بسم الله الرحمن الرحيم،
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا، أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين، [ولا] سيما بقية الله في الأرضين.
أهلًا وسهلًا بكم أيها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات. لقد استفدنا كثيرًا من الأداء الذي قدّمه الإخوة الأعزاء هنا.[1] كانت القصائد عميقة المحتوى وغزيرة المضمون، وقد جعلت هذا المجلس مواكبًا للعصر. كثيرٌ من المجالس يَحضُرها الناس، ولكنّها لا تنتمي إلى زمانها، أمّا هذا المجلس، فهو مجلس هذا الزمان. إن هذه القصائد وهذه الحركات وهذه التعبيرات والكلمات، واجتماعكم هذا، وما فيه من الحماسة واللهفة، ذلك كلّه جعل المجلس مواكبًا للعصر.
أبارك في مناسبة ولادة سيدة النساء، الصديقة الطاهرة (سلام الله عليها)، وكذلك في مناسبة ولادة إمامنا [الخميني] العزيز والجليل. في ما يتعلق بسيدة النساء الصديقة الطاهرة (سلام الله عليها)، أوّد أن أقول جملة واحدة فقط؛ ذلك لأن الفضائل والمناقب والمزايا الرفيعة لهذه السيدة الإلهية والعَرْشية ليست شيئًا يمكننا أن نعبّر عنه في كلماتنا؛ إنها تفوق فهمنا وتصوّرنا وإدراكنا بكثير. لكن يمكننا القول على النحو الآتي: لقد كانت أسوة. أولسنا نسعى إلى العمل؟ أولسنا نريد أن نعيش حياة فاطمية؟ لقد كانت أسوة. علينا أن نسلك ونتحرك وفقًا لسلوك الأسوة وحركتها. لقد كانت أسوة في التديّن، وأسوة في طلب العدالة، وأسوة في الجهاد. إن الجهاد الذي أدّته فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) هو من أصعب المُجاهَدات إطلاقًا. إذا أراد المرء أن يُقارن، فربما ستكون غزوات النبي (ص) كلها في كفّة، وجهاد فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) في كفّة أخرى. لقد كانت أسوة في الجهاد. لقد كانت أسوة في التبيين. تلك الخطبة الغرّاء في مسجد المدينة كانت بيانًا استثنائيًا منقطعَ النظير وبليغًا وملهمًا للدروس. لقد كانت أسوة في الواجبات الزوجية: حُسن التبعّل، ورعاية الأبناء، وتربية زينب (ع)، وكثير من القيم الإسلامية الأخرى. هذه هي الأبعاد الظاهرية التي يمكننا إدراكها ورؤيتها. أما الأبعاد الباطنية والعَرْشية، فهي تتجاوز رؤيتنا وغير قابلة للتوصيف.
أما كلامٌ عن موضوع «المديح والرثاء»، كلامي اليوم بضع كلمات عن موضوع «المديح والرثاء». يُعدّ «المديح والرثاء» اليوم أحد المجالات المهمّة جدًّا التي يجدر إنجاز أبحاث عنها. «المديح والرثاء» اليوم ليس مجرد الحضور والإلقاء والإبكاء وما شابه ذلك؛ لقد أصبح «المديح والرثاء» في بلدنا اليوم ظاهرة تستحق البحث والتحقيق. ماذا يعني البحث؟ يعني التعمّق؛ أي معرفة ما يكمن خلف هذا الشعر والنشيد واللحن والأداء. دراسة الآفات؛ فدراسة الآفات قد توصلنا إلى نقاط ضعف. البحث عن سُبل النمو والتقدّم؛ أي ماذا نفعل لكي يمضي «المديح والرثاء» في طريق التقدّم، ويتجه نحو التكامل ويسير في طريقه. هذه كلها مجموعة قضايا على مجموعة من المحققين والباحثين أن يعملوا عليها، وفي إمكانهم ذلك. هذا أمر ضروري اليوم.
طبعًا، كان «المديح والرثاء» موجودًا في الماضي أيضًا؛ في زمن شبابنا، كان هناك مدّاحون أيضًا، ولكن ليس بهذا الانتشار، ولا بهذا العدد، ولا بهذا الوعي، ولا بهذه الثقافة، ولكنّهم كانوا موجودين. طبعًا كانت لديهم أيضًا بعض المزايا؛ فقد كانوا يقرؤون القصائد الطويلة والغرّاء عن ظهر قلب. لكن في المجمل، إنّ الفارق بين «المديح والرثاء» في زمن شبابنا و«المديح والرثاء» اليوم كبير جدًا. لقد أصبح «المديح والرثاء» اليوم ظاهرة مذهلة في مجتمعنا. أذكر هذا كله لكي يعلم مدّاحونا الأعزاء ما الذي يؤدّونه. تعلمون طبعًا. لقد أثبتت الأشعار والكلمات اليوم أنّ المدّاحين يدركون ما هو موقعهم وما هي المسؤولية التي أخذوها على عاتقهم. اليوم، وبعد مرور عقود عدة، برزت ظاهرة «المديح والرثاء» المهمة جدًا، لتغدو عنصرًا مؤثرًا في البلاد. نحن بحاجة إلى هذا الأمر. نحن بحاجة إلى تعزيز العوامل المؤثرة التي تترك أثرًا في الأذهان والعقول والقلوب. أولًا: أن نعرفها، وثانيًا: أن نعزّزها. هذه هي نقطتي الرئيسية التي سأعرضها الآن.
طبعًا، «المديح والرثاء» ليس كلّه على مستوى واحد، إذْ فيه تفاوت. الظواهر جميعها كذلك؛ ليست كلّها على نحو واحد. بعضها أفضل وأرقى، وبعضها متوسط. لكن ما يمكن قوله على نحو تقريبي ومتوسط هو أن يُمثّل «المديح والرثاء» اليوم أحد قواعد أدب المقاومة. إنّ «المديح والرثاء» اليوم هو قاعدة لأدب المقاومة. إذا وُجِدت فكرة ولم يوجد الأدب المناسب لتلك الفكرة، فإنها تموت وتندثر. إنتاج الأدب المناسب للعقيدة والفكر هو فنّ عظيم. إنّ أحد المراكز والقواعد التي تعمل على تدوين هذا الأدب، أدب المقاومة، ونشره وسرده، هو ظاهرة «المديح والرثاء».
حسنًا، ما معنى المقاومة الوطنية؟ حينما نتحدّثُ عن «أدب المقاومة الوطنية»، فماذا تعني المقاومة الوطنية؟ اليوم يترددُ مصطلح «جبهة المقاومة»، فما هي؟ وأمامَ ماذا تقاوم؟ إنّ المقاومةَ الوطنية تعني الصمودَ والثبات في وجهِ كلِّ ضغطٍ يمارسهُ العدوّ في جانبٍ من جوانبِ حياةِ الإنسان، بغيةَ إجبارِ ذلك الشعبِ على الاستسلام. هذا الصمود في مواجهة الضغوط هو ما نقصدهُ بالمقاومة. أن يثبت وأن یقـاوم وأن يصمد وأن يتحمّل، فیقطع رِجل العدوّ ویبتر یدَه.
هذا الضغطُ الذي نقول إنّه قد يُمارَس لا فرقَ في طبيعته؛ تارةً یكون عسكريًّا، وقد رأيناه نحن؛ أمّا الشباب فلم یكونوا قد رأوه، فرأوه الآن. لقد شاهدناه قبل أربعین عامًا أيضًا: ضغطٌ عسكريّ الهدفُ منه إرغام الجمهوریّة الإسلامیّة على قبولِ إملاءٍ ما! قد یكون هذا الضغطُ بوسائل عسكریّة، أو بوسائل اقتصادیّة، أو قد یكون ضغطًا عبر الضجیج الإعلامي والدعاية. انظروا إلى الفضاء الافتراضي، وانظروا إلى الإذاعات الأجنبیّة، وإلى التصریحات - لا الصحافیّین والمراسلین فحسب، بل حتى كبار القادة العسكریّین والمسؤولین السیاسیین في العالم – ذلك كلّه موجّه إلى نقطةٍ واحدة ومحور واحد، وهو الضغط على صمودِ الشعوب ومقاومتها، وفي مقدّمتها الشعبُ الإیراني؛ هذا هو الحال الیوم. إذًا، قد يكون ضغطًا عسكريًا، أو ضغطًا اقتصاديًا - حظرًا مثلًا -، أو ضغطًا إعلاميًا، أو ضغطًا في الفضاء الافتراضي، أو تجنيدًا للجواسيس وما شابه ذلك.
الهدف من هذا الضغط قد يكون توسعًا جغرافيًّا، مثل ما يفعله الأمريكيون الآن مع بعض دول أمريكا اللاتينية؛ أي التوسع الجغرافي. قد يكون من أجل الموارد الجوفية؛ إذ يُمارس الضغط للاستيلاء على موارد النفط في بلدٍ ما على سبيل المثال. أو قد يكون مواضيع ثقافية ودينية، أو ضغطًا لتغيير نمط العيش وهي أمورٌ تُنجَز غالبًا عبر الأدوات الإعلامية. أو - هو الأمر الأهم من ذلك كله - الضغط من أجل تغيير الهوية؛ لتغيير الهوية. منذ مئة عام، والغربيون - الذين دخلوا إيران في العهد القاجاري، في أواخره - يسعون إلى تغيير هوية إيران وهوية الشعب الإيراني: هويتهم الدينية، وهويتهم التاريخية، وهويتهم الثقافية. لقد خطا «رضا خان» الخطوة الأولى، ولكنه لم ينجح. ثم تحرّك مَن جاؤوا بعده بدهاءٍ سياسي أكبر، وفعلوا بعض الأشياء، ولكنهم لم ينجحوا. ثم جاءت الثورة الإسلامية فغسلت كل شيء وألقته خارجًا. إنه الضغط لتغيير هوية الشعب الإيراني. على أيّ حال، وفي هذه الحالات [المذكورة] كافة، فإنّ المقاومة ضرورية. إذًا ماذا تعني المقاومة وفق قولنا؟ إنها تعني الثبات والصلابة والصمود وتجنّب الاستسلام وإحباط عامل الضغط. هذا هو معنى المقاومة، وما نلهج به اليوم عن جبهة المقاومة يعني هذا بالضبط؛ فقد كانت المقاومة يومًا ما محصورةً في إيران وحدها، وأمّا اليوم، فقد امتدّت إلى دول المنطقة، بل واتّسعت في بعض الحالات إلى دولٍ خارج المنطقة. لقد أخذت المقاومة في الاتّساع تدريجيًّا.
طبعًا، تمکّن شعبنا، منذ تأسيس الجمهوریة الإسلامیّة وانتصار الثورة الإسلامیّة، من أن يصمد وألاّ يستسلم أمام ضغط العدوّ. لقد فعلوا کلَّ شيء - لقد ذکرنا هذه الأمور مرارًا ولا حاجة إلى تکرار قول ما فعلوه - وبعضُ ما ارتكبه العدوّ بحقّ الشعب الإيراني كان على النحو الذي لو ارتُكِبَ بحقّ أيّ بلد أو شعب آخر لقلبه رأسًا على عقب، ولكنّ الشعب الإيراني صمد بقوة، والجمهوریة الإسلامیة صمدت بمنتهى الثبات والمقاومة.
لقد اتّجه «المديح والرثاء» عندنا منذ انتصار الثورة نحو هذا المسار؛ لا أقول كلّه، ولكنّه بدأ في ذلك، ثم بلغ ذروته في مرحلة الحرب. في مرحلة الحرب، كان كلُّ واحدٍ من الشهداء يتحوّل إلى رايةٍ من أجل إبقاء الشعب الإیراني واقفًا؛ وذلك عبر المدّاحين الذين أدّوا هذا الدور. كان الجثمان إذا جاء، لولا وجودُ ذلك المدّاح، ولولا تلك الملحمة الشعریة التي تملأ الفضاء وتجذب القلوب، لكان ذلك الشهید يُنسى. لقد عملوا عملًا زینبیًّا؛ إذْ أحیَت زینبُ (س) کربلاء وأبقتها حیّةً في التاریخ. کان هذا العمل منذ انتصار الثورة، واستمرّ إلى الیوم، وهو قائمٌ الآن أیضًا. صحيح أنّ مجالس «المديح والرثاء» كلّها لم تكن مثل مجلسنا هذا الیوم، ولا هي كذلك - أنا أعلم ذلك - ولكنّ المجالس كافة فيها توجّه ونظرة وحركة نحو مفهوم المقاومة ومصداقها في إيران.
الآن خلاصةُ كلامي هي هذه؛ أريد أن أقول جملة واحدة فقط، وهي أننا تجاوزنا اليوم حدود الاشتباكات العسكرية التي كانت موجودة، والتي رأيتموها، والتي يستمرون في توقّع حدوثها [مجددًا]، بل وهناك من يتعمّد النفخ في مجمره ليُبقيَ الناس في حالة شك، ويزرع فيهم القلق، ولن يُفلحوا في ذلك، إن شاء الله. لقد تجاوزنا الاشتباكات العسكرية ونعيش في خضم مواجهة دعائية وإعلامية. مع مَن؟ مع جبهة واسعة. نحن اليوم في خضم حرب إعلامية، وفي خضم حرب معنوية. لقد أدرك العدو أن الاستيلاء على هذا البلد وهذه الأرض وهذه الديار الإلهية والمعنوية غير ممكن بأدوات الضغط والأدوات العسكرية. لقد أدرك أنه إذا أراد أن يستولي، أو أن يتدخل [عسكريًا]، أو يحقق أيّ نجاح، فعليه أن يغيّر القلوب ويبدّل العقول والأفكار. لذا ذهبوا في هذا المسار. طبعًا، نحن نقف في وجههم بكل قوة، ولكن الخطر يكمن هنا اليوم، وهذا هو المسار، هذا هو هدف العدو.
هدفُ العدوّ في بلادنا محوُ الآثار المشعشعة للمفاهيم الثوريّة؛ هدفُه أن يصرفَ الناسَ تدريجيًّا عن ذِكر الثورة وعن أهدافها، وعن الإنجازات التي تحقّقت فيها، وعن إمامِ هذه الثورة. لهذا يعملون ويسعون وينفقون المليارات؛ لا یُصرّحون بذلك، ولکنّنا نعلم. أنّهم یُسخّرون الكاتبَ والفنّانَ والروائيَّ و«هولیوود» وغیر ذلك، ویستخدمون الأدوات كلّها لیُغیّروا ذهنَ الشابّ الإیراني. إنّ هذه الجبهة الناشطة التي نواجهها في هذا المجال، هي جبهة واسعة. طبعًا، مقرّها أمريكا، ويدور في فلكها بعض الدول الأوروبية، وفي حاشيتها المرتزقة والخونة وعديمو الوطنيّة، وأولئك الذين اجتمعوا في أوروبا وأماكن أخرى للحصول على لقمة وتمكين، وقد اتخذوا هذا نهجًا لهم أيضًا. نحن نقف في مواجهة هؤلاء.
لذا، على جبهة الثورة وكوادر المقاومة أن يعرفوا وضع العدو هذا، وأن ينظّموا صفوفهم وفقًا لتشكيلة العدو هذه وهدفه. في القضايا العسکریة، یتحدّد تموضع صفوفنا وفق هدف العدوّ؛ فعندما نلاحظ أنه يستعدّ للهجوم على نقطةٍ ما، نعتمد تشكيلًا عسكريًا يُفشل العدو. هذا ما ينبغي فعله أیضًا في ميدان الدعایة. يجب أن يتجه التشكيل الدعائي نحو الجهة التي استهدفها العدو بالتحديد، وهي المعارف الإسلامية، والمعارف الشيعية، والمعارف الثورية؛ فقد استهدف العدو هذه الأمور، لذا يجب التصدّي لذلك. طبعًا، ليس هذا بالأمر السهل، ولكن لحسن الحظ لدينا اليوم كثير من الفضلاء في الحوزات العلمية ممن عملوا وفكّروا في هذه المجالات، ولديهم إنتاجات، ويمكن لمجتمع المدّاحین في البلاد أن یستفید منها استفادةً تامّة.
أنتم أيها المدّاحون، يمكنكم أن تحوّلوا هذا المجلس الحسيني الذي أنتم فيه إلى مركز للالتزام بقيم الثورة الإسلاميّة والقيم [الأخرى]؛ خاصة اليوم إذ نرى ولحسن الحظ إقبال الشباب على المجالس الحسينية. إنّ إقبال الشباب اليوم على المجالس الحسينية كبير جداً، ولم يكن الأمر كذلك في الماضي. نرى الشباب اليوم في مختلف المدن – نحن نعلم ذلك، سواء رأيناه عبر التلفاز أو حصلنا على معلومات بشأنه – ولحسن الحظ يقبلون ويعملون ويجتهدون؛ يجب تثمين ذلك وتحصين جيل الشباب في مواجهة هدف هذا العدو اللدود والخبيث الذي يملك الإمكانات للأسف.
إنّني أوصي بأن تبرزوا تبيين المعارف في المدائح التي تقال عن الأئمة (عليهم السلام). في رأيي، كان الأئمة (عليهم السلام) يؤدون عملين رئيسيين: الأول هو تبيين المعارف، التي [بواسطتها] بقيت المعارف الإسلامية؛ لو لم يبيِّنوا المعارف الإسلامية، لما بقي اليوم شيء من الإسلام ومن معارف الإسلام الحقيقية؛ كان هذا العمل الأوّل؛ والعمل الآخر هو الكفاح. كان الأئمة يكافحون. تحدثتُ كثيراً في هذا الصدد على مر السنين الطويلة. الأئمة جميعهم كانوا مشغولين بالكفاح. من بعد أمير المؤمنين (عليه السلام) - سواء في زمن الإمام المجتبى (ع)، أو في زمن سيد الشهداء (ع)، أو في زمن الأئمة اللاحقين (عليهم السّلام) – كان الأئمة (عليهم السّلام) جميعهم مشغولين بالكفاح؛ الكفاح ضد جهاز الخلافة، والكفاح ضد أعداء الحقيقة، كل واحد منهم بأسلوبه الخاص؛ كل واحد بأسلوب، ولكنهم جميعاً كانوا يكافحون؛ يجب عرض هذا في حياة الأئمة، وفي رواية حياتهم. بناءً على ذلك، [من التوصيات] تبيين المعارف الدينية، وتبيين المعارف النضاليّة والثورية.
ثمة توصية أخرى، هي ألا تكتفوا في مواجهة العدو بالدفاع عمّا يثير حوله الشبهات. طبعًا، الدفاع ضروري، ويجب دحض الشبهات التي يثيرها العدو، ولكنّ لدى العدو كثيرًا من نقاط الضعف؛ استهدفوا نقاط الضعف تلك، هاجموها، هاجموها في المفاهيم الشعرية، وهو ما أثبت بعض الإخوة اليوم - لحسن الحظ - امتلاكهم قدرات جيدة فيه.
توصية أخرى هي أن تشحنوا منابر [«المديح والرثاء»] بمعارف نقاط قوة الإسلام، سواء في المسائل الشخصية، أو في المسائل الاجتماعية، أو في السياسة، أو في مواجهة العدو – فالإسلام يزخر في هذه المجالات بمعارف ونقاط قوة – املؤوا بهذه المعارف؛ أي أن يخرج من يجلس في مجلسكم ويستمع لبرنامجكم وقد اغترف قسطًا وافرًا من القرآن ومن المفاهيم القرآنية واستفاد منها .حوّلوا «المديح والرثاء» إلى أداة فعالة ومهمة لترويج الدين ونشر المفاهيم الدينية والقضايا الثورية؛ إن هذا العمل يحدث حاليًا إلى حد كبير؛ فاعملوا على توسيعه وتقويته وتعميمه، وليكن حاضرًا في المجالات كافة. في بعض الأحيان، يكون تأثير المرثيّة الحسنة الصياغة والقيّمة المضمون، التي تقرؤونها من على المنبر، في قلب المتلقي، أعمق وأبقى من تأثير منبر أو منبرين من الكلام الاستدلالي والفلسفي والمنطقي.
بما أن الحديث تطرق إلى الأداء المتقن، فاحرصوا على ألا يحدث خطأ في هذا المجال؛ ألا تتسرب ألحان زمن الطاغوت إلى مفاهيمنا الدينية؛ فالمرء يسمع ذلك أحياناً في بعض المواضع. كونوا حذرين! لحن «المديح والرثاء» هو لحنكم، خاص بكم، ابتكاركم؛ ينبغي ألا يتسلل إلى عملكم وبيانكم ما يتعلق بأعدائكم - الذين قمتم ضدهم، وثارت أمتكم ضد تلك المعارف، وضد تلك الثقافة الخطأ.
بناءً على ذلك، ما أشعر به وأراه، ولحسن الحظ، هو أن ظاهرة «المديح والرثاء» تحتل مكانة خاصة بين الأدوات المهمة لتقدم البلاد. أنتم تعملون وتبذلون الجهد، وكما أسلفت، يحتاج الأمر إلى بحث؛ لا بدّ من تقييم نقاط ضعفه، والعثور على سبل تطويره، ويجب إعداد محتويات مناسبة وربما الألحان المناسبة لهذا العمل. لنحافظ على «المديح والرثاء»، ولنبقه ولنطوّره ولنستفد من هذه الظاهرة.
دعوني أخبركم، بتوفيق من الله، الجمهورية الإسلامية في طور التقدم. [نعم] لدينا نقص كبير؛ أشاروا[2] إلى الغبار في خوزستان. هذا واحد من أصغر أوجه النقص. هناك أوجه نقص أكبر أيضاً في البلاد، ولكنّها تسير قُدُماً وتتقدم. نحن يوماً بعد يوم، الشعب الإيراني يوماً بعد يوم، يُعلي سمعة الإسلام، ويُثبت أن الإسلام يعني الصمود، والإسلام يعني القوة، والإسلام يعني الصدق والصفاء، والإسلام يعني ابتغاء الخير وطلب العدالة. هذه الأمور يُظهرها الشعب الإيراني تدريجياً. طبعًا، لأنها تحوّلات كبيرة، لا تُرى بسهولة في بلدٍ ما؛ لأنها تدريجية وطويلة الأمد وليست قصيرة الأمد. لا تحدث في لحظة واحدة حتى يراها الإنسان، بل تحدث تدريجياً، ولكنني أودّ القول إن المجتمع يتقدم تدريجياً، بتوفيقٍ من الله.
إن اليافعين اليوم – في ما يخص الأمور الدينية - هم أكثر تقدمًا بمراتب عما كان عليه الحال في حقبة وسطية مضت - باستثناء البدايات الأولى للثورة– وسيزدادون تقدّمًا بعد ذلك أيضًا، إن شاء الله.
نسأل الله أن يُسعد الأرواح المقدّسة للشهداء والروح المقدسة للإمام [الخميني] الجليل الذي شرّع هذا الطريق أمام الشعب الإيراني.
والسّلامُ عليكُم ورَحمةُ الله.