ماذا يعني الدعاء؟
جاء في الرواية أن الدعاء ”مخّ العبادة“؛ أو حسب تعبيرنا الرّائج، الدعاء روح العبادة. ماذا يعني الدعاء؟ يعني التحدّث إلى الله عزّوجل؛ وفي الحقيقة استشعار وجود الله على مقربة من الذات ومشاركته ما يختلجه القلب. الدعاء هو إمّا طلب أو حمد وتمجيد، أو إبراز الحبّ والمودّة؛ كلّ هذه من أصناف الدعاء. الدعاء أحد أهم أعمال العبد المؤمن والإنسان الذي يطلب الصلاح والنجاة والنجاح. الدعاء له هذا الأثر في تطهير الرّوح.
~الإمام الخامنئي ٢٠٠٥/١٠/٢١

 

الدعاء في كلام المعصوم
الإنسان لديه حاجات كثيرة من الأعلى حتّى أخمص قدميه، فممّن نسأل وممّن نطلب لسدّ حوائجنا هذه ورفع المشاكل التي تواجهنا؟ نطلب كلّ ذلك من الله عزّوجل الّذي يعلم حاجاتنا {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} فالله يعلم ما الذي تريدونه، وما الذي تحتاجونه وما الذي تطلبونه منه وتسألونه إيّاه. إذا فلتطلبوا من الله. وقال تعالى: {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم}. بقي أن نقول إنّ الاستجابة لا تعني قضاء الحاجة، يقول عزّوجل: “أجيب وألبّي”؛ أستجب لكم. لكنّ هذه الاستجابة الإلهيّة ينتج عنها في كثير من الأحيان إعطاء الحاجة وذاك الشيء الذي تطلبونه. إذاً النقطة الأولى هي: أنّ للإنسان احتياجاته ولقضاء هذه الاحتياجات لا بدّ من الدعاء والطّلب من الله، وقرع بابه؛ ليستغني الإنسان من التضرّع إلى الآخرين.
ولما كان اليوم هو يوم الجمعة، وجب أن نتعرّف فيه على كلمات وأحاديث النبي الأكرم والأئمّة، ولذلك أقرأ لكم عدّة أحاديث موجزة في هذا المجال؛ الحديث الأوّل: “أفضل العبادة الدّعاء”. والحديث الآخر، هو حديثٌ نبوي. يقول رسول الله لأصحابه: ألا أدلّكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدرّ أرزاقكم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تدعون ربّكم بالليل والنهار فإنّ سلاح المؤمن الدعاء. إذاً، لقضاء الحاجات لا بدّ من التسلّح بسلاح الدعاء، كما أنّه لا بدّ من التسلّح به لمواجهة الأعداء والحوادث والابتلاءات.

وهناك رواية أخرى عن الإمام السجّاد (عليه السلام) يقول فيها: الدعاء يدفع البلاء النازل وما لم ينزل. أي أن البلاء الذي حلّ بكم سيُدفع بالدعاء والبلاء الذي لم يأتِ أيضاً. أي إذا لم ترفعوا أيديكم بالدعاء فسوف يحلّ بكم ذلك البلاء. وهذه مسألة مهمّة جدّاً، وهي أنّ الله عزّوجل أعطى الإنسان سبباً يمكن من خلاله أن يقضي جميع حاجاته ويحصل على كلّ ما يريد؛ إلا في الموارد المستثناة والتي سأشير إليها بعد قليل. 
في رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: ثمّ اجعل في يدك مفاتيح خزائنه بما أذن فيه من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب خزائنه. إذا فإنّ الإذن الذي منحه الله عزّوجل لكي تطلب منه ما تشاء، هو مفتاح كافة الخزائن الإلهيّة. إذا استغلّ الإنسان هذا المفتاح بشكل صحيح - وطلب من الله- فسوف يستجيب الله له. وهذا أمر عظيم ومهمّ جدّاً، فلماذا يحرم الإنسان نفسه من هذا السبب الذي هو في غاية الأهميّة والخطورة؟
~الإمام الخامنئي ١٩٩٥/٢/١٧