وفيما يلي النص الكامل للمقابلة الحصرية التي أجراها موقع Khamenei.ir مع النائب نبيل نقولا:
ما المفصل الأساسي الذي مكنكم من الوصول إلى نهاية إيجابية بملف الرئاسة اللبنانية بعد شهور إن لم نقل سنوات من الخلاف؟
بالطبع السبب الأساسي لوصولنا إلى هذه النقطة هو إغلاق كل الأبواب على الخيارات الأخرى بسبب وجود بعض الفرقاء الذين راهنوا على الخارج وعلى كل ما حصل ويحصل في المنطقة من أجل محاولة تحسين شروطهم، ولكن عندما تأكدوا من أن الأوضاع في المنطقة ذاهبة بعكس ما يتمنون، وجدوا أنفسهم مضطرين لقبول طرح وصول العماد ميشال عون للرئاسة لأنه لم يعد لديهم أي حل آخر. رأيناهم يعودون إلى الخيار الذي طرحه فريقنا منذ 3 سنوات مضت وهو الطرح الأمثل لإجماع اللبنانيين لأن طريق التحدي والإتكال على الخارج أو على دول أخرى إقليمية تبين أنه لم يعطِ النتيجة المطلوبة. لذلك أعتقد أن الاقتناع الذي وصل إليه خصومنا السياسيون في لبنان أن الحل الأمثل هو انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية. أما المفصل الأساسي الفعلي لإنتخاب العماد عون رئيساً للبلاد هي بدون منازع التغيرات الإقليمية. عندما رأى الفرقاء في لبنان أن الرياح لا تجري بما تشتهي سفنهم سارعوا إلى تغيير خطة عملهم من أجل الخروج من الأزمة الحالية في البلاد مع إمكانية إعادة تغيير خطهم لاحقاً. فالمتغيرات الإقليمية من الأحداث في سوريا عموماً وحلب خصوصاً والأحداث في العراق وتحديداً في الموصل أجبرت الفرقاء على الخضوع للأمر الواقع وانتخاب العماد عون.
بعد وصول العماد عون إلى سدة الرئاسة، هل ترون أن حلفاءكم الحاليين المتمثلون بحزب الله يضعونكم في موقف محرج ربما بما يتعلق بقتالهم ضد التكفيريين في سوريا وما تأثير ذلك بالمتغيرات المحتملة على الساحة اللبنانية؟
لا تشكيك بما قام به حزب الله و ما يمكن أن يقوم به لاحقاً
بالنسبة لنا في التيار الوطني الحر، رغم كل الكلام في الصحف والتسريبات التي حصلت أستطيع هنا أن أجزم ما يفكر به العماد عون حيث أنه لم يشكك يوماً ما بنوايا حزب الله تجاه الجنرال شخصياً أو تجاه القضية اللبنانية التي يؤمن بها العماد عون. لذلك هذا الموضوع لم يعد موضوع بحث بعد اليوم. لا تشكيك بما قام به حزب الله و ما يمكن أن يقوم به لاحقاً حزب الله.
كيف ترون العهد الجديد في لبنان في خضم الإنقسامات العمودية بين الأطراف السياسية المتناحرة داخل لبنان خصوصاً فيما يتعلق بالملفات الإستراتيجية مثل سلاح المقاومة ومكافحة الإرهاب؟
أعتقد أن خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس ميشال عون كان واضحاً بما يتعلق بتقوية الجيش اللبناني حتى يستطيع حماية الحدود اللبنانية، و لكن وأيضاً ضمن خطاب القسم كان هناك كلام محافظة على المقاومة ضد إسرائيل وضد الإرهاب مما يعني أن لا تغيير بموضوع سلاح المقاومة. طالما هناك إرهاب موجود ويهدد البلد وطالما أن إسرائيل موجودة وتهددنا كل يوم فالمقاومة باقية ومستمرة.
طالما هناك إرهاب موجود ويهدد البلد وطالما أن إسرائيل موجودة وتهددنا كل يوم فالمقاومة باقية ومستمرة
أولاً لا أحد يستطيع أن يمنع إنساناً من المقاومة والدفاع عن النفس. لا يوجد أي قانون دولي يمنعنا من الدفاع عن أنفسنا. لذلك طالما التهديد موجود فإن المقاومة حتماً موجودة لا يهم إن وجدت بشكل واضح أو بشكل سري، المهم أن تكون موجودة. الرئيس عون قال إننا مع الفقرة 8 من معاهدة جامعة الدول العربية حيث تنص على منع أي دولة من التدخل بشؤون دولة أخرى. ثانياً المقاومة هي حق، ومن حق الشعوب الدفاع عن نفسها لذلك نحن من حقنا الدفاع عن أنفسنا وعندما تقف الإعتداءات ضدنا حينها لكل حادث حديث.
البعض في لبنان يعتبر مقاومة اسرائيل مختلفة عن مقاومة التيار التكفيري وينتقد حرب حزب الله ضد التكفيريين. كيف تردون على ذلك؟
لا يوجد فرق على الإطلاق بين التكفيريين وإسرائيل. الإثنين هما عملة واحدة ذات وجهين. ذلك لأن إسرائيل تهدد وجودنا كلبنانيين والتكفيري أيضاَ يهدد وجودنا. ما الفرق بين جهة تهدد وجودنا بالسيف وجهة أخرى تهدد وجودنا بالمدفع؟ لا فرق على الإطلاق.
إذا ما تحدثنا عن إرتدادات العهد الرئاسي الجديد في لبنان على دول المنطقة، ما هي الرسالة التي وجهت للمملكة العربية السعودية إثر إنتخاب العماد ميشال عون رئيساَ للجمهورية اللبنانية وهو المرشح الأول لحزب الله؟
السعودية اليوم بوضع لا تحسد عليه وأعتقد أنه بالنسبة للسعودية موقفها من العهد الجديد هو بمثابة تخفيف للضغط عن المملكة كنتيجة لما يحصل في المنطقة ككل. اليوم السعودية مثقلة بمشاكل اليمن والحرب على الشعب اليمني مع العلم أنه لم يكن هناك من ضرورة لهذه الحرب منذ البداية. السعودية اليوم أيضاَ لديها مشاكل إقتصادية جمة ومشاكل مع دول إقليمية أيضاَ مثل تركيا وغيرها وهي اليوم ليست بموقع يسمح لها أن تؤثر فعلياَ في الإستحقاق الداخلي اللبناني. لذلك كان أفضل خيار للسعودية في الوقت الراهن تهدئة الوضع الداخلي في لبنان إلى أن تتحسن أمورها الداخلية والإقليمية. وهذا كان واضحاً من تصريحات المملكة حيث كانوا يقولون في الآونة الأخيرة أن السعودية لا تريد التدخل في الشأن الداخلي اللبناني مع العلم أنه عندما رشح العماد عون للرئاسة كانت المملكة ضد الترشيح وبشكل علني.
الحلف القائم بين المقاومة المتمثلة بحزب الله والعماد ميشال عون الذي هو مقاوم بحد ذاته، أجبر البقية على الرضوخ للأمر الواقع
ولكن التغييرات الميدانية والسياسة على الأرض سيّرت السعودية تلقائياَ إلى تغيير موقفها. الآن السعودية ليست فقط بموقف عدم التدخل، بل أيضاَ وصلت إلى مرحلة تقول فيها أنه على رئيس تيار المستقبل سعد الحريري أن يتحمّل مسؤولية أعماله وفي نهاية المطاف قامت المملكة بإرسال مندوب من السفارة السعودية في لبنان لحضور جلسة إنتخاب الرئيس. تبدل موقف السعودية هذا هو حتماً نتيجة للمعطيات والمتغيرات على الأرض وغير ذلك هو مجرد كلام. وأكثر من ذلك إن الحلف القائم بين المقاومة المتمثلة بحزب الله والعماد ميشال عون الذي هو مقاوم بحد ذاته، أجبر البقية على الرضوخ للأمر الواقع لأن الإنتظار أكثر كان سيكلف الفرقاء اللبنانيين الكثير.
هل عدم استطاعة السعودية التأثير على لبنان الصغير نسبياً مقارنة مع باقي الدول المجاورة هو نذير لتراجعات سعودية أخرى في دول إقليمية أخرى؟
لا نستطيع أن نتعامل مع لبنان بحسب حجمه الجغرافي، بل يجب التعاطي مع لبنان بحجم قوته الفعلية على الأرض، فقبل عام 2000 كان لبنان يعتبر الحلقة الأضعف في المنطقة، ولكن بعد تحرير جنوب لبنان عام 2000 من الإحتلال الإسرائيلي دون قيد أو شرط وبعدها خسارة إسرائيل الفادحة في حرب 2006، لم يعد لبنان ضعيفاً و محصوراَ بمساحته الجغرافية. فلبنان هو الدولة الوحيدة التي كسرت إسرائيل. ونعلم تماماَ كيف أن إسرائيل كانت تهدد كل الدول العربية. فإسرائيل كانت وما زالت تدخل الأجواء السعودية بطائراتها الحربية دون حسيب أو رقيب وحتى أنها استهدفت مفاعل نووي في العراق في وقت مضى، ولكن لبنان كان وما زال نقطة إرتكاز لتحويل ضعفه إلى قوة تأثير لا يستهان بها على كل سياسة المنطقة. لبنان اليوم يمثل كرامة وشرف العرب ككل. لبنان أبطل مقولة لبنان قوته في ضعفه و أصبح لبنان قوته بقوة مقاومته.
سأعود بكم بالزمن 25 عاماً إلى نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، ماذا كنتم تنتظرون من لبنان منذ 25 عاماً وأين أنتم من رؤيتكم للبنان بعد كل هذه السنوات؟
بكل تأكيد لقد كنا ننتظر أن يكون لبنان دولة قوية، أما أن تسألينني ما إذا كنا ننتظر أن نحقق هذا الحلم وهو حلم رئاسة الجمهورية، أقول لك أنه كان حلماً بالفعل. أنا أذكر أنني كبرت في بيت مقاوم لم نولد وفي فمنا ملعقة من ذهب، وكان دائماً لدينا إيمان بأن لبنان رغم حجمه الجغرافي الصغير هو بلدٌ قويٌ بقوّة إنسانه الذي فتت الصخر وزرع شجرة التفاح مكانه. اللبناني متعلق بأرضه وهذا ما مكّنه من الإنتصار والوصول إلى مبتغاه.
لولا تحرير الـ 2000 وانتصار الـ 2006 أقولها وبكل إقتناع أننا كنا بلبنان لا زال يتملكنا الخوف
لذلك كنا في التيار الوطني الحر نتوق للوصول في لبنان ولكن لم تكن لدينا المواد المطلوبة لنتكئ عليها للوصول. ولكن في النهاية تحقق هذا الحلم بإرادة الشعب، لأنه لولا تحرير الـ 2000 وانتصار الـ 2006 أقولها وبكل إقتناع أننا كنا بلبنان لا زال يتملكنا الخوف. اليوم نرى كل اللبنانيين منزوعين من الخوف. فلننظر ونتعلم من المواطن الجنوبي الذي يكمل حياته ويبني بيته على السياج الشائك مع فلسطين المحتلة وحتى المناطق المحررة أصبحت أكثر إنتعاشاَ من الداخل اللبناني.
ما الذي عزز توافق وتفاهم مثل ذلك التوافق الموقع بين التيار الوطني الحر المسيحي وحزب الله الإسلامي في بلد مثل لبنان أنهك بحرب أهلية دمرته؟
لطالما كان اللبناني المسيحي منفتحاً على الجميع فترينهم منتشرون في أغلب الدول العربية وحتى في لبنان هم موجودون بين جميع الطوائف في مختلف المناطق اللبنانية بإختلاف طوائفها، وما حصل مع التيار الوطني الحر أنه وجد في حزب الله طرفاً منفتحاً مثله تماماً ويتوق إلى مزيد من الإنفتاح، ولديه الإرادة نفسها للنهوض بلبنان ومتعلّق بأرضه تماماً، فحزب الله والتيار الوطني ينتميان ثقافياً للأرض وللطبيعة وللمزارع، وبما أن الإثنين ينتميان للأرض فمن الطبيعي أن يتفقا على حماية الأرض. من الناحية الإنسانية كان ذلك أساس التفاهم والتحالف بين الفريقين.
قوّة المكنة الإسرائيلية لا يمكن أن تنتصر على الإنسان اللبناني وإنسان مقاوم في حزب الله
وفيما بعد أتى الطموح إلى القوّة، والشموخ بفخر بإنجازات شعبنا ومقاومتنا، أنا أذكر تماماً في حرب تموز كثيرون حذّروا العماد عون من إمكانية خسارة حزب الله في حربه ضد العدوان الإسرائيلي الذي يمتلك طيراناً حربياً متطوراً، ولكن العماد عون كان يرد قائلاً : "ما بعمرها الطيارة غرزت علم" وقوّة المكنة الإسرائيلية لا يمكن أن تنتصر على الإنسان اللبناني وإنسان مقاوم في حزب الله. لذلك أعتقد أن هذه الإرادة وهذا التفكير وهذه النظرة للإنسان هي التي دفعت بنا إلى أن نلتقي و نتفاهم ونتحالف أكثر من أي سبب آخر.
نهايةً ماذا تقدّرون سوف تكون نتيجة إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية على محور المقاومة في المنطقة كلها وفي سوريا بالأخص؟
بالنسبة للمقاومة اليوم واجبنا أن نقف معها لتشعر بأنها الأقوى ضد كل المحن، لأنه على رأس هرم الدولة اللبنانية لن نسمح لأحد أن يطعنها بظهرها. و تثبيتاً لما قاله سيد المقاومة السيد حسن نصرالله، واجبنا أن نطمئن مقاتلينا في الجبهة على أهلهم في لبنان لأن المقاتل حين يكون مطمئناً على أهله وأرضه يقاتل بروحية أعلى.
نحن كما العماد عون نرى المقاومة كرامة لبنان وكرامة اللبنانيين
لذلك اليوم على وجه الخصوص يجب أن نساعد المقاومة لكي تطمئن بأن ظهرها محمي من شعبها وحلفائها وهذا الموضع بالنسبة للعماد عون هو خط أحمر ولا يكمن التراجع عنه. نحن كما العماد عون نرى المقاومة كرامة لبنان وكرامة اللبنانيين واستعادة الأرض تسبق أي أمر آخر. لذلك أطمئن اللبنانيين أن كل هذا الكلام الذي يقال لن يستطيع تبديل عقيدة العماد عون بأن لبنان يجب أن يكون بلداً مقاوماً طالما هناك عدو تكفيري أو عدو إسرائيلي يهدد وجوده.