فيما يفتقد جيش الاحتلال هذه النفسية والروحية ويقاتل وفي خلفيته أنّه مهزوم.

2- إبداع المقاومة الفلسطينية في أساليب منع العدو من الوصول إليها عبر شبكة الأنفاق المعقّدة التي عمل المقاومون على إنجازها خلال سنوات طويلة من العمل المضني والجهود الكثيفة للمجاهدين الذين كانوا لا يركنون إلى الهدوء في أي وقت من التهدئة والهُدن، بل إلى العمل والحفر حتى إنجاز أهم أيقونات العمل الفدائي الفلسطيني المتمثل في الأنفاق. اعترف العدو الصهيوني أننا أمام شبكة معقّدة تمتد أكثر من 500 كلم تحت الأرض ولم يتمكن من تفكيك هذه البنية.

3- اعتماد المقاومون الفلسطينيون على أسلوب تقسيم كتائب المقاومة الكبيرة إلى مجموعات صغيرة ومتناثرة في كل ساحة على امتداد جغرافية قطاع غزة، ما أعطى هذه المقاومة سهولة في التنقل وتتبّع أماكن العدو ورصدها واستهداف آلياته وجنوده بكثافة عالية وحرفية دقيقة.

4- التكاتف والتعاضد الميداني والعملياتي بين التشكيلات العسكرية المُقاومِة في قطاع غزة، وعلى رأسها «كتائب القسام» و«سرايا القدس»، فيما تشهد الجبهة السياسية والعسكرية في الكيان الصهيوني تناحرات شديدة وتجاذبات كبيرة علت على السطح في محاولة كل طرف الهرب من تحمّل مسؤولية الإخفاق في 7 أكتوبر وما تلاه من إخفاق صهيوني في تحقيق الأهداف العسكرية والأمنية والسياسية في غزة.

 

5- الاحتفاظ بمخزون إستراتيجي للصواريخ، والاعتماد على أسلوب الكثافة النارية في أول شهر من ملحمة 7 أكتوبر، ثم الانتقال إلى مرحلة استخدامها بطريقة نوعية تُحدِث أثرها في نفسية العدو وتخلخل جبهته الداخلية التي باتت على قناعة أنها لم تستطع إضعاف وحدة صواريخ المقاومة، فرأينا قدرة «القسام» على استهداف "تل أبيب"، وقدرة «سرايا القدس» على استهداف مدن الاحتلال بتوقيت تاسعة البهاء.

6- ثبات البيئة الحاضنة للمقاومة الفلسطينية، فرغم استمرار عمليات الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة، لا يزال الموقف الشعبي العارم داعم للمقاومة وعملياتها وتصدياتها وقتالها العدو الصهيوني، وهذا ما تفتقده الجبهة الداخلية الصهيونية المفكّكة.

7- استمرار «جبهة المقاومة» في إسناد جبهة غزة عبر العمل الدبلوماسي الذي تقوده الجمهورية الإسلامية في إيران على المستوى الإقليمي أو الدولي، مصحوباً بجبهة الاستهداف الدوري من المقاومة الإسلامية في العراق للاحتلال الأمريكي وقواعده في العراق وسوريا، وجبهة الاستنزاف الكبيرة التي تقودها المقاومة الإسلامية في حزب الله على الجبهة الشمالية مع فلسطين المحتلة، وما أبدعته القوات المسلحة اليمنية في حصار العمق البحري الجنوبي للقوات للكيان الصهيوني من "إيلات" حتى باب المندب.