من كان مظهر الشابّ المضحّي في كربلاء؟ علي الأكبر، نجل الإمام الحسين عليه السلام؛ الشّاب الذي كان بارزاً ونموذجيّاً بين شباب بني هاشم؛ الشاب الذي جمع بين صفات الجمال الظاهري والباطني؛ الشّاب الذي كان يملك المعرفة الحقيقيّة لإمامة وولاية الحسين بن علي عليه السلام ويحوز الشجاعة والجهوزيّة والتضحية من أجل مجابهة شقاء العدو والذي بذل طاقته ونشاطه وشبابه من أجل بلوغ هدفه ومبتغاه الرّفيع. لهذا الأمر قيمةٌ بالغة. هذا الشاب النموذجي والخارق للعادة برز للعدو أمام أعين والده والنساء اللواتي كُنّ قلقاتٍ عليه وعاد جسده الملطّخ بالدماء إلى الخيام. هكذا مصيبة ليست بالأمر الهيّن؛ لكن توجّهه نحو الميدان والاستعداد للمبارزة تُجسّد للمسلم العزّة، العظمة، الافتخار والمباهاة. وهذا هو دليل قول الله عزّوجل: "ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين".
الحسين بن علي عليه السلام أظهر أيضاً معنى العزّة المعنويّة بإرساله لهذا الشاب إلى ساحة الحرب؛ أي أنّه يُمسك بقوّة راية رفعة الإسلام وحاكميّته التي تُوضح الحدود بين الإمامة الإسلامية والسلطة الطاغوتية، ولو كان ثمن ذلك بذل روح عزيزه الفتى الشاب.

~الإمام الخامنئي ٢٠٠٢/٣/٢٩

 

لقد كان الإمام الحسين خلال فترة طفولته محبوب الرسول الأكرم وقد كان يُكنّ الكثير من المحبة لرسول الله أيضاً، كان الحسين عليه السلام يبلغ من العمر ست أو سبع سنوات عند رحيل الرسول الأكرم، نُقش وجه النبي الأكرم في مخيلة الإمام الحسين على شكل ذكرى خالدة وبقي عشقه للرسول الأكرم متوقّداً في قلبه ثم رزق الله عزّوجل الإمام الحسين عليه السلام بعلي الأكبر. بعد أن كبر هذا الشاب قليلاً أو وصل إلى حد البلوغ بات الإمام عليه السلام يرى وجه النبي في وجه هذا الشاب، نفس ذاك الوجه الذي كان متعلّقاً به ويُحبّه كلّ هذا الحب، لقد بات هذا الشاب شبيهاً بجدّه. يتكلّم، صوته شبيهٌ بصوت رسول الله، كلامه شبيهٌ بكلام رسول الله، أخلاقه شبيهةٌ بأخلاق رسول الله، نفس تلك العظمة وذاك الكرم وذاك الشرف. 

ثم يقول: "كنّا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا إليه". لكن هذا الشاب برز للقتال أيضاً "فصاح وقال يا ابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي" ثم ينقل الراوي أنَّ علي الأكبر برز للقتال وقاتل بمنتهى الشجاعة وأردى عدداً كبيراً من الأعداء ثم عاد وقال أنه عطشان، ثم عاد إلى ساحة النزال، عندما أظهر عطشه قال له الإمام عليه السلام: عزيزي! واصل القتال قليلاً ولن يطول بك الأمر حتى تُسقى بشربة ماءٍ من يد جدك لا تظمأ بعدها أبداً. بعد أن قال الإمام الحسين هذه الجملة لعلي الأكبر علا صوت علي الأكبر في تلك اللحظات الأخيرة وقال: "يا أبتاه عليك السلام، هذا جدي يقرؤك السلام، ويقول عجّل القدوم إلينا".

~الإمام الخامنئي ١٩٩٨/٥/٨