بسم الله الرحمن الرحيم
نرحب بجميع الإخوة الأعزاء و الأخوات العزيزات الحاضرين في هذا الحشد النوراني. الحمد لله على أن العلماء المحترمين، و الفضلاء الأعزاء، و طلبة العلوم الدينية الأعزاء، و أساتذة و مدراء الحوزة العلمية في قم كلهم حاضرون في هذا الاجتماع ما يجعله اجتماعاً ممتازاً نادراً.
و المناسبة هي مناسبة التبليغ، و هو في الحقيقة المهمة الأصلية و الجوهرية لي و لكم. و الأيام أيام مناسبة و مُلهمة جداً. بالأمس كانت ذكرى يوم المباهلة المباركة، و بعد أيام ستبدأ أيام محرم، و يوم السابع و العشرين من آذر - بعد عدة أيام - يوم اتحاد الحوزة و الجامعة. كل هذه المناسبات مهمة و ذات عبرة لنا نحن المشمّرين عن سواعدنا لتبليغ الدين و إبلاغ الحقيقة للقلوب و الأذهان.
يوم المباهلة هو اليوم الذي جاء فيه رسول الإسلام الكريم (ص) بأعز من لديه من البشر إلى الساحة. النقطة المهمة في باب المباهلة هي: »و أنفسنا و أنفسكم و نساءنا و نساءكم«.(1) اختار الرسول الأكرم أعزّ الناس و جاء بهم إلى الساحة للمحاججة التي يراد لها أن تكون مائزاً بين الحق و الباطل و مؤشراً نيراً أمام أنظار الجميع. لم يسبق أن أخذ الرسول في سبيل تبليغ الدين و بيان الحقيقة يد أعزائه و أبنائه و ابنته و أمير المؤمنين - و هو أخوه و خليفته - و أتی بهم إلى وسط الساحة. هذا هو الطابع الاستثنائي ليوم المباهلة، ما يدل على مدى أهمية بيان الحقيقة و إبلاغها. يأتي بهم إلى الساحة ليقول تعالوا نبتهل فيبقى من كان على الحق، و يحلّ العذابُ الإلهي بمن هو على خلاف الحق.
و مثل هذه القضية حصلت في محرم بشكل عملي. بمعنى أن الإمام الحسين (عليه الصلاة و السلام) أحضر من أجل بيان الحقيقة و التنوير على طول التاريخ أعزّ أعزائه للساحة. الإمام الحسين (عليه السلام) الذي كان يعلم كيف ستنتهي الواقعة، أخذ زينب و أخذ زوجاته و أبناءه و إخوته الأعزاء. هنا أيضاً كانت القضية قضية تبليغ الدين.. التبليغ بالمعنى الحقيقي للكلمة.. إيصال الرسالة، و تنوير الأجواء؛ هكذا يمكن فهم أبعاد قضية التبليغ و مدى أهميتها. في تلك الخطبة »من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله.. و لم يغيّر عليه بفعل و لا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله«(2) أي حينما يلوث السلطانُ الأجواء بهذا الشكل و حينما يخرِّب بهذا الشكل، يجب النـزول إلى الساحة و ممارسة التنوير إما بالفعل أو بالقول. و قد قام الإمام الحسين (عليه السلام) بهذه المهمة و بهذه التكاليف العالية. أخذ عياله، و زوجاته، و أعزاءه، و أبناء أمير المؤمنين، و زينب الكبرى إلى وسط الميدان.
و البعد العصري للقضية هو المناسبة الثالثة و هي الوحدة و الصلة بين الحوزة و الجامعة. هنا أيضاً المسألة مسألة بناء و إبلاغ. ارتباط منظومة الطلبة الجامعيين الهائلة بعلماء الدين و الشباب العاملين في طريق المعرفة الدينية و التبليغ الديني، و هو الشيء المحبّذ في هذه المناسبة، أي إن المناسبة من أجله. هذا هو معنى الوحدة بين الحوزة و الجامعة. و إلا ليس المراد الوحدة العينية و الخارجية، فهذا ليس له معنى. الحوزة حوزة و الجامعة جامعة. الوحدة و الارتباط الحقيقي بين مجموعتين مؤثرتين و مهمتين جرت السياسات - إلى أن أعلن إمامنا العزيز عن هذه الوحدة - على إبعادهما و فصلهما عن بعضهما.. تبقى الجامعة بعيدة عن الإسلام، و تبتعد الحوزة عن التطورات العالمية و التقدم العلمي.. تبقى هاتان المؤسستان بعيدتان عن بعضهما، فلا يساعد هذان الجناحان بعضهما على العروج و لا ينسّقان بين بعضهما. هذه القضية تعود إلى مسألة التبليغ، و هنا تبرز أهمية التبليغ. حينما ندرس إنما نفعل ذلك من أجل أن نستطيع إبلاغ الرسالة الإلهية، سواء على صعيد المعارف الإلهية أو على صعيد الأحكام الدينية، أو على مستوى الأخلاق الإلهية.
إذن، هذه المناسبات و أساس قضية التبليغ تختص بالعمل المصحوب بالبصيرة و اليقين. لا بد من البصيرة. اليقين هو الإيمان القلبي الملتزم، و هو حالة لا بد منها، إذ يجب السير على أساس هذه البصيرة و اليقين. إذا كانت البصيرة و إذا كان اليقين و لكن لم يجر إنجاز عمل ما فهذا غير محبّذ أي إن عملية التبليغ لم تحصل. و إذا تم تبليغ شيء معين و لكن من دون بصيرة و لا يقين - من دون هذا أو من دون تلك - لكان هناك ركن خائر مهدوم، و لن تتأتّى الغاية المرجوّة. اليقين هو ما أشارت إليه الآية: »آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه و المؤمنون كلٌّ آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله«،(3) بمعنى أن الشخص الأول الذي يتوفر على اعتقاد و إيمان عميق بالرسالة هو حامل الرسالة نفسه. و إذا لم يكن هذا فلن تستمر المهمة و لن يكتب لها النفوذ و النجاح. و يجب لذلك الإيمان أن يترافق مع البصيرة. و قد ذكرت بعض الأفكار حول البصيرة و اتضح الأمر. هذا هو العمل الصالح. أي »إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات«.(4) و الحق أن العمل الصالح و المصداق الأتم للعمل الصالح هو هذا التبليغ الذي يجب أن يحصل. إذن، يجب التفكير و العمل حول التبليغ. النقطة التي ذكرها حضرة الشيخ مقتدائي(5) في كلمته لم أكن قد سمعتها، و هي نقطة مهمة بالنسبة لي حيث قال إنه تم تأسيس مركز تصميم و تخطيط للتبليغ الديني. هذا هو الشيء الذي أردت المطالبة به و التأكيد على ضرورة إنجازه.
لاحظوا أن التبليغ في العالم اليوم احتل دوراً كبيراً، و قد كان الأمر كذلك دوماً. لم تكن هذه الوسائل من قبل و لم تكن هذه الاتصالات القريبة. نحن المعممين لنا ميزة التبليغ القريب وجهاً لوجه. هذه عملية نادرة لا يعوض عنها أي شيء.. صعود المنابر و التحدث إلى الناس مباشرة. هذا الأسلوب من جهة انجع من كل أساليب التبليغ - و الأساليب الفنية و ما إلى ذلك ضرورية أيضاً في مواضعها - لكن لهذا الأسلوب تأثير خاص و هو يملأ فراغاً لا تملؤه سائر الأساليب و الأجهزة التبليغية. إذن، التبليغ مهم و هو اليوم أداة أساسية. و لدينا أحد الأساليب المؤثرة في التبليغ.
نريد أن نقول إن التبليغ يجب أن يخلق تياراً و يصنع خطاباً، و يخلق أجواءً. الخطاب معناه المفهوم و المعرفة الشاملة في برهة من الزمن داخل مجتمع معين. فإذا كان هذا كان خطاباً للمجتمع. و مثل هذا الشيء لن يحصل بالأعمال المتفرقة غير المبرمجة، إنما هو مهمة تحتاج إلى برمجة و عمل فعّال أشبه بالنفخ المستمر في آلة ضغط توصل الماء أو الهواء إلى نقاط مقصودة مختلفة. ينبغي النفخ باستمرار ليبقى هذا الاشتعال و لا ينطفئ. يجب أن لا تتوقف هذه العملية و هي بحاجة إلى برمجة.
لماذا صناعة الخطاب هذه؟ من أجل ترشيد الفكر الديني و المعرفة الدينية لدى الجماهير و لدى المتلقين. إذا رشد الفكر الديني و كان مصحوباً بالشعور بالمسؤولية و الالتزام فسوف يفوز العمل و يحصل الشيء الذي رنا إليه الأنبياء. الثقافة الصحيحة و المعرفة الصحيحة يفعل فعل الإيقاظ و التوعية في بعض المواطن.. هذه هي فاعليات التبليغ و الآثار و النتائج المترتبة على التبليغ.
من نماذج ذلك التبليغ في شهر محرم الذي يتم بمناسبة العزاء في محرم. هذه أفضل فرصة للتبليغ. ينبغي استثمار هذه الفرصة لأجل تلك المسألة التي ذكرناها.. من أجل إيجاد المؤشر، و المائز، و من أجل خلق المؤشر و رسم معالم الطريق. إذا لم تكن هنالك لوحة في مفترق طريقين تشير إلى أين ينتهي هذا الطريق على اليمين و إلى أين يفضي ذلك الطريق الذي على اليسار، فإن السائر سوف يذهب في الطريق الخطأ. و إذا كانت الطرق متعددة فسوف يضل. ينبغي رسم مؤشرات، و يجب رفع أصابع التأشير واضحةً أمام أعين الجميع حتى لا يضلوا. في عالم يقيم فيه أعداء الحقيقة أساس أمورهم على الفتنة، يجب أن يقيم أنصار الحقيقة أساس أمورهم على البصيرة و الهداية و أن يوضحوا هذه البصيرة ما استطاعوا، و أن ينصبوا هذه المؤشرات و هذه المميزات و هذه المعالم في الطريق بأكثر و أوضح و أجلى ما يمكن أمام أنظار الجميع حتى يفهم الناس و يشخصوا الأمور و لا يسيروا في طريق الضلال.
من الأفكار ذات الصلة بالتبليغ ما ورد في آية سورة الأحزاب المباركة التي تليت هنا: »الذين يبلغون رسالات الله و يخشونه و لا يخشون أحداً إلا الله و كفى بالله حسيباً«،(6) و الشرط الثاني »و لا يخشون أحداً إلا الله«. أولاً لا بد من الخشية الإلهية، بمعنى أن يكون العمل لله و في سبيل الله و مستلهماً من التعاليم الإلهية. إذا كان خلافاً للإلهام الإلهي و ما يستلهم من التعاليم الإلهية فهو ضلالة. »فماذا بعد الحق إلا الضلال«.(7) فهم الحق يحصل بالخشية الإلهية. ثم في مرحلة بيان الحق: »و لا يخشون أحداً إلا الله« لماذا؟ لأن للحق و الحقيقة أعداؤهما. ليس بيان الحقيقة بالأمر اليسير. أعداء الحقيقة هم أرباب الدنيا، و العتاة، و طواغيت العالم. هكذا كان الأمر على مرّ التاريخ، و سيبقى الأمر كذلك إلى الأخير و حتى زمن دولة الحق بقيادة الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه). هؤلاء العتاة لن يبقوا مكتوفي الأيدي، بل سوف يختلقون العراقيل و يوجهون الضربات و يستخدمون كل ما يملكونه من أدوات و وسائل. إذن، لا بد من الشرط »و لا يخشون أحداً إلا الله«، و إلا لو كان هناك خوف مما سوى الله.. الخوف بأنواعه و أقسامه.. ليس الخوف على شاكلة واحدة، إذا كان ثمة خوف مما سوى الله فسوف نكون أمام طريق مسدود. تارة يخاف الإنسان على روحه، و تارة يخاف على ماله، و تارة يخاف على سمعته و ماء وجهه، و تارة يخاف من كلام الناس و أقوال هذا و ذاك.. هذه كلها مصاديق للخوف. ينبغي نبذ هذه المخاوف جانباً.. »و لا يخشون أحداً إلا الله«.. هذه المسألة تتطلب مشقة كبيرة. وهي مشقة و جهد و أتعاب غالباً ما لا يعلم بها الناس و لا يدرون كم من الجهود و المشاق تبذل. و يقول بعد ذلك: »و كفى بالله حسيباً«، أي أترك الحساب على الله. إنه الإخلاص و المبادرة المنبعثة عن اليقين و بكل شجاعة و شهامة، و ترك الحساب و الكتاب على الله. هذا هو الشكل العام للتبليغ الإسلامي.
و أقول حول التبليغ في موسم محرم - الذي نستقبله قريباً - إن البعض قد يقولون إنكم تريدون استعراض نهضة الإمام الحسين، حسناً، استعرضوا نهضة الإمام الحسين، لماذا قراءة التعزية و البكاء و النحيب و ما إلى ذلك؟ اجلسوا و اذكروا أن الإمام الحسين فعل كذا و كذا و كان هدفه كذا و كذا. هذه فكرة خاطئة جداً و نظرة مغلوطة. هذه العاطفة تجاه أولياء الله و أولياء الدين، و هذه الآصرة العاطفية تعدّ رصيداً قيماً جداً للمسيرة الفكرية و العملية. من دون هذا الرصيد سيكون من الصعب جداً التحرك في هذا الطريق. هذه الآصرة العاطفية مهمة جداً. حين أوصى الإمام الخميني الراحل (رضوان الله عليه) بإقامة العزاء بالطريقة التقليدية لم يكن كلامه هذا بدافع التعويد بل هو كلام عميق جداً. لاحظوا أن في القرآن الكريم ثلاثة تعبيرات بخصوص الأولياء الإلهيين:
أحد التعبيرات هو تعبير الولاية: »إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون«.(8) القضية هنا قضية ولاية. و من الجلي أن الآصرة و الارتباط و المعرفة أمور داخلة كلها تحت عنوان الولاية.
و هناك قضية الطاعة: »أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم«،(9) إطاعة الرسول و إطاعة أولي الأمر. هذه قضية تندرج على الصعيد العملي. ينبغي تحقيق الطاعة و الاتباع على الصعيد العملي.
و لكن ثمة قضية ثالثة هي قضية المودّة.. »قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودّة في القربى«.(10) ما هي هذه المودّة؟ كونوا أولياء لهؤلاء و أطيعوهم، فلماذا المودة إذن؟ المودة هنا دعامة و سند. إذا لم تكن هذه المودة لنـزل بالأمة الإسلامية ذات البلاء الذي نزل في العصور الأولى ببعض الذين تركوا هذه المودة جانباً، فكانت عاقبتهم أن تركوا الطاعة و الولاية أيضاً بشكل تدريجي. قضية المودة على جانب كبير من الأهمية. تحصل المودة بهذه الأواصر العاطفية و عبر ذكر مصائبهم و خلق نوع من الترابط العاطفي.. ذكر مناقبهم و فضائلهم يخلق نوعاً من الرباط العاطفي.
إذن، هذه التعزيات التي تقام، و هذا البكاء و النحيب، و ذكر أحداث عاشوراء، هذه كلها أمور ضرورية لازمة. لا يأتي البعض من منطلق الاستنارة و يقولوا: لم تعد هناك ضرورة لهذه الأمور، لا، هذه أمور ضرورية، و هي ضرورية إلى آخر المطاف.. هذه الأعمال التي يقوم بها الناس. طبعاً، ثمة أشكال سيئة ذكرناها مثل التطبير الذي قلنا إنه ممنوع و يجب أن لا يحصل. هذه من دواعي تجرّؤ الأعداء و تقوّلهم على محبّي أهل البيت. لكن هذه التعزيات المتعارفة و مواكب اللطم، و رفع الأعلام، و إعلان المحبة، و كتابة الشعارات، و قراءة التعازي و البكاء، هذه ممارسات تزيد من الوشائج العاطفية يوماً بعد يوم. هذه أمور جيدة جداً. هذه هي أهمية التبليغ.
إذن، يجب بالتأكيد القيام بعمل جيد في الحوزة العلمية - و مركزها من كل النواحي هو مدينة قم - من أجل ترتيب الأمور و خلق التيارات و تنسيق الأعمال و رسم السياسات للتبليغ. و قد بشّرونا الآن بمثل هذا العمل الجيد و سوف تتابع الأمور إن شاء الله. ربما يجب تبليغ بعض الأمور في فترات معينة.. مثلاً نحتاج لذكرها مدة خمسة أعوام أو عشرة أعوام، و بعد ذلك قد لا نحتاج إلى ذكرها على الإطلاق. ينبغي التخطيط لهذه الأمور. هذا ما نوصي به المبلغين و طلبة العلوم الدينية و الفضلاء دوماً أن يرصدوا الاحتياجات و يتحدثوا حسب احتياجات المتلقين و استفهاماتهم و أسئلتهم. لكن هذه ليست مهمة فرد واحد. الأفراد قد يخطئون في معرفة الأمور و تقييمها أحياناً. هذه مهمة جماعة منظمة تقوم بتخطيط و برمجة مدروسة. و هذا ما سيحدث إن شاء الله.
أهم فترة و زمان و مكان يكتسب فيه التبليغ معناه هو موضع الفتنة. المشقة الأكبر في زمن صدر الإسلام و في عهد الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) هي مشقة المنافقين. و بعد عهد الرسول أي في زمن أمير المؤمنين الإمام علي برزت مشاق كانت نتيجة اصطدام الحكومة الإسلامية بأشخاص يدعون الإسلام. و استمر الحال كذلك في فترات الأئمة (عليهم السلام) حيث كانت الأجواء أجواء مضبّبة مغبّرة. و إلا حينما تكون القضية قضية معركة بدر لن يكون الأمر صعباً.. حينما كان المسلمون يحضرون في سوح الحرب ليقاتلوا أعداءً واضحين و واضح ما يقولون لم تكن القضية صعبة. القضية تصعب حينما يقف الإمام علي مقابل أشخاص يدعون الإسلام و يعتقدون بالإسلام. لم يكونوا ممن لا يعتقد بالإسلام أو من المرتدين عن الإسلام، لا، كانوا يعتقدون بالإسلام لكنهم يسيرون في الطريق الخطأ و قد غلبتهم أهواؤهم النفسية. هذه أصعب المواقف التي تضع الأفراد أمام الشبهات، إلى درجة أن أصحاب عبد الله بن مسعود يأتون إلى الإمام علي ليقولوا له: »لقد شككنا في هذا القتال«،(11) لماذا يجب أن يشكّوا؟ شكوك الخواص هذه تنخر أسس الحركة الصحيحة للمجتمع الإسلامي كما تفعل الأرضة. أن يشك الخواص في الحقائق الجلية حالة تخلق المشكلات و الصعاب للعمل بشكل أساسي. هذه هي المشكلة التي واجهها الإمام علي. و كذا الحال اليوم أيضاً. حينما ننظر اليوم على مستوى العالم نرى أن الوضع على نفس الشاكلة. و كذا هو الحال على مستوى مجتمعنا الداخلي أيضاً. لا بد من التبيين و الإيضاح.
و على المستوى الدولي يستخدم الأعداء اليوم جميع الأدوات من أجل تلويث أذهان عموم الناس و الشعوب في العالم خواصهم و عوامهم.. يفعلون ذلك بقدر المستطاع.. إنهم يسعون سعيهم لذلك. يتشدقون بالقانون و حقوق الإنسان و مناصرة المظلومين.. هذه كلمات جميلة و جذابة بيد أن الحقيقة شيء آخر. قال رئيس جمهورية أمريكا قبل أيام: إننا نروم أن تتحمل الحكومات الخارقة للقانون مسؤولياتها. حسناً، أية حكومة خارقة للقانون؟ أية حكومة أكثر خرقاً للقانون من الحكومة الأمريكية؟ بأي قانون احتلت الحكومة الأمريكية العراق و فرضت على الشعب العراقي كل هذه الخسائر البشرية و المادية و المعنوية؟ على أساس شائعة كاذبة اختلقوها هم بأنفسهم هجموا على العراق حيث قتل مئات الألوف من الشعب العراقي في غضون الأعوام القليلة المنصرمة، و تشرد الملايين من أبناء الشعب العراقي. جاء في الأخبار قبل مدة أن خمسمائة و خمسين عالماً عراقياً اغتالتهم إسرائيل. هل هذا بالشيء القليل؟! تعبأت فرق الاغتيال و ذهبت و اغتالت العلماء العراقيين واحداً واحداً. هذا نتيجة الاحتلال الأمريكي. بأي قانون دخلتم العراق؟ و بأي قانون بقيتم إلى اليوم؟ و بأي قانون تتصرفون مع الشعب العراقي بهذه الطريقة المهينة؟ بأي قانون احتللتم أفغانستان؟ و بأي قانون دولي مقبول عقلياً تضاعفون عدد قواتكم في أفغانستان؟ كم حدث أن قصفت الطائرات الأمريكية قوافل الأعراس في أفغانستان؟ حدث هذا مرات و مرات طوال الأعوام الماضية. و قتل العشرات في كل واحدة من هذه الأحداث.. الناس الذين كانوا يشاركون في احتفال عرس. ثم يظهر الضابط الأمريكي و يقول بكل وقاحة: إننا نلاحق طالبان! نضرب طالبان أينما وجدناهم! ما شأنكم إذن و أعراس الناس؟ ما شأنكم و حياة الناس؟ قبل مدة وجيزة فعلوا مثل هذا في هرات و قتل أكثر من مائة شخص كان خمسون منهم أطفالاً. أنتم مظهر خرق القوانين. الحكومة الأمريكية اليوم هي الأكثر خرقاً للقانون في العالم.
هذه هي حقيقة القضية، لكن اللغة التي يستخدمونها هي ما ذكرناه، يقولون: إننا نعارض خرق القانون! و الحكومات الخارقة للقانون يجب أن تتحمل مسؤولياتها! لاحظوا، هذه هي الفتنة. ما الذي يستطيع فضح هذه المؤامرات، و هذا السيل الموحل الفاسد من أذهان الرأي العام العالمي سوى التنوير الذي يحطّم هذه الظلمات. ما الذي يستطيع تحطيم هذا الظلام سوى مصابيح و مشاعل بيان الحقيقة؟ لاحظوا كم الواجب ثقيل.
و كذا الحال في مجال المسائل الدينية. من الأمور التي تتابعها أيدي الفتنة في العالم اليوم بكل جد هو الاختلافات المذهبية و الطائفية بين المسلمين. لأن المنطقة التي يعيش فيها المسلمون منطقة حساسة و كبيرة الفائدة واستراتيجية و نفطية وهم في حاجة إليها، و الإسلام يخلق لهم العراقيل في هذا السبيل. إذن، يجب أن يعالجوا مشكلة الإسلام بالنسبة لهم بشكل من الأشكال. و من السبل الجيدة التي وجدوها هي زرع الخلافات بين المسلمين. و أداة الخلافات هي العصبيات الطائفية. ما الذي يمكنه الوقوف بوجه هذه المساعي؟ البصيرة، و التنوير، و التبليغ الصحيح، و عدم الوقوع في فخ العدو. هذا على الصعيد الدولي.
و كذا الحال على الصعيد الداخلي. لاحظوا أن عدداً من الأفراد خرقوا القانون و اختلقوا الاضطرابات، و شجعوا الناس قدر مستطاعهم على الوقوف بوجه النظام - طبعاً كانت سيوفهم كليلة، و لم ينجزوا الشيء الذي أرادوا إنجازه، هذا بحث آخر.. لكنهم على كل حال بذلوا ما كان بوسعهم - هؤلاء فسحوا المجال لأعداء الثورة و أعداء الإسلام كي يطيلوا ألسنتهم، و وفروا لهم الجرأة. عملوا ما من شأنه أن يتجرأ الذين يختزنون الحقد ضد الإمام و يأتوا إلى الجامعة و يهينوا صور الإمام.(12) فعلوا ما من شأنه أن يقوم العدو اليائس القانط و يتشجّع و يأتي أمام أنظار حشود الطلبة الجامعيين الذين هم من محبّي الإمام و الثورة دون شك، و من عشاق العمل لبلادهم و وطنهم و الجمهورية الإسلامية، و يقترف مثل هذه الإهانة و مثل هذا الفعل الكبير. ذلك خرقهم للقانون و إثارتهم للاضطراب - تشجيعهم على الاضطراب و جرّهم الناس إلى ساحة التوتر - و هذه هي نتائجه. تحدث هذه الأخطاء و الأعمال الخلافية و الممارسات المغلوطة، ثم من أجل التستّر على خطأ هذه الأعمال الخاطئة ينسجون الفلسفات حولها و يقدمون الاستدلالات لتبريرها! هذه من الابتلاءات الكبرى للإنسان. كلنا معرضون للخطر و يجب أن نحذر و نراقب. نفعل الفعل الخطأ، ثم من أجل أن نستطيع الدفاع عن فعلتنا مقابل ضمائرنا، و حيال استفهامات الشعب، و أمام أنظار السائلين، ننحت لها الفلسفات و الأدلة لتبريرها!
هذه أمور تخلق الفتن، أي إنها تجعل الأجواء ملبدة حالكة. يرفعون شعارات مناصرة القانون و يفعلون أفعالاً تخرق القانون بصراحة. يرفعون شعارات مناصرة الإمام ثم يفعلون ما من شأنه وقوع مثل هذا الذنب الكبيرة على مسرح مناصرتهم و تأييدهم .. يهينون الإمام و يهينون صورته. هذا ليس بالعمل القليل و لا هو بالفعل الصغير. لقد فرح الأعداء لهذا الفعل كثيراً. و هم ليسوا فرحين فقط بل يحللون الحدث، و يتخذون القرارات على أساس هذا التحليل، و يعملون على أساس ما يتخذونه من قرارات. يتلقون التشجيع ضد المصالح الوطنية، و ضد الشعب الإيراني. الشيء الذي يخلق المشكلة هنا هو هذا الخداع و هذه الأجواء المضببة، و الشيء الذي ذكره الإمام علي بن أبي طالب (عليه الصلاة و السلام) حين قال: »و لكن يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه«.(13) يخلطون كلمة حق بكلمة باطل فيشتبه الحق على أولياء الحق. هنا يكتسب التنوير و تشخيص المؤشرات و المميزات معناه.
الشخص الذي يعمل للثورة و للإمام و للإسلام بمجرد أن يرى أن كلامه و تصرفاته أدت إلى نشوء توجّه ضد هذه المبادئ، سوف يتنبّه و يتفطّن فوراً. فلماذا لا يتنبّهون؟ حينما سمعوا أن الإسلام قد حُذف من الشعار الأهم للجمهورية الإسلامية: »استقلال، حرية، جمهورية إسلامية« عليهم أن يعودوا إلى صوابهم و يفهموا أن الطريق الذي يسيرون فيه خطأ و أن عليهم التبرّؤ من هذه الأفعال. عندما يرون أنه في يوم القدس و هو يوم للدفاع عن فلسطين و مناهضة الكيان الصهيوني الغاصب، تُرفع الشعارات لصالح الكيان الصهيوني الغاصب و ضد فلسطين، عليهم أن يتنبّهوا، و ينسحبوا، و يقولوا: كلا، كلا، لسنا مع هذا التيار. حين يرون زعماء الظلم و الاستكبار في العالم يدعمونهم، و رؤساء أمريكا و فرنسا و بريطانيا و من هم مظهر الظلم - سواء في الزمن الراهن أو في العهد التاريخي الممتد منذ مائة عام أو مائتي عام و إلى اليوم - يدعمونهم يجب أن يدركوا أن خللاً ما ينتاب أمرهم.. يجب أن يتنبّهوا. حينما يرون أن جميع الأفراد الفاسدين و الملكيين يدعمونهم، و الشيوعيين يدعمونهم، و الراقصات و المطربين الهاربين من البلاد يدعمونهم يجب أن يتنبّهوا و يفتحوا أعينهم و يفهموا أن وضعهم فيه خلل و إشكال. ينبغي أن يعودوا فوراً و يقولوا: كلا، إننا لا نريد دعمكم. لماذا يترددون؟ هل يمكن بذريعة العقلانية تجاهل هذه الحقائق الساطعة؟ هل من العقلانية أن يعتبركم أعداء هذا الشعب و أعداء هذا البلد و أعداء الإسلام و أعداء الثورة منهم و يصفّقوا و يصفّروا لكم، و أنتم تفرحون بذلك و ترتاحون له.. هل هذه عقلانية؟! هذا هو الطرف المضاد للعقل. العقل هو أن تسحبوا أنفسكم بمجرد أن تجدوا شيئاً بخلاف المباني التي تدّعونها، و تقولوا: كلا، كلا، كلا، نحن بريئون من هذا. بمجرد أن رأيتم صورة الإمام الخميني تهان، يجب أن تدينوا هذا العمل بدل أن تنكروا وقوعه.. و فوق إدانته و الأهم من إدانته هو أن تفهموا حقيقة هذا الفعل و عمقه، و تفهموا كيف يخطط العدو و ماذا يريد؟ على السادة أن يفهموا هذا. أنا استغرب! الذين اكتسبوا عناوينهم و شخصياتهم من الثورة - البعض لم يتلقّوا حتى صفعةً واحدةً في سبيل الثورة إبان فترة الطاغوت و إرهابه و قمعه - و احرزوا عناوين و مكانةً ببركة الثورة، و كل ما لديهم إنما هو بفضل الثورة، و ترون كيف أن أعداء الثورة استعدوا و اصطفوا و هم فرحون و يضحكون.. أنتم ترون هذا طبعاً؟ أصحوا على أنفسكم و تنبهوا.
أنتم إخوتنا السابقون. هؤلاء أشخاص بعضهم تعرض للإهانة بسبب مناصرته للإمام. و لاحظوا الآن أن الذين يهتفون لهم و باسمهم و يرفعون صورهم، و يذكرون أسماءهم بتكريم و احترام، يهتفون ضد الإمام و ضد الثورة و ضد الإسلام، و يفطرون علناً في يوم القدس في شهر رمضان.. أنتم ترون هذا.. لذلك يجب أن تنسحبوا. لقد انتهت الانتخابات. كانت هناك انتخابات، و كانت عامة و صحيحة، و لم يستطيعوا تسجيل إشكال عليها و إثباته.. لكنهم أطلقوا دائماً دعاوى معينة و أعطيت لهم الفرصة.. قلنا لهم تعالوا و اثبتوا، فلم يستطيعوا و لم يأتوا، و انتهى الأمر. الالتزام بالقانون يقتضي من الإنسان حتى لو لم يكن مؤمناً برئيس الجمهورية الذي انتخب، لكن لأنه يحترم القانون يجب عليه أن يخضع للقانون. واضح أنه لا أحد يستطيع القول إن الشخص الذي تم انتخابه حَسَن مائة بالمائة و أن الشخص الذي لم ينتخب قبيح مائة بالمائة. لا، الكل لديهم حسن و قبح. هذا الطرف لديه حسن و قبح، و ذاك الطرف أيضاً لديه حسن و قبح. القانون هو الملاك و المعيار. لماذا يحدث هذا، لماذا؟ إنه هوى النفس.
و هو ليس شيئاً يختص باليوم و الحاضر فقط. الذين يتذكرون بدايات الثورة يعلمون أن البعض من أنصار الإمام و المقربين إليه وصل بهم الأمر في العقد الأول للثورة و في أوان حياة الإمام إلى الوقوف بوجه الإمام و معارضته، و أصروا على أن يخضعوا الإمام و يهزموه و يثبتوا خطأ حركة الإمام (رضوان الله تعالى عليه) ذلك الرجل الإلهي الكبير، لكنهم انحرفوا بعد ذلك. الثورة طردت هؤلاء. بعض الذين كانوا من المقربين للإمام و من أنصاره وصل بهم الأمر إما إلى اللجوء للعدو، أو مجابهة الثورة، أو توجيه الضربات للثورة. هذه يجب أن تصبح عبراً لنا جميعاً.. يجب أن تصبح عبراً نفهمها.
إنني لا أؤمن أبداً بالإقصاء، و قد قلت هذا في صلاة الجمعة. اعتقد بالحد الأقصى من الاجتذاب و الحد الأدنى من الإقصاء. و لكن كأن البعض يصرّون هم أنفسهم على الابتعاد عن النظام. اختلاف داخل العائلة و داخل النظام - تمثل في التنافس الانتخابي - حوّله البعض لكفاح ضد النظام - و هؤلاء طبعاً أقلية صغيرة و هم صفر مقابل عظمة الشعب الإيراني لكنهم يهتفون باسم هؤلاء و هؤلاء يفرحون لذلك - هذا شيء يجب أن نعتبر منه. على عملية التبليغ أن تستطيع إيضاح هذه الحقائق للشعب و لهم ليفهموا أنهم على خطأ.
طبعاً هذا النظام نظام إلهي. هذا النظام نظام أظهر الله تعالى مراراً و كراراً لطفه و حمايته له. تجاربنا منذ بداية الثورة تدل كلها على هذا المعنى. إذا كنّا مع الله كان الله معنا. هؤلاء الناهبون العالميون الذين يريدون اليوم بمنطقهم المغلوط الهزيل على المستوى الدولي - و الذي أشرت إليه - إدارة العالم و السيطرة عليه سوف يتلقون بالتأكيد صفعة من هذا الشعب و من الشعوب المستقلة بحول الله و قوته. هؤلاء لم يعرفوا الإسلام و لم يعرفوا هذا الشعب، و لم يعرفوا هذه الثورة، و لم يعرفوا إمامنا الراحل العظيم.. لا يعلمون من هو طرفهم المقابل. و لم يعرفوا هذا الشعب.. إنه شعب مقاوم. شبابنا شباب يسعون من أعماق أرواحهم و بالمعنى الحقيقي للكلمة لنيل السعادة.. السعادة المتوفرة في الإسلام. و كذا الحال بالنسبة لطلبتنا الجامعيين. طلبتنا الجامعيون اليوم من أفضل الطلبة الجامعيين و أكثرهم تفوقاً، لا من حيث الذهنية و العلم فقط، بل حتى من حيث الإخلاص و النقاء و المعنوية و الإيمان.. طلبتنا الجامعيون جيدون جداً. و في هذه القضايا بالذات شوهد مراراً أن الجامعات خرجت من التحديات مرفوعة الرأس. لقد أثبتت الجامعة في هذه القضايا أنها متواجدة في الساحة و أنها تتحلى بالوعي و اليقظة. و كلما ازداد هذا الترابط بين الحوزة و الجامعة كلما ازدادت هذه المعنوية و هذه الحالة الروحية.
ما نطلبه من الشعب طبعاً هو: في قضية إهانة الإمام الراحل (رضوان الله عليه) غضب شعبنا و معه الحق، و أعلن البراءة و كان إعلانه هذا جيداً و في محله. و لكن على الشعب أن يحفظ هدوءه. و هذا ما نطلبه أيضاً من الطلبة الجامعيين.. حافظوا على الهدوء. الذين يقفون بوجهكم ليسوا أصحاب جذور أو بوسعهم البقاء و المقاومة حيال عظمة هذا الشعب و عظمة هذه الثورة، لا، بهدوء، افعلوا كل شيء بهدوء. إذا اقتضى الأمر في وقت ما سيفعل المسؤولون أنفسهم، و القانون، و حماة القانون ما ينبغي عليهم من واجبات. طبعاً يجب أن يقوموا بالتشخيص، و على الطلبة الجامعيين أنفسهم معرفة العناصر المسببة للفساد في البيئة الجامعية و إعلام الآخرين بهم. هذا بحد ذاته تبليغ صائب و صحيح. ليعلموا و يعرفوا ما هي ارتباطات هؤلاء و توجهاتهم، و لكن يجب أن تجري كل الأمور بهدوء. ليس من المصلحة نشوب التوتر و الشغب و النـزاعات على مستوى المجتمع. هذا شيء يريده الأعداء. الأعداء يريدون لمجتمعنا أن لا يسوده الهدوء. الأمن هو المهم. أعداء أمن الشعب يحبون أن يعيش الشعب أجواء انعدام الأمن، و يعيش ببرم و غيض و انزعاج.. و هذا ما لا نريده نحن. نحن نريد أن تكون حياة الناس حياةً هادئة، فيستطيع الطالب الجامعي أن يدرس، و يستطيع طالب العلوم الدينية أن يدرس، و يستطيع العالم القيام ببحوثه العلمية، و العامل، و الفلاح، والتاجر يستطيعون جميعاً القيام بأعمالهم. و البيئة الجامعية بدورها يجب أن تكون بيئة آمنة. شباب الناس و أبناؤهم مجتمعون في الجامعات، و الناس يريدون لأبنائهم أن يعيشوا في أجواء آمنة. الذين يزعزعون أمن الجامعة بشغبهم إنما يجابهون الناس و يتحدون الشعب. طبعاً للأجهزة القانونية واجباتها و عليها القيام بهذه الواجبات.
اعلموا أيها الشباب الأعزاء؛ أيها الطلبة الأعزاء؛ أيها الفضلاء الشباب، أعلموا أن الآية المباركة: »فأما الزبد فيذهبُ جفاءً و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض«(14) لها اليوم مصداقها التام في زمانكم و سوف ترون هذا المصداق. سترون بفضل من الله أنه »و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض«. هذا البناء المتين ذو الهندسة الإلهية، و الذي شيّده رجل إلهي، و بقاؤه رهن بإرادة هذا الشعب العظيم و إيمان هذا الشعب العظيم سيبقى شامخاً، و سوف تتجذر هذه الشجرة إن شاء الله أكثر فأكثر على مرّ الزمن، و سترون أن هؤلاء المعارضين و الذين يعادون هذا الصرح وهذا الحق و هذه الحقيقة »فيذهب جفاءً« أي إنهم سوف يضمحلّون أمام أعينكم إن شاء الله.
نتمنى أن يجعل الله تعالى القلب المقدس لإمامنا المهدي المنتظر عطوفاً علينا جميعاً، و أن تشملنا أدعيته (عج)، و أن يجعل أرواح الشهداء الطيبة و روح إمامنا الجليل راضية عنّا إن شاء الله.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الهوامش:
1- سورة آل عمران، الآية 61.
2- مقتل أبي مخنّف، ص 85.
3- سورة البقرة، الآية 285.
4- سورة البقرة، الآية 277.
5- رئيس الحوزة العلمية في قم.
6- سورة الأحزاب، الآية 39.
7- سورة يونس، الآية 32.
8- سورة المائدة، الآية 55.
9- سورة النساء، الآية 59.
10- سورة الشورى، الآية 23.
11- وقعة صفين، ص 115.
12- شعار الحضور: »الخميني روحي.. الخميني محطّم الأصنام«.
13- نهج البلاغة، الخطبة 50.
14- سورة الرعد، الآية 17.