ووجّه الإمام الخامنئي الشكر لله عزّوجل على استمرار انعقاد هذه الجلسة الرمضانيّة السنويّة مع الطلاب الجامعيّين في ظلّ الظروف التي تسبّب بها فايروس كورونا معتبراً أنّ الحوار والاستماع إلى الشباب في ظلّ الظروف الحاليّة التي تشهدها البلاد ينطوي على أهميّة كبيرة ومضاعفة، وأردف سماحته قائلاً: ينبغي الالتفات بشكل كامل إلى الظروف بالغة الحساسيّة والأهميّة الحالية التي تشهدها البلاد عند اتّخاذ أيّ قرار.
وضمن رؤيته الشاملة لأوضاع البلاد صرّح قائد الثورة الإسلامية قائلاً: الحقيقة هي أنّه تقف مقابل إيران اليوم جبهة ظلم وكفر واستكبار واسعة تعمل بأيّ حيلة ووسيلة وباستغلال إمكاناتها على إجبار النظام الإسلامي على التراجع والاستسلام؛ ولو تحقّق هدف فسوف يكون ثمن ذلك باهظاً على البلاد ولا شكّ في أنّ جبهة الاستكبار ستفشل في تحقيق هذا الهدف بفضل الله وبوعي وصمود الناس.
واعتبر الإمام الخامنئي أنّ الهدف الأساسي للأعداء هو مواجهة الشعب الإيراني واجتناب تقديم نموذج جذّاب لهذه الشعوب، وأضاف سماحته قائلاً: يجب الالتفات إلى أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة كانت ولا تزال في خضمّ صراع سياسيّ، وفكري، وحرب ناعمة وممارسات حربيّة صلبة مع جبهة المستكبرين.
ولفت قائد الثورة الإسلامية إلى أنّ الاهتمام بقدرات البلاد الكبيرة فيما يخصّ التصدّي والانتصار على جبهة الظلم والاستكبار القويّة حقيقة ترفض الشكّ وتابع سماحته قائلاً: إنّ التجارب العسكريّة وغير العسكريّة طوال الأعوام الأربعين الماضية أثبتت بشكل متيقّن أنّ الشعب الإيرانيّ العزيز يملك قدرة الانتصار على الأعداء المعاندين.
وشدّد الإمام الخامنئي على أنّ إحدى أساليب القوى الاستعماريّة والمهيمنة المهمّة تتمثّل في نشر مشاعر استحقار الذات وفقدان الهويّة بين الشعوب، وأردف سماحته قائلاً: لقد أوجد انتصار الثورة الإسلامية هذا الشعور لدى الشباب والشعب الإيراني بأنّهم قادرون على إنجاز عمل مستحيل في الظاهر هو اجتثاث جذور الحكومة المستبدّة المدعومة من قبل القوى الأجنبيّة وأمريكا على وجه الخصوص وإصابة العالم بالحيرة والذّهول.
وفي جانب آخر من كلمته أشار قائد الثورة الإسلامية إلى حرب العدوّ الناعمة ضدّ الثورة الإسلامية مؤكّداً على وجوب التصدّي للذين يساعدون العدوّ في هذه الساحة، وتابع سماحته قائلاً: رغم الأموال الطائلة التي بذلها الأمريكيّون طوال أعوام طويلة من أجل تزويق وجميل أنفسهم وتقديم صورة جذّابة، لقد بات النظام الأمريكي اليوم منبوذاً في جزء كبير من هذا العالم.
ولفت الإمام الخامنئي إلى اشمئزاز الشعوب من أمريكا وأردف سماحته قائلاً: إضافة للشعوب، فإنّ رؤساء بعض الحكومات الحليفة لأمريكا أيضاً يعربون عندما يتحدّثون بما يخالج صدورهم حول أمريكا عن كرههم واشمئزازهم من الرؤساء الأمريكيين والحكومة الأمريكية وعدم وثوقهم بها واكتراثهم لها.
وصرّح قائد الثورة الإسلامية بأنّ جزءاً من الكره الحالي لأمريكا نابعٌ من تصرّفات مسؤولي هذا النظام الحاليّين -ومن بينهم الرئيس الأمريكي ووزير خارجيّته- الجاهلين، الثرثارين وعديمي المنطق ولفت سماحته قائلاً: طبعاً لا يقتصر سبب الاشمئزاز من أمريكا على هذه القضيّة، بل يرتبط ذلك بمنهجيّة أمريكا طويلة الأمد التي تضمّنت القتل، ارتكاب الجرائم، انعدام العدل، تنمية الإرهاب، مساعدة الحكومات المستبدّة وسيّئة السّمعة وتقديم الدّعم اللامحدود لظلم الكيان الصهيوني المتزايد والإدارة الكارثيّة لقضيّة كورونا مؤخّراً.
وأشار الإمام الخامنئي إلى أنّ إشعال الحروب في بلدان كأفغانستان، والعراق وسوريا يشكّل سبباً آخر للحقد على أمريكا وتابع سماحته قائلاً: يصرّح الأمريكيّون بمنتهى الصراحة بأنّنا أرسلنا قوات بريّة إلى سوريا من أجل النفط الموجود هناك، طبعاً لن يكون لهم بقاء في سوريا والعراق ولا شكّ في أنّهم يجب أن يخرجوا من هناك وسيتمّ طردهم دون شكّ.
وفي معرض آخر من كلمته وجّه قائد الثورة الإسلامية بعض النصائح والتوصيات للشباب.
فقال سماحته: رغم أنّ شهر رمضان المبارك قد شارف على الانتهاء وهو في أيّامه الأخيرة لكنّ أفضل فرصة لبناء الذات تكمن في الاستئناس بالقرآن، والصلاة بخشوع وفي أول وقتها والتضرّع والدعاء ولا ينبغي أن ينتهي هذا التواصل المعنوي مع انتهاء هذا الشهر.
وقدّم الإمام الخامنئي توصية أخرى للشباب الإيرانيّين"برفع راية المطالبة بالقيم والمبادئ وتحقيق الأهداف"، واعتبر سماحته أنّ المواضيع المطروحة من قبل الطلاب الجامعيّين توحي بهذا الأمر وأردف سماحته قائلاً: قد لا يتسنّى تحقيق كلّ هذه المطالب لكنّ المهم هو تكرارها كي يبقى أصل المطالبة بالمبادئ والقيم والأهداف حيّاً وحيويّاً ولا يُسمح بالانحراف عن مسار الثورة الإسلامية وتضييع هذا المسار.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية "المطالبة بالعدل، وإزالة الفساد وتأسيس الحضارة الإسلامية في نهاية المطاف" من مظاهر المطالبة بالمبادئ والقيم وتحقيق الأهداف وأردف سماحته قائلاً: قد تكون المطالبة نوعاً من أنواع الاعتراض والتأكيد على إزالة المشاكل والنقائص الموجودة، لكن ينبغي أن يكون هناك وعي وحرصٌ دائم فيما يخصّ أسلوب العرض وتقديم المواضيع بحيث لا يُفهم على أنّه اعتراضٌ على أساس النظام أو يتمكّن العدوّ من استغلاله والإيحاء بكونه اعتراضاً على النظام.
وأوضح الإمام الخامنئي في قسم آخر من كلمته أهميّة المطالبة بالمبادئ والقيم وتحقيق الأهداف قائلاً: إذا ألقى الشباب المؤمنون والأنقياء بهذه الراية على الأرض فقد يتمكّن من حملها أولئك الذين يسعون إلى توجيه ضربة لهذا النظام ولا يهمّهم حلّ مشاكل الناس.
ومن توصيات قائد الثورة المهمّة للشباب والطلاب الجامعيّين كانت إرفاق المطالبة والانتقاد والاعتراض بمقترحات جيّدة وعمليّة كي تكون الفائدة حقيقيّة وخالدة، كما أنّ الإسلام جعل الأمر بالمعروف إلى جانب النهي عن المنكر، والمعروف يعني تقديم المقترحات العمليّة والجيّدة.
وقدّم الإمام الخامنئي توصية أخرى للشباب تتمثّل في حشد القوات وتوسيع نطاق جبهة الثورة الإسلامية بين المقيّدين بأسسها، لافتاً إلى احتمال وجود اختلاف في الأذواق والآراء في بعض المواقع.