جاءت كلمة الإمام الخامنئي على الشكل التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين، سيما بقية الله في الأرضين.
أعزائي، لقائي بكم اليوم من أطيب وأحلى اللقاءات، أولاً لأنه لقاء بمجتمع المعلمين الأجلاء، فالمعلمون حاضرون هنا، وأيضاً الطلبة الجامعيون المعلمون ـ أي معلمي الغد والمستقبل في هذا البلد ـ حاضرون، كما أنَّ هذا المكان من أماكن إعداد وتخريج شريحة المعلمين العظيمة. لدينا كل سنّة لقاؤنا بالمعلمين. وهذا اللقاء السنوي مغتنمٌ [فرصة مغتنمة] بالنسبة لي دائماً، إنه لقاءٌ رمزيٌ الغاية منه احترام المعلم وتكريمه. لكننا في هذه السنة جعلنا هذا اللقاء ـ الذي يُقام [عادة] في حسينية الإمام الخميني (رض) ـ هنا ليكون رمزياً بشكل مضاعف: فهو تكريمٌ للمعلم، وأيضاً تكريمٌ لجامعة تخريج المعلمين. قبل أن أبدأ كلامي أشير إلى كلمة أختنا العزيزة وكلمات أخواننا الأعزاء الذين تحدثوا، فالآراء التي طُرحت كانت آراءً جيدة وهي موضع تأييدنا، وقد سجلت بعضها. أرجو أن يكتبوا ما قالوه ويحددوه ويعطونا إياه، وسوف نتابعه في حدود الإمكان إن شاء الله، طرحت آراء صحيحة ومدروسة.
حسنٌ، قال الإمام الخميني (رضوان الله عليه): «التعليم مهنة الأنبياء» (2) وهذا ليس مجرد شعار نُفرح به أنفسنا، بل هو حقيقة قرآنية: «ويعَـلِّمُهُمُ الكتابَ والحِكمَة» (3). التعليم من جملة خصوصيات الأنبياء والرسل. أي إنكم تسيرون في طريق سار فيه أرقى الأفراد في تاريخ البشرية، وبُعثوا له وللسير فيه؛ ألا وهم الأنبياء. التأثير منقطع النظير والدور الفذ للتعليم والتربية العامّة في تقدّم البلاد وفي سعادة البلاد قضية على جانب استثنائي من الأهمية. ونعتقد أنَّ هذه من الواضحات والبديهيات ـ مع أنَّ البعض للأسف لا يدركون هذه القضية البديهية ـ وهي أنَّ التربية والتعليم عموماً بنية تحتية لسعادة أي شعبٍ من الشعوب وتقدم أي بلدٍ من البلدان، وهما [التربية والتعليم] في الجمهورية الإسلامية حركة نحو المبادئ.
يجب أن يترسخ في ذهن المجتمع أنَّ المعلم مرجع وأنه شخصية سامقة راقية وأنَّ التعليم مهنة مقدسة.
واجبنا المهم جميعاً ـ سواءً أنا أو مسؤولو الحكومة أو المدراء المتعاقبون في مختلف القطاعات ـ هو أن نعرّف منزلة المعلم في المجتمع، وهذا شيء لم يحصل. منزلة المعلم ومكانة المعلم لم تعرّف في المجتمع حسب ما أعتقده وأشعر به وألمسه. قضية المعيشة طبعاً مهمة ـ لا شكَّ في هذا ـ لكن قضية منزلة ومكانة المعلم إنْ لم تكن أهم من قضية المعيشة فهي ليست بأقل منها بلا شك. وهذه المنزلة لا تحصل فقط بالكلام والقول، وإذا قلتُ الآن «للمعلم مثل هذه المرتبة السامية أو إنه في مرتبة الأنبياء» فهذا لا يكوِّن ذهنيةً عامة في المجتمع، فالأمر لا يتم بمجرد القول، إنما لا بدَّ من عمل. يجب أن يترسخ في ذهن المجتمع أن المعلم مرجع وأنه شخصية سامقة راقية وأنَّ التعليم مهنة مقدسة، وينبغي التخطيط لهذا والقيام به بالأعمال الفنية، وكتابة الكتب، وإنتاج الأفلام وإخراجها، ونظم الشعر، وشتى الأساليب المؤثرة، وهو ما لم يحصل لحد الآن. وهذا أيضاً من الأعمال الأساسية التي ينبغي أن تنجز بالتأكيد في أجواء التربية والتعليم وفي الأجواء الأخرى ذات الصلة كالمحافل الثقافية والإذاعة والتلفزيون وغيرها. أي يجب أن يتضح ما هي مكانة المعلم، وينبغي أن يتحقق تكريم المعلم، ويتحتم أن يُدرج هذا المعنى في الكتب الدراسية أيضاً، وفي القصص وفي الروايات.
حسنٌ، ينقسم الكلام الذي أريد قوله لكم اليوم إلى قسمين أو ثلاثة أقسام، ولأن وقت الجلسة قد طال سأحاول أن لا أطيل كثيراً: جانب من الكلام سيكون عن قضية التربية والتعليم، وجانب آخر حول قضايا جامعة إعداد المعلمين وقضية تخريج المعلمين، وأعرّج بجمل قصيرة حول هذه القضايا الدولية الجارية التي هي محل ابتلاء، وقد أشار لها الوزير المحترم في بداية كلمته.
ما نروم قوله حول التربية والتعليم هو أن اتجاه التربية والتعليم في البلاد يجب أن يكون صوب التمتع بالعدالة، بمعنى أن تسعى [مؤسسات] التربية والتعليم في البلاد لتربية [الأجيال] على العدالة، وتُخرِّج مطالبين بالعدالة وصنّاعاً للعدالة، لأنَّ العدالة هي تلك القيمة السامية التي طمح لها كل أبناء البشر دائماً منذ فجر التاريخ وإلى اليوم. تتغير القيم بمرور الزمان وبتعاقب الأجيال لكن بعض القيم تبقى ثابتة من البداية إلى النهاية، والعدالة من هذه القيم الثابتة. لاحظوا الأديان التي تؤمن بالمهدوية ـ وجميع الأديان الإلهية تقريباً تؤمن بالمهدوية ـ تعتقد أنَّ المنقذ عندما يأتي يملأ العالم قسطاً وعدلاً، ولم تقل يملؤها ديناً، بل يملؤها قسطاً وعدلاً. وفي هذا دلالة على أهمية القسط والعدل. وبالطبع فإنَّ العدل لا يتحقق إلّا في ظل الدين، وهذا شيء محفوظ في محله، لكن قضية القسط والعدل مهمة جداً. وعلى [مؤسسات] تربيتنا وتعليمنا أن تكون في هذا الاتجاه. يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة: «وَمَا أخَذَ اللهُ عَلَى العُلَماءِ ألّا يقارّوا عَلىٰ كظَّةِ ظالِمٍ ولا سَغَبِ مَظلوم» (4) إنه يبين واجب العلماء بأن لا يصبروا على جوع الجياع وتخمة المتخمين، وهذا معناه العدالة.
للتربية والتعليم العام في البلاد أهداف، إنه يسعى إلى أهداف، فما هي هذه الأهداف؟ هذه الأهداف هي نفسها بالضبط أهداف النظام الإسلامي، وينبغي أن تتوفر هذه الأهداف في التربية والتعليم ويجري الاهتمام بها. إننا نربّي ونخرج الطلبة الجامعيين والتلاميذ والدارسين لهدف معين وباتجاه مبدأ وطموح معين، وهذا الهدف عبارة عن الهدف نفسه الذي تأسس النظام الإسلامي من أجله. يرنو النظام الإسلامي إلى بناء عالمٍ ومجتمعٍ رائدٍ وبقيمٍ ساميةٍ ومتدين وملتزم بالشرائع الإلهية وبآفاق نظر لا متناهية. نظرة الإنسان الذي يعيش في المجتمع الإسلامي والنظام الإسلامي لا يحدها أي شيء بالنسبة للمستقبل وفي كل الاتجاهات، ليس فقط من حيث الاتجاهات المعنوية بل لا يحدها شيء بالاتجاهات المادية وبالاتجاهات العلمية أيضاً، فأفق النظر أكثر تقدماً وريادة وسعة بكثير مما يقرّره أصحاب الهمم العالية في العالم للمجال العلمي مثلاً. آفاق النظر في المجتمع الإسلامي أوسع بكثير.
يرنو النظام الإسلامي إلى بناء عالمٍ ومجتمعٍ رائدٍ وبقيمٍ ساميةٍ ومتدين وملتزم بالشرائع الإلهية وبآفاق نظر لا متناهية.
على التلميذ طوال هذه الإثني عشر عاماً أن يجد مكانته في هذا القافلة العظيمة السائرة نحو التقدم في المجتمع الإسلامي، ويجب أن يعلم ما هو دوره ووظيفته في هذه المجموعة العظيمة وفي هذه المسيرة الضخمة؟ ما هي مكانته؟ وما هو شأنه؟ يجب أن يقرر ويرسم لنفسه دوراً، وينبغي أن نربّي أبناءنا بهذه الطريقة. التلميذ يتربّي في المدرسة بواسطتكم وعلى يدكم، فيجب أن يتربّي على الشعور بالمسؤولية، وعلى أن يمتلك روح التحرّر الفكري، وعلى صدق القول وعلى علوّ الهمّة وعلى الشجاعة والتضحية والطهارة والعفة والورع. الجيل الذي هو في طور التربية هو تحت تصرفكم، ويجب أن يتربّوا على هذه الخصوصيات، فهذه هي آفاق الرؤية.
حسنٌ، في هذا المضمار هناك معركة كبرى. أعزائي، أيها الشباب الواعون الأذكياء المتحفزون المؤمنون المجتمعون في هذه المجموعة [مجموعة التربية والتعليم]، وكل الذين يريدون ممارسة دور في مجموعة التربية والتعليم، خذوا هذه المعركة مأخذ الجد. ثمة الآن معركة. والبعض يريدون أن يهدهدونا لكي ننام [يدفعوننا للنوم] ولا نفهم ماذا يفعل الأعداء. ثمة حربٌ قائمة في مجال تربية الأفراد السامين، الأفراد أصحاب الهمم، الأفراد الشجعان الرشيدين، الأفراد الهادفين، ثمة حرب ومعركة في مضمار هذه التربية المهمة وهذه العملية العظيمة. والبعض يريدون تحقق عكس ذلك تماماً فلا يتربّى الشاب المؤمن، الشاب المسلم، الشاب الإيراني، على هذه الخصوصيات. إنهم يعملون ويسعون بأساليب وطرق شتى. قضية الهوية هذه التي أشدد عليها بشكل متكرر تتعلق بهذه القضية. على تلميذنا أن يتربّى ويرشد ويكبر ويتقدم على الشعور بالهوية الوطنية. عندما يشعر الشاب بهويته فسوف يتجنب الانحراف والخيانة والارتخاء والكسل. غالبية هذه الإشكاليات التي تحصل أحياناً تحصل بسبب عدم شعور الإنسان بالهوية الحقيقية وعدم شعوره بهويته الوطنية. عندما لا يشعر الإنسان بهويته سيستطيع الآخرون جرّه بهذا الاتجاه وذاك الاتجاه.
يقول الشاعر: وساوسُ هذا وذاك واختلاجات النفس / تجرّني كقشّة تبنٍ بكلّ اتجاه.
هناك أحاسيس، وهناك غرائز، وثمة دوافع داخلية، وثمة شيطان أهوائنا النفسية، وهناك في الخارج عشرات الأيدي تجرّنا بهذا الاتجاه وذاك الاتجاه، والشيء الذي لا يسمح بانحرافنا هو التزامنا وشعورنا بالهوية، ينبغي تربية الشاب بهذه الطريقة. وأنتم من يجب أن تربّوه.
لحسن الحظ لدينا في محيط حياتنا اليوم نموذج، لدينا نماذج مميزة بارزة. لا نعاني حالياً من فقدان النموذج لنذهب إلى الشخصية التاريخية الفلانية الأجنبية، فلدينا اليوم في حايتنا وأمام أنظارنا نموذج. شهداؤنا النوويون [العلماء النوويون] بعض نماذجنا الكبرى، والشهيد شمران أحد النماذج، كان الشهيد شمران عالماً بالمعنى الحقيقي للكلمة. كان عالماً وقد درس واكتسب العلم لكنه كان أيضاً مكافحاً ومجاهداً حقيقياً، مجاهداً بالمعنى الحقيقي للكلمة. الشهيد آويني نموذج، والشهيد حججي نموذج. لاحظوا، لدينا مختلف أنواع النماذج. أخونا العزيز هذا أوضح هنا بشكل جيد جداً وقال إن نموذجي هو معلمي في الصف الأول، لكن نموذجي الآن هو الشهيد حججي. نعم، لدينا من هذه النماذج والأُسى، شجعان ذوو شهامة وذوو شعور بالمسؤولية ويقفون باقتدار وعزة مقابل العدو من أجل أن يساعدوا على تحقيق الأهداف السامية لمجتمعاتهم ونظامهم، لا من أجل أهدافهم الشخصية. لم يقض هؤلاء نحبهم في معارك شخصية، الشهيد شهرياري، والشهيد علي محمدي، والشهيد أحمدي روشن، وآخرون، ساروا في قضايا من أجل مجد الشعب وشموخه ورفعته وتقدموا إلى الأمام، هؤلاء هم النموذج، ولدينا هذه النماذج العزيزة في مجتمعنا وأمام أنظارنا وفي زماننا.
نقطة أخرى تتعلق بالعلم النافع. يجب متابعة العلم النافع في التربية والتعليم في البلاد. عندما تقولون «التربية والتعليم يجب إصلاحها» (5) فمن المواد الإصلاحية المهمة أن يكون العلم الذي يُعلّم ويُدرّس هنا علماً نافعاً، وأن يستطيع هذا الشاب الاستفادة من هذا العلم لتحسين حياته ومجتمعه والبيئة المحيطة به. هذا هو العلم النافع. العلم النافع هو العلم الذي يقرّبنا إلى أهدافنا، ويسهّل مسيرتنا وحركتنا، ويتقدم بنا إلى الأمام. هذا هو العلم النافع. الأشياء التي توجِد فينا روح الحراك والازدهار وتفعّل إمكاناتنا وطاقاتنا الكامنة هذه هي العلم النافع. وبالطبع فإن من العلوم النافعة استيعاب التجارب الوطنية ومفاخر البلاد، وعِبر التاريخ ودروسه، فهذه أيضاً من العلوم النافعة. العلم النافع هو ذاك الذي يعمل على ازدهار طاقاتنا وتفعيلها. هذه أيضاً نقطة.
العلم النافع هو العلم الذي يقرّبنا إلى أهدافنا، ويسهّل مسيرتنا وحركتنا، ويتقدم بنا إلى الأمام، هو ذاك الذي يعمل على ازدهار طاقاتنا وتفعيلها.
تحدّث الأعزاء حول جهاز التربية والتعليم، وقد تحدّث الأصدقاء أيضاً في تلك الجلسة التي كنا فيها قبل هذه الجلسة (6)، وقلتُ أنا أيضاً إنَّ جهاز التربية والتعليم من الأجهزة القليلة التي تُعدُّ أجهزة من الدرجة الأولى في تقدم البلاد وتحقيق احتياجات البلاد. جهاز التربية والتعليم على جانب كبير من الأهمية. هذا الجزء من واجبات التربية والتعليم يقع على عاتق جهاز التربية والتعليم. نحن لا نستطيع النظر للتربية والتعليم كدائرة عادية إلى جانب الدوائر والمؤسسات الأخرى، فالقضية هنا قضية خاصة.
تتوفر للتربية والتعليم فرصة لا تتوفر لأي جهاز آخر. وهذه الفرصة عبارة عن تلك السنوات الإثنتي عشرة التي يمرّ بها أطفالنا وأحداثنا من المرحلة الإبتدائية إلى المرحلة الثانوية، ويكونوا فيها تحت تصرف التربية والتعليم. لا تتوفر لأيّ جهاز آخر مثل هذه الفرصة الثمينة. هذه الفرصة أفضل فرصة لنقل القيم ولنقل مبادئنا الثورية والوطنية بشكل صحيح وشامل. إنها فرصة منقطعة النظير لتكريس الهوية الوطنية لدى أطفالنا، وهم رجال ونساء مستقبلنا. هذه فرصة متاحة للتربية والتعليم. الفكر يتكوّن خلال هذه السنوات الإثنتي عشرة والدوافع والمحفزات تتكون فيها أيضاً، واتجاه مسيرة الحياة ـ الدوافع والمبادئ والاتجاهات ـ تتكوّن في كيان شبابنا وأحداثنا في هذه السنوات الإثنتي عشرة بفضل التواجد في صفوف الدراسة والاستماع من المعلمين، والوجود في مناخ المدرسة. لاحظوا كم هذا الشيء مهم، أي إن مستقبل البلاد رهنٌ بهذه السنوات الإثنتي عشرة لشبابنا.
حسنٌ، يحتاج جهاز التربية والتعليم للتحديث، وقد رفعتم شعارات وقلتم إن هذا الجهاز يجب إصلاحه. نعم، يحتاج بالتأكيد إلى تحديث فهو متآكل، وهو أيضاً كان ذا عيوب من اليوم الأول الذي وجد فيه. كانت هناك عيوب أساسية في [جهاز] التربية والتعليم عندنا منذ اليوم الأول الذي ظهر فيه وعندما كان جديداً ولم يكن متآكلاً مهترئاً منقضي التاريخ ومتضرراً كما هو اليوم. كانت فيه عيوب لا تزال باقية إلى هذا اليوم. وسيلة هذا التحديث والتغيير بالدرجة الأولى عبارة عن «ميثاق التحوّل» (7)، وميثاق التحول هذا جاهز. وقد أشار الوزير المحترم إلى الجهود التي يبذلونها في هذا السبيل، وأعتقد أن هذه الجهود من أوجب الأعمال. حسب ما رفعوا لي من تقارير فقد تحقق لحد الآن أقل من عشرة بالمائة من إمكانيات تحقق هذا الميثاق ومن محتواه، والحال أنه مضت على المصادقة عليه عدة سنوات. العمل الذي أنجز في هذا المجال قليل جداً وينبغي العمل. الميثاق [لا يزال] حبراً على ورق ويجب أن يتحقق. وبالطبع فإن إعداد هذا الميثاق كان ضرورة حيوية أنجزت ومضمون الميثاق كما قال خبراء التربية والتعليم ـ وقد كان كثير منهم مساهمين في إعداد الميثاق ـ كما قالوا هم فإن الميثاق من الناحية التخصصية والعلمية والحِرفية على مستوى عالٍ جداً، فهو متقن ومتين وجيد جداً، ويجب تحقيقه وتطبيقه بالتالي. ما أطالب به وأتوقعه من مؤسسة التربية والتعليم هو أن تضعوا جدولاً زمنياً وتعينوا موعداً وزمناً وتقولوا إلى أي زمن سوف يتطبق ويتنفذ هذا الميثاق تطبيقاً كاملاً. وهذه بالطبع عملية صعبة ولكن يجب إنجاز هذه العملية الصعبة. وعلى الأجهزة والمؤسسات المختلفة أن تمدَّ كلها يد العون للتربية والتعليم، الكل يجب أن يساعدوا. جانب من القضية يتعلق بجامعة إعداد المعلمين هذه والأجهزة المتنوعة المختصة بإعداد المعلمين ـ وسوف أتحدث عن هذا الجانب ـ وجانب من القضية يتعلق بداخل التربية والتعليم نفسها، فعليهم إعداد وتهيئة المقدمات البرمجية والصلدة لهذه العملية، وأن يحددوا الجدول الزمني، وسوف يتحقق هذا الأمر بصورة واقعية إن شاء الله. هذه هي أهم خطوة في التربية والتعليم العامة في البلاد.
من الأعمال التي يجب إنجازها أن تتعرف هيكلية التربية والتعليم على ميثاق التحول هذا. حسب ما رفعوا لي من تقارير وأخبار فإن القسم الغالب من هيكلية التربية والتعليم سَمعَ فقط باسم هذا الميثاق ولا يعلم ما هو هذا الميثاق. عرِّفوا هذا الميثاق بالنحو المناسب كي يتعرفوا عليه ويروه ويقرؤوه ويعلموا ما هو. وهذا بحد ذاته سوف يساعد على تحققه، فتحقق الميثاق غير ممكن من دون مساعدة هيكلية مؤسسة التربية والتعليم. هيكلية وكادر التربية والتعليم هم الذين يجب أن يطبقوا هذا الميثاق عملياً ويحققوه، فعرّفوهم عليه.
نقطة أخرى حول التربية والتعليم هي قضية المعاونية التربوية والتي أكدتُ عليها في فترات سابقة وكذلك في الفترة الحالية، يجب أن تأخذوا هذه القضية مأخذ الجد. الوزير المحترم شخصٌ متحفزٌ ونشطٌ ومستعدٌ للعمل، ويجب أن يأخذ هذه القضية مأخذ الجد. قضية المعاونية التربوية في التربية والتعليم نفسها قضية على جانبٍ كبيرٍ من الأهمية. التربية مهمة جداً وطرق التربية طرق علمية مهمة.
والمسألة الأخرى [التي أريد أن أطرحها] حول التربية والتعليم هي الاهتمام بالأذكياء والنخبة، وهناك نقاشات في هذا الخصوص، وعلى المسؤولين أن ينظروا لهذه القضية نظرة شاملة جامعة، وأن يدرسوا قضية المراكز الوطنية لتنمية المواهب المتألقة أو أي أسلوب آخر بشكل محترف تماماً وبأخذ كافة الجوانب بعين الاعتبار. ليعملوا ما من شأنه أن لا يكون هناك تمييز ولا تظهر مشاكل ولا تكون هناك حالات سمسرة، وأن تتابع قضية الأذكياء بالمعنى الحقيقي للكلمة.
وآخر نقطة في هذا الجانب من كلمتي هي قضية ميثاق 2030 المنحرف. في السنة الماضية (8) منعتُ رسمياً وعلناً وبشكل حاسم أن يحصل هذا الشيء، وقد رحّب مسؤولو التربية والتعليم بذلك وتابعوا الموضوع، لكنني سمعتُ أنَّ نقاطاً من ميثاق 2030 راحت تتحقق في قطاعات مختلفة، وهذا معناه أن أهم قضية في البلاد ستكون تحت تصرّف الآخرين. هذا بالإضافة إلى مضمون [ميثاق] 2030 ـ والذي توجد فيه طبعاً قضايا منحرفة ولا شكَّ في ذلك ـ الذي حتى لو كان كُلُّه صحيحاً لما صحَّ؛ أن يقوم بلدٌ مثل إيران بهذه الثقافة وهذه السوابق وبهذا النظام الإسلامي العزيز المقتدر بأخذ برامجه التعليمية والتربوية وميثاقه التعليمي والتربوي من الآخرين الذين جلسوا وأعدوا شيئاً لأغراض مختلفة هي إما أغراض سياسية أو أغراض فاسدة أخرى. لا معنى لمثل هذا الشيء (9). جزاكم الله خيراً، وطريق ذلك أن لا تموتوا ولا تقبلوا بميثاق 2030. هذا هو الأفضل (10).
حول قضية جامعة إعداد المعلمين وتخريج المعلمين يجب القول إنَّ المعلم اليوم هو أهم ما تحتاجه التربية والتعليم في البلاد. المعلم هو أكبر حاجة. هذه الجامعة وجامعة الشهيد رجائي وأيُّ مركزٍ تصدق عليه [صفة] إعداد المعلمين يجب تنميتها كمّاً وكيفاً. قال السادة وأنا على اطلاع بأنَّ عدداً كبيراً من المعلمين سوف يتقاعدون إلى أربعة أعوام قادمة، والذين يتخرجون من هذه الجامعات أي جامعة إعداد المعلمين وجامعة الشهيد رجائي ويدخلون سلك التربية والتعليم أقل بكثير من الذين سوف يخرجون من التربية والتعليم. وهذه أزمة بالنسبة للتربية والتعليم، ويجب عدم وقوع هذا الشيء. طبعاً قيل إنهم سوف يوظفون أشخاصاً من خارج المؤسسة لكن ذلك سيكون عملاً اضطرارياً ولا إشكال فيه طبعاً في حالة الاضطرار والإجبار، لكنه ليس عملاً صحيحاً من الناحية الأصولية، فالتعليم مهنة تقنية فنية ولها فنونها وتحتاج إلى تعلم وإتقان. وأنتم هنا تتعلمون التعليم، والذي درس في الجامعة الفلانية الأخرى لا يحمل المعلومات التي تعلمتموها هنا، فكيف يريد أن يمارس التعليم؟ مراكز إعداد المعلمين ـ وأهمّها حالياً جامعة إعداد المعلمين ـ هي مركز الثقل الرئيسي لنظام التربية والتعليم في البلاد، وقد كان هناك تقصير في خصوص هذه الجامعة. طبقاً لمعلوماتي وما رفع لي من تقارير تعاني هذه الجامعة من قلة في الكوادر البشرية أي المعلمين والأساتذة، وتعاني أيضاً من نقص في الميزانية، وتعاني كذلك من نقص في الأماكن التعليمية. وعلى وزارة العلوم ومؤسسة الإدارة ومؤسسة شؤون التوظيف أن تتعاون كلها وتساعد بشكل من الأشكال لحل هذه المشكلات وإزالتها. وبالطبع فقد ذكر الأعزاء هنا وقالوا أيضاً في الجلسة السابقة إنهم يتوقعون منّي بعض التوقعات، وأنا جاهز وسوف أقوم بأيّ عمل أستطيع القيام به ويكون بوسعي إنجازه، لأنني أعتبر وأرى هذه القضية من قضايا الدرجة الأولى في البلاد.
ينبغي أن يكون المعلمون الذين يُراد توظيفهم من أفضل الموجودين من حيث التدين والمستوى العلمي الراقي والروح الثورية.
ينبغي رفع حصة توظيف الهيئة العلمية، وهذا على عاتق مؤسسة شؤون التوظيف. والأساتذة هنا ينبغي أن يكونوا من حيث الخصوصيات الفكرية والعلمية من أفضل الموجودين من حيث التدين والمستوى العلمي الراقي والروح الثورية والتطابق مع معايير ميثاق التحول. لا يمكن أن نُعِدَّ ميثاق التحول ونسعى لتحقيقه وتطبيقه ويبقى المكان الذي هو أهم مراكز التربية والتعليم وأكثرها محورية بعيداً عن خصوصيات ميثاق التحول ومعاييره ومؤشراته ومقاييسه، هذا غير ممكن. فلتعمل مجموعات توظيف واختيار [الكادر التعليمي]على عدم التسامح في هذا الجانب أبداً، وليختاروا أساتذة مميزين بارزين جيدين ومتفرغين طبعاً. وأنا أوصي كل الأساتذة هنا وكذلك الطلبة الجامعيين بالاستئناس بآثار شهيدنا العزيز الشهيد مطهري الذي ارتبط يوم المعلم باسمه. تعرّفوا أكثر ما يمكن على هذه الآثار والكتابات. لقد مضت سنين طويلة على الحياة المباركة للشهيد مطهري لكن دمه الطاهر وشهادته هي إمضاء آرائه وكلماته، فلقد كان صادقاً، وحسن التفكير، وبموهبة قوية من الناحية الفكرية، والحمد لله ترك تراثاً جيداً لا يزال موضع استفادة لحد الآن. حسناً، ذكرنا أشياء ونقاطاً حول التربية والتعليم وحول جامعة إعداد المعلمين وانتهت.
يجب أن أتطرق لمسألتين أخريين على نحو الاختصار: إحداهما مسألة أمريكا، والثانية مسألة الاتفاق النووي. سمعتم البارحة أنَّ الرئيس الأمريكي قال كلاماً سخيفاً فارغاً، وربما كان في كلامه أكثر من عشر أكاذيب. تحدَّث عن قضية خروجهم من الاتفاق النووي، وهدّد أيضاً الشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية: «نفعل كذا ونفعل كذا ونفعل كذا»، وأنا أقول نيابة عن الشعب الإيراني: خسئت يا سيد ترامب!.
الرئيس الأمريكي هدّد الشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية وأنا أقول نيابةً عن الشعب الإيراني خسئت يا سيد ترامب.
دققوا جيداً، التفتوا، أريد منكم أيها الشباب وكل الذين سوف يسمعون هذا الكلام لاحقاً أن يدققوا ويتنبهوا جيداً لأنها من قضايا الساعة المهمة في الوقت الحاضر. قضية أمريكا قضية جدية. أمريكا عدوّتنا وهذا العداء ليس ضد شخصي أنا، أو ضد شخص مسؤولي النظام، بل هو ضد كل النظام الإسلامي، والشعب الإيراني اليوم يوافق هذا النظام ويسير في طريقه. هكذا هو هذا العداء. وهو لا يختص بهذا الشخص [الرئيس الأمريكي ترامب] فالحكومة الأمريكية والنظام الأمريكي عادى الجمهورية الإسلامية منذ ظهورها وكان سيئاً معها ويريد إسقاطها. وحتى الحكومة السابقة ـ حكومة أوباما ـ الذين كتبوا لي في رسائل وقالوا في تصريحاتهم إننا لا نقصد إسقاط الجمهورية الإسلامية، كانوا يكذبون، فهم أيضاً كانوا يقصدون إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، وقضية الاتفاق النووي وهذا الكلام مجرد ذريعة. لاحظوا، عندما بدأت القضية النووية والحظر كان هناك أشخاص من المعروفين في البلاد والمسؤولين رفيعي المستوى يراجعونني ويقولون «لماذا تصرون على الصمود والمحافظة على القضية النووية؟ لماذا تصرون عليها؟ فالأمريكيون سوف يتذرعون بها ويسيئون ويخبثون، فدعوها جانباً ولنسترح». كانوا يقولون هذا لي.
المسألة النووية شيء تحتاجه البلاد؛ إننا سنحتاج بعد عدة سنوات لعشرين ألف ميغاواط من الطاقة الكهروذرية.
وبالطبع فقد كان هذا كلاماً خاطئاً لأن المسألة النووية شيء تحتاجه البلاد، وهذا ما قلته مراراً. إننا سنحتاج بعد عدة سنوات لعشرين ألف ميغاواط من الطاقة الكهروذرية، وهذه هي حسابات المسؤولين المعنيين في البلاد، هذا ما نحتاجه، فمن أين نأتي به؟ يوم نحتاج لهذا الشيء، يقولون لنا اليوم إنكم تمتلكون نفطاً، حسنٌ، هذا النفط ليس أبدياً. عندما ينفد نفط هذه البلاد أو لا يكون لديها نفط بهذا الكم والوفرة، عندها يجب أن نبدأ تواً بالحصول على الطاقة النووية والإمكانيات النووية؟ هل يجب أن نبدأ في ذلك اليوم؟ ألن تلعننا الأجيال في ذلك الحين لأننا لم نبدأ في الوقت الذي كان يجب أن نبدأ فيه؟ كان هذا كلاماً خاطئاً: «وما هي حاجتنا؟»، بلى، نحن نحتاج [للطاقة النووية]. وحتى لو افترضنا أننا لا نحتاج، فقد كنتُ أقول لهم إن قضية إشكالات أمريكا وحظرها ضدنا وعدائها لنا لا تتعلق بالطاقة النووية، فالطاقة النووية ذريعة، ولو تركنا هذا الشيء لوجدوا ذريعة أخرى ومارسوا العداء نفسه. وكانوا يقولون «ليس الأمر كذلك»، فهل لاحظتم الآن أن الأمر كذلك. خضعنا في قضية الطاقة النووية في الاتفاق النووي بالشكل الذي أراده معارضونا ووافقنا لكن حالات العداء لم تنته، وراحوا يطرحون قضية تواجدنا في منطقة الشرق الأوسط وقضية الصواريخ. ولو أعلنتم غداً أننا لن نصنع صواريخ أو لن نصنعها بمدى يزيد عن المدى الفلاني، فسوف تنتهي هذه القضية لكنهم سوف يطرحون قضية أخرى وموضوعاً آخر. المعركة معركة أساسية، إنهم يعارضون نظام الجمهورية الإسلامية.
لماذا يعارضون نظام الجمهورية الإسلامية؟ سبب معارضة نظام الجمهورية الإسلامية هو أن الجمهورية الإسلامية قطعت يد هيمنة الأمريكيين على البلاد.
حسنٌ، لماذا يعارضون نظام الجمهورية الإسلامية؟ سبب معارضة نظام الجمهورية الإسلامية هو أن الجمهورية الإسلامية قطعت يد هيمنة الأمريكيين على البلاد. هذه هي كل القضية. كان الأمريكيون مسلطين تمام التسلط على بلدٍ بثروات وإمكانيات وموقع استراتيجي جغرافي حساس مثل إيران، وجاءت الثورة والجمهورية الإسلامية فقطعت يدهم، وهم يريدون القضاء على الثورة والجمهورية الإسلامية لهذا السبب. يريدون السيطرة والهيمنة، كما هم متسلطون للأسف على كثير من بلدان المنطقة. إنهم يريدون أن يأمروا «يجب أن تقوموا بهذا العمل» ويقوم حاكم البلد الفلاني في هذه المنطقة الحسّاسة بإطاعة أمرهم هذا بكلّ طيب خاطر! هذا ما يريدونه. تنبّهوا! هذه نقطة مهمة. ليست القضية قضية عواطف. ليست القضية قضية أن يتخذ الإنسان قراراً بشكل مفاجئ بسبب حادثة فجائية. إنما القضية قضية أساسية وجذرية. إنهم يريدون خدماً مطيعين، وقد فرضت الجمهورية الإسلامية عزتها عليهم، وهم لا يستطيعون تحمل ذلك. إنهم يريدون أن يكون هناك حكام يأخذون أموالهم وينتفعون من إمكانياتهم وطاقاتهم ويطيعون أوامرهم، ويغيرونهم متى ما رغبوا في ذلك، كما كان للبريطانيين ذات يوم مثل هذا الدور في المنطقة، فجاؤوا برضا خان ذات يوم، وفي يوم آخر رغبوا في ذهاب رضا خان فعزلوه وجاؤوا بابنه مكانه. هذا ما يريدونه. وللأسف فإن هذه الحالة موجودة في كثير من بلدان الخليج الفارسي وفي بلدان منطقة غرب آسيا. هؤلاء خاضعون خاشعون مقابل أمريكا. ما عسى أن يقول الإنسان: مثل العبد الذليل!
قبل يومين أو ثلاثة من الآن كتب ترامب رسالة إلى حُكام بلدان الخليج الفارسي ـ واستطعنا الاطلاع على هذه الرسالة ورؤيتها ـ يقول لهم في هذه الرسالة يجب أن تتفقوا كلكم، ويجب أن تفعلوا هذا الفعل، وتفعلوا ذاك الفعل، فقد أنفقتُ سبعة ترليون دولار من أجلكم هنا. التافه! أنفقتَ سبعة ترليون دولار لأجلهم؟ أنفقتَ سبعة ترليون دولار لتتسلط على العراق ولتهيمن على سوريا، لكنك لم تستطع، فإلى جهنم! يقول يجب أن تفعلوا كذا، وتفعلوا كذا، وتفعلوا كذا. يستعمل في كلماته يجب! وقد كتب هذه الرسالة وأرسلها لكل هؤلاء الحُكام. وهم يريدون أن يقولوا للجمهورية الإسلامية أيضاً «يجب»، ولأنهم لا يستطيعون فعل ذلك يعادونها ويريدون القضاء عليها. هذا هو سبب المعركة. الشعب الإيراني شعبٌ مستقل وعزيز. حكام هذا البلد السابقون ـ ملوك العهد القاجاري والعهد البهلوي ـ سلبوا عزة هذا الشعب وأذلوه وتركوه متأخراً ومتخلفاً وأخضعوه لما تفرضه القوى الكبرى، لذلك فقد تعوّد هؤلاء ويريدون عودة تلك الحالة. وجاء الإسلام اليوم ـ الجمهورية الإسلامية والنظام الإسلامي والثورة الإسلامية ـ فأعاد هذا الشعب إلى عزته، وهذا الشعب صامد، وهؤلاء لا يطيقون هذا. هذا هو سبب النزاع. لا يتصورنَّ أحدٌ أنه «لماذا تصرّون على الصمود على القضية الفلانية»! حيث كان البعض يأتون إلينا ويقولون ذلك، عفا الله عنهم.
سوف يتحول جسم ترامب إلى ترابٍ وطعامٍ للأفاعي والنمل وتبقى الجمهورية الإسلامية صامدة.
حسنٌ، هذا عن قضية أمريكا. إذن ما حدث؛ أي السلوكيات القبيحة الهابطة للرئيس الأمريكي الحالي، لم يكن بخلاف توقعنا أبداً، فهذه أعمال كانوا يمارسونها منذ البداية، وقد كان هذا الوضع في فترة الحكومة الأمريكية السابقة بشكل، والآن بشكل، وكان في الفترة السابقة له ـ فترة بوش الابن ـ بشكل. في كل فترة كانوا يمارسون خبثهم وعداءهم وملعنتهم ويعبّرون عنها تجاه الشعب الإيراني بشكل من الأشكال، والشعب الإيراني واقف باقتدار أمامهم جميعاً. والكثير منهم تحولت عظامهم إلى تراب وصارت أبدانهم تحت التراب طعاماً للديدان والنمل والأفاعي لكن الجمهورية الإسلامية بحمد الله صامدة مقاومة باقتدار. وهذا السيد سوف يتحول جسمه إلى تراب وطعام للأفاعي والنمل وتبقى الجمهورية الإسلامية صامدة. هذا فيما يتعلق بأمريكا.
أما حول الاتفاق النووي فلقد قلتُ منذ اليوم الأول مراراً وتكراراً: لا تثقوا بأمريكا! قلتُ هذا في الجلسات الخاصة وقلته في الجلسات العامة أمام الشعب. وقد قلته في الجلسات الخاصة أكثر. قلت لا تثقوا بهؤلاء، وإذا أردتم أن تبرموا اتفاقاً فاحصلوا على الضمانات اللازمة ثم تحدثوا ثم أبرموا الاتفاق ثم وقعوا. لا تثقوا بكلام هؤلاء. من الأشياء التي صرَّحتُ بها على وجه الخصوص في ذلك الحين هو أنني قلت إننا نقبل هذا الاتفاق بهذه الشروط ـ كانت عدة شروط ـ ومن تلك الشروط أنني قلت أن يقوم الرئيس الأمريكي حينها بالإعلان كتابة والتوقيع أنَّ الحظر قد رُفع. كان هذا من ضمن شروطنا، كان من شروطي، وعلى كل حال تحمّل المسؤولون المحترمون الجهود والمشاق وجدّوا وسعوا وتصبّبوا عرقاً لكنهم لم يستطيعوا، ولم يحصل هذا، وكانت النتيجة ما تشاهدونه: مضت سنتان أو سنتان ونصف عملنا خلالها بكل التزاماتنا وتعهداتنا، ويأتي هذا الرجل التافه ويقول إنني لا أوافق، وأخرج من الاتفاق، وأفعل كذا وكذا.
يُحتمل أن يُقال أننا نريد مواصلة الاتفاق النووي مع هذه البلدان الأوروبية الثلاثة، إنني لا أثق بهذه البلدان الثلاثة أيضاً. وأقول لا تثقوا بهم هم أيضاً.
يُحتمل أن يُقال أننا نريد مواصلة الاتفاق النووي مع هذه البلدان الأوروبية الثلاثة، إنني لا أثق بهذه البلدان الثلاثة أيضاً. وأقول لا تثقوا بهم هم أيضاً. وإذا أردتم الاتفاق معهم فاحصلوا على ضمانة ـ ضمانة واقعية حقيقية عملية ـ وإلّا فسوف يفعل هؤلاء غداً الشيء نفسه الذي فعلته أمريكا، ولكن بأسلوب آخر. الأساليب السياسية والدبلوماسية أساليب خاصة، يبتسمون أحياناً ويغرزون الخنجر في صدر الإنسان إلى المقبض وهم يبتسمون له. هذه هي الدبلوماسية بالتالي. بأخلاق حسنة، وبمديح وتمجيد بأنك «طيب جداً، وصالح جداً، وسيد مبجل، ونعلم أنكم لن تنقضوا الاتفاق»! إذا استطعتم الحصول منهم على ضمانة بحيث يمكن للمرء الوثوق فلا إشكال في ذلك، واصلوا مسيرتكم، وإذا لم تستطيعوا الحصول على مثل هذه الضمانة الحاسمة ـ وأعتقد أنه من المستبعد جداً أن تستطيعوا الحصول على ضمانة ـ فحينذاك لن يمكن السير ومواصلة الطريق بهذا الشكل.
القضية حساسة جداً. ومسؤولو البلاد اليوم عرضة لاختبار كبير، فهل سيحفظون عزة هذا الشعب العزيز واقتداره أم لا؟ يجب تأمين عزة هذا الشعب وينبغي تأمين مصالحه بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولحسن الحظ فإن المسؤولين أكدوا على الحفاظ على المصالح الوطنية وقالوا يجب تأمين المصالح، نعم، يجب تأمينها، ولكن لأجل تأمينها لا تثقوا بكلام الرئيس الفلاني، ورئيس الوزراء الفلاني، والمستشار الفلاني. فكلام هؤلاء لا اعتبار له، فهم يقولون اليوم شيئاً ويعملون غداً بشكل آخر، وهم لا يخجلون ولا يستحون أبداً. وللأسف فإن الشيء الذي لا يوجد في عالم الدبلوماسية هو الأخلاق الإنسانية، وخصوصاً عند الغربيين والأوربيين الذين لم يشمّوا رائحة الأخلاق أصلاً في علاقاتهم الدبلوماسية المختلفة، إنما يفكرون فقط في مصالحهم ويسيرون ويخططون طبقاً لها. يجب التعامل مع هؤلاء بدقة وعقل. إذن، ينبغي الحفاظ على عزة الشعب ومصالحه. ينبغي الحفاظ عليها بالمعنى الواقعي للكلمة، ويجب عدم الثقة بهم.
وأقولها لكم: يا أعزائي، أيها الشباب، يا أبنائي، إنني أرى المستقبل لكم، ولا أشكُّ في أن مستقبل هذا البلد سيكون أفضل من حاضره بكثير باتجاه النظام الإسلامي وباتجاه الإسلام والقيم الإسلامية (11). فليحفظ الله هذه الجاهزية والاستعداد فيكم، وليثبّت أقدامكم وأقدامنا ويجعل عواقبنا جميعاً على خير، وأن يحشرنا مع الذين نحبّهم ـ شهدائنا الأبرار وإمامنا الخميني الجليل ـ في الدنيا والآخرة، وأن يُرضِ عنّا القلب المقدس لإمامنا المهدي المنتظر.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الهوامش: