قال قائد الثورة الإسلامية، صباح اليوم (الأربعاء) 3/12/2025، في لقائه بجمعٍ من السيّدات والفتيات، إنّ السيّدة فاطمة الزهراء(س) هي في جميع الساحات «إنسانة عرشيّةٌ متزيّنةٌ بأسمى الخصال»، وبيّن سماحته نظرة الإسلام إلى مكانة المرأة وحقوقها في ساحة البيت والمجتمع، موضحًا الواجبات والمحظورات في سلوك الرجال مع زوجاتهم ومع النساء في مختلف المجالات.

واستعرض الإمام الخامنئي «الفضائل اللامتناهية لسيدة العالمَيْن»، ومنها: «العبادة والخشوع، الإيثار والتضحية من أجل الناس، القدرة على تحمّل الشدائد والمصائب، الدفاع بشجاعة عن حقّ المظلوم، التنوير وتبيين الحقائق، الفهم السياسي والعمل السياسي، القيام على شؤون البيت والزوج وتربية الأبناء، والحضور في الأحداث المهمة في صدر الإسلام»، وغيرها من الساحات.

وقال سماحته: «إنّ المرأة الإيرانية، بحمد الله، تستلهم من هذه الشمس التي، بحسب تعبير النبي (ص)، هي سيّدة نساء العالمين في جميع مراحل التاريخ، فتنهل منها الدرس، وتسير في الاتجاه الذي رسمته».

ووصف قائد الثورة الإسلامية «مكانة المرأة في الإسلام بأنّها عالية ورفيعة جدًا»، مؤكّدًا أنّ «تعبيرات القرآن بشأن هوية المرأة وشخصيتها هي أرقى وأسمى التعابير».

وفي معرض استشهاده بآيات القرآن الكريم بشأن «الدور المتساوي للمرأة والرجل في حياة البشر وتاريخهم، وإمكان الترقّي المتساوي للمرأة والرجل في بلوغ الكمالات المعنوية وأعلى المقامات»، لفت الإمام الخامنئي إلى أنّ «كل هذه الحقائق تتعارض مع سوء الفهم عند المتديّن الذي لم يعرف الدين، ومع مَن لا يقبل الدين أساسًا».

وأكّد سماحته، مبيّنا منطق القرآن في مجال حقوق المرأة في المجتمع، أنّ «الإسلام يمنح المرأة حقوقًا مساوية لحقوق الرجل في النشاطات الاجتماعية، وفي العمل، وفي النشاط السياسي، وفي الحصول على معظم المناصب الحكومية، وفي سائر الساحات، وأنّ ميادين الترقّي في السلوك المعنوي والسعي والحركة الفردية والعامة مفتوحة أمامها».

كذلك أشار الإمام الخامنئي إلى أنّ الثقافة المنحطّة الغربية والرأسمالية مرفوضة تمامًا من منظور الإسلام، وأضاف سماحته: «وُضعت في الإسلام، لصون شأن المرأة وكبح الرغبات الجنسية الجامحة والخطيرة، قيودٌ وأحكام فيما يتعلّق بعلاقة المرأة بالرجل، وستر المرأة والرجل، وحجاب المرأة، والتشجيع على الزواج، وهي منسجمة تمامًا مع طبيعة المرأة، ومع مصلحة المجتمع واحتياجاته الحقيقية، في حين لا تولي الثقافة الغربية أيّ اهتمام لكبح هذه الجاذبيات الجنسية اللامتناهية والهدّامة».

ورأى قائد الثورة الإسلامية أنّ «المرأة والرجل في الإسلام عنصران متوازنان، يجمعهما قدر كبير من المشتركات، مع بعض الاختلافات الناشئة عن الجسد والطبيعة»، وقال: «إنّ هذين العنصرين المكمّلين يؤديان دورًا مؤثرًا في إدارة المجتمع البشري، واستمرار نسل الإنسان، وتقدّم الحضارة، وتلبية احتياجات المجتمع، وإدارة الحياة».

وعدّ الإمام الخامنئي، في سياق هذا الدور المصيري، تكوين الأسرة من أهمّ الأعمال، وأضاف سماحته: «على خلاف تهميش مؤسسة الأسرة في الثقافة الغربية الخاطئة، رُصد في الإسلام لكلٍّ من المرأة والرجل والأبناء بوصفهم عناصر تكوين الأسرة، حقوقٌ متبادلة ومحدّدة».

وفي موضع آخر من حديثه، وصف قائد الثورة الإسلامية العدالة في السلوك الاجتماعي والأسري بأنّها أول حقّ من حقوق المرأة، ومع التأكيد على واجب الحكومة وأفراد المجتمع في تأمين هذا الحق، قال سماحته: «إنّ صون الأمن والحرمة والكرامة من الحقوق الأساسية للمرأة، وعلى خلاف الرأسمالية الغربية التي تسحق كرامة المرأة، يؤكّد الإسلام على مراعاة احترام المرأة تمامًا».

وأشار الإمام الخامنئي إلى أنّ ضرب القرآن مثلين في امرأتين مؤمنتين هما السيدة مريم والسيدة آسيا (زوجة فرعون)، معيارٌ لجميع الرجال والنساء المؤمنين، ودليلٌ على أهمية فكر المرأة وعملها، وقال: «يجب أن تُصان الحقوق الاجتماعية للمرأة من دون أي تمييز، مثل مساواة الأجر بين المرأة والرجل في العمل الواحد، وتأمين المرأة العاملة أو ربّة الأسرة، والإجازات الخاصة بالنساء، وعشرات المسائل الأخرى».

وعدّد سماحته «المحبّة الزوجية» باعتبارها «أهمّ حقّ واحتياج للمرأة في البيت»، وأضاف: «إنّ الحقّ الكبير والمهمّ الآخر للمرأة في البيت هو نفي كلّ أشكال العنف ضدّها، والاجتناب التام عن الانحرافات الرائجة في الغرب، مثل قتل النساء أو ضربهنّ على يد الرجال والأزواج».

وقال قائد الثورة الإسلامية، في معرض بيانه حول تعارض نظرة الرأسمالية والإسلام إلى المرأة، إنّ «المرأة في الإسلام تمتلك الاستقلال، والقدرة، والهوية، وإمكانية التقدّم»، في حين تنظر الرأسمالية إلى المرأة بوصفها تابعًا، ومنحلّة في هوية الرجل، ومن دون مراعاة لشرف المرأة وحرمتها»، وترى فيها «وسيلة مادية وأداة للشهوة واللذة»، مشيرًا إلى أنّ «العصابات الإجرامية التي أثارت أخيرًا ضجيجًا كبيرًا في أمريكا، هي من نتائج هذا النوع من النظرة».

وعدّ الإمام الخامنئي «هدمَ بنيان الأسرة» وحصول آفاتٍ مثل «انخفاض الروابط الأسرية، وعصابات صيد الفتيات الشابات، ونشر الانفلات الجنسي المتزايد باسم الحرية»، بوصفها «من كبائر آثام الثقافة الرأسمالية في القرنين الأخيرين»، وقال: «تُطلِق الرأسمالية الغربية، عبر الخداع، على هذا الكم الهائل من الأعمال المخالفة اسمَ "الحرية"، ويستخدمون هذا العنوان حتى في بلدنا لنشرها، في حين أنّ هذا ليس حرية، بل عبودية».

وأشار سماحته إلى «إصرار الغرب على تصدير ثقافته الخاطئة إلى العالم»، وأضاف: «إنهم يدّعون أنّ القيود المعيّنة المفروضة على المرأة، مثل الحجاب، ستُعيق تقدّمها، لكنّ الجمهورية الإسلامية أبطلت هذا المنطق الخاطئ، وأثبتت أنّ المرأة المسلمة الملتزمة بالحجاب الإسلامي يمكنها أن تتحرّك وتؤثّر في جميع الساحات أكثر من غيرها».

وعدّ قائد الثورة الإسلامية «الإنجازات العلمية والرياضية والفكرية والبحثية والسياسية والاجتماعية والصحية والطبية، وارتفاع مستوى الأمل بالحياة، والمسانَدات الجهادية، والمواكبة التمهيدية التي قدّمتها زوجات الشهداء المشرّفين» من «المنجزات غير المسبوقة للنساء في تاريخ إيران»، وقال: «لم تمتلك إيران في تاريخها - ولو بنسبة واحد في المئة - هذا العدد الكبير من النساء العالمات والمفكّرات وذوات الرأي، وكانت الجمهورية الإسلامية هي التي تسببت في ارتقاء النساء وتقدّمهنّ في جميع الساحات المهمة».