بسماللّهالرّحمنالرّحیم
والحمد للّه ربّ العالمین والصّلاة والسّلام علی سیّدنا ونبیّنا أبيالقاسم المصطفیٰ محمّد وعلی آله الاطیبین الاطهرین المنتجبین الهداة المهدیّین سیّما بقیّة اللّه في الارضین.
الإخوة والأخوات الأعزاء! أهلاً وسهلاً بكم. لقدّ نوّرتم أجواء حسينيّتنا بروحكم المعنوية وإخلاصكم. أخصّ بالذكر الأعزاء الذين جاؤوا من أماكن ومدن بعيدة. أشكر الفتيان الأعزاء على الأنشودة التي قاموا بتأديتها وقد كانت مميزة حيث قدّموها بشكل فنيّ. كما وأشكر القارئ الفاضل الذي قدّم تلاوة جميلة.
الإخوة والأخوات الأعزاء! إن أيام عشرة الفجر تمثل لبلدنا مرحلة فريدة منقطعة النظير. عشرة الفجر هي تجلٍّ للاقتدار والإرادة الوطنية. لماذا؟ لأنه وفي عشرة الفجر هذه استطاع الشعب الإيراني بحضوره وعزمه الراسخ أن يقلب ويُسقط بناءً فاسداً مهترئاً عمره آلاف السنين. ظلّ هذا البلد يُدار لآلاف السنوات دون دور للشعب في إدارته. الحكم كان للسلاطين، القوى المهاجمة والقوى الأجنبية. حتى في مرحلة الإسلام أيضاً - حيث إن الإسلام يعبّر عن الرحمة – سلوك الحكام الذين جاؤوا إلى إيران من قِبل الخلفاء كان قاسياً ينمّ عن الاستبداد وكان يشبه سلوك الملوك والسلاطين. لم يكن للشّعب أيّ دورٍ في إدارة الدولة. هذا كان الوضع في بلدنا لآلاف السنوات. في الحقبة الأخيرة التي كانت حقبة (البهلوي) وما سبقها بقليل أي حقبة (القاجار) كان الوضع أسوأ حتى. إذ أن الشعب لم يكن يلعب أي دور، وكان يُسحق. كانت ثروات الدولة تُسرق لصالح الأجانب. استشرى الفساد في كل أقسام إدارة الحكم. هذا كان الوضع السائد قبل انتصار الثورة.
إن أبناء الشعب الإيراني بقيادة الإمام العظيم – الذي لا يمكن مقارنة دوره بأي قائد على امتداد تاريخنا الطويل وقد كان دوره فريداً في رأيي – وخلف هذا القائد عقدوا العزم واتخذوا قرارهم. لم يخافوا من القذائف ومن القوة التي كان يبديها النظام البهلوي، فحضروا في الساحات وقاموا بتخريب ذلك البناء وشيّدوا مكانه بناء السيادة الشعبية ليصبح البلد بعدها تحت سيادة الشعب. ماذا تعني سيادة الشعب؟ يعني أنه من البداية جرى تحديد النظام بأصوات أبناء الشعب، وبأصواتهم جرى تحديد الأشخاص الذين ينبغي أن ينظّموا الدستور أي خبراء الدستور. وبعد أن جرى تنظيم الدستور عبر من انتخبهم الناس، جرى عرض هذا الدستور للتصويت من قبل هؤلاء الناس. جيء بالسلطة القانونية، السلطة التنفيذية، المجالس المختلفة والقيادة نفسها بتصويت الناس. مجلس خبراء القيادة يحدده الناس وهذا المجلس هو الذي يختار القائد، إذاً كل شيء يعود إلى أصوات الناس. هذا الشكل من إدراة الدولة يعبّرعن معنى الحكم الشعبي. إذا هذه الأيام العشرة لا تقارن بأي فترة من العام بالنسبة لنا، عشرة الفجر هي تعبير عن الإرادة الوطنية.
طبعا النظام الإسلامي شعبي، لكنه لا يتمتع بهذه الخاصية فقط. نظامنا هو نظام إيماني، ديني، نظام السيادة الإسلامية للشعب. هو إسلاميّ لأنه يربّي أمثال الشهيد سليماني. إسلاميّ لأنه يدفع بالعائلات في مرحلة الدفاع المقدس إلى إرسال أبنائهم وفلذات أكبادهم من أجل الجهاد في سبيل الله ثم يفتخرون بذلك. أين يوجد في العالم أمٌّ قدّمت ثلاثة أو أربعة من أبنائها الشجعان وتفتخر بذلك ولا تتذمر من أحد؟ لا يوجد. لقد قرأنا وسمعنا عن الأوضاع في الدول الأخرى، هذه الدول خاضت حروباً ومات أبناؤها، لكن لا يمكن مقارنة ما حصل هناك مع ما حصل هنا. هذا الأمر منشؤه الإيمان.
أجريت منذ ثمانية أشهر أي في بداية السنة الشمسية، مناقشات وتحليلات مفصلة في المعاهد الأمريكية عن الحاج قاسم سليماني. نشروا هذا التقرير على نطاق محدود بعد مرور فترة من الزّمن وقد وصلنا نسخة منه. ذكروا عن الحاج قاسم بعض الخصائص وقالوا بأنه يمثل حاجزاً كبيراً أمام تحقق أهداف الولايات المتحدة. من بين الخصائص التي ذكروها عنه – حيث يقولون بأنه شجاع ويقبل المخاطرة وكذا وكذا.. – ذكروا بأنه ملتزم ومؤمن. الإلتزام هي صفة من خصائصه. هو هكذا بطبيعة الحال. عندما تجمع الشخصيات المؤمنة الإيمانَ بالعمل الصالح وتبادر للقيام بعمل جهادي، تكون النتيجة بروز شخصيّات من أمثاله. شخص تثني عليه القوى الكبرى والأعداء أيضاً.
اليوم أريد التحدث في موضوعين. موضوع المشاركة الجماهيريّة في الإختبارين اللذين سنواجههما أي مسيرة 22 بهمن (11 شباط) والانتخابات. الموضوع الثاني هو قضية فلسطين التي أريد أن أتطرّق إليها ببعض الجمل، طبعا هذا الموضوع واضح لكن بالتأكيد سنعيد الحديث عنه مجدداً.
بالنسبة لمسيرة 22 بهمن، الناس قد عبّروا فعلاً عن إرادة قوية. ليس أمراً عابراً أنه لمدة أربعين عاماً، في فصل الشتاء، في الجو البارد، تحت الثلج وفي الصقيع في مختلف مدن البلد - أي كل أرجائه –يخرج الناس في ذكرى انتصار الثورة ويعبّرون عن حضورهم وتجمعاتهم الغفيرة أمام الأعداء. انظروا إلى ذكرى المناسبات الوطنية في سائر الدول، يقف أربعة أشخاص ثم يأتي البعض ليقوموا بعرضٍ أمامهم. لكن تشاهدون هنا الحضور الجماهيريّ - بكل ما فيه من عظمة - خلال أربعين سنة متواصلة بالرغم من كل التخريب الذي مارسه الأعداء وفي كل سنة كانوا يريدون التحدث عنه بطريقة تضعفه لكنهم لم يستطيعوا. إنني لست أهلاً لأن أقدم الشكر للشعب الإيراني، لكن حقيقة يستحقّ الشعب الإيراني العزيز أن يشكره الإنسان بكل وجوده. طبعاً هذه السنة تصادف ذكرى 22 بهمن أربعين شهيدنا العزيز، تصادف أيام أربعين الشهيد سليماني والناس يجدون دافعاً أكبر للمشاركة. إن شاء الله سوف يشاهد أعداؤنا الحضور الجماهيري العظيم في الساحات والشوارع. ليس هناك الكثير لنذكره عن هذا الأمر. سوف يوجه شعبنا بحضوره هذا ضربة قاضية لسياسات عدوّنا إن شاء الله.
أما عن الانتخابات. أيها الأخوة الأعزاء. تمثل الانتخابات فرصة لبلدنا وشعبنا وتهديداً لأعدائنا. لا يجب الاستخفاف بموضوع الانتخابات. لا يجب التغاضي بسهولة عما يقوله البعض عن الانتخابات إذ يقولون ما يريدون ويقتلون الحماس لدى الناس. الانتخابات تمثل فرصة كبيرة جداً لبلدنا:
أولاً إذا ما أجریت الانتخابات ضمن أجواء من الحماس وتوافد جميع الناس إلى صناديق الاقتراع فهذا يضمن أمن بلدنا. لماذا؟ لأن الأعداء الذين يهددون البلد والشعب، يخافون من الرصيد الشعبي أكثر من الإمكانيات التسليحية. صحيح أنّهم أيضاً يخافون من صواريخنا، لكنهم يخافون أكثر من شعبية النظام. المشاركة في الانتخابات تشير إلى شعبية النظام، من هنا هي تؤدي إلى إحلال الأمن.
ثانياً هي دلالة على إرادة وقوّة الشعب الإيراني. هناك مشاكل في البلد، وهم أنفسهم على علمٍ بهذا الأمر. تسببت عقوباتهم إضافة إلى القصور من طرفنا، بمشاكل للناس، الناس يتذمرون لكن بالرغم من ذلك ولأن الحديث يجري عن الانتخابات ولأن الحديث يجري عن حيثية النظام وأمن الدولة، ينزلون إلى الساحات. هذا دليل على الإرادة والقوّة والبصيرة الوطنية. هذه نقطة أخرى أيضاً.
ثم إن الانتخابات في حدّ ذاتها تشكل حلاً لكثير من المشاكل الدولية. يعتمد المراقبون الدوليون كثيراً على هذه الأمور لإطلاق أحكامهم على الدول وليحددوا كيفية تعاملهم معها. هم يراقبون مجلس النواب في الدولة – اذا ما كان فيها مجلس نواب – ويراقبون كيف يجري انتخاب الرؤساء ومن الذي ينتخبهم وما مدى الدعم الذي ينبغي أن يحظوا به كي يجري انتخابهم. كل هذه الأمور مؤثرة.
إضافة إلى ذلك، إن انتخابات رئاسة الجمهورية ومجلس الشورى الاسلامي تشكّل فرصة لدخول فكر ونهج جديد في عجلة طرح وصناعة واتخاذ القرارات في البلد. هناك فكر جديد يؤتى به – وسأتحدث عن هذا لاحقا – خاصة اذا استطعنا أن نجد أشخاص جيدين وننتخبهم. هذا أمر مؤثر وسوف يكون هناك كلام جديد في عجلة اتخاذ وصناعة القرارات في البلد ويمكن لهؤلاء الأشخاص أن يعرضوا طرقاً جديدة لحل مشاكل البلد، فيتدبّرون ويتحدثون بأسلوب تخصّصي. موضوع الاقتصاد مهم جداً وقد ذكرته مراراً وتكراراً، موضوع الثقافة مهم جداً، موضوع تقوية وتطويرالعلم مهم جداً، لكن الانتخابات هي أساس كل هذه المواضيع. إذا ما كان انتخابنا قويّاً وصحيحاً وعاماً، في رأيي كل هذه المشاكل ستُحل تدريجياً. هذا دليل على أهمية الانتخابات.
بناءً عليه الانتخابات هي أهم موضوع في البلد. لا ينبغي التقليل من شأن هذا الموضوع الأساسيّ عبر إثارة المواضيع الهامشية والتصريحات المختلفة والكلام المحبط. مع الأسف هذا الكلام موجود. طبعاً العدوّ نشيط وهذا أمرٌ ليس بجديد. منذ السنوات الأولى كان الأعداء يطرحون علامات استفهام حول الانتخابات هنا. أحياناً كانوا يقولون أنه حصلت مخالفات في الانتخابات وأحياناً أخرى يقولون أنه جرت هندستها، الأطراف الخارجية كانت تردد هذا الكلام باستمرار لكنه لم يكن مؤثراً كثيراً وليس له تأثير على الشعب. لا يطمئن الناس ولا يثقون بإذاعة خائنة تصف التجمعات المليونية العظيمة بأنها "عشرات الآلاف" في حين أنه عندما ينزل مائتي شخص إلى الشارع للقيام بممارسات خاطئة، يعبّرون عنهم بأنهم "الشعب الإيراني"، هذا أمرٌ واضح. هذا الأمر سيبقى دون تأثير بشرط أن لا تحصل هذه الجهات على مساعدة من الداخل وهو ما أؤكد عليه. لينتبه المتحدثون والذين يعتلون المنابر الذين يحظون بمكانة ويمكنهم التعبير عن رأيهم – سواء في وسائل الإعلام أو العالم الافتراضي – كي لا يتحدثوا بطريقة تجعل العدو يستغلها ويقوم بتضخيم الكلام حتى يحبط الناس ويجعلهم في يأسٍ من الانتخابات. عندما تقولون بأن هذه الانتخابات جرت هندستها، الناس سيُحبطون. عندما تقولون أنه لا توجد ديموقراطية هنا وأن هذه ليست انتخابات بل هي عملية تنصيب، حينها يحبط الناس في حين أن هذا الكلام كذب ولا شيء من هذا يحصل.
تعتبر الانتخابات في إيران من بين الانتخابات الأكثر نزاهة في العالم. تجري في بعض دول العالم عملية انتخابات جيدة لكنها ليست أفضل من انتخاباتنا وليست نزيهة أكثر منها. التزوير رائج في بعض الدول. هناك بعض الدول التي لا تشتمل قوانينها على الديموقراطية بمعناها الكامل والحقيقي ومن بينها الولايات المتحدة. الولايات المتحدة التي تُسمّى مهد الديموقراطية – بغض النظر عن الجو الإعلامي الذي يثيرونه للتأثير على آراء العامة بالمال وقدرة المال وهذا الأمر لن أتطرق إليه الآن – قانونهم هو على الشكل التالي: هناك من يحصد أصواتاً أكثر، لكن من حصد أصواتاً أقل يصبح رئيساً للجمهورية. هذا قانونهم. حصد منافس رئيس الجمهورية الحالي الذي تسلّم سدّة الحكم منذ عامين ملايين الأصوت أكثر منه، لكن حسب قوانينهم، الآخر يصبح رئيساً للجمهورية. حسناً هل هذه ديموقراطية؟ هل هذا تمثيل لأصوات الأكثرية؟ هنا الوضع ليس هكذا وهنا النتيجة دقيقة بحيث أنّ من يحصد أكثر من خميسن بالمائة من أصوات المقترعين - من منطلق أن نصف الأصوات هي المعيار- إذا ما زادت النسبة بعشر واحد يصبح رئيساً. هكذا عملنا طوال سنوات. في انتخابات مجلس البرلمان طوال المراحل المختلفة راسلني الكثير من الأشخاص مرات كثيرة وأخبروني عن وجود تزوير وإشكالات في الانتخابات. قمنا بتحديد لجنة فتابعوا الموضوع تحروا عنه واهتموا به بدقة لكنهم لم يجدوا أي تزوير ومن أرسل التقرير كان مخطئاً وكتب عن شيء لا معرفة له فيه.
الانتخابات في بلدنا انتخابات نزيهة. أنا أتعجب من البعض الذين حققوا مكانة عبر الانتخابات وهم نفسهم يضعون هذه الانتخابات موضع التساؤل. كيف كانت الانتخابات صحيحة عندما انتهت في صالحكم ثم أصحبت سيئة عندما جرت عكس مصلحتكم؟ وَاِن يَكُن لَهـُمُ الحَقُّ يَـأتوِّا اِلَيـهِ مُذعِنين ؛ يقول القرآن أنه عندما يكون الحق لصالحهم يقبلون بالحكم، لكن عندما يكون خلاف ذلك لا يقبلونه. ثم يقول: «اَ في قُلوبِهِم مَرَض» ؟ هل أن قلوبهم مريضة؟
حسناً لسنا نتذمر من العدو، فالعدوّ يمارس العداء، هذا هو شأنه. لكن الأصدقاء والأشخاص المتواجدين في البلد – سواء كان هذا الشخص كاتباً صحفياً، أم كان على تواصل مع العالم الافتراضي، أم كان نائباً في المجلس أم مسؤولاً حكومياً مهماً – عليهم أن ينتبهوا جيداً وهذا ما نتوقّعه منهم. لا يجب أن تجري الأمور بـأن نطلب من الناس المشاركة في الانتخابات لكن نتحدث بطريقة تجعلهم يعكفون عن ذلك. هذا ليس صحيحاً، بل خاطئاً.
التهجم على مجلس صيانة الدستور هو أحد أكثر الأعمال خطئاً في هذا المجال. مجلس صيانة الدستور هو محل ثقة وله مكانة موضّحة في الدستور. يضم مجلس صيانة الدستور ستة فقهاء عادلين وستة أشخاص من الحقوقيين البارزين المنتخبين من مجلس الشورى الإسلامي. كيف يمكنهم بسهولة اتهام مجلس صيانة الدستور بأنه رفض أهلية فلان أو قبل بفلان لغايات محددة؟ هذا اتهام وسوق الاتهامات من كبائر الذنوب التي تتطلب التوبة، ينبغي أن يتوبوا.
الانتخابات مهمة، ذكرت للشعب الإيراني في صلاة الجمعة منذ عدة أسابيع أن مشكلتنا مع الأعداء الدوليين المتجبرين عديمي الرحمة تكمن في أننا نريد أن نصبح أقوياء وأن نحصل على مجلس قوي هو أحد عناصر القوة. مجلس الشورى الاسلامي الذي هو مكان التشريع يجب أن يكون قوياً. متى سيصبح مجلس الشورى قوياً؟ عندما يتشكل بعدد أصوات كبير. هذا المجلس سوف يصبح قوياّ عندما يكون له رصيد شعبي.
لا علاقة للتذمر الشعبي بالانتخابات. الناس يتذمرون من المشاكل المعيشية، جزء من هذا التذمر يعود إلى القوانين عندنا وجزء آخر يعود إلى بعض مدرائنا التنفيذيين الذين يثيرون تذمر الناس. طبعاً لديهم حق بالتذمر وأغلب ما يتذمرون منه محق، لكن لا علاقة لهذا الأمر بالانتخابات. الناس يتذمرون من شخص آخر لكنهم يعرفون قدر مجلس النواب الذي هو ملك للنظام والبلد وعامة الشعب الإيراني وسوف يكون لهم حضور قوي في تعيين هذا المجلس بتوفيق ومشيئة الله.
أقول أن أي شخص يحب إيران يجب أن يدلي بصوته. ذكرنا هذا الأمر سابقاً ونعيده الآن. قد لا أكون محط إعجاب شخص ما ولا مشكلة في ذلك، لكن هذا الشخص نفسه، هل يحب إيران؟ هل يحب بلده أم لا؟ إذاً ينبغي أن يشارك في الانتخابات. كل من يحب أمن البلد وحل مشاكله والدورة الصحيحة لعجلة النخب، يجب أن يشارك في الانتخابات، الجميع يجب أن يشاركوا. طبعاً أنا واثق أن الأشخاص المؤمنين والثوريين والذين يعنيهم مصيرالثورة يشاركون بدافع أكبر، لكن حتى الأشخاص الذين ليس لديهم دافع ثوري أو دافع ديني، هم يحبون بلدهم، هؤلاء أيضاً ينبغي أن يشاركوا في الانتخابات. الحديث هنا عن أساس الانتخابات.
أما بالنسبة لنوع الانتخاب، من الذي يجب أن ننتخبه؟ نحن لا نوصي بشخص ما. ليست من عادتي في أي انتخابات أن أشير إلى أحد حتى يتم انتخابه، لكن في رأيي يجب أن تتوافر هذه الخصائص بالشخص المنتخب: أولاً أن يكون مؤمناً. انتخبوا أشخاصاً يتمتعون بالإيمان. الإيمان هو الذي يحول دون سلوك المسير الخاطئ والانحراف والخطوة الناقصة. الإيمان لا يسمح للوسوسة أن تؤثر في الإنسان. البعض في بداية العمل يكون صالحاً، لكن عندما يقتحم بعض الساحات، ينجرف مع الوسوسة هنا وهناك. إذا كان الإيمان قوياً يبقى الشخص مصوناً من الانحراف. إذاً يجب أن يكونوا مؤمنين.
ثم أن يكونوا ثوريين. أن يقبلوا الثورة ويؤمنوا بها بكل معنى الكلمة. انتخبوا هؤلاء. أن يكونوا شجعان أيضاً. النائب الذي يخاف من التحدث ضد قوة خارجية ما، لا يستحق أن يمثل الشعب الإيراني بكل عزته وشجاعته. طبعاً نواب المجلس الحاليون قاموا بعمل جيد، مؤخراً بعد استشهاد الشهيد سليماني، قاموا بمبادرة جيدة ضد الولايات المتحدة. يجب العمل بشجاعة، لأن أيّ عملٍ لن يتقدم بالخوف والذعر والارتباك. يجب العمل بشجاعة وتدبر وعقلانية في نفس الوقت.
أن يتحلى بالروح الجهادية فيصل ليله بنهاره. أن يكون متمرساً في عمله ويكون مناصراً للعدالة بكل معنى الكلمة. بلدنا بحاجة إلى العدالة والبشرية بحاجة إليها. لكن العدالة غريبة ومهجورة في العالم. الجمهورية الاسلامية رفعت راية العدالة، لا يجب أن نسمح بأن تسدل هذه الراية. علينا أن نسعى لتحقيق العدالة بكل معنى الكلمة. العدالة الاقتصادية، الحقوقية والسياسية. يجب أن تطبّق العدالة في كل المجالات.
إذا استطعنا أن نعرف هكذا أشخاص، نقوم بالتصويت لهم. وإن لم نستطع، نرجع إلى الأشخاص أهل الثقة وذوي البصيرة. فلا يقول أحد «حسناً، يجب أن تكون شروط الترشح للانتخابات هكذا وأنا لا أعرف أحداً، إذاً الأفضل أن لا أدلي بصوتي». كلا، أدلوا بأصواتكم، لكن راجعوا الأشخاص ذوي البصيرة وأهل الثقة والذين يمكن للإنسان أن يطمئن لهم واسألوهم. إذا أرشدوكم، فاقبلوا كلامهم وهكذا يتوافد جميع الناس إن شاء الله إلى الساحات بنية خالصة وبالاتكال على الله تعالى.
أما بالنسبة لقضية فلسطين. لقد سمعتم وسمع كل العالم بأن المتغطرسين واللصوص الأمريكيين كشفوا النقاب مؤخراً عن مشروع أسموه "صفقة القرن". هم يمنون النفس بأنه ربما يتحقق باختيار اسم رنّان له. في رأيي هذا العمل الذي قاموا به ويريدون تحقيقه هو أحمق أولاً، وهو دليل على الخبث ثانياً وثالثاً هو يعود عليهم بالضرر منذ بدايته. (قبل أن أوضح لما هو أحمق قمتم بالتكبير. واضح أنكم جميعاً تعلمون لما هو عمل أحمق، لكنني في نفس الوقت سأعيد وأقول هذا مجدداً.) لماذا هو عمل أحمق؟ لأن هذا المشروع لن يحقق شيئاً وسوف يموت قبل موت ترامب. بناء عليه جاؤوا لأجل مشروع غير قابل للتحقق وعقدوا اجتماعات واستثمروا ودعوا هذا وذاك وأثاروا ضجة إعلامية وكشفوا النقاب عنه. هذا عمل أحمق.
ثانياً هو دليل على خبث ومكر الأمريكيين. طبعاً هذا الأمر معروف عن الصهاينة ولا خلاف عليه، لكن الأمريكيين بعملهم هذا قد بيّنوا كم هم خبثاء وماكرون. لماذا؟ لأنهم أبرموا صفقة مع الفريق الثاني الذي يتمثل بهؤلاء الصهاينة في حين أن موضوع الصفقة لا يخصهم. عقدوا صفقة بشأن أمر يخص الفلسطينيين وجرى بينهم تسلم وتسليم. أليس هذا خبثاً؟ أليس هذا مكراً؟ فلسطين ملك للفلسطينيين. من أنتم حتى تتخذوا قرارات تتعلق بفلسطين حتى يصبح بيت المقدس هكذا أو المكان الفلاني هكذا أو أن يكون مركز الحكم في فلسطين في ذلك المكان؟ ما علاقتكم بالأمر؟ من أنتم؟ فلسطين ملك للفلسطينيين، الفلسطينيون وحدهم فقط يتخذون القرارات التي تتعلق بفلسطين وهذا ما سأتحدث عنه الآن. يتمثل السبيل الوحيد لحل مشكلة فلسطين بذلك المشروع الذي اقترحناه منذ عدة سنوات وسأتحدث عنه اليوم أيضاً. إذاً، أن يأتي الآخرون، أن تأتي الولايات المتحدة لتتخذ القرارات حول أملاك وأرض وبلد وبيت الأخرين، فهذا دليل على احتيال وخبث وسوء الأشخاص الذين يقدمون على هذا العمل.
ذكرنا أيضاً أن هذا العمل عاد بالضرر عليهم منذ البداية، لماذا؟ لأن كل مساعي أنظمة الاستكبار كانت وما زالت قائمة على جعل اسم وذكرى فلسطين طيّ النسيان وحذفها من الذاكرة. لكن ما فعلوه جاء بنتيجة عكسيةّ وأعاد الحياة لقضية فلسطين؟. كل العالم اليوم يتحدث عن مظلومية الشعب الفلسطيني وأنّ الحق معهم ويدين الولايات المتحدة. هنا لا يجب التركيز على أربعة رؤساء خائنين من العرب الذين ذهبوا إلى هناك وصفّقوا للأمريكيين. هؤلاء لا قيمة ولا أهلية لهم ولاحيثية لهم بين شعوبهم. لذلك هذا العمل سوف ينتهي بالضرر عليهم. أصبحت فلسطين أكثر حياةً الآن وأصبح وازداد حضور المؤسسات الفلسطينية في العالم وبات اسم فلسطين يذكر أكثر على الألسن وأصبحت مظلوميتها جليّة. إذاً هكذا هو الوضع المترافق مع هذا المشروع. سيبذلون جهوداً للدفع قدماً بهذا المشروع ولتحقيق ذلك يعتمدون على السلاح والمال فيغرون البعض بالرشوة ويهددون البعض الآخر بالسلاح. هذا هو نهجهم العملي.
ما هوعلاج قضية فلسطين؟ يتمثل العلاج بالصمود والمقاومة الشجاعة. ينبغي أن يضيّق الشعب والمقاومون والمنظمات الفلسطينية بجهادهم وتضحياتهم الخناق على العدوّ الصهيوني والولايات المتحدة. هذا هو السبيل الوحيد وعلى كل العالم الإسلامي أن يساعدهم. يجب أن تساند كل الشعوب المسلمة الفلسطينيين وتدعمهم. هذا هو العلاج. طبعاً حسب اعتقادي سوف تصمد المنظمات الفلسطينية المسلحة وتستمر في المقاومة. المقاومة هي السبيل.
لحسن الحظ هذه المقاومة في منطقة غرب آسيا ليست خاصة بفلسطين فقط، بل لها مدىً أوسع من فلسطين وسيزداد إن شاء الله يوماً بعد يوم. نحن كنظام الجمهورية الاسلامية نعتبر مساندة الفصائل الفلسطينية المناضلة واجبنا وسوف نساندها بكافة السبل المتاحة وبكل وجودنا وكل ما نستطيع. هذه إرادة الجمهورية الاسلامية والشعب الإيراني. إن شاء الله سوف يجري تقويتهم وسيُضعفون أعداءهم.
فيما يخص العلاج الجذري لقضية فلسطين ذكرنا هذا الأمر منذ عدة سنوات وقد جرى تسجيله في المراكز الدولية المهمة. إجراء استفتاء يشارك فيه كل الفلسطينيين الأصليين لا الذين جاؤوا من دول أخرى وسكنوا في فلسطين، بل أبناء فلسطين من أي مذهب كانوا – مسلمين، مسيحيين أو يهود لأن بعض الفلسطينيين مسلمون وبعضهم مسيحيون والبعض الآخر يهود – يصار بعده إلى إرساء النظام الذي يريدونه ويتسلّم هذا النظام الحكم على كافة الأراضي الفلسطينية ولا يكون محدوداً بما يسمونه الأراضي المحتلة. هناك جزء من فلسطين يسمونه الأراضي المحتلة. ينبغي إرساء نظام حكم على كافة الأراضي الفلسطينية عبر الاستفتاء الشعبي ليقوم باتخاذ القرارات في المواضيع التي تخص فلسطين وقرارات فيما يخص أمثال نتانياهو والآخرين ويجب أن تكون الصلاحية بيده. هذا هو السبيل الوحيد لإرساء السلام في فلسطين وحل قضية فلسطين.
إن شاء الله سوف يمضي هذا الأمر قدماً ونتمنى أن تشهدوا أنتم الشباب ذلك اليوم وستشهدونه إن شاء الله وبتوفيق منه ستصلون في بيت المقدس الذي يحظى بكل هذه الأهمية عندهم. كلنا أمل بأن يديم الله الجهاد والمجاهدين في سبيله لنا ولبلدنا وشعبنا.
والسّلامعلیکمورحمةاللّه