لقد مضى أربعون عاماً على إعلان الإمام الخميني في السابع من شهر آب عام ١٩٧٩ بعد انقضاء بضعة أشهر على انتصار الثورة الإسلامية يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك يوماً عالميّاً للقدس حيث طالب سماحته "كافّة المسلمين في العالم والحكومات الإسلاميّة أن يتّحدوا من أجل بتر يد الكيان الصّهيوني الغاصب وكلّ من يدعمه ويقف وراءه".
مضت أربعة عقود حافلة بالأحداث والتطوّرات في الأراضي المحتلّة؛ وعلى الرغم من كل هذه الأحداث يُجمع المحلّلون والمراقبون اليوم على نقطة واحدة هي "فشل المحتلّين في تحقيق غالبيّة أهدافهم".
لا يوجد أدنى شكّ في أنّ الثورة الإسلامية في إيران بثباتها على الأسس التي حدّدتها منذ انطلاقتها لعبت الدّور الأكبر في خدمة هذا النّهج. لو لم يكن الدّعم الذي قدّمه مؤسّس الثورة الإسلاميّة لقضيّة فلسطين منذ ما قبل انتصار الثّورة وخلال الأعوام التي تولّى فيها سماحته القيادة ومعه أيضاً التّوجيه المستمر والدّعم الذي يُقدّمه خلفه الصّالح لحركات المقاومة، لم يكن ليكون هناك أدنى شكّ في أنّ الظروف كانت ستكون أشدّ صعوبة على الشّعب الفلسطيني.
تبرز أهميّة مشاركة الجمهوريّة الإسلاميّة والدّور الذي لعبته في منح قضيّة تحرير القدس الشريف الأولويّة ودعمها لنضال الشّعب الفلسطيني بمجرّد الالتفات إلى مواقف حكّام الدول العربيّة الرّجعية. هؤلاء الحكام الذين وعلى الرغم من إقامتهم علاقات سرية مع الكيان الصهيوني عدو الإسلام والمسلمين الأول على مدى سنوات عديدة، إلا أنهم اليوم وصلت بهم الوقاحة إلى حدٍ لم يعودوا من خلاله يأبهون للإعلان عن العديد من علاقاتهم ومعاملاتهم معه حتّى أنّ الحديث يدور حول إطلاق رحلات جويّة مباشرة من الرّياض إلى تل أبيب.
من خلال استعراض كلمات الإمام الخامنئي في مختلف المناسبات نجد أنّ دعم فلسطين وفضح مؤامرات الأعداء الصّهاينة يُعتبر واحداً من محاور حديث سماحته الثابتة والمتكرّرة، حتى أن زوّار هذا الموقع خلال الأعوام الأخيرة قاموا عدة مرات باختيار جمل لسماحته يخاطب فيها الصّهاينة واعتبارها جمل العام وأبرز ما جاء في كلام قائد الثورة الإسلامية خلال هذا العام.
لكنّ الحديث في هذا الشأن لا ينحصر بفترة قيادة الإمام الخامنئي بل إنّ هاجس قبلة المسلمين الأولى رافق سماحته منذ ريعان الشّباب وخلال فترة النّضال وبلغ ذروته بعد انتصار الثورة الإسلامية في العام ١٩٧٩؛ أهميّة هذه القضيّة بلغت حدّ تحدّث قائد الثورة الإسلاميّة في قسم من العديد من خطب صلاة الجمعة باللغة العربيّة وتخصيص الكلام للحديث حول القضيّة الفلسطينيّة وضرورة دعمها ومكافحة الكيان الصّهيوني.
على سبيل المثال وقبل ٣٣ عاماً بالضبط في 22 حزيران من العام 1984 م الموافق لـ 22 رمضان 1404 ه.ق بإعتباره خطيب صلاة الجمعة في طهران في يوم القدس، قال سماحته مؤكداً على جعل الجمهورية الإسلامية القضية الفلسطينية أساساً لسياستها الخارجية قال سماحته: "نحن واثقون أن مشاكل العالم الإسلامي لا تُحلُّ إلا بحل مسألة فلسطين، فهذه المسألة مقدمة واجبة لحل مشاكل المسلمين عامة والعرب خاصة".
وتابع الإمام الخامنئي كلامه معرباً عن سعادته لرؤيته "هذه الدعوة التي طُرحت من قبل إمام الأمة بشكل إعلان يوم القدس العالمي كان لها صدًى عميقاً بين المسلمين" ويؤكد سماحته على ضرورة أن يكون يوم القدس ضربة سياسية وإعلامية كبيرة لجسد الصهاينة الغاصبين بقوله: "يجب أن يكون يوم القدس هذا العام بإذن الله ضربة سياسية إعلامية كبرى موجهة لجسد الصهاينة الغاصبين".
في عقد الثمانينات حيث كانت الثورة الإسلامية مولودة حديثاً ولم تكن جبهة المقاومة الإسلامية قد أخذت شكلها وظهرت على مستوى المنطقة بعد، كان انتظار إحداث حركة إعلامية انتظاراً بعيداً، أما اليوم بعون الله تعالى وجهود قادة ومجاهدي محور المقاومة والناشطين الإعلاميين في هذا المحور، فإن جبهة منسجمة قد تشكلت في وجه الصهاينة وعملوا في يوم القدس لهذا العام على بذل قصارى جهودهم لمواجهة الصهاينة والترويج ليوم القدس العالمي وإحياء ذكرى الشعب الفلسطيني المظلوم.
في دنيا الإعلام اليوم، حيث الفضاء الإفتراضي هو صاحب الكلمة الفصل وفي هذا الفضاء يلعب "الهاشتاج" دوراً فعالاً وكبيراً، قام الناشطون في جبهة الفضاء الإفتراضي الداعمة للمقاومة الإسلامية بإطلاق هاشتاج #قدسنا_لا_اورشليم في جميع دول المنطقة بما فيها فلسطين المحتلة بأكبر حجم ممكن، وفتحوا من خلال هذا الهاشتاج خط نيران موحد ضد المحتلين الصهاينة. وصل هذا الأمر الذي لا سابقة له لدرجة قام بعض الشباب الداعمين لخيار المقاومة والكفاح من داخل الأراضي المحتلة بتصميم شعارات على علاقة بهذا الهاشتاج. ومن خلال جهود وعلاقات المجاهدين في هذا المجال وصلت هذه الشعارات إلى بقية دول العالم، وفي الجمهورية الإسلامية باعتبارها مقراً ومركزاً للمدافعين عن فلسطين انتشر هذا الهاشتاج بشكل واسع وكبير جداً.

ليس باليوم البعيد ذلك اليوم الذي يصطفُّ فيه مجاهدو محور المقاومة في جبهة حقيقية لمحاربة مغتصبي القدس ويرمون الصهاينة قاتلي الأطفال في مستنقعات التاريخ ويُصلّون سوية في القدس الشريف إن شاء الله.