وفي ما يلي النص الكامل للكلمة التي ألقاها الإمام الخامنئي أثناء هذا اللقاء:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديين المعصومين، سيما بقية الله في الأرضين.

أيها الإخوة الأعزاء، أيتها الأخوات العزيزات، يا أهالي منطقة سربل ذهاب الأعزاء والذين تفضلتم بالمجيء من المناطق المحيطة بها. أهدي لكم السلام جميعاً. كنا نرغب رغبة شديدة بأن نأتي إلى مدينتكم حينما تكون قلوبكم مبتهجة وحياتكم سعيدة، ولم نكن نودُّ أن نأتي إلى هذه المدينة العزيزة و(نتواجد) بينكم أيها الأهالي الطيبون الأوفياء في ظروف تعانون فيها من الأحزان والحوادث والبلاء والمصيبة، فهذا شيءٌ مرٌّ جداً بالنسبة لنا. إننا نواسي قلوبكم الملتاعة ونشارككم أحزانكم، سواء في هذه المدينة أو في المدن الأخرى أو في القرى التي تضررت في كل أرجاء هذه المحافظة، فقلوبنا وأذهاننا طافحة بالحزن.

أيها الإخوة الأعزاء، أيتها الأخوات العزيزات، أيها الأهالي الصابرون الطيبون، هذه ليست المرة الأولى التي تُصاب فيها مدينتكم ومنطقتكم بمصيبة، ففي فترة الحرب المفروضة والدفاع المقدس أيضاً عانت مدينتكم هذه والمدن المحيطة بكم من مشكلات، وقد زرتُ هذه المدينة في ذلك الحين أيضاً، وشاهدتُ باقي مدن المحافظة عن قرب، وشاهدت آلامهم ومحنهم وأوجاعهم. بيد أن أهالي محافظة كرمانشاه وقفوا بقوة أمام المشكلات الناجمة عن الحرب المفروضة. لقد أبديتم وأثبتم رجولتكم واستقامتكم وبطولتكم في فترة الحرب المفروضة، فأثبتوها الآن أيضاً.

الأشخاص الكبار الأبطال الشجعان يصمدون أمام البلايا والحوادث سواء الطبيعية منها أو المفروضة، وينتصرون على هذه الحوادث.

الأشخاص الكبار الأبطال الشجعان يصمدون أمام البلايا والحوادث سواء الطبيعية منها أو المفروضة، وينتصرون على هذه الحوادث. أعزائي، أيها الشباب، أيها الرجال والنساء المؤمنون المقاومون في هذه المحافظة وفي هذه المدينة وفي هذه القرى، الزلزال بلاء ومصيبة ومشاكل، ويجعل الإنسان ملتاعاً مفجوعاً مصاباً ويتسبب في دمار، ولكن هذا الزلزال نفسه يمكن أن يتحول إلى نعمة بفضل استقامة الناس وثباتهم ومساعيهم لتجديد الحياة وإعادة الإعمار. نستطيع عبر الصمود بوجه المشكلات والانتفاع من الإمكانيات الهائلة للشعب الإيراني أن نقاوم بوجه البلايا الطبيعية والمفروضة.

صحيح أننا فُجعنا وذهب لنا أعزاء ـ وكما تشير الإحصائيات لحد الآن فقد انتقل إلى لقاء الله قرابة خمسائة شخص من عوائل هذه المدن وهذه القرى ـ وهذا وجع ومصاب صعب، تهدّمت بيوت، وأنا أعزّي العوائل طبعاً وأعزّي الملتاعين المفجوعين وأعلن عن تعاطفنا وحزننا إلى جانب العوائل الحزينة. ولكن لاحظوا يا أعزائي كيف أن هذا الحادث الذي وقع لكم دفع الشعب الإيراني إلى الحراك؟ يشعر الشعب الإيراني في كل مناطق البلاد بأن كرمانشاه هي قلبه، ويشعرون بأنهم مدينون لكرمانشاه ويجب أن ينهضوا بواجباتهم، ووفقاً لمعلوماتنا فقد عمل كثير من الناس بواجبهم بمقدار استطاعتهم وقدراتهم. وقد تألق المسؤولون أيضاً ـ خصوصاً في بعض القطاعات والأجهزة ـ في هذا الحدث وعملوا وبذلوا جهدهم. وبالطبع فأنا غير قانع، واعتقد أن مسؤولي القطاعات المختلفة يجب أن يضاعفوا من جهادهم ومساعيهم. كما هبَّ الجيش في الساعات الأولى إلى المدن، والحرس الثوري إلى القرى لمساعدة الذين بقوا تحت الأنقاض، وقد كانت مساهمتهم مؤثرة، ولو لم يحضروا لكانت لوعتنا وغصصنا أكثر من هذا بكثير ولكانت خسائرنا أكثر من هذا بكثير، استمراراً لذلك ومواصلةً لمساعدة وإعانة المناطق المتضررة بالزلزال، يجب مضاعفة الجهود والمساعي إن شاء الله. على المسؤولين أن يجدّوا ويسعوا.

أنتم أنفسكم الأهالي الأعزاء اعقدوا آمالكم أكثر ما تعقدونها على قدراتكم وقواكم واعتمدوا على قدراتكم وغيرتكم التي منحها الله تعالى للأهالي المؤمنين المنجبين للأبطال في هذه المحافظة. وسوف يمدُّ الله تعالى يد عونه، وسيكون بانتظاركم إن شاء الله زمن أفضل، ونتمنى أن يشمل الله بألطافه ورحمته الشعب الإيراني وخصوصاً أهالي محافظة كرمانشاه ومنطقة غرب البلاد المتضررين بهذا الزلزال. وسيخرج شعبنا العزيز من هذا الامتحان الإلهي مرفوع الرأس، وعسى أن يمنّ الله تعالى بفرصة أخرى لنستطيع في يوم آخر ووقت آخر وزمن آخر أن نأتي لهذه المدينة والمدن المحيطة بها عندما تكون المدينة قد استعادت عمرانها بفضل هِمَمكم، واكتسبت وضعاً أفضل بكثير من السابق. نتمنى أن تستمر الحياة ببهجة وسرور وإيناع، وأن يشمل اللطف الإلهي العوائل المصابة في هذه الحادثة، وأن يعوض الله تعالى مشكلاتهم ويجبرها، وأن يعمل المسؤولون أيضاً بواجباتهم بشكل مطرّد إن شاء الله ...