يمرّ على احتلال الأراضي الفلسطينية أكثر من ستين عاماً، وقد تعاقبت الأجيال تلو الأجيال على الشعب الفلسطيني، إلا أن أهداف فلسطين وقيمها وأصولها باقية ثابتة على خلاف ما يسعى إليه العدو للقضاء عليها. وإن مما يُؤسف له أن الدول والحكومات العربية قد انشغلت بأمور أخرى بحيث لا تتوافر لها الفرصة أو لا تريد ولا تسمح لها المجاملات والملاحظات والتحالفات مع أمريكا وغيرها أن تتعرض للقضية الفلسطينية. إلا أن هذه القضية تعتبر في غاية الأهمية، ولا يمكننا تركها والإعراض عنها.

لقد انطلقت اليوم انتفاضة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وبدأ الناس بالكفاح والقتال، غير أن الأبواق الاستكبارية أصدرت تجاهها حكماً جائراً بالكامل، فإن ذلك الذي احتُلّ بيته ولا يأمن على نفسه وماله في داره - حيث يهدمون منزله بالجرافات لبناء المستوطنات ويدمرون مزرعته - إذا ما رمى المعتدين بالحجارة وصفوه بالإرهابي! وأما ذلك الكيان الذي يسحق حياة هذا الإنسان وأمنه وكرامته وثروته ودنياه، يعبّرون عنه بأنه مظلوم يدافع عن نفسه! وهذه واحدة من عجائب عالمنا المعاصر.  فقد قام أحدٌ باغتصاب دارٍ وأخرج صاحب الدار منها، وأخذ يواصل ظلمه وجوره عليه، ويقولون إنه يدافع عن نفسه! وأما صاحب الدار المظلوم الذي سُلب منه أمنه، وفقد داره، وأصبحت عياله وأطفاله وكرامته ووجوده وكل أموره مهدّدة، إذا ما شتم ذلك المعتدي ورماه بالحجارة، يقولون إنه إرهابي!