خلال الحوار الذي أجريناه معه تحدث الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي في لبنان سماحة الشيخ بلال سعيد شعبان عن خطر السياسة التي تتبناها السعودية اليوم ومخالفتها شرع الله جلَّ وعلا من خلال منعها حجاج بعض الدول الإسلامية من أداء فريضة الحج. كما أشاد سماحته بنداء الإمام الخامنئي في هذه الفترة الزمنية الحساسة ووصف دعوة الإمام الخامنئي للوحدة بالدعوة القرآنية التي تحفظ البلاد والعباد.

وفي ما يلي النص الكامل للحوار الذي أجراه موقع Khamenei.ir  مع سماحة الشيخ بلال سعيد شعبان.

 

  • وجه قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي يوم الاثنين الفائت نداءً لمسلمي العالم بمناسبة بدء موسم الحج لهذا العام، خلال هذا النداء حذر السيد الخامنئي من سياسات الحكومة السعودية التي تسببت بزرع الفتن والمشكلات في قلب العالم الإسلامي وإراقة دماء الأبرياء؛ تماشياً مع إرادة الشيطان الأكبر –أمريكا-. برأي سماحتكم لماذا تقوم الإدارة السعودية بتبني هذه السياسات؟ وما هو واجب علماء الأمة إزاءها؟

بسم الله الرحمن الرحيم

ما يجري في المنطقة منذ اندحار الصهاينة في 25 أيار 2000م. من جنوب لبنان على يد المقاومة الإسلامية هي حروب بديلة عن الحرب مع الكيان الغاصب الذي شعر أن وجوده بات في خطر مع تصاعد مشاريع المقاومة الممتدة من لبنان إلى فلسطين إلى سائر المنطقة. لذلك كان لا بد من أن تُصطنع الحروب من أجل التخفيف عن الكيان الصهيوني الغاصب فكانت الحروب الداخلية "العرقية والقومية المذهبية ...."وتحديداً في بلاد المقاومة لتشتيتها من أجل أن تنزلق في سلسلة حروب داخلية تشغلها عن العدو الأساس الكيان الصهيوني الغاصب.

كيف لمفتي السعودية أن يأتي اليوم بفتوى سياسية غير شرعية فيستخدم لغة التكفير ضد مكون أساسي من مكونات الأمة لأهداف فتنوية تزيد الشرخ بين مكوناتنا وتزرع الفتنة بين مذاهبنا

ومن ضمن هذه الحروب الفتاوى التكفيرية التي تخرج مكونات كبرى من هذه الأمة خارج دائرة الإسلام كما صرح مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وهذا غير جائز شرعاً لأنه لا يجوز تكفير أحد من أهل القبلة ممن يقول لا إله إلا الله من جهة ومن جهة أخرى لقد أعلن العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز في افتتاح القمة الإسلامية الاستثنائية في مكة المكرمة عام 2012م. عن إنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية في مكة المكرمة من أجل إنهاء التشنّج المذهبي الذي يسود في كثير من الدول الإسلامية.
ويضم المركز ممثلين عن المذاهب الإسلامية الأربعة لأهل السنة "الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي" إضافة إلى المذهب الاثنى عشري والزيدية والإباضية كل تلك المذاهب التي اعتبرها معدن الدين والإسلام وكانت غايته من ذلك هو التقريب بين السنّة والشيعة وتخفيف الاحتقان في بؤر التشنّج بين أبناء الأمة الواحدة.

فكيف لمفتي السعودية أن يأتي اليوم بفتوى سياسية غير شرعية فيستخدم لغة التكفير ضد مكون أساسي من مكونات الأمة لأهداف فتنوية تزيد الشرخ بين مكوناتنا وتزرع الفتنة بين مذاهبنا.

  • يقول الله عزَّ وجلَّ في محكم آياته: "إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ۚ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" قامت الحكومة السعودية هذا العام عبر سياساتها بالصد عن سبيل الله ومنع الحجاج الإيرانيين واليمنيين من أداء مناسك الحج..كما أنها وللعام الخامس على التوالي تمنع الحجاج السوريين من أداء هذه الفريضة. ألا ينطبق معنى الآية الكريمة على ما تقوم به السعودية هذه الأيام؟ وكيف يمكن للحكومة السعودية أن تبرر ما تقوم به إزاء شعوب هذه البلدان؟

الكعبة بيت الله العتيق وهي قبلة ومهوى أفئدة وقلوب المسلمين جميعاً على امتداد الأجيال ولا يحق لأحد منع مسلم من زيارته وأداء فريضة الحج فيه فذلك يُعرِّض صاحبه للوعيد القرآني الوارد في الآية الكريمة السالفة.

ونحن كشعوب قد نختلف في سياساتنا وموقفنا ولكن رغم ذلك لا يخرج ذلك أحد منا من دائرة الإسلام ما دام موحداً لله ومقيماً لأركانه، كما لا يجوز لأحد أن يمنع مسلماً من أداء فرائضه وعلى رأسها فريضة الحج وقد قال تعالى: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" كما قال: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ".

وعلى الجمهورية الإسلامية والمملكة العربية السعودية العمل على انشاء لجنة تحقيق مشتركة لتحديد المسؤوليات في فاجعة منى والتي ذهب ضحيتها الآلاف من الحجاج الآمنين.

محاولة بعض علماء السوء وتجار الإعلام تجميل الموت بحادثة الرافعة أو بتزاحم منى ... لن يدفعنا إلى شكر وتقبيل يد الفاعل أو المقصر في مسؤوليته

وطلب معرفة ما جرى ليس جريمة ولا ينتقص من سيادة الدول بل يزيل الحرج ويحدد المسؤوليات في تلك الفاجعة.

ومحاولة بعض علماء السوء وتجار الإعلام تجميل الموت بحادثة الرافعة أو بتزاحم منى على أساس المباركة والتهنئة لمن مات هناك دهساً ودوساً وعطشاً وإهمالاً بدعوى أنه مات في البلد الحرام والشهر الحرام فهنيئاً له الجنان غير جائز ولن يدفعنا إلى شكر وتقبيل يد الفاعل أو المقصر في مسؤوليته لأنه كان وسيلة خير لإيصال أبنائنا الشهداء هناك إلى الجنان والرضوان.

المسؤولية مسؤولية وعلى من تسبب بها أن يعلن عن مسؤوليته وليس مطلوباً أكثر من الاعتذار من أهل الشهداء والتعاون لعدم حصول مثل ذلك مستقبلاً.

  • دعا السيد الخامنئي للتفكير بحل لإدارة موسم الحج وللحرمين الشريفين وحذر سماحته الشعوب والحكومات الإسلامية من مغبة إهمال هذا الأمر على كل العالم الإسلامي، في زمن صمتت فيه معظم الحكومات الإسلامية وغضت الطرف عن ما يحدث ما هو واجب الشعوب المسلمة وخصوصاً الشباب تجاه هذا الأمر؟

إن إدارة الحج وشعائره مسؤولية كبرى ومعقدة وتحتاج إلى تضافر جهود جميع المسلمين لعدة أسباب منها العدد الهائل للحجيج الذين يتوافدون ويتدفقون ويفيضون بساعة واحدة من مكان إلى مكان، وهذا الكم الإنساني الهائل متنوعٌ قومياً ولغوياً ومذهبياً وحتى على مستوى العادات والتقاليد وذلك بكل بساطة يقتضي تعاون جميع الدول عبر غرفة عمليات مشتركة تضم ممثلين عن مختلف الدول وخاصة تلك التي تمتلك الكمية الكبرى من الحجيج وضيوف الرحمن لتتمكن من مخاطبتهم بلغتهم وتوجيههم وتفويجهم بما يضمن سلامتهم الشخصية والعبادية.

لأنه لا يجوز في القرن الواحد والعشرين أن تحدث أخطاء تودي بحياة الآلاف من الحجيج الوافدين إلى الحرم الآمن، قد يقول قائل هناك حشدٌ مليوني ونقول هناك عواصم إسلامية مثل القاهرة واسطنبول وعالمية كبكين ونيودلهي يفد إليها الملايين يومياً وليس مرة في السنة ولا يحدث فيها حوادث تودي بحياة الألوف فكيف يحصل مثل هذه الأحداث والفواجع في أرضٍ رحبةٍ واسعةٍ ممتدة !! غير مأهولة !! وعلى من تقع المسؤولية ؟؟.

عندما تكون إدارة التفويج والمشاعر مشتركة بين ممثلي بعثات الحج فآن ذاك تكون المسؤولية في النجاح أو الفشل مشتركة، وهذا برأيي أفضل للجميع .

  • أشار السيد الخامنئي في ندائه إلى بدء السعودية محاولات تطبيع علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي الغاصب بشكل علني فضلاً عن علاقاتها الإستراتيجية مع مستكبري العالم وعلى رأسهم أمريكا. أين العالم الإسلامي من كل ما يحدث ولماذا اختارت معظم الحكومات الإسلامية الصمت حيال ما تراه من انحراف كبير في السياسات السعودية؟

اليهود هم أعداء الأمة بنص كتاب الله القائل :"لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا". لذلك لا يجوز التقرب منهم والمسارعة فيهم وكل علاقة أو تطبيع معهم محرم شرعاً، لذلك يجب على الدول محاسبة كل من يحاول خرق هذه القواعد القرآنية في العلاقات مع أعداء الأمة المحتلين والغاصبين لمسرى رسول الله محمد ومهد عيسى عليهم الصلاة والسلام.

أمريكا لا تتخذ حلفاء وأصدقاء وإنما أجراء وعملاء تستغلهم وتخوفهم وتبتزهم بدعوى حمايتهم وحماية الاستقرار العالمي ظاهراً

وإدارة الشر الأمريكي لا تبني علاقتها مع الدول على أساس التحالف والشراكة، أمريكا لا تتخذ حلفاء وأصدقاء وإنما أجراء وعملاء تستغلهم وتخوفهم وتبتزهم بدعوى حمايتهم وحماية الاستقرار العالمي ظاهراً ولكن الحقيقة هي ابتزازٌ وبلطجةٌ وسرقةٌ عالميةٌ لثرواتنا عمرها سنوات .

وعلى السعودية وكل دول الخليج أن تبحث عن تحالفات إقليمية مع دول الجوار وخاصة إيران وباكستان والعراق وسائر الدول لتأمين أمن الخليج وإزالة الخوف والتخويف المصطنع فذلك أقل تكلفة من الحماية بالإيجار من قِبَل الأساطيل والدول التي نهبت ثرواتنا بحجة حماية أمن الخليج والأمن العالمي.

  • كيف تلقيتم نداء قائد الثورة الإسلامية بمناسبة موسم الحج هذا العام؟ وما هو رأيكم بدعوة سماحته الحكومات والشعوب الإسلامية إلى الالتفات ومواجهة خطر السياسات السعودية؟

إن سياسات التفرقة والاختلاف وزرع الشقاق والاختلاف وسياسات "فرق تسد" لا تحفظ سلطة ولا تبقي عرشاً ما يحفظ كل ذلك سياسة "عدلت فأمنت فنمت" العدل أساس الملك

لذلك كانت دعوة سماحة السيد القائد إلى وحدة الأمة ومواجهة أخطار الشرذمة والتقسيم دعوة في الصميم، وأساساً هي دعوةٌ قرآنية تحفظ البلاد والعباد.