كتب السيد زين العابدين الحيدري

لِمن یریدُ التعرف علی إیران بتفاصیلها وحذافیرها وتضاریسها فلابد له أن یتابع كلمة القائد في الیوم الأول من السنة الفارسیة !
فلتكن البدایة من المكان وفیه رسالة; مرقد ثامن الأئمة والحجج، الإمام علي بن موسی الرضا علیه السلام یكتظ بالزوار المحتفلین بعید النیروز. هم مئات الآلاف أو الملایین ممن تحملوا متاعب الرحلة ومشقاتها وانفضوا إلیها من كل حدب وصوب ومن هذا المفهوم أي تمسك الشعب بقیمه ومبادئه یبدأ الإمام خطابه ویقول
"
في العام الماضي ووفقاً للتقارير الموثوقة التي وردتني من سائر أنحاء البلاد كانت حماسة ومشاركة الناس في شهر رمضان ومحرم وصفر وبقية المراسم الدينية أكثر من أي وقت مضى. إن مشاركة الشعب الإيراني الكثيفة في القضايا الدينية والثورية أمرٌ في غاية الأهمية يُظهر للأعداء حقيقة حركة الشعب الإيراني.
إذ لم تكن مسيرات الثاني والعشرين من شهر بهمن متعلقة بذوق سياسي معين، وكذلك مراسم شهر محرم والإعتكاف ومسيرة الأربعين لم تكن متعلقة بذوق سياسي معين هي الأخرى؛ إنما كانت متعلقة بالجميع."

ولأن الثورة في ایران هي روحیة ومعنوية في الهوی، دینیة في الهویة فإنها تتطابق تماماً مع توجهات الشعب وتطلعاته. فالثورة هي خیارهم ومسلكهم. بها یُنَمُّون أنفسهم وإلیها ینتمون; لذلك فإن عملیة ترویج فكرة أن وجود أزمات إقتصادیة أوسیاسیة أوإجتماعیة هي نتيجة فشل النظام الإسلامي الحاكم في إیران، لا یمكن تسویقها; خاصة إذا ما قمنا بمقارنةٍ سریعةٍ بین ظروف البلاد حالیاً وبین ما كانت عليه في عهد الطاغوت، الشاه البهلوي، لكن ذلك لا یعني أن الإقتصاد لم یَعد یُمثل عنواناً للتحدي الأبرز في ايران.
یرتبط الإقتصاد إذاً بكل شيء كما یری الإمام; یرتبط بمستوى التطور وبالأمن القومي وبإستقرار البلد وبمكانة الشعب وعزته وبمستواه المعیشيورفاهیته، ومن أجل بلوغ الهدف المرجولا بُدَّ من استلهام الصورة للمشهد المستقبلي وكتابة سیناریوهات تتناسب مع حجم تحدیات المرحلة .

عنوان سیناریوالنظام هو: " الاقتصاد  المقاوم: الانتاج، توفیر فرص العمل" هذا العنوان یرسم ملامح المرحلة ویمثل الإستراتیجیة. هوأشبه بخارطة طریق وهوسر النجاح إن قام المعنیون بتطبیقه وهو الطوق الذي یمتد إلی من یرید القفز من القارب الغارق، إذا ما اتفقنا بأن إقتصادات العالم وأنظمتها الإمبریالیة باتت تَغرق وتُغرق من معها. وإيران بسبب إستقلالها عن تلك الأنظمة لازالت لم تتأثر بتأرجح الإقتصادات العالمیة وأزماتها، فإن أرادت أن تحافظ علی هذا الإستقلال علیها أن تقوم بالآتي: دعم الإنتاج الوطني ثم دعمه ثم دعمه

هذا الدعم یتطلب مشاركة الجمیع . مشاركة حكومیة في توفیر المناخ المناسب للمستثمر، وبیئة صحیة للمنتج، والقیام بخلق علاقة ما بین القطاعات الصناعیة والجامعیة من أجل تنمیتها، وتوظیف الید العاملة المحلیة والجیل الشبابي للنهوض بهذه الثورة الإنتاجیة التي یُخطط لها النظام ودعم هذه الحلقة المتكاملة برأس مال حكومي أینما تطلب الأمر؛ 
فحینها ستتحول ایران إلی قوة إقتصادیة عظمی، تعیش علی أساس ما تقوم بتصدیره لا علی ما تستورده من الخارج ولا یعنیها حین اذن الوارد النفطي وهذا هوالحلم الكبیر أوما عُبِّر عنه بالفوز العظیم. دور الحكومة یتضح ویأتي دور الشعب لیقاطع البضائع الأجنبیة ولیترك التفاخر بالعلامات العالمیة ولیصبح أكبر مستهلك للسلع المحلیة الصنع وبذلك ستجني إیران ثمار تطویر اقتصادها بنفسها!

والحاصل هوالعبور من أزمة البطالة وتوفیر فرص العمل خاصة للشباب الذین یمثلون أكبر شریحة في البلاد. وإذا ما اُدخل الشباب إلى أسواق العمل فذلك یعني بلورة الأفكار الجدیدة والحفاظ علی العملة في الداخل ورفع سعر صرف العملة المحلیة أمام العُملة الأجنبیة وحینها ستخرج رؤوس الأموال الراكدة من الإستثمار في العقارات والأرصدة نحو الإنتاج وسیشهد التصدیر قفزة نوعیة، وإذا ما انتعش الإنتاج الوطني سیتخلص المجتمع الإیراني من التفاخر بالظواهر والعلامات الاجنبیة! ویكاد یتفق علماء البلد علی أن توفیر فرص العمل هوالحل الوحید حالیاً للإسراع فی عملیة الزواج وحتی التخلص من ظاهرة تفشي الإدمان علی المخدرات! هذا سینعكس علی الشارع وسیُوَلد حالة من النشاط الوطني المؤدي الی رفع مستوی قناعة الشعب بالنظام وهذا ما سیُحرر ثروات البلاد والمواهب من المعادن والمناجم.
فالإستراتیجیة هي واحدة لا ثاني لها،دعم الإنتاج الوطني ثم دعمه ثم دعمه.

كل ذلك رهن بتماسك الشعب وبالحفاظ علی وحدته ومن أبرز مؤشرات هذا التلاحم الوطني هوالمشاركة الواسعة في عملیة الانتخابات التي یدعوالقائد إلی القیام بها بأفضل الأشكال.

ألیس هذا الخطاب هونموذجاً صالحاً یُحتذی به في العالم الإسلامي؟ وهل البدان الإسلامیة هي بحاجة إلی غیر ما جاء في هذا الكلام ؟ 
لا وألف لا ...

 

  • إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي موقع ARABIC.KHAMENEI.IR