بسم الله الرحمن الرحيم
بدايةً سُررت كثيراً للقائكم أيها الشباب الأعزاء واستمعت لكلماتكم بدقة وانتفعت بالمعنى الحقيقي للكلمة من كثير من الآراء التي طرحتموها أيها الأصدقاء، أي أنني استفدت حقاً. الشكر لله على أن لدينا في مجموعة القوى الجهادية جماعات كفوءة وصاحبة أفكار وبرمجة وتخطيط. 
ما أروم قوله عبارة عن نقطتين أو ثلاث نقاط: طبعاً سجّلت بعض النقاط لكنّني وجدت أنكم متفطّنون لها غالباً ولا ضرورة لأن أكرّرها. أذكّر بنقطتين أو ثلاث: 
النّقطة الأولى هي أنّ ساحة الجهاد ساحةٌ واسعة جداً، بمعنى أنكم يمكن أن تتقدموا إلى الأمام لربما عشرة أضعاف هذا المقدار الذي تقدمتم به لحد الآن. هكذا هو الجهاد. الجهاد معناه حراكٌ نابعٌ من عقيدة وقناعة قلبية وإيمان وتوظيف للطاقات والقدرات. إذا توفّر ذلك الإيمان وتلك القناعة القلبية فلن يكون لهذا العمل حدود نهائية، لأنّ القدرات ليست لها حدود نهائية، الواقع أن قدرات الإنسان ليست لها حدود وأحجام. قلوبكم وأذهانكم وعقولكم ذات قدرات استثنائية، أي من قبيل هذه الأعمال التي قمتم بها. 
هذه الحالة التي انتقلتم بها من الأعمال البسيطة قبل عشرين عاماً إلى الآن حيث وصلتم إلى تخطيطات وبرمجات ضخمة، واصلوا هذه الحالة وتقدّموا هكذا إلى الأمام ودعونا نشهد منظومةً هائلة من جيل الثورة الإسلامية تصل من حيث مستوى فهم القضايا الإدارية وتقديم الخدمات وتحقيق العدالة والقيام بالقسط ـ وهذه أمور لازمة في الإسلام والمجتمع الإسلامي ـ إلى مكانة لا تصلها الأذهان العادية للبشر بل ينبغي لها أن تتّخذ منها نموذجاً تقتدي به. هذه نقطةٌ خلاصتها التقدّم باتجاه الفكر الجهادي والعمل الجهادي. 
والنقطة الثانية هي أن عملكم هذا يكتسب الطابع العام والشعبي عندما تتحول أفكاركم وتوجهاتكم هذه إلى خطاب عام. إنكم في هذه المنظومة ذات الإثني عشر ألف مجموعة التي تحدّث عنها (1) تُشكّلون عشرة بالمائة من شباب البلاد أو خمسة عشر بالمائة من شباب البلاد مثلاً، فلماذا يجب أن يبقى أولئك التسعون بالمائة أو الخمسة وثمانون بالمائة الآخرون محرومين من هذا الحراك ومن هذه الحركة الجهادية المباركة؟ حاولوا ترويجها وهذا الترويج يمكن أن يسهُل عندما يتحول إلى خطاب. لقد كانت لنا هذه التجربة طوال مرحلتنا الماضية في قضايا متنوعة والأمثلة على ذلك موجودة في ذهني ولا أروم ذكرها. بمقدوركم عن طريق ترويج هذا الخطاب أن تزيدوا من عددكم. مثلما ترفعون من جودتكم ونوعيتكم يمكنكم أن تزيدوا من كمكم ومن الوسائل لذلك، ما قلته لجنابه (2) أي العمل الإعلامي والإعلام الصحيح والتبليغ الفني.  
أرى أحياناً حصول دعاية وأعمال جيدة، افترضوا على سبيل المثال "قلعة گنج" (3) التي أشار لها أحد الأصدقاء وأنا على اطلاع فيما يتعلق بها. وقد قيل الكثير دوماً في خصوص قلعة گنج لكن الناس لا يعلمون أن عملاً في جانب من جوانب البلاد وفي منطقة فقيرة قد تم من قبل جماعة عالية الهمم بحيث أزالت الفقر والحرمان تقريباً عن جزء من المنطقة. هذا شيء مهم والناس لا يعلمون به، وإذا عُرف هذا الشيء فلاحظوا كم سيبعث ذلك من الأمل في نفوس الشباب. وتتمة لموضوع زيادة الكم وعدد العاملين بالأفكار الجهادية والمجاهدين أقول إنكم يجب أن تروّجوا هذه الفكرة وهذه الأعمال وهذا الحراك في الأجواء العائلية وفي أجواء الكليات والجامعات والمدارس وفي محيط العمل ليتابعوا الأمر إن شاء الله. هذه أيضاً نقطة. 
النقطة المهمة التي أعتقد بوجودها هي قضية الثبات وعدم الزلل، والذي أرجوه الاهتمام بهذا المعنى. إنكم تعملون مع مجموعة من الشباب، والشباب عُرضةٌ لنوعين من الآفات: الأولى آفة عدم الثبات في الدرب والتغيّر الفكري، والثانية الابتلاء بالابتلاءات البشرية، هذا هو شكلها المجمل والمغلف. فاحذروا من أن يقع شبابكم في هذه الآفات. عندما يسير الإنسان على الصراط المستقيم لا بد له من ثبات، يجب أن يكون ذا ثبات. 

وما عدا العمل العقائدي والفكري وما إلى ذلك وهو شيء ضروري بالتأكيد في موضعه، يتعلّق الأمر بدرجة ما بالأمور العملية، أي العبادة والتوجّه إلى الله وأداء الصّلاة في أول وقتها، وقراءة القرآن يومياً بشكل حتمي، والعمل بالمستحبّات في حدود الإمكان. لنفترض أن هناك مجموعة من الشباب يعملون في منطقة من المناطق فليقيموا صلاتهم في المسجد حتماً وليؤدّوها في أول وقتها وبشكل حسن وبتوجه إلى الله. وهناك مراعاة الإخلاص، فليحاولوا أداء الأعمال لله، وهذا شيء صعب في مثل أعمارنا إن لم تكن لنا سوابق ولم نفكر بمثل هذا الشيء منذ شبابنا ونريد الآن أن نخوض غمار العمل بإخلاص فسيكون ذلك صعباً جداً. أما في مثل أعماركم فهو عمل سهل جداً، الإخلاص عملية سهلة في سنيّ الشباب. تستطيعون أن تخلصوا نواياكم حقاً لله، وحين تخلصون النوايا فستهطل عليكم الرحمة الإلهية والهداية الإلهية من كل صوب. «هُدىً لِلمُتَّقين» (4) لقد جعل القرآن هدايته للمتقين. الواقع أنه لو تمت مراعاة هذه الأمور فستزداد الهداية الإلهية والعون الفكري الإلهي. موفقين إن شاء الله. 
والسلام عليكم ورحمة الله. 

الهوامش:
1 ـ إشارة إلى كلام السيد مهدي زهرائي (من أعضاء المجاميع الجهادية) حول تغير عدد المجاميع الجهادية من أربعين مجموعة في سنة 1379 ه.ش (2000 م) إلى إثني عشر ألف مجموعة في سنة 1398 ه.ش (2019 م). 
2 ـ جواب الإمام الخامنئي لتقرير السيد عظيم إبراهيم پور (من أعضاء المجاميع الجهادية) حول توفير فرص العمل ومكافحة الحرمان في 2898 قرية على مدى سنتين ونصف السنة من الزمان من قبل القوى الجهادية: هذه النشاطات التي تقولون إنها حصلت في 2800 قرية وما شابه يجب أن يتم تبليغ الناس بها وإطلاع الناس عليها بشكل من الأشكال، بمعنى أنه ينبغي أن يحصل عمل إعلامي عقلائي وفني وصحيح بشأنها. أعتقد أن هناك نقصاً كبيراً في هذا المجال. ولكم أن تفكروا الآن فتقولون مثلاً أن هناك آلاف القرى الفقيرة ـ وهي موجودة ونحن على علم بذلك ـ ولكن كم ألف قرية استطاعت مجموعة من الشباب من دون أن تستفيد من ميزانية الحكومة ومن دون أن يكون هناك فرض شيء على أحد، أن توصلها إلى حيث توفر فرص العمل أو ما شابه من الأمور وتخرجها من حالة الفقر والحرمان، هذا شيء على جانب كبير من الأهمية، فلماذا لا يعلم الناس به؟ نوعية عرض الأخبار والإعلام مهمّة جداً، قضية أنه كيف سوف تبلغون وتعلنون، فيجب حقاً تخصيص جماعة للنظر في كيف يمكن الإعلام والتبليغ. 
3 ـ مدينة في محافظة كرمان (جنوب شرق إيران). 
4 ـ سورة البقرة، شطر من الآية 2 .