جاء النص الكامل للكلمة التي ألقاها سماحته خلال هذا اللقاء كمايلي:

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

تكريم ذكرى الشهداء من أية شريحة كانوا ومن أي منطقة من مناطق البلاد الجغرافية كانوا هو في الحقيقة عملٌ حسنٌ ومميز. ومجرد أن هدى الله تعالى قلوبكم نحو هذا الاتجاه بأن تعملوا في هذا المشروع وتتحملوا جهوده، وتقيموا هذا الملتقى وهذا التكريم، فهذه علامة لطف إلهي؛ علامة أنَّ الله تعالى يريد أن تبقى ظلال الشهداء تُظلل هذه البلاد بشكلٍ دائمٍ ومستمر. ولكن توجد بعض الشرائح يُعدُّ تكريم ذكراهم وشهادتهم قيمة مضاعفة. وشريحة العمال عندنا من هذا القبيل. إذن، نحن ممتنون وشاكرون لكم أيها الإخوة المحترمون في المجتمع العمالي في البلاد إذ تقومون بهذا العمل القيّم وتتابعونه وتعرِّفون [العالم على] الشهداء العمال.

إننا نلاحظ آثار العمال بكل وضوح في ساحة المعركة ـ سواء معركة ثمانية أعوام من الدفاع المقدس، أو المعركة قبل ذلك مع الزمر المعادية للثورة، أو قبل ذلك خلال فترة الثورة، أو بعد ذلك في الأحداث المختلفة التي كان فيها القليل من المعارك العسكرية وغالباً ما كانت المعارك غير عسكرية ـ. لقد قلت مراراً في كلماتي مخاطباً العمال الأعزاء في إيران بأنَّ أعداء الثورة علَّقوا الآمال منذ البداية على العمال علّهم يستطيعون تحريض المجتمع العُمالي ضد الجمهورية الإسلامية بشكل من الأشكال. منذ اليوم الأول؛ أي منذ يوم انتصار الثورة كانت هذه الحالة موجودة ومشهودة. وقد كنت أنا شخصياً متواجداً في سياق القضية بشكل مباشر وملموس، فقد قدَّر الله تعالى بأن أكون بفعل المصادفة و[من دون أي تخطيط مسبق] في قلب التصدي لهذا التيار من التحريضات العمالية المعادية للثورة، وأن أرى ردود فعل العمال حيال أعداء الثورة هؤلاء، وكيف ردّوهم ورفضوهم ببصيرة وهمّة وتدين والتزام وتقيّد بالدين. وقد كان الوضع على هذا النحو منذ ذلك اليوم وإلى اليوم. من الأمور الأساسية التي قام بها أعداؤنا محاولاتهم التأثير على معاملنا، على مجاميعنا العمالية وخصوصاً المجاميع الكبيرة عسى أن يخلق العمال حالة من الركود والتعثر، وأن يدفعوا العمال بهذا الاتجاه. لكن عمالنا قاوموا طوال هذه الأعوام وصمدوا دائماً ووقفوا وردوا كيد العدو دوماً ببصيرتهم، وهذا شيءٌ مهمٌ جداً.

أعداء الثورة الإسلامية علَّقوا الآمال منذ البداية على العمال علّهم يستطيعون تحريض المجتمع العُمالي ضد الجمهورية الإسلامية بشكل من الأشكال.

وكذا كان الحال في ساحة الحرب، وتلك الأمور التي ذكرناها كانت معارك غير عسكرية، ولكن على صعيد المعركة العسكرية أيضاً كان الوضع على المنوال ذاته. متى ما كان الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) ينادي ويطلب كان العمال الإيرانيون يشكلون شطراً كبيراً من المجاميع التعبوية العظيمة التي تسير في هذا السبيل وتتوجّه نحو الجبهات من كل أنحاء البلاد. بل لقد كان هناك عمّال يرتبط معاشهم بالعمل اليومي؛ بمعنى أنهم كانوا يجب أن يعملوا خلال النهار حتى يأخذوا الخبز لبيوتهم مساءً، وكان لهم نساؤهم وأولادهم، وكان بعضهم معيلي آبائهم وأمهاتهم، لكنَّ بعضهم تصرفوا مع هذه القضية بغيرة وحمية دينية وإسلامية إلى درجة تركوا معها حتى هذه الأمور وساروا نحو ساحة الحرب. لقد كانت هذه أموراً عظيمة مجيدة وقعت. وأنا أتصور أننا لو لم نر هذه الأمور بأعيننا على أرض الواقع وفي الحياة لكان من الصعب على الإنسان أن يُصدقها، أن يصدق كل هذه الغيرة. أنْ يتجاوز الشاب العامل المحبّ المؤمن هذا اليسيرَ من متاع حياته ويتركه على الله ويذهب نحو ساحة الحرب ليُحارب! وعندما يتحدثون معه يُجيب بمنطق ويقول يجب أن أذهب وألتحق وأدافع عن بلدي وعن الحدود الإسلامية حتى لا يتسلط عليها العدو، وإلّا إذا تسلط العدو [على البلاد] فسنُحرم ليس من الخبز وحسب بل [سنحرم] من كل شيء ولن يبقى لنا أي شيء. وهذا هو واقع القضية. يرى الإنسان هذا في أدلة شبابنا وحُججهم وكلامهم. لذلك فإنَّ تكريم ذكرى العمّال الشهداء عملٌ حسن جداً وتوجيه أذهان عموم الناس والرأي العام للشعب نحو تضحيات هذه الشريحة في ساحة الحرب، عملٌ مميز.  

وهذه الأعمال التي أشرتم إليها وهذه البرامج المطروحة (2) برامج جيدة، لكن انتبهوا لأن لا يكون للجوانب التشريفية والظاهرية وما شابهها ـ والتي لها دورٌ معين بعض الأحيان ـ دوراً كبيراً ومهماً في هذه المشاريع. انظروا لتأثير هذا السلوك وهذا العمل الذي تقومون به في المتلقي [المخاطب]؛ أي ليكن هذا هو همكم الرئيسي. إذا كنتم تنشرون عملاً فنياً أو تكتبون كتاباً أو ما إلى ذلك فتحركوا واعملوا بحيث تؤثر هذه الأعمال على المتلقين، فهذا هو الشيء المهم، أما الظواهر وما شاكل فليست كثيرة الأهمية. نتمنى أن يبارك الله تعالى في أعمالكم وأن يُرضي أرواح الشهداء الطاهرة عنكم، ويُسرّ روح الإمام الخميني الكبير عنكم. وستستطيعون إن شاء الله إنجاز وتحقيق العمل الذي ينبغي أن تقوموا به. نتمنى لكم التوفيق والتأييد إن شاء الله.

و‌السّلام‌عليكم ‌ورحمة اللّه.

 

 الهوامش:

1 ـ في بداية هذا اللقاء ـ الذي أقيم في إطار اللقاءات الجماعية ـ تحدث الأمير اللواء ثاني في الحرس الثوري محمد إبراهيم كريمي (مسؤول منظمة التعبئة العمالية في البلاد والأمين العام لمؤتمر الشهداء العمال) مقدماً تقريراً عن إقامة المؤتمر. يُقام هذا المؤتمر في الأيام العشرة الأولى من شهر إسفند من العام الإيراني 1396 هـ ش (20/02/2018 إلى 01/03/2018 م).

2 ـ إشارة إلى ما قاله الأمين العام لهذا المؤتمر في اللقاء وتقسيمه أهداف المؤتمر إلى قسمين: إعداد وإنتاج آثار وأعمال عن الشهداء (وتشمل تدوين وتأليف الكتب، ودعوة لكتابة قصائد شعرية، وإنتاج أفلام وثائقية وأفلام قصيرة، وإعداد بنك معلومات)، وإيجاد حماس وهياج لدى المجتمع و المجتمع العمالي خصوصاً (وتشمل إقامة ملتقيات ومهرجانات ولقاءات بعوائل الشهداء و...).