أكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في كلمة له خلال إحياء أربعينية الإمام الحسين (ع)، أن المقاومة لن تسلم سلاحها ما دام الاحتلال قائمًا والعدوان مستمرًا، مشددًا على أن المقاومة «لن تسلم سلاحها وسنخوضها معركةً كربلائية إذا لزم الأمر»، كما أوضح أننا «بين خيار أن نكون مع الحسين (ع) أو يزيد وخيارنا هو أن نكون مع حسين العصر الذي تمثل بعطاءات ومواقف الإمام الخميني وتابعه الإمام الخامنئي، ونحن مع حسين العصر نحن مع المقاومة ومع فلسطين وضدّ يزيد العصر المتمثل بأميركا و«إسرائيل» ونحن نقف دائمًا لنثبّت الحق مهما كانت التضحيات».
وفي كلمته خلال مسيرة «موكب الأحزان» التي تشهدها مدينة بعلبك سنويًا إحياءً لذكرى أربعينية الإمام الحسين «ع» لفت الشيخ قاسم إلى أنّ «المقاومة هي نتاج مدرسة كربلاء هي الحياة للأمة على درب الإمام الحسين وهي الراية التي ستُسلم لصاحب العصر والزمان»، مؤكّدًا أنّها «شرف وعزة ووطنية وسيادة وهي من يعطي الشهادة ولا تحتاج إلى شهادات رسمية ولا من مستكبرين ولا من أحد».
تجريد لبنان من السلاح الدفاعي وخدمة المشروع الإسرائيلي
وحمّل الشيخ قاسم الحكومة اللبنانية المسؤولية الكاملة عن قرارها الأخير في الخامس من آب، معتبرًا أنه «قرار خطير جداً» يهدد السلم الأهلي ويعرض البلاد لأزمة كبرى، مشيرًا إلى أن الحكومة، بقرارها هذا، تخالف مبادئ العيش المشترك وتسهّل على العدو الإسرائيلي قتل المقاومين وأهاليهم.
أوضح الشيخ قاسم أن تجريد لبنان من سلاحه الدفاعي أثناء العدوان، يعد «تسهيلاً لقتل المقاومين وأهلهم وطردهم من بيوتهم». وتساءل مستنكرًا: «كيف تقبلون في الحكومة تسهيل قتل شركائكم في الوطن؟ هل يبقى لبنان إذا اعتدى بعض شركاء الوطن على الآخر؟». وأشار إلى أن الحكومة، سواء أدركت ذلك أم لم تدرك، تنفذ أمرًا أميركيًا وتخدم المشروع الإسرائيلي. ودعا الحكومة إلى التوقف عن الخضوع للتهويل والضغوط الخارجية، مطالبًا إياها بترك مواجهة العدو للمقاومة إذا كانت تشعر بالعجز، ومؤكدًا أن حروب إسرائيل المتكررة فشلت في الماضي وستفشل هذه المرة أيضًا.
وأضاف أن وظيفة الحكومة ليست تسليم البلد للعدو والتغول الأميركي، بل العمل على بناء الوطن وحمايته. ووجه رسالة إلى أصحاب القرار قائلاً: «إذا كنتم تشعرون بالعجز اتركوا العدو في مواجهتنا، وكما فشلت حروب إسرائيل المتكررة ستفشل هذه المرة». كما تساءل عن موقف الحكومة من خطة نتنياهو لإقامة «إسرائيل الكبرى» التي أعلن عنها، وعن دور بعض الدول العربية التي تدعم إسرائيل في ضرب المقاومة.
شرعية المقاومة ودور الجيش اللبناني
وشدد الشيخ قاسم على أن شرعية المقاومة مستمدة من دماء الشهداء وتضحياتهم، ولا تحتاج إلى شهادة من أحد، مؤكدًا أنها «تعطي الشهادة ولا تحتاج إلى شهادات رسمية من مستكبرين». وأكد أن المقاومة هي التي حررت الأرض جنوبًا عام 2000 وشرقًا عام 2017 بمساندة الجيش اللبناني، وأنها حررت خيار لبنان السيادي المستقل. وأضاف: «لا يمكن أن نتحدث عن سيادة لبنانية إلا وهي مشفوعة بالمقاومة». وأوضح أن رأي الغالبية العظمى من اللبنانيين مع المقاومة ومع استمراريتها، مستندًا إلى نتائج استطلاعات الرأي.
كما حذر من زج الجيش اللبناني في فتنة داخلية، مؤكدًا أن سجل الجيش ناصع وقيادته لا تريد الانخراط في هذا المسار. وقال: «لا تزجوا الجيش في هذا المسار، فالجيش سجله الوطني نظيف».
وحدة الشعب والوطن
ودعا الشيخ قاسم إلى وحدة الصف والعمل المشترك من أجل بناء الوطن، قائلاً: «فلنكن معاً في بناء البلد، فالبلد لا يبنى بمكون دون آخر، ونحيا بعزة معاً أو لا حياة للبنان إذا كنتم ستقفون في المقلب الآخر». وحمّل الحكومة كامل المسؤولية عن أي فتنة داخلية أو انفجار، مشيرًا إلى أن هناك من يعمل للفتنة، لكن المقاومة لا تريدها. وكشف عن أن قرار تأجيل النزول إلى الشارع، الذي اتفق عليه حزب الله وحركة أمل، جاء لإتاحة فرصة للنقاش وإجراء التعديلات، لكنه أكد أن المقاومة جاهزة للمواجهة إذا فُرضت عليها.
انتصار تموز وفلسطين البوصلة
واستعرض الشيخ قاسم ذكرى حرب تموز 2006، واصفًا إياها بـ«انتصار الإرادة والمقاومة وهزيمة لإسرائيل ومنعها من الاحتلال والاستيطان»، مؤكدًا أن هذا النصر شكل ردعًا لإسرائيل دام 17 عامًا. وقال إن هذا النصر «كان من بركات المدد الإلهي المحمدي العلوي الحسيني المهدوي» و «انتصارًا لثلاثية الشعب والجيش والمقاومة». وعبّر عن شكره العميق للجمهورية الإسلامية الإيرانية على دعمها المتواصل للمقاومة بالمال والسلاح والمواقف السياسية، وتقديمها للشهداء على رأسهم الحاج قاسم سليماني.
وأكد الشيخ قاسم أن فلسطين ستبقى البوصلة، وأن الإبادة لن تثني الشعب الفلسطيني عن الاستمرار في المقاومة، مشددًا على أن فلسطين ستنتصر بفضل تضحيات أبنائها وعطاءاتهم، لأنهم «أصحاب الأرض والقضية والإرادة والدماء».
إحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين (ع)
وفي ختام كلمته، حيا الشيخ قاسم الحشود التي أتت لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين (ع) في بعلبك وكربلاء، مشيرًا إلى أن ذكرى الأربعين تمثل إضاءات لا تتوقف، وأن الإمام الحسين (ع) بثورته «ثبّت قواعد الدين الحنيف ومهّد لصاحب العصر والزمان». وأكد أن «كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء»، وأن المقاومة تتبع هذا النهج الحسيني الذي يقوم على العزة والرفض، وأنهم يقفون دائمًا «لإثبات الحق مهما كانت التضحيات».