الحجُ مُنية المؤمنين، وعيدُ المشتاقين، ورزق السعداء الروحاني، وإذا اقترن بمعرفة عمق مكنوناته، فهو علاج الآلام الرئيسة للأمة الإسلامية، بل للبشرية جمعاء.
سفر الحج ليس كسائر الأسفار التي تُقصد للتجارة أو السياحة أو شتّى الأهداف الأخرى، التي قد يتخللها أحياناً عبادة أو عمل صالح؛ إنّه تمرين على الهجرة من الحياة المعتادة إلى الحياة المنشودة.
الحياة المنشودة هي الحياة التوحيدية التي تتضمن مكونات أساسيّة ودائمة مثل: الطواف الدائم حول محور الحق، والسعي الدؤوب بين القمم الصعبة، والرجم الدائم للشيطان الشرير، والوقوف الممزوج بالذكر والابتهال، وإطعام المسكين وابن السبيل، والمساواة بين البشر بغض النظر عن اللون والعرق واللغة والجغرافيا، والاستعداد في كل الأحوال للخدمة واللجوء إلى الله ورفع راية الدفاع عن الحق.
هذا هو الموسم الثاني للحج الذي يتزامن مع فجائع غزة وغربي آسيا. لقد أوصلت العصابة الصهيونية الإجرامية الحاكمة في فلسطين مأساة غزة إلى مستوى يفوق التصوّر، بقسوة مروّعة ووحشية وشر لا نظير لهما.
لقد أوصلت العصابة الصهيونية الإجرامية الحاكمة في فلسطين مأساة غزة إلى مستوى يفوق التصوّر، بقسوة مروّعة ووحشية وشر لا نظير لهما... فمن الذي ينبغي أن ينهض لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية؟ مما لا شك فيه أن الحكومات الإسلامية هي المعنيّة الأولى بأداء هذا الواجب، وعلى الشعوب أن تمارس دورها في مطالبة حكوماتها بالعمل به.
بالرغم مما قد يكون بين الحكومات الإسلامية من اختلافات في وجهات النظر السياسية حول قضايا متعددة، إلا أن ذلك ينبغي ألّا يحول دون اتفاقها وتعاونها في قضية غزة المأساوية، والدفاع عن التجمّع البشري الأكثر مظلوميّةً في عالمنا المعاصر.
يجب على المرتبطين بأمريكا في هذه المنطقة، وغيرها من المناطق الإسلامية، أن ينصتوا إلى نداء القرآن الكريم بشأن الدفاع عن المظلوم، وأن يُجبروا الإدارة الأمريكية المستكبرة على وقف هذا السلوك الظالم [في غزّة].
لقد وضعت مقاومة أهالي غزة المُدهشة قضيةَ فلسطين في صدارة اهتمام العالم الإسلامي وجميع أحرار العالم. يجب استغلال هذه الفرصة، والمسارعة في نصرة هذا الشعب المظلوم.
على الرغم من مساعي المستكبرين وداعمي الكيان الصهيوني لطيّ قضية فلسطين وإيداع ذكرها غياهب النسيان، إلا أن الطبيعة الشريرة لقادة هذا الكيان ولسياستهم الحمقاء قد أفرزت وضعاً جعل اسم فلسطين اليوم أكثر تألّقًا من أي زمنٍ مضى، والاشمئزاز العام من الصهاينة وداعميهم يزداد عن أي وقت سبق، وهذه فرصة مهمة للعالم الإسلامي.
على المتحدثين وذوي المكانة الاجتماعية أن يرفعوا من وعي الشعوب وتفاعلها، وأن يوسّعوا من نطاق المطالبة المتعلقة بفلسطين.
أنتم، أيها الحجاج السعداء، لا تَغْفلوا، في مناسك الحج، عن فرصة الدعاء والاستعانة بالله المتعالي، واسألوا الله النصر على الصهاينة الظالمين وداعميهم.
