الشعب الذي لا يثق بنفسه يتطلع دوماَ لأن يوفر له الآخرون ما يحتاجه. حينما تتوقعون أن يأتوكم بطعام جاهز، فلن تعدّوا طعاماَ بأنفسكم، ولن تتعلموا إعداد الطعام. هذه من الأخطار المهمة وهي واضحة جداَ، وليست قضية فلسفية معقدة صعبة. لكن هذا الشيء الواضح والأداة الجلية التي تتسبب في تخلف البلاد، قد تغيب عن أذهاننا أحياناَ ونغفل عنها.
لا أنسى أنني كنت ذات يوم قبل سنوات من انتصار الثورة في بيت أحد الأصدقاء - من أهالي إحدى مدن شمال البلاد وزار مشهد فذهبت للقائه - وكان نائب تلك المدينة في مجلس الشورى الوطني يومذاك في مشهد أيضاَ وجاء لزيارة هذا الشخص. كنّا بالصدفة مع أحد نواب المجلس لمدة ساعة. كنت في حينها شاباَ في مثل أعماركم - حيث تقولون الآن كل ما يحلو لكم - أنا أيضاَ لم أكن ألاحظ مقتضيات المسألة، فشرعت بانتقاد أجهزة النظام وتفوّهت بالأمور التي كانت تدور في أذهاننا. كان نائباَ في مجلس الشاه فساءه ما قلت لذلك راح يجادلني. من جملة ما قلته له: لقد تركتم البلاد راكدة، ورحتم تستوردون كل شيء، كل ما لدينا من صناعة الآخرين، إذن، لِمَ لا نفعل نحن شيئاَ؟ وكان الجواب الذي أجاب به لافتاَ وطريفاَ تعرفون من خلاله كيف كانوا يفكرون. قال: هذا أفضل، الأوربيون يعملون لنا كالخدم، ونحن ننتفع من ثمار عملهم! لاحظوا كيف يبثون هذه السموم أحياناَ إلى أعماق كل واحد من أبناء هذا الشعب ونخبه، فيتكلم بمثل هذا الكلام.
حينما لا تتوفر الثقة بالنفس يقع الإنسان في دوامة توقع المساعدة والعون من الآخرين. كشخص مقعد مشلول يجلس في زاوية ينتظر أن يمر إنسان من هناك و يساعده بشيء بسيط. الشخص الذي أمامه يقف موقف الاستغناء. يجب أن لا ينتظر الإنسان الآخرين كي يأتوه بما يحتاج، وإذا لم ينتظر وفكّر بسد حاجياته بنفسه فسوف تتفجر الطاقات في داخله وستبرز المواهب الكامنة في الأمة. إذا تفعّلت الطاقات وانتقلت من القوة إلى الفعل و حصل النجاح، فإن النجاح الواحد سيتسبب في نجاحات أخرى على شكل عنقودي . النجاح الواحد يستتبع بعده عنقوداَ من النجاحات. هذه هي طبيعة العمل.
~الإمام الخامنئي 3/1/2008