مقدمة

قال الإمام الخامنئي في 13/12/1999: «إنّ الهدف الأساس للكيان الصهيوني هو التوسّع. فالحكومة الصهيونية لا تكتفي بالأرض الفلسطينية الحالية. في البداية كانوا يريدون شبرًا، ثم استولوا على نصف أرض فلسطين، وبعدها على كلّ أرض فلسطين. ثم اعتدوا على البلدان المجاورة لفلسطين مثل الأردن وسوريا ومصر، واحتلّوا أراضيها. اليوم أيضًا يبقى الهدف الأساس للصهيونية هو إقامة "إسرائيل" الكبرى».

لم تعُد «"إسرائيل" الكبرى» اليوم مجرّد معتقد دينيّ أو شعار أيديولوجيّ يُرفع في الحملات الانتخابية للصهاينة المتطرّفين، بل تحوّلت عمليًّا إلى مشروعٍ جيوسياسي. إنّ الطبيعة التوسّعية والاحتلالية والعنصرية لهذه الفكرة، التي تستهدف أمنَ العالم العربي وسيادتَه وبنيتَه الإقليمية، وكذلك مجتمعات العالم الإسلامي، هي طبيعةٌ إذا جرى تحليلُها وتبيين أبعادها، يمكن أن تؤدّي دورًا مهمًّا في تعريف ماهيّة الصهيونية ومخطّط الحضارة الغربية لمستقبل المنطقة والعالم الإسلامي. ولهذا يسعى قادةُ الكيان الصهيوني إلى استبدال هذا المفهوم بعباراتٍ قانونية أو شبه أمنية أو شعبوية، من قبيل: «النظام الإقليمي الجديد»، «الشرق الأوسط الجديد»، «التطبيع» وغيرها.

 

1- الخلفيّة التاريخيّة لولادة فكرة «"إسرائيل الكبرى"» في المرحلة المعاصرة

ظهر المفهوم الأوّلي لـ«"إسرائيل" الكبرى» (Greater Israel) في الأدبيّات الصهيونيّة وبعض التيّارات الفكريّة منذ بدايات القرن العشرين، ثمّ اكتسب طابعًا عمليًا بعد احتلال فلسطين. قبل ذلك، كانت تُستعمل تعابير مثل «الأرض الموعودة» (The Promised Land)، و«أرض "إسرائيل"» (Eretz Yisrael)، و«الأرض المقدّسة» (The Holy Land)، وبعبارةٍ أخرى، فإنّ مفهوم «"إسرائيل" الكبرى» ليس تحريفًا دينيًا بسيطًا، بل تزييف سياسيّ معاصر ذو طبيعة هجوميّة، قادرٌ على أن يتلوّن في سياقات مختلفة بصبغاتٍ دينيّة أو صهيونيّة أو قانونيّة أو أمنيّة أو حتى تنمويّة! بعد حرب الأيام الستّة عام 1967، حين تمكّن الكيان الصهيوني من احتلال الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة وأجزاء من سوريا ومصر ولبنان، لجأت التيّارات الصهيونيّة الدينيّة واليمينيّة إلى استعمال مصطلح «"إسرائيل" الكبرى» لتبرير الاحتفاظ بهذه المناطق.

تحوّل هذا المفهوم لاحقًا إلى أيديولوجيا لجماعات مثل حركة «غوش إيمونيم» (Gush Emunim) التي كانت ترى انتصارات هذا الكيان في حرب عام 1967 علامةً إلهية على عودةٍ كاملة لليهود إلى «الأرض الموعودة»، ومع مرور الوقت، ارتبط هذا المفهوم بالأيديولوجيا السياسية للأحزاب اليمينية مثل «الليكود». ورغم أنّ «غوش إيمونيم» تلاشت في ثمانينيات القرن الماضي، إلّا أنّها أصبحت مصدر إلهامٍ ودعمٍ فكري لعدد من أكثر التيارات اليهودية تطرّفًا وعنفًا. في العقدين الأخيرين، استمر إرثها الفكري وشبكتها الاجتماعية في إطار حركة «الصهيونية الدينية» وأحزاب اليمين المتطرف الحالية، مثل حزب «الصهيونية الدينية»، و«القوة اليهودية»، و«نعوم»، و«اتحاد اليهودية التوراتية»، وأحزاب أخرى من هذا القبيل.

في الوقت الراهن، تُعدّ مسألةُ «الاستيطان» إحدى المفاهيم الفرعيّة والقلب النابض لمشروع «"إسرائيل" الكبرى»، وهذا المفهوم بالنسبة إلى الصهاينة لا يحمل طابعًا تقنيًا بقدر ما يحملُ ماهيّةً اعتباريّةً ورمزيّةً وإيديولوجيّة. بعبارةٍ أخرى، فإنّ المستوطناتِ التي يجري تنفيذُها منذ عقودٍ ليست مجرّد مشاريع لإسكانِ المستوطنين الجدد في الأراضي المحتلّة، بل هي رمزٌ للحيلولة دون انطفاءِ شعلةِ مشروع «"إسرائيل" الكبرى». مع ذلك، فإنّه حتّى ما قبل «طوفان الأقصى» وتصريحِ رئيسِ وزراء الكيان الصهيونيّ بوضوحٍ عن قناعةِ تل أبيب في إقامة «"إسرائيل" الكبرى»، كان زعماء الدول العربيّة ينظرون إلى مسألة الاستيطان في إطار النزاع الفلسطينيّ–الصهيوني، ولم تكن دولٌ كثيرة في العالم العربيّ تُدرك أنّ خطرَه سيمتد إليها هي أيضًا.

 

2- الأردن؛ من «الوطن البديل» إلى «الحلقة الوسطى» في مشروع «"إسرائيل" الكبرى»

كان الأردن، في نظرِ المُحتلّين الأوائل للأراضي الفلسطينيّة، مكانًا مناسبًا لإسكان اللاجئين الفلسطينيّين، وبعبارةٍ أوضح: أفضلَ موقعٍ لتنفيذِ «التطهيرِ السكّاني والحلّ النهائيّ لقضيّة الفلسطينيّين». وقد أدّى التحكّمُ بالموارد المائيّة، والنفوذُ الاقتصاديّ، والضغوطُ الأمنيّة في وادي الأردن، دورَ الأداة التي تخدم توسّعَ نفوذ "إسرائيل". تُعدّ سيطرةَ الصهاينة على الأردن مكمّلةً لـ«الحلقة الوسطى» في تشكيل شبكةٍ من النفوذ الجيوسياسيّ لتسهيل تمدّد «"إسرائيل" الكبرى». وعلى الرغم من أنّ معاهدة السلام الموقّعة عام 1994 بين تل أبيب وعمّان ما تزال قائمة، إلّا أنّ نهر الأردن في الرؤية الصهيونيّة هو «حدٌّ مؤقّت». وبالاستناد إلى بعض النصوص التلمودية وتفاسيرِ الحاخام أبراهام كوك وتلامذته، فإنّ شرقَ الأردن - الذي يشمل مناطقَ "أدومط و"موآبط و"عمّون" القديمة يقعُ ضمن نطاقِ الأرض الموعودة لبني "إسرائيل"، ويجبُ أن يعود يومًا ما إلى "إسرائيل".

 

3- مصر؛ مياه النيل في طاحونة تل أبيب

لطالما كانت مصر تُعَدّ أكبرَ تهديدٍ عسكريّ لتل أبيب، وظهرت القاهرةُ في الحروبِ الأربع الكبرى مع الصهاينة بوصفها حاملَ راية المواجهة، وظلّت حتّى منتصف سبعينيّات القرن الماضي في موقعِ «قائد الجبهة العربيّة ضد إسرائيل». إضافةً إلى ذلك، كانت مصر في العالم العربيّ إحدى ركائز القوميّة العربيّة، وكانت الأفكار التحرّريّة والمناهضة للاستعمار لدى مفكّريها «تهديدًا كامنًا» بالنسبة إلى الصهاينة. وعلى الرغم من أنّ «كامب‌ ديفيد» عام 1978 أعادت - في الظاهر - صحراءَ سيناء إلى مصر، إلّا أنّ التحوّلات والعلاقات العلنيّة والسرّيّة بين القاهرة وواشنطن وتل أبيب أضعفت مصر من المنظور الإستراتيجيّ، أو جعلت بعض سياساتها تتقاطع مع مصالح "إسرائيل". لا تزال "إسرائيل" تظر إلى سيناء بنظرة أمنيّة مقرونة بطمعٍ جيوسياسيٍّ. لقد سعى الأمريكيّون والصهاينة، طوالَ العقود الماضية، إلى أن تبقى مصر - في وضعٍ اقتصاديٍّ وعسكريٍّ هشّ - تابعةً للغرب، كي لا تستعيد عصرها الذهبيّ بوصفها لاعبًا مستقلًّا ومناهضًا للصهيونيّة. كما يعرف قادةُ هذا الكيان جيّدًا واقعَ المجتمع المصريّ ومشاعرَ المصريّين تجاه "إسرائيل"؛ فكثيرٌ منهم ما زالوا يرون أنّ "إسرائيل" تحمل روحًا استعماريّةً ومعاداةً للعرب، وأنّ "السلام" لم يكن سوى فرضٍ أمريكيّ. بعبارةٍ أوضح: السلامُ مع "إسرائيل" قائمٌ داخل القصور الحكوميّة فقط، لا في وجدان المجتمع. تُظهِر جملة الرئيس السابق لأركان جيش الاحتلال، هرتسي هليفي، حين قال: «لدى مصر جيش كبير، وهذا يقلقُنا؛ فمع الطائرات الحربية المتطورة، والغوّاصات، والصواريخ، قد يتغيّر كلّ شيءٍ في لحظة» عمقَ الخوف التاريخيّ للصهاينة من مصر التي يرى الصهاينة اليوم أنّ رمزَ حياتها وازدهارها وعراقتها، أي نهر النيل، بات ضلعًا من أضلاع مشروع «"إسرائيل" الكبرى»، ولا يتورّعون عن إظهار مصر ضمن الخرائط المنشورة أو المرسومة على بزّات جنودهم.

 

4- سوريا؛ من حاضنة المقاومة إلى هدف الأطماع الصهيونيّة: موقع سوريا في حلم «"إسرائيل" الكبرى»

كانت سوريا، إلى جانب مصر، أحد المنابع الكبرى للفكر القوميّ العربيّ والتيارات المناهضة للصهيونيّة. رأت دمشق، خصوصًا بعد وصول الأسد إلى السلطة، أنّها المدافع عن القضيّة الفلسطينيّة والامتداد لخطّ جمال عبد الناصر. خاضت سوريا، في حروب 1948 و1967 و1973، قتالًا فعّالًا ضدّ "إسرائيل"، وبخلاف المصريّين، لم تقبل بأيّ مصالحة مع تل أبيب - حتى لو كان الثمن استعادة أراضيها المحتلّة في الجولان. ثم في العقود اللاحقة، ومع تعميق العلاقات مع إيران واستضافة قوى المقاومة، تحوّلت سوريا إلى «حاضنة المقاومة». في المقابل، سعى الصهاينة دائمًا، عبر الضغط العسكري، والعقوبات الغربيّة، واستغلال الحرب الداخليّة، إلى عزل سوريا وفصلها عن محور المقاومة. بالنسبة إلى "إسرائيل" سوريا ليست مجرّد عدو عند الحدود، بل مركزًا فكريًا وعمليًا لفكرة المقاومة؛ ولذلك حاولت أن تُنهِك هذا البلد، وأن تُضعِفه وتُجزّئه وتُفرغه من الداخل. لذلك، حتى بعد سقوط بشار الأسد، لم تُوقِف "إسرائيل" الهجوم على البُنى التحتيّة السوريّة، بل واصلت سياساتها الاحتلاليّة في اتجاه تفكيك سوريا وربطها بمشروع «"إسرائيل الكبرى». رغم أنّ الكيان الصهيوني صوّت عام 1981 على ضمّ الجولان إلى الأراضي التي يحتلّها، ويعدّ منعَ عودته إلى سوريا أحد أهدافه الإستراتيجيّة، إلّا أنّ أحداث العام الماضي إلى اليوم أثبتت أنّ أطماع "إسرائيل" في سوريا لا تنحصر في الجولان؛ فسوريا الضعيفة والمأزومة والمجزّأة يمكن أن تُعدّ إحدى الأوراق الرابحة لـ"إسرائيل" من أجل تفعيل مشروع «"إسرائيل" الكبرى».

 

5- «الشرق الأوسط الجديد» و«"إسرائيل" الكبرى»؛ وجهان لعملة واحدة

تطرح المصطلحات من قبيل «الشرق الأوسط الجديد» و«التطبيع» وعودًا ظاهرية بالتعاون والتنمية، لكن التجربة تثبت أنّ هذه العناوين ليست إلا غطاءً مزيّنًا لتهيئة آفاقٍ جغرافية وسياسية يُترجَم تطبيقُها العملي إلى «"إسرائيل" الكبرى». الهدف النهائي لهذا المشروع ليس الفاعلين المقاومين فحسب، بل الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي للعالم العربي والإسلامي، ويسعى إلى تفكيكه وتقسيمه. ولا تنحصر آثار هذا المسار في فلسطين وسوريا ومصر والأردن، بل تمتدّ لتُعيدَ تعريف الحدود وملكية الموارد والنظام الإقليمي الذي يريده الغرب. تحاول أمريكا والغرب مرارًا تغيير النظام الأمني في المنطقة لتنفيذ رؤاهم الجيو-إستراتيجية في غربي آسيا، لكنهم يفشلون في كلّ مرة، ولا تؤدي محاولاتهم إلّا إلى تقوية محور المقاومة؛ سواء في غزو الولايات المتحدة للمنطقة بذريعة أحداث 11 أيلول/سبتمبر، أو في استغلال الصحوة الإسلامية بین 2011 و2015، أو اليوم في عصر «طوفان الأقصى». اللافت هو أنّ نظرية «الشرق الأوسط الجديد» ومشروع «"إسرائيل" الكبرى» يمتلكان تداخُلًا واسعًا، ولا يقفان متعارضين، ويمكن لكلٍّ منهما أن يعزز الآخر. يُعدّ التطبيع بوّابة الدخول والخطوة الأولى لتحقيق هذين المشروعين الاستعماريَّين ذوي الطابع النيوكلاسيكي؛ بمعنى أنّه يفرض المفاهيم الاستعمارية الكلاسيكية في قالب مشاريع مخادعة وبعناوين حديثة ومقبولة لدى الحكّام العرب والمسلمين. كما تسعى «إسرائيل» أيضًا، مع الدول الأوروبية وأمريكا، عبر الارتباط الاقتصادي والطاقة، وعبر ترميز ملكيّة الأرض باستخدام مفاهيمٍ مثل الضمّ، وبناء المستوطنات، واستغلال الموارد التي تُمهّد إلى تحوّلات جيوسياسية؛ وكذلك عبر استغلال الأزمات الداخلية، وتأجيج النزعات الانفصالية بدعم الأقليات، وعبر الاتفاقيات العسكرية والاستخباراتية التي تُقيّد القدرات الأمنية الوطنية لمصلحة اللاعبين من خارج المنطقة، إلى تهيئة الأرضية لـ«الضمّ» السياسي والاقتصادي للمنطقة وابتلاعها خطوة بعد خطوة.

 

6- الأضلاع الأربعة لمواجهة مشروع «"إسرائيل" الكبرى»

يقتضي إحباطُ هذا المسار، ومنعُ الانهيار، ودعمُ سيادة دول المنطقة واستقلالها، والتحركُ نحو نظامٍ جيوسياسيٍّ محلّي، تعزيزَ أربعة مجالاتٍ متكاملة:

المقاومة: يُعدّ أحدَ أهمّ مكتسبات «طوفان الأقصى» توسيعَ ميدان المقاومة وامتدادَ أبعاده. لا تنحصر المقاومة اليوم بإيران والعراق ولبنان وفلسطين واليمن، بل إنها أولًا اكتسبت بُعدًا عالميًا يشمل المجالات الحقوقية والسياسية والمدنية والإعلامية والثقافية، وثانيًا أثبت السلوكُ الفاضح للكيان الصهيوني تجاه دول المنطقة أنّه لا خيار في مواجهة هذا التوسّع إلّا «المقاومة»، حتى وإن لم تُدرِج بعض دول المنطقة نفسها رسميًا - بحكم حساباتها أو قيودها السياسية والأمنية - ضمن دائرة «محور المقاومة».

الوحدة: تعتمد السياسة التقليدية للاستعمار على «بثّ الفرقة»، وهي سياسةٌ يواصل الغرب اليوم ممارستها بألوانٍ وموضوعاتٍ ومفاهيم جديدة. كما تُعدّ الخطواتُ - ولو الصغيرة - نحو التقارب السياسي الاقتصادي والأمني بين حكومات المنطقة، لمنع الشروخ ووضعِ إستراتيجياتٍ جماعيةٍ ومحليّة لمواجهة الأزمات والضغوط الخارجية، من الضرورات التي يُدركها قادةُ دول المنطقة، ولو امتنعوا عن الاعتراف بها علنًا.

الوعي: تكشفُ مشاريعُ مثل «الشرق الأوسط الجديد» التي تحملُ في جوفها سرديةً غربيّة عن النظام الإقليمي، وتستهدفُ استقلالَ الشعوب الإسلاميّة الفكريّ والثقافيّ، عن كونها ممهدةً لمشروع «"إسرائيل" الكبرى». في مواجهة هذا المسار، يؤدّي نشرُ الوعي وخوضُ حربِ السرديات دورًا حاسمًا. كما يكشفُ فضحُ الأهداف الخفيّة لخطابات مثل التطبيع، وإعادةُ قراءة التاريخ، وتذكيرُ الشعوبِ بتجاربِ عقودِ الاستعمار والاحتلال التي تُمارَس اليوم بصورٍ جديدة، وإنتاجُ وترويجُ روايةٍ محليّة عن التقدّم والسلام والتعايش العادل، عن مضمونٍ يدخلُ في إطار مفهوم الوعي الإسلامي. معركةُ السرديات تعني استعادة سلطة المعنى؛ أي أن تُعرّف شعوبُ المنطقة بنفسها ما هو «التقدّم» و«الأمن» و«السلام»، بدلًا من أن تُفرَضَ هذه المفاهيم عليها من الخارج. في هذا الإطار، تستطيعُ وسائل الإعلام والجامعات والنخب الفكريّة، عبر رفع مستوى الوعي العام، أن تُقيمَ أكبرَ سدّ في وجه المشاريع التي تُعيد إنتاج الهيمنة باسم "السلام".

الحضارة الإسلاميّة الجديدة: يَظهرُ هذا النموذج بديلًا إسلاميًّا عن مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الغربي. الحضارة الإسلاميّة الجديدة تعني أن تبني الشعوبُ المسلمةُ طريقَ التطوّر والعلم والتقنية والعدالة والأمن بالاستناد إلى مشتركاتها التاريخيّة والدينيّة والثقافيّة، بدلًا من تقليد النماذج المفروضة غربيًّا، ومن دون المساس بقيمها الوطنيّة. لا يكتفي هذا النموذج بأن يمنعَ النفوذَ الفكريّ والثقافيّ لمشاريع مثل «"إسرائيل" الكبرى»، بل يُنشئ - عبر بناء شبكات تعاون بين الدول الإسلاميّة - قوّةً ناعمةً وتضامنًا حقيقيًّا في المنطقة. أي، نظام تنبعُ فيه نهضةُ السلامِ والتقدّم من استقلال الشعوب وعزّتها، لا من الوصفات التي تُمليها القوى الأجنبيّة.