بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا و نبينا أبي القاسم المصطفى محمد، و على آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديين، سيما بقية الله في الأرضين.
إنه لتجمع عظيم و ضخم جداً التأم هنا احتراماً لذكرى إمامنا الخميني العزيزة. و أقيمت في الكثير من مناطق البلاد الأخرى تجمعات مماثلة إحياء لذكرى الإمام الخميني الجليل و حباً له.
إنها الأيام الأخيرة من شهر شعبان المبارك. و لا ريب في أن الإمام الخميني الجليل كان ينتهل الكثير من الفوائد المعنوية في هذا الشهر. تشير القرائن إلى أن ذلك القلب النوراني كان يضاعف من نورانيته ببركة هذا الشهر. هذه الفقرة المعروفة من المناجاة الشعبانية: «اِلهي هَب لي كمالَ الاِنقِطاعِ اِليك وَ اَنِر اَبصارَ قُلوبِنا بِضِيآءِ نَظَرِها اِلَيك» (1) كانت من العبارات التي تكررت كثيراً في كلمات الإمام الخميني. كان يكرر هذه الفقرة من الدعاء في كلماته بمناسبات شتى. و هذا يدل على أنه كان مأنوساً بهذه المناجاة و بهذه المضامين و بهذه الأيام المباركة. و حينما سألته ذات مرة عن الأدعية، كانت المناجاة الشعبانية من الأدعية التي شدّد عليها و رجّحها. هناك فقرات مهمة من هذا الدعاء منها الفقرة القائلة: «اِلهي هَب لي قَلباً يدنيهِ مِنك شُوقُه، وَ لِسانًا يرفَعُ اِلَيك صِدقُه، وَ نَظَراً يقَرِّبُهُ مِنك حَقُّه» (2)، قلب مشوق يقترب من ساحة القرب الإلهي، و لسان صادق يقرّبه صدقه إلى الله، و نظرة حق تجعل صاحبها يقترب إلى الله تعالى أكثر. هذه سمات و سجايا تطلب من الله تعالى في هذا الدعاء الشريف و في هذه المناجاة. هذه دروس لنا. و قد كان الإمام الخميني الجليل شخصاً مندكاً بهذه الدروس على امتداد عمره، و بفضل هذا الاندكاك و ببركة هذه المعرفة لمراتب الحق و الحقيقة و التقرب إلى الرب، حباه الله تعالى القدرة التي جعلته يستطيع النهوض بهذه الحركة العظيمة الباقية.
نروم التحدث عن الإمام الخميني الجليل. من العناوين و الأوصاف التي قلما استخدمت حول إمامنا الخميني العظيم، هو هذا العنوان الجامع الذي أعبّر عنه بالعبارة: مؤمن متعبد ثوري. نصف الإمام الخميني بالكثير من الأوصاف، لكن هذه الصفة - التي قلما نصف الإمام الخميني بها - صفة جامعة: مؤمن متعبد ثوري.
المؤمن يعني المؤمن بالله، و المؤمن بالهدف، و المؤمن بالطريق الذي يوصله إلى هذا الهدف، و المؤمن بالشعب. «يؤمِنُ بِاللهِ وَ يؤمِنُ لِلمُؤمِنين» (3). و يوجد مثل هذا التعبير بشأن الرسول الأكرم في القرآن الكريم: المؤمن بالله، و المؤمن بالهدف، و المؤمن بالدرب، و المؤمن بالشعب.
و هو عبد و متعبد، أي إنه يعتبر نفسه عبداً أمام الله. و هذه بدورها صفة على جانب كبير من الأهمية. لاحظوا أن الله تعالى وصف الرسول الأكرم (ص) في القرآن الكريم بصفات متعددة: «وَ اِنَّك لَعَلَى‌ٰ خُلُقٍ عَظيم» (4) «فَبِما رَحمَةٍ مِنَ اللهِ لِنتَ لَهُم» (5)، و الكثير من الصفات الأخرى كل واحدة منها تنطوي على فصل كبير من خصوصيات الرسول الأكرم (ص)، بيد أن الصفة التي أمرنا نحن المسلمين أن نكررها حول الرسول الأكرم في صلواتنا كل يوم هي: «اَشهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَ رَسولُه»، و في هذا دليل على أهمية العبودية. العبودية مهمة إلى درجة أن الله تعالى يعلّم هذا الصفة للمسلمين بأن يكرّروها كل يوم عدة مرات في الصلوات. و قد كان الإمام الخميني يتحلى بهذه الصفة، صفة العبودية. كان من أهل الخشوع و التضرع و الدعاء؛ مؤمن متعبد.
أما الصفة الثالثة من عبارة المؤمن المتعبد الثوري، فهي النقطة التي أرغب في التأكيد عليها و التحدث عنها، لقد كان الإمام إمام الثورة.
الثورة كلمة واحدة، و ثمة في باطنها الكثير من الحقائق. و إمام الثورة يعني قائد كل تلك الخصوصيات التي تحتويها كلمة الثورة في داخلها. و القوى المادية كانت غاضبة دوماً من الإمام الخميني، كانت غاضبة و خائفة طبعاً من الإمام الخميني الجليل، و أغلب خوفها كان من هذه الصفة: الصفة الثورية عند الإمام الخميني، فكانوا يعادون هذه الخصوصية فيه. و اليوم أيضاً يعادي أعداء الشعب الإيراني خصوصية الثورية فيه و يخاصمونها. بل إن القوى المادية ترهب كلمة الثورة أساساً، إنها تخاف من كلمة الثورة الإسلامية، يخافون و ينفرون. و الضغوط التي يمارسونها إنما هي بسبب النزعة الثورية. و سوف أشرح أية مفاهيم و معان و خطوط و مناهج تتضمنها النزعة الثورية. و من حقهم أن يخافوا. الضغوط طبعاً تمارس بذرائع مختلفة، أحياناً بذريعة الطاقة النووية، و أحياناً بذريعة حقوق الإنسان، و ذرائع أخرى من هذا القبيل، لكن حقيقة القضية هي أن أعداء الشعب الإيراني و أعداء إيران الإسلامية يخافون و يقلقون من الخصوصية الثورية. في الآونة الأخيرة قبل أشهر من الآن، قال أحد السياسيين الأمريكيين: الحظر مفروض على إيران بسبب الثورة الإسلامية، و أصل الحظر يعود إلى ثورة 1979 ، أي ثورة سنة 57 ! هذه حقيقة.
ما هو السبب؟ لماذا يعارضون الثورة؟ السبب هو أن هذا البلد الكبير الواسع المبارك الثري - الذي يمتلك ثروات طبيعية و ثروات إنسانية - كان في قبضة هذه القوى بالكامل، كان تحت تصرف أمريكا، و جاءت الثورة فطردتهم من هذا البلد، و هذا هو سبب معاداة الثورة، لقد أقصتهم الثورة. بالإضافة إلى هذا فقد ألهمت الثورة الآخرين. الثورة الإسلامية الإيرانية التي تحققت و استمرت على يد الشعب في هذا البلد ألهمت باقي الشعوب، و هذا الموضوع له مناقشاته التفصيلية في محلها، و ثمة الكثير من الأدلة على ذلك.
لقد انتشل إمامنا الخميني الثوري البلد من المستنقعات و الوحول، لقد أخرج البلد بواسطة الثورة من وحول متعددة. شبابنا الأعزاء الذين لم يدركوا فترة ما قبل الثورة و لم يلمسوها، يجب عليهم التدقيق و التنبّه إلى أن هذه هي القضية، هذه هي القضية الأساسية. إذا لم يعرف شعب قضيته الأساسية فسوف يضل. القضية هي أن الثورة الإسلامية جاءت فأنقذت البلد من المستنقعات، من مستنقع التبعية، و من مستنقع التخلف، و من مستنقع الفساد السياسي، و من مستنقع الفساد الأخلاقي، و من مستنقع الحقارة الدولية. لقد كنا نعاني من هذه الأمور، فقد كنا تابعين و كنا مهانين و كنا متخلفين و مفروضاً علينا البقاء متأخرين. كانوا قد فرضوا علينا البقاء متخلفين في العلوم و في الاقتصاد و في التقنية و في التواجد الدولي و في كل شيء. و بدل كل هذا كان لنا أسياد أمريكان و بريطانيون فوق رؤوسنا. في ذلك الحين كنا نصدّر من النفط أربعة أضعاف ما نصدره اليوم، و كان عدد السكان أقل من نصف ما هو عليه اليوم، و مع ذلك فقد كانت معظم مناطق البلاد محرومة من الخدمات الحكومية العامة التي تقع على عاتق الحكومات. كان البلد يتخبط في الفقر و التخلف و الفساد الأخلاقي. كان البلد يعاني من نواقص في كل بناه التحتية كالطرق و الماء و الكهرباء و الغاز و المدارس و الجامعات و الخدمات المدينية، و كان يتقلب في التأخر و التخلف و العوز. كانوا يضعون ثروات البلد تحت تصرف الأجانب، و كان الجهاز الحاكم يتمتع، و يبقى الشعب صامتاً إما بالخداع أو بالقوة و الإرعاب. لكن قلوب الناس كانت ممتلئة و كانوا يشاهدون الحقائق، فكانت النتيجة اتباع ذلك الهتاف الرباني الإلهي الذي أصدره الإمام الخميني الجليل مما أدى إلى تصاعد الثورة.
لقد غيّر إمامنا الخميني العظيم المسار، و أحدث تغييراً كبيراً. لقد غيّر الإمام الخميني مسار الشعب الإيراني، و بدل السكة الحديدية، و جعلنا نسير نحو الأهداف الكبرى. هذه الأهداف التي جعلتنا الثورة و إمام الثورة نسير نحوها و سار المجتمع الإيراني صوبها، أهداف على جانب عظيم من الأهمية. تتلخص هذه الأهداف في سيادة دين الله. و سيادة دين الله معناها العدالة الاجتماعية بالمعنى الواقعي للكلمة، و بمعنى استئصال الفقر، و بمعنى استئصال الجهل، و بمعنى استئصال الاستضعاف. سيادة دين الله معناها إقامة منظومة القيم الإسلامية. معناها استئصال الآفات الاجتماعية، معناها تأمين السلامة الجسمية و الأخلاقية و المعنوية و التقدم العلمي للبلاد. معناها تأمين العزة الوطنية و الهوية الوطنية الإيرانية و تأمين الاقتدار الدولي. معناها تنشيط الإمكانيات و الطاقات التي أودعها الله في هذه الأرض. هذه كلها مدرجة في سيادة دين الله، و قد سار إمامنا الخميني بهذا الاتجاه، و هو على الضد تماماً من الطريق الذي كان نظام الطاغوت يجرّنا و يأخذنا إليه.
طيب، هذه الأهداف التي يسير قطار المجتمع الإسلامي نحوها بفضل الثورة، أهداف بعيدة المنال، و تستغرق زمناً طويلاً، و تحتاج إلى مضي زمن طويل، و تستلزم الجد و الجهد، بيد أن تحقيقها ممكن بشرط واحد هو أن يبقى هذا القطار يسير على نفس هذه السكة، على سكة الثورة. لقد دلنا الإمام الخميني على الطريق، و أشار لنا على المعايير و المؤشرات، و شخص لنا الأهداف، و بدأ هو نفسه الحركة. لقد حققنا مكاسب كثيرة لحد الآن بفضل السير على طريق الثورة، و لكن لا تزال المسافة كبيرة جداً حتى تلك الأهداف. نستطيع الوصول إلى تلك الأهداف شريطة أن يسير هذا القطار على نفس هذه السكة، على السكة التي وضعها الإمام الخميني لقطار المجتمع الإسلامي. بعد رحيل الإمام الخميني، أين ما تصرفنا بطريقة ثورية تقدمنا إلى الأمام و أين ما غفلنا عن الثورية و الحركة الجهادية تأخرنا و أخفقنا. هذا واقع. لقد كنت مسؤولاً في هذه السنين، و إذا كان هناك تقصير في هذا الشأن فإنه يعود عليّ أنا أيضاً. أين ما كنا ثوريين و تحركنا بطريقة جهادية و سرنا على تلك السكة تقدمنا إلى الأمام، و أين ما قصّرنا و غفلنا تأخرنا. نستطيع الوصول شريطة أن نتحرك بطريقة ثورية و نتقدم بأسلوب ثوري.
المخاطب بهذا الكلام هو جيل اليوم و جيل الغد و الأجيال ما بعد القادمة، المخاطب بهذا الكلام هو نحن جميعاً، المسؤولون مخاطبون بهذا الكلام، و الناشطون السياسيون مخاطبون، و الناشطون الثقافيون مخاطبون، و الناشطون الاجتماعيون، الجميع مخاطبون بهذا الكلام، الشباب، و الجامعيون، و الحوزويون، و أصحاب الحرف، و القرويون، و أهل المدن، الكل معنيون بهذا الكلام، و على الجميع أن يعلموا أنه يمكن السير على هذا الدرب بأسلوب ثوري، و عندئذ سيكون التقدم أكيداً، و يمكن السير و التحرك بأسلوب آخر، و عندها سيكون المصير مصيراً مؤلماً. لقد كان للإمام الخميني تعبير دارج يكرره فيقول: «سيتلقى الإسلام صفعة». إذا غيّرنا هذا الدرب فإن شعب إيران سيتلقى صفعة و سيتلقى الإسلام صفعة. لا يزال الكلام باقياً، و الكلام في هذا الشأن كثير، و الكلام الواجب في هذا المضمار كثير.
لاحظوا (6).. لأستفيد من هذه الفرصة و أقول لكم و لشعب إيران: يا أعزائي، الثورة رصيد ممتاز و فذ لشعبنا و بلادنا. لقد تحملنا تكاليف لتحقيق الثورة، و قد كانت تكاليف جسيمة، و لكن ثمة من المنافع مئات أضعاف تلك التكاليف. إنها تجارة مربحة للشعب. نعم، لقد كانت حرب الأعوام الثمانية تكلفة، و كانت حالات التمرد تكلفة، و الحظر كان تكلفة - و لكن ثمة في هذا الدرب من الربح أضعاف هذه التكاليف بمئات المرات. التكاليف و المنافع و الأرباح كانت متصاحبة و مترافقة منذ البداية، لدينا تكلفة و لدينا ربح. في الحرب سار شبابنا و استشهدوا، لكن الشعب و مجموع شباب البلاد حصل على مكاسب كبيرة من تلك الحرب المكلفة. لقد كانت تلك التكاليف و المنافع مترافقة و متلازمة منذ البداية، و لكن مهما تقدمنا إلى الأمام خفّت التكاليف و صارت ممكنة الاحتمال أكثر، بينما تضاعفت المصالح العامة و زادت. اليوم يوم نستطيع فيه و يستطيع شعب إيران و من دون أن يتحمل تكلفة كبيرة أن يحصل على منافع كبيرة من الثورة، توجد اليوم مثل هذه الإمكانية. لقد تأصلت الثورة و تجذرت، و تقوّت شجرة النظام الإسلامي و تمتّنت، و تجلت الكثير من الحقائق، و ظهرت سبل و أساليب، الأوضاع بالنسبة لشعب إيران اليوم أوضح و الأرضية معدّة أكثر و السبيل ممهّد أكثر من الماضي. هناك تكاليف، و لا تزال هناك تكاليف و أثمان، لكنها أصبحت أخف من الماضي و يمكن دفعها و اجتنابها أكثر.
هذه نقطة مهمة: هذه الثورة لم تحصل بانقلاب، و لم تحصل بتحرك عسكري، مثل بعض الثورات التي يجتمع فيها عدة ضباط عسكريين و يسقطون حكومة و يأتون بحكومة أخرى مكانها، لا، لقد حصلت هذه الثورة بواسطة الشعب، بعزيمة الشعب و بقوى الثورة لدى الشعب، و بإيمان الشعب. و دافعت عن نفسها بنفس هذه القوى، و بقيت و تجذرت بنفس هذه القوى. الناس و الشعب هم الذين لم يهابوا و لم يخافوا، و شعب إيران العزيز هو الذي صمد و قاوم و صار مصداقاً للآية: «اَلَّذينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ اِنَّ النّاسَ قَد جَمَعُوا لَكم فَاخشَوهُم فَزادَهُم ايمانًا وَ قالُوا حَسبُنَا اللهُ وَ نِعمَ الوَكيل» (7). لقد هددونا دوماً، و قالوا دوماً إننا سنهاجم، و قالوا دوماً سوف نفرض حظراً، لكن الشعب لم يخف من التهديد العسكري، و لم يخش الحظر، و لم يشله الحظر، و تابعوا المسيرة من دون خوف و بشجاعة و شموخ، و ينبغي أن يكون هذا بعد الآن أيضاً. على شعبنا، و شرائح الشعب المختلفة، و الشباب، و رجال الدين، و أصحاب المهن و الحرف، و الجامعيين، و الباحثين، و المسؤولين، و الحكوميين، و من هم في مجلس الشورى، أن يبقوا ثوريين و يسيروا بطريقة ثورية - و سوف أذكر مؤشرات للحالة الثورية - و ينبغي أن يبقى الكل ثوريين لنستطيع التقدم في هذا السبيل و مواصلته بنجاح.
من الخطأ أن نتصور أن الثوري هو من كان على عهد الإمام الخميني فقط، أو الذي كان إلى جانب الإمام الخميني في فترة الكفاح و النضال، لا، البعض كأنهم يخالون أن الثوريين هم أولئك الذين شاركوا خلال فترة الإمام الخميني أو فترة الكفاح أو فترة حكم الإمام الخميني الجليل إلى جانبه، لا، إذا اعتبرنا هذا هو معنى الثوري فسيكون الثوريون نحن الشيوخ كبار السن فقط. الثورة للجميع، فالشباب ثوريون و يمكن أن يكونوا ثوريين، بتلك المعايير و المؤشرات التي سأذكرها. يمكن لشاب اليوم أن يكون أكثر سابقة في الثورة مني، و أكثر ثورية، كما شاهدنا في فترة الدفاع المقدس أن البعض وضعوا أرواحهم على الأكف و ساروا إلى الجبهة في سبيل هذه الثورة و في سبيل تطبيق أمر الإمام الخميني، و ضحّوا بأنفسهم، أولئك هم الثوريون الكاملون مائة بالمائة، أولئك المستعدون للتضحية، إذن ينبغي عدم حصر الثورية بالذين كانوا مع الإمام الخميني في فترة الكفاح، أو الذين عرفوا الإمام الخميني أو كانوا إلى جانبه، لا، الثورة شط جار و كل الذين شاركوا طوال التاريخ بهذه المميزات و يسعون سعيهم هم ثوريون حتى لو لم يشاهدوا الإمام الخميني، مثل أغلبكم أيها الشباب.
كما أنه من الخطأ أن نتصور أننا إذا قلنا إن فلاناً ثوري فمعنى ذلك أنه متطرف، أو أن نستخدم تعبير المتطرفين عندما نريد الإشارة إلى الثوريين، لا، هذا خطأ. ليست الثورية بمعنى التطرف. هذه الثنائيات التي هي هدية الأجانب و كلام أعداء إيران يجب أن لا تجد لها مكاناً في إيران و في قاموسنا السياسي. إنهم يقسّمون الناس إلى متطرف متشدد و معتدل. لا يوجد لدينا متشدد و متساهل. يسمون الثوري متشدداً و يسمون غير الثوري معتدلاً! هذه ثنائية أجنبية، و هم يكررون هذا في إذاعاتهم و إعلامهم و تصريحاتهم، و يجب أن لا نكرر هذا، فالثوري ثوري.
كما أنه من الخطأ أن نتوقع من كل الثوريين نوعاً واحداً من الفعل الثوري و درجة واحدة من النزعة الثورية، لا، و على حد تعبيرنا نحن طلبة العلوم الدينية فإن النزعة الثورية حالة تشكيكية. قد يتحرك شخص بصورة أفضل تجاه مفاهيم الثورة و الفعل الثوري، و لا يتحرك شخص آخر بنفس هذه الجودة، لكنه يسير في نفس الطريق. أن نتهم أي شخص لا يتحرك بصورة جيدة أو بطريقة كاملة بأنه غير ثوري أو ضد الثورة فهذا أيضاً خطأ، لا، قد يكون مستوى حركة شخص مائة درجة، و قد تكون قيمة شخص آخر أقل، و قد يكون شخص آخر أقل أيضاً، لكن الجميع يتحركون في هذا الدرب. المهم هو التطابق مع تلك المؤشرات. المؤشرات هي المهمة. المهم أن يكون الشخص الذي لا يتحرك بنفس تلك الشدة و الجدية متوفراً على مؤشرات الثورية. إذا توفرت هذه المؤشرات فسيكون الشخص ثورياً و الفرد ثورياً و الجماعة ثورية و الحكومة ثورية و المنظمة ثورية. المهم هو أن نعرف المؤشرات و المعايير.
هناك مؤشرات للنزعة الثورية. أذكر هنا خمسة مؤشرات. طبعاً يمكن الإشارة إلى خصوصيات أكثر من هذه، لكنني أذكر حالياً خمسة مؤشرات ينبغي أن نحاول إيجادها في أنفسنا و الحفاظ عليها أين ما كنا. شخص في المجال الفني، و شخص في العمل الصناعي، و آخر ناشط في المجال السياسي، و غيره يعمل في المضمار العلمي، و آخر يعمل عملاً اقتصادياً و تجارياً، لا فرق في ذلك، فهذه المؤشرات يمكن أن توجد في كل واحد منا نحن الشعب الإيراني. المؤشرات الخمسة التي سوف أشرحها عبارة عن: المؤشر الأول هو الالتزام بمبادئ الثورة و أسسها و قيمها الأساسية. و المؤشر الثاني جعل مبادئ الثورة هدفاً و إبداء الهمة العالية للوصول إليها بأن نأخذ بنظر الاعتبار مبادئ الثورة و أهدافها السامية، و نتوفر على الهمّة للوصول إليها. و المؤشر الثالث الالتزام بالاستقلال الشامل للبلاد، الاستقلال السياسي، و الاستقلال الاقتصادي، و الاستقلال الثقافي - و هو الأهم من غيره - و الاستقلال الأمني. و المؤشر الرابع هو الحساسية حيال العدو و أعمال العدو و مخططاته و عدم اتباعه، و طبعاً ينبغي معرفة العدو و فهم مخططاته و عدم اتباعه - و قلنا إن القرآن يسمّي عدم الاتباع هذا الجهاد الكبير، و قد تحدثت مرتين أو ثلاث مرات عن هذا الموضوع في الآونة الأخيرة (8) - و المؤشر الخامس هو التقوى الدينية و السياسية، و هي على جانب كبير من الأهمية. إذا توفرت هذه المؤشرات الخمسة في شخص فإنه ثوري يقيناً، و درجات الثورية كما قلنا مختلفة. سوف أدلي بإيضاح قصير مختصر لكل واحد من هذه المؤشرات. قلنا إن المؤشر الأول هو الالتزام بالقيم الأساسية للإسلام. لقد تحدثت في السنة الماضية و في نفس هذا التجمّع حول أسس الإمام الخميني، و هذه هي مبادئنا الأساسية. الأساس الأول الالتزام بالإسلام الأصيل مقابل الإسلام الأمريكي. الإسلام الأصيل مقابل الإسلام الأمريكي، و للإسلام الأمريكي شعبتان: إحدى الشعبتين هي الإسلام المتحجر و الشعبة الثانية هي الإسلام العلماني، هذا هو الإسلام الأمريكي. و قد دعم الاستكبار و القوى المادية و لا تزال كلا الشعبتين. فهم يختلقون هذا الإسلام في بعض المواطن، و في مواطن أخرى يرشدونه، و في مواطن أخرى يدعمونه. و الإسلام الأصيل في مقابل ذلك. الإسلام الأصيل إسلام شامل من الحياة الفردية و الخلوات الفردية إلى تشكيل النظام الإسلامي. الإسلام الأصيل إسلام يرسم واجباتنا أنا و أنتم في العائلة مع أنفسنا و في خلواتنا الشخصية، و يعيّن كذلك واجباتنا في المجتمع، و يحدد تكاليفنا و واجباتنا قبال النظام الإسلامي و تأسيس النظام الإسلامي. هذا هو الإسلام الأصيل. هذا أحد الأسس التي ينبغي الالتزام بها.
أساس آخر من الأسس هو محورية الشعب، و عندما نرفق الحالة الشعبية و محورية الشعب مع الإسلام فستكون التركيبة الجمهورية الإسلامية. هذا هو معنى الجمهورية الإسلامية: الشعب هو المحور، و المقاصد للإسلام. الأهداف للشعب و المصالح هي ملك الشعب و الشعب هو الذي بيده الأمور. هذه هي الحالة الشعبية: أصوات الشعب و إرادته و حركته و عمله و تواجده و شرفه في نظام الجمهورية الإسلامية. هذا أحد تلك الأسس، و ينبغي الاعتقاد به بالمعنى الحقيقي للكلمة.
و من تلك الأسس و الركائز و القيم الأساسية الاعتقاد بالتقدم و التحول و التكامل و التواصل و التعاطي مع المحيط، طبعاً مع اجتناب الانحرافات و الأخطاء التي قد تعتور هذا الطريق. التحول و التكامل، فقهنا و علم اجتماعنا و علومنا الإنسانية و سياستنا و أساليبنا المتنوعة يجب أن تتحسن يوماً بعد يوم، و لكن على يد الخبراء و المتخصصين و العلماء و أهل التعمق و المؤهلين لفتح طرق جديدة، أما أنصاف المتعلمين و غير المتخصصين و الأدعياء فلا يستطيعون القيام بشيء. ينبغي التنبه لهذا الشيء، هذه كلها صراط له طرفان على اليسار و اليمين، و ينبغي السير في الجادة الوسط.
و دعم المحرومين من الركائز و القيم الأساسية في النظام الإسلامي. و أساس آخر هو دعم المظلومين في كل نقطة من العالم. هذه هي القيم الأساسية للثورة. لا يمكن غض النظر عن هذه الأسس. إذا كان الشخص أو الأشخاص أو التيار مهملاً للمحرومين أو غير مكترث للمظلومين في العالم فإن هذا المؤشر غير متوفر فيه.
طيب، إذا كان هذا الالتزام بالقيم الإساسية - و هو ما يمثل المؤشر الأول - ستكون الحركة حركة مستمرة و مستقيمة، و لن تتغير وسط أعاصير الأحداث. أما إذا لم يتوفر هذا الالتزام فستكون الحالة المضادة لهذا الالتزام هي العملانية المفرطة، أي الميل كل يوم نحو جانب، فتأخذ كل حادثة الإنسان نحو جانب. يقول الشاعر:
وساوس هذا و ذاك و همهمات النفس
تأخذني في كل الأطراف كأني قشة تبن
ستكون هذه عملانية و ليناٌ في كل يوم بهذا الاتجاه أو ذاك، و هذا يتعارض مع ذلك الالتزام. في التعابير القرآنية يسمّى هذا الالتزام بالقيم، الاستقامة: «فَاستَقِم كمآ اُمِرتَ وَ مَن تابَ مَعَك» (9)، آية قرآنية في سورة هود المباركة. أو الآية: «اِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ استَقاموا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلٰئِكةُ اَلّا تَخافُوا وَ لَا تَحزَنوا وَ اَبشِروا بِالجَنَّة» (10)، في التعبير القرآني يسمّى هذا الالتزام بالأسس و القيم، الاستقامة.
المؤشر الثاني هو الهمّة العالية للوصول إلى الأهداف و المطامح، و عدم الانصراف عن المطامح و الأهداف الكبرى. و الحالة المعاكسة لذلك هي الكسل و النزعة المحافظة و اليأس. يحاول البعض أن يبث اليأس في مجتمعنا و بين شبابنا، فيقولون «لا فائدة من هذا، و لا يمكن، و لا نستطيع الوصول، و كيف يمكن ذلك مع وجود كل هذه المعارضات و المخالفات و العداء؟» هذه الحالة هي الطرف النقيض لذلك المؤشر الثاني. المؤشر الثاني هو أن لا ننصرف و لا نتنازل أبداً عن الوصول لتلك الأهداف السامية و المطامح العليا، و لا نستسلم مقابل الضغوط. طبعاً عندما تسيرون في درب يقف لكم فيه الأعداء بالمرصاد فإنهم سيخلقون لكم عقبات و موانع، لكن هذه الموانع يجب أن لا تصدكم عن المسير و عن مواصلة الحركة، لا نستسلم للضغوط، و لا نرضى بالوضع الموجود القائم، فإذا رضينا بالوضع الموجود الحالي ستكون النتيجة تراجعاً. لقد كررتُ دائماً بأنّ على الشباب السير نحو التقدم و التحرك صوب التحول الإيجابي. أنْ نقنع بالشيء الذي لدينا - كأن نصل إلى إنجاز و تقدم ما في المجال العلمي، و يكون ذلك موضع إعجاب و قبول العالم كله، فيعترفوا بأننا تقدمنا - إذا اكتفينا بهذا المقدار فسوف نبقى متخلفين و نتراجع إلى الوراء. لا، طريق التقدم لا ينتهي، و يجب السير حتى الوصول إلى المطامح العليا.
وقلنا إن المؤشر الثالث هو الالتزام بالاستقلال. هذا الاستقلال مهم جداً، الاستقلال الداخلي و الاستقلال الإقليمي و الاستقلال العالمي و الدولي. الحفاظ على استقلال البلاد و استقلال النظام الإسلامي في كل هذه الميادين.
معنى ذلك أن لا ننخدع في الحيز السياسي. العدو الذي يهدف إلى جرجرة الحكومات و الشعوب وراءه يستعين بأساليب مختلفة متنوعة. إنه لا يتحدث بلغة التهديد دوماً، لا، أحياناً يتحدثون بلغة التملق، و يكتبون للإنسان رسالة يقولون له فيها تعالوا معنا - مع أمريكا - لنعالج القضايا العالمية بمشاركة بعضنا. يتحدثون مع المرء بهذا الشكل، و هنا قد تعرض للإنسان وساوس بأن نذهب و نتعاون مع قوة عظمى لحل القضايا الدولية. هكذا يجري الكلام في أدبيات الرسائل الرسمية الدبلوماسية، لكن باطن القضية ليس هذا، باطن القضية أن لديه مخططه، و يقول لكم تعالوا و العبوا في مخططي و في الساحة التي رسمتها، و هو الذي يحدد نوع اللعبة. تعال و قم بهذا العمل ليتحقق ذلك الهدف الذي خطط هو له. حين لم نكن على استعداد للدخول في التحالف المسمّى بالأمريكي بخصوص قضايا المنطقة مثل قضية سورية و ما شابه قضية سورية - مع أنهم قالوا مراراً و تكراراً و طلبوا ذلك - فهذا هو السبب. لديهم مخططهم و قد رسموا بعض الأهداف و يريدون الوصول إليها، و يرغبون طبعاً بالاستفادة من قدرات و قوى و نفوذ أي بلد، بما في ذلك الجمهورية الإسلامية، فإذا أبدت الجمهورية الإسلامية السذاجة هنا و دخلت في اللعبة فمعنى ذلك أنها ستكمّل لهم جدولهم و مخططهم، و هذا بخلاف الاستقلال. هذا حسب الظاهر ليس بشيء تأتي فيه حكومة أو شخص ليحكم البلد لنقول إن استقلال البلد قد تداعى، لكنه على الضدّ من الاستقلال السياسي.
و الاستقلال الاقتصادي مهم، و لكن لأتحدث أولاً عن الجانب الثقافي، فالاستقلال الثقافي باعتقادي أهم من كل ذلك. الاستقلال الثقافي هو أن نختار الأسلوب الإسلامي - الإيراني أسلوباً للحياة. لقد تحدثت بالتفصيل عن أسلوب الحياة قبل سنتين أو ثلاث سنوات (11). يشمل أسلوب الحياة العمارة و الحياة المدينية و الحياة الإنسانية و العلاقات الاجتماعية وصولاً إلى كل القضايا و الأمور المتنوعة. تقليد الغرب و الأجنبي في أسلوب الحياة هو على الضد تماماً من الاستقلال الثقافي. نظام الهيمنة يعمل حالياً على هذه النقطة، فقضية هندسة المعلومات، و هذه الأدوات الجديدة التي ظهرت على الساحة، هذه كلها أدوات للسيطرة على ثقافة بلد من البلدان. إنني لا أروم القول من خلال هذا الكلام بأن علينا إقصاء هذه الأدوات من حياتنا، لا، فهي أدوات يمكن أن تكون مفيدة، و لكن ينبغي سلب هيمنة العدو من هذه الأدوات. لا يمكن من أجل أن يكون لكم على سبيل المثال إذاعة و تلفزيون أن تمنحوا إذاعتكم و تلفازكم للعدو فيكونا تحت تصرفه، و كذا الحال بالنسبة للأنترنت، و كذا الحال بالنسبة للفضاء الافتراضي، و كذا الحال بالنسبة للأجهزة المعلوماتية و أدوات المعلومات، لا يمكن إعطاء هذه الأشياء بيد العدو، و هي اليوم بيد العدو، و تمثل وسيلة و أداة للاختراق الثقافي، أداة لهيمنة العدو ثقافياً.
و الاستقلال الاقتصادي هو على نحو الاختصار عدم الذوبان في الهاضمة الاقتصادية للمجتمع العالمي. لاحظوا أنهم هم أنفسهم - الأمريكان - قالوا بعد المفاوضات النووية إن الاتفاق النووي يجب أن يؤدّي إلى إدغام الاقتصاد الإيراني في اقتصاد المجتمع العالمي، إدغام، ما معنى الإدغام؟ و ما هو اقتصاد المجتمع العالمي؟ هل اقتصاد المجتمع العالمي نظام عادل و منطقي و عقلائي؟ لا أبداً. الاقتصاد الذي يضع خطته المجتمع العالمي و تنتشر مظاهره المتنوعة في كل العالم عبارة عن خطة و نظام وضعه الرأسماليون، و غالبهم من الصهاينة، و بعضهم من غير الصهاينة، للاستيلاء على المصادر المالية في كل العالم. هذا هو نظام المجتمع العالمي و الاقتصاد العالمي. أن يدمج بلد اقتصاده في الاقتصاد العالمي فهذا ليس بفخر، بل هو خسارة و ضرر و هزيمة. و في الحظر أيضاً كان قصدهم هدفاً اقتصادياً، و حين فرضوا الحظر علينا، صرّح الأمريكان أن هذا الحظر هو من أجل شلّ الاقتصاد الإيراني. و قد أجريت الآن المفاوضات النووية و انتهت إلى نتائج معينة، و هنا أيضاً يرمون إلى هدف اقتصادي، بمعنى أن الاقتصاد من جملة أهدافهم، و هو ابتلاع الاقتصاد الإيراني من قبل الهاضمة الاقتصادية الدولية و العالمية التي تتزعمها أمريكا.
الاستقلال الاقتصادي لا يحصل إلّا بالاقتصاد المقاوم، و قد قلنا إن شعار هذا العام هو «الاقتصاد المقاوم، المبادرة و العمل». و لحسن الحظ فإن الحكومة المحترمة بدأت المبادرة و العمل، و طبقاً للتقرير الذي رفعوه لي تم إنجاز أعمال جيدة. و إذا استمرت هذه الحالة بنفس هذه القوة و الأسلوب، و تقدمت إلى الأمام فعلاً، فإن الشعب سيلمس آثارها يقيناً؛ الاقتصاد المقاوم. كل القرارات الاقتصادية الكبرى يجب أن تندرج ضمن الاقتصاد المقاوم. لنفترض أننا نعقد مع البلد الفلاني معاهدة تجارية أو صناعية، يجب أن يتضح أين موضع هذه الاتفاقية من الاقتصاد المقاوم. أنْ نتصور أن ازدهار اقتصاد البلاد يتحقق فقط عن طريق الاستثمارات الخارجية فهذا خطأ. الاستثمارات الخارجية طبعاً شيء جيد، لكنها تملأ مربع واحد من مربعات جدول الاقتصاد المقاوم. الأهم من الاستثمار الخارجي هو تفعيل الطاقات الداخلية الذاتية. لدينا الكثير من الإمكانيات و الطاقات الكامنة يجب تفعيلها. هذا أهم. و تلك أيضاً لازمة طبعاً إلى جانب هذا، لكنْ أنْ نحيل كل شيء لأنْ يأتي الأجانب و يستثمروا هنا، فلا. أحياناً يقال إنهم سيأتون بالتقنيات الجديدة، جيد جداً، لا بأس بذلك، نحن نوافق أن يأتوا بالتقنيات الجديدة، طبعاً إذا جاءوا بها! و إذا لم يأتوا بها فقد قلتُ إن شبابنا الذين تقدموا في مجال النانو و في ميدان الطاقة النووية، و في البنى التقنية المعقدة، و ارتقوا إلى أن يكونوا من ضمن البلدان الخمسة أو الستة أو العشرة الأولى في العالم، أفلا يستطيعون تحسين إنتاج آبار النفط؟ أو إصلاح مصافينا النفطية؟ أو إنجاز الأعمال في قطاعات أخرى نحتاجها و تستلزم تقنيات خارجية جديدة؟ طبعاً إذا انتقلت هذه التقنيات في معاملاتنا مع الأجانب فنحن نوافق هذا و لا نعارضه.
لاحظوا، يراهن محللو القضايا الاقتصادية و السياسية في العالم اليوم على الاقتصاد المقاوم في بلادنا، أي إن القضية مهمة و حساسة إلى هذه الدرجة. يراهن المحللون على هل أن هذا الاقتصاد المقاوم الذي تتحدث عنه إيران سينجح أم لا! الأمر مهم إلى هذا الحد. إذن، الاستقلال بهذا المعنى. كان هذا هو المؤشر الثالث الذي أشرتُ إليه.
أما المؤشر الرابع فهو التحسس حيال العدو. لنعرف العدو و لتكن لنا الحساسية حيال تحركات العدو. الذين كانوا في الجبهات خلال فترة الدفاع المقدس يعلمون أنه كان هناك في المقرات أفراد يتابعون بواسطة أفرادهم و مأموريهم أي تحرك صغير للعدو و يتحسسون منه. لنفترض أن العدو قام اليوم بهذا التغيير، فما هو سبب هذا التغيير و لماذا قام به العدو؟ يبحثون عن العلة. إنهم حساسون حيال تحركات العدو. لنعرف العدو و لنشخص مخططاته، و لنتحسس من أعماله و كلامه و تصريحاته، و لنعد المضادات مقابل السموم التي قد ينفثها، و نكون مستعدين لإحباط تحركاته. هذه هي الحساسية مقابل العدو.
طيب، ما هي الحالة المقابلة لهذه الحساسية؟ الحالة المقابلة هي أن ينكر البعض العدو أصلاً. حين نقول إن لنا عدواً يقولون: يا سيدي إنكم مصابون بتوهّم، توهم المؤامرة. نفس طرح توهم المؤامرة هذا هو برأينا مؤامرة، الغاية منها تقليل الحساسيات. يقولون: يا سيدي، ما العدو، و أيّ عدو؟ ينكرون أوضح الأشياء. نقول إن أمريكا عدوة الثورة، و نظام الهيمنة يستدعي أن يكون عدواً لنظام مثل نظام الجمهورية الإسلامية، و مصالحهما تتعارض 180 درجة، و نظام الهيمنة من أهل الخيانة و إشعال الحروب و إيجاد و تنظيم الجماعات الإرهابية و قمع الجماعات التحررية، و من أهل الضغط على المظلومين مثل فلسطين و غيرها، هذه هي طبيعة نظام الهيمنة. لاحظوا الآن أن أمريكا و بريطانيا منذ مائة عام و هم يمارسون الضغط على الشعب الفلسطيني - سواء قبل تأسيس الكيان الصهيوني سنة 1948 أو بعد ذلك و إلى اليوم - هذه هي تحركات نظام الهيمنة، و لا يمكن للإسلام أن يبقى ساكتاً مقابل هذا الشيء، لا يمكن للنظام الإسلامي أن يرى و يبقى عديم الاكتراث. نظام الهيمنة يساعد مباشرة البلد الذي يقصف الشعب اليمني - أمريكا تساعد بصراحة و بشكل مباشر على قصف اليمن - قصف أي مكان؟ هل هو قصف جبهات قتال؟ لا، إنه قصف مستشفيات و قصف أسواق و قصف مدارس و قصف ميادين عامة للناس، أمريكا تساعد في ذلك. النظام الإسلامي لا يمكنه أن لا يأبه لهذا الشيء. هذان النظامان عدوان و متعارضان ذاتياً. كيف يمكن إنكار هذا العداء؟ أطلقت أمريكا انقلاب الثامن و العشرين من مرداد في إيران و أسقطت الحكومة الوطنية، و هي تعادي الثورة منذ يومها الأول و لحد الآن. و في زمن الطاغوت أطلقت أمريكا جهاز السافاك الذي عذّب الناس و المناضلين. و في حرب الأعوام الثمانية ساعدت أمريكا عدونا بأقصى ما تستطيع، و قصفت أمريكا طائرتنا المدنية و أسقطتها، و قصفت أمريكا رصيفنا النفطي، و فرضت أمريكا علينا الحظر، أليس هذا عداء؟
أي فرد أو تيار يعمل للإسلام و باسم الإسلام إذا وثق بأمريكا يكون قد ارتكب خطأ كبيراً و سوف يتلقى صفعة، كما تلقوا صفعة. في غضون الأعوام القليلة الماضية تصادقت التيارات الإسلامية بسبب التفكير بالمصالح و بسبب العقل السياسي - و يسمون ذلك عقلاً - و بسبب التكتيك، حيث كانوا يقولون إن هذه تحركات تكتيكية، تصادقت مع الأمريكيين و وثقت بهم و تلقت صفعات ذلك، و تتحمل الآن مصائب ذلك. كل من يتحرك باسم الإسلام و باتجاه الإسلام، إذا اعتمد على أمريكا و وثق بها فقد ارتكب خطأ كبيراً. طبعاً لدينا الكثير من الأعداء الكبار و الصغار، لدينا أعداء صغار أيضاً، و لدينا أعداء تافهون، بيد أن معظم العداء يأتي من طرف أمريكا و من جانب بريطانيا الخبيثة - بريطانيا الخبيثة حقاً، سواء في الماضي، منذ بدايات النظام الطاغوتي و إلى فترة الثورة و بعد فترة بدء الثورة و انتصارها و إلى الآن، عادتنا بريطانيا دائماً، و الآن بمناسبة ذكرى رحيل الإمام الخميني نشر الجهاز الدعائي للحكومة البريطانية ما يسمّيه وثيقة ضد الإمام الخميني، ينشر وثيقة ضد الإمام الخميني الجليل، الإمام الطاهر المطهر، من أين جاءوا بالوثيقة؟ من الوثائق الأمريكية! طيب، أمريكا التي تسقط طائرة مدنية فيها نحو ثلاثمائة راكب، هل تتورع عن تزييف وثيقة؟ هكذا هو عداء البريطانيين - و من جانب الكيان الصهيوني المشؤوم، هؤلاء هم الأعداء الأصليون. ينبغي معرفة هذا العدو و التحلي بالحساسية مقابله، و حتى لو أعطونا وصفة اقتصادية فيجب التعامل معها بحذر، كما لو أن عدواً يعطي الإنسان دواء و يقول له تناول هذا الدواء ليشفيك من المرض الفلاني، فإنكم سوف تحتاطون و تحذرون، فمن الممكن أن يكون قد أودع هذا الدواء سمّاً. كذلك يجب التعامل بحذر مع الوصفات السياسية و الوصفات الاقتصادية للعدو، هذه هي الحساسية مقابل العدو. و عندما تكون هذه الحساسية موجودة فلن تكون التبعية، و قلنا إن عدم التبعية هي الجهاد الكبير. هذا عن المؤشر الرابع.
المؤشر الخامس و الأخير هو التقوى الدينية و السياسية، و هي غير التقوى الفردية التي تعد هي أيضاً ضرورية. لدينا تقوى فردية نجتنب بها أنا و أنتم المعاصي و نصون أنفسنا «قُوا اَنفُسَكم وَ اَهليكم نارًا وَقودُهَا النّاسُ وَ الحِجارَة» (12)، و نبعد أنفسنا عن نار الجحيم الإلهية و نار الغضب الإلهي، هذه هي التقوى الفردية. و التقوى الاجتماعية - التقوى الإسلامية الخاصة بالمجتمع - هي أن نسعى من أجل تحقيق الأشياء التي يطالبنا الإسلام بها؛ كل تلك المطامح التي قلنا إنها مطامح و أهداف إسلامية. أي إن القضية ليست فقط قضية حسابات عقلائية. حين قلنا يجب الالتزام بتلك المبادئ و ينبغي السعي من أجل العدالة الاجتماعية و دعم المحرومين و حماية المظلومين و مجابهة الظالم و المستكبر و عدم الخضوع له، فهذه كلها مطالبات إسلامية يريدها الإسلام منا. ليس الأمر مجرد حسابات عقلائية و إنسانية، بل هي تكاليف دينية. كل من يفصل هذه الأشياء عن الإسلام لم يعرف الإسلام. كل من يبعد الحيّز المعرفي للإسلام و المجال العملي للإسلام عن بيئة الحياة الاجتماعية و السياسية للناس فهو لم يعرف الإسلام بلا شك. يقول لنا القرآن الكريم: «اُعبُدُوا اللهَ وَ اجتَنِبُوا الطّاغوت» (13)، عبودية الله معناها التسليم أمام الله و اجتناب الطاغوت. و يقول في آية أخرى: «اَلَّذينَ ءامَنوا يقاتِلونَ في سَبيلِ اللهِ وَ الَّذينَ كفَرُوا يقاتِلونَ في سَبيلِ الطّاغوتِ فَقاتِلُوا اَولِيآءَ الشَّيطٰانِ اِنَّ كيدَ الشَّيطٰانِ كانَ ضَعيفًا» (14)، هذه أوامر القرآن. حين ندعو أنفسنا و شعبنا و شبابنا و مسؤولينا للشعور بالمسؤولية حيال هذه الكلمات فهذا غير نابع من توصية عقلائية فقط، أو توصية سياسية، بل هي مطالبة دينية، و مراعاتها تمثل تقوى دينية. هذه تقوى دينية و التقوى السياسية مدرجة داخل هذه التقوى الدينية. إذا تحققت هذه التقوى الدينية فسوف تستصحب معها التقوى السياسية. التقوى السياسية تعني اجتناب المرء المزالق التي يمكن للعدو أن يستفيد منها.
و أقدّم بعض التوصيات في ختام الكلام. في خارطة الطريق التي عرضناها الآن، يمثل الإمام الخميني نموذجاً، الإمام الخميني هو النموذج، و هو للإنصاف نموذج كامل. في كل هذه المؤشرات يقف الإمام الخميني في المستوى الأعلى. لقد عاشرنا الإمام الخميني و رافقناه لسنين طويلة بأشكال مختلفة، سواء عندما كان يدرّس في قم، أو عندما كان منفياً في النجف، أو عندما كان على رأس الحكم و في قمة اعتباره السياسي الدولي. شاهدنا الإمام الخميني في كل هذه الحالات، و للإنصاف فقد كان في المرتبة الأعلى من زاوية كل هذه المؤشرات التي ذكرناها. اهتموا بأقوال الإمام الخميني و أفعاله. ليقرأ شبابنا الأعزاء صحيفة الإمام الخميني هذه و ليأنسوا بها، و ليقرأوا وصية الإمام الخميني و ليأنسوا بها و يتعمقوا فيها. هذه هي التوصية الأولى.
و التوصية الثانية هي أننا حصلنا على تجربة في المفاوضات النووية، و يجب أن لا ننسى هذه التجربة. التجربة هي أننا حتى لو تنازلنا فإن أمريكا لن تقلع عن دورها المخرّب. هذا ما جرّبناه في المفاوضات النووية. جلسنا مع مجموعة 5 + 1 ، بل و تفاوضنا مع أمريكا بصورة منفصلة من أجل القضية النووية، و وصل أخوتنا و ناشطونا الدؤوبون إلى نقاط مشتركة و نتائج معينة، و تعهد الطرف الآخر و هو أمريكا بأمور معينة، و أنجزت الجمهورية الإسلامية التزاماتها، لكن الطرف الآخر السيّئ العهد المخلف الميعاد السيّئ التعامل أخلف و انقلب، لقد انقلب لحد الآن. طيب، هذه تجربة، صارت هذه تجربة. و الكثيرون كانوا قبل هذه التجربة يعلمون هذا لكن البعض لم يكونوا يعلمون، فليعلموه الآن: في أي مجال آخر تتناقشون و تتجادلون مع أمريكا و تتنازلون و تتراجعون فإنها ستحتفظ بدورها المخرب، و على كافة الصعد: في قضية حقوق الإنسان، و في قضية الصواريخ، و في قضية الإرهاب، و في قضية لبنان، و في موضوع فلسطين، في أية قضية نفترض أنكم - و هذا مستحيل طبعاً - تتنازلون عن أصولكم و بمبادئكم و تغضون الطرف عنها، اعلموا أنها لن تتنازل، تدخل الساحة بداية باللسان و الابتسامات و المجاملات ثم على المستوى العملي و فيما يتعلق بالشيء الذي ينبغي أن تقوم به سوف تخلف العهود و لا تنجز التزاماتها. أصبحت هذه تجربة لشعب إيران، فاغتنموا هذه التجربة. هذه هي التوصية الثانية.
انتبهوا، انتبهوا، انتبهوا للتوصية الثالثة و عندها قد تعيدون النظر قدراً ما في هذه الشعارات (15). التوصية الثالثة هي عدم إفساد الاتحاد بين الحكومة و الشعب. قد ترتاحون لإحدى الحكومات و لا ترتاحون لحكومة أخرى، و شخص آخر قد لا يرتاح لتلك الحكومة و يرتاح لهذه الحكومة، هذا شيء ممكن، و لا إشكال فيه. التنافسات الانتخابية في محلها، و الاختلاف في وجهات النظر في محلها، و حتى النقود و تسجيل المؤاخذات في محلها، و لكن يجب أن تكون الحكومة و الشعب إلى جانب بعضهما، بمعنى أنه إذا وقع حدث في هذا البلد يمثل تهديداً له فعلى الحكومة و الشعب أن يتحركا متكاتفين. يجب أن لا يحدث نقار و كدر، حافظوا على اتحاد الحكومة و الشعب. هذه إحدى توصياتي في خصوص كل الحكومات. بالنسبة لكل الحكومات التي جاءت بعد رحيل الإمام الخميني، حيث توليتُ المسؤولية، كانت هذه توصيتي، مع أن الحكومات كانت لها سياسات مختلفة و توجهات مختلفة، إلّا أن الشعب يجب أن يواكب الحكومة و يحافظ على اتحاده معها، و هذا لا يتعارض مع النقد أو الكلام أو المطالبة. لا إشكال في هذه الممارسات، و التنافسات الانتخابية في محلها. كما أن السلطات الثلاث يجب أن تكون متحدة مع بعضها - الحكومة و مجلس الشورى و السلطة القضائية - و هذا أيضاً لا يتعارض مع أن ينهض مجلس الشورى بواجباته حيال الحكومة، و يعمل بواجباته في دستور البلاد، فيسأل و يطالب و يريد و يضع القوانين و يستوضح و ما إلى ذلك. لكن السلطات يجب أن تكون متواكبة و مع بعضها، و ينبغي أن تقف تحت مظلة واحدة في الشؤون الأساسية للبلاد، الكل، و كذا الحال بالنسبة للقوات المسلحة، و كذا الحال بالنسبة لكل أبناء الشعب. إذن، هذه توصيتنا الثالثة: لا تسمحوا للمشاعر الشخصية أو المشاعر الفئوية أو مطلق المشاعر أن تتغلب على المنطق. المنطق هو أن العدو عندما ينظر من بعيد يجب أن يرى هذا البلد متلاحماً. أن يطلق كلام يستفاد منه وجود تيارين و جهتين و خصام و قطبين في داخل الشعب أو في مجموعة النظام فهذا في ضرر البلاد.
التوصية الرابعة هي أن مواجهة أمريكا مواجهة لجبهة. هناك جبهة تقف أمريكا في قطبها و مركزها، لكن امتداداتها تمتد إلى إماكن مختلفة، و قد تمتد أحياناً حتى إلى داخل البلاد، فلا تغفلوا. الحذر من التحركات و الأعمال الخصامية لأمريكا معناه الحذر من كل هذه الجبهة. اعلموا أن العداء ليس من جانب الجهاز الأمني الأمريكي فقط، ففي بعض الأحيان لهذا الجهاز الأمني أصابع و أياد تعبّر عن نفسها على شكل حكومات في المنطقة أو بشكل آخر.
و التوصية الخامسة هي أن الخطوط الفاصلة عن العدو ينبغي أن تؤخذ بنظر الاعتبار و تبرز. لا تسمحوا للخطوط الفاصلة عن العدو الذي يعادي الثورة و النظام و الإمام الخميني أن تبهت و تنمحي. بعض التيارات في داخل بلادنا غفلت عن هذه النقطة فلم تحافظ على خطوطها الحدودية مع العدو، فضعفت خطوطها و بهتت، و هي كالخطوط الحدودية للبلاد، فإذا لم يكن هناك خط حدودي قد يدخل شخص من الطرف الآخر بالخطأ إلى هذا الطرف، و قد يخرج من هذا الطرف شخص بالخطأ إلى ذلك الطرف. حافظوا على الخطوط الحدودية.
التوصية السادسة و الأخيرة هي ثقوا و اطمئنوا بالوعد الإلهي «اِن تَنصُرُوا اللهَ ينصُركم» (16). أيها الشعب العزيز، أيها الشباب الأعزاء، اعلموا أنكم أنتم المنتصرون على الرغم من أنف العدو.
اللهم احشر إمامنا الخميني العزيز مع أوليائه. اللهم احشر شهداءنا الأعزاء مع شهداء صدر الإسلام. اللهم اهد و أيّد و اعصم خدام هذا البلد في كل مكان و بأيّ زيّ و شكل كانوا. ربنا أرض عنا و أفرح بنا القلب المقدس لسيدنا ولي العصر المهدي المنتظر، و اجعلنا من المشمولين بأدعيته. ربنا اجعل أقوالنا و أفعالنا لك و في سبيلك، و تقبلها منا بكرمك. اللهم بمحمد و آل محمد أحينا على هذا الصراط و أمتنا على هذا الصراط.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الهوامش:
1 - إقبال الأعمال، ص 687 ، المناجاة الشعبانية.
2 - م ن.
3 - سورة التوبة، شطر من الآية 61 .
4 - سورة القلم، الآية 4 .
5 - سورة آل عمران، شطر من الآية 159 .
6 - شعارات الحضور و دعوة الإمام الخامنئي للتنبّه إلى الخطبة.
7 - سورة آل عمران، الآية 173 .
8 - من ذلك كلمته في لقائه برئيس و أعضاء مجلس خبراء القيادة بتاريخ 26/05/2016 م .
9 - سورة هود، جزء من الآية 112 .
10 - سورة فصلت، شطر من الآية 30 .
11 - من ذلك كلمته في تجمع كبير لشباب محافظة خراسان الشمالية بتاريخ 14/10/2012 م .
12 - سورة التحريم، شطر من الآية 6 .
13 - سورة النحل، شطر من الآية 36 .
14 - سورة النساء، الآية 76 .
15 - شعارات الحضور و تأكيد الإمام الخامنئي على التنبّه للتوصية الثالثة.
16 - سورة محمد، شطر من الآية 7 .