إمامنا الخميني العزيز، ذلك الرّجل الفريد في تاريخنا، تصدّى لمشروع قرار قانون الحصانة القضائيّة للأمريكيّين -الذين كانوا حينها مسيطرين على كلّ شيء في إيران- وبسبب هذا الاعتراض تمّ نفيه وحيداً وفي حالة من الغربة من إيران بواسطة عملاء أمريكا. في ذلك اليوم ومع هذا النّفي، لم يقف أحد إلى جانب الإمام. طبعاً كانت قلوب الناس مع الإمام؛ لكنّهم خطفوا الإمام الخميني من منزله في منتهى الغربة في 4 تشرين الثاني عام 1963. بعد مرور 15 سنة -و15 عاماً ليست فترة طويلة؛ تنقضي كلمح البصر- انطلق أبناء الإمام الخميني، أي الشباب الجامعي الثوري، وسيطروا على وكر التجسس الأمريكي في طهران في الرابع من تشرين الثاني؛ ونفوا أمريكا من إيران. أنظروا ما الذي تفعله ردود فعل الحركة الشعبيّة التي تعتمد على الإرادة الإلهيّة والقدرة الإلهيّة. لقد صمد الإمام الخميني في تلك الغربة وفي النفي وواصل طريقه بمنتهى الثبات ودفع الناس رويداً رويداً ومع الأيام إلى الساحات. لقد أيقظ الإمام الخميني النّاس؛ وأحيا في الناس مشاعر الاستقلال والمطالبة بالمبادئ إضافة إلى الجهاد الذي لا يشوبه أيّ خوف أو وجل. نزل الناس إلى الساحات وانتصرت الثورة الإسلاميّة. لقد طرد الناس بثورتهم الشاه من إيران؛ وفي ٤ تشرين الثاني طردوا أمريكا من إيران بسيطرتهم على السفارة الأمريكيّة. لذلك عبّر الإمام الخميني: ثورةٌ أعظم من الثورة الأولى. هذه عبرة. أي أنّه عندما يسير الشعب على المسار الصحيح، ويصمد ويثبت نتيجة الإرشاد الصحيح والبصيرة، لا يمكن لأيّ قوّة أن تقف بوجهه. لقد أزيلت كلّ العوائق. كانت هذه القضيّة تبدو مستحيلة. هل يُمكن أن تُقتلع حكومة ملكيّة استمرّت 2500 سنة وتتمتّع بدعم كلّ القوى العالميّة الماديّة من إيران؟هل هذا أمرٌ يُصدّق؟ لكنّ إرادة الشعب الإيراني الإسلاميّة والإيمانيّة بقيادة الإمام الخميني جعلت هذا الأمر المحال ممكناً؛ وأصبح هذا الأمر المحال واقعيّاً. لقد شاهد الجميع هذا الأمر بوضوح أمام أعينهم ولمسوه. وأكثر من ذلك، تمّ إنزال الراية الأمريكيّة من على سطح إيران؛ وسُحقت تحت أقدام شبابنا المؤمنين. كان هذا يبدو أمراً محالاً أيضاً. كانوا يحلّلون، ويصرّحون، ويكتبون أنّ إيران الإسلامية ستنهزم حتماً وتُجبر على التراجع لأنّها وقفت بوجه أمريكا. كانت التحليلات الماديّة تقول ذلك، وتثبت هذا الأمر. العديد من أصحاب الفكر لدينا الذين كانوا يعتبرون أنفسهم من أصحاب التحليل السياسي والتعمّق في الأحداث واستخلاص النتائج منها، كانوا يحلّلون على هذا النحو. لكن ما حصل كان العكس؛ انتصر الإسلام وانتصرت الجمهورية الإسلامية وأُجبرت أمريكا على التراجع.

~الإمام الخامنئي ٢/١١/٢٠١١