تقييم:
أکد السفير الإيراني السّابق في العراق في مستهل هذه المقابلة أنّ زيارة الوفد العراقي رفيع المستوی، السياسي والاقتصادي والعسكري برئاسة الكاظمي إلى الجمهورية الإسلامية في ايران، كانت قصيرة وجرت في ظروف خاصة، ولکنها عميقة وذات مغزى. فلهذا اللقاء ميزة وخصوصیة مقارنة بلقاءات الإمام الخامنئي مع رؤساء وزارء آخرين. فقد كان هذا الاجتماع مهمًا واستراتيجيًا للغاية، وسرداً مفصلاً لتبيين مواقف الجمهورية إيران الإسلامية تجاه العراق والحكومة العراقية وجبهة المقاومة. كما أنّ الاجتماع کان حافلاً بالرسائل لكل من الولايات المتحدة وللعلاقات الإقتصادية بين البلدين. في الواقع، ضوابط السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية  واضحة في تصريحات قائد الثورة الإسلامية وبالتالي، لم يكن هناك غموض في مواقف الجمهورية الإسلامية تجاه العراق.

بداية أكد السيد حسن الكاظمي على الاهمية الاستراتيجية لهذا اللقاء وعرض جملة من النقاط الهامة وهي كالتالي:

أولاً: إيران  تدعم عراقا آمنا ومستقلا وذا سيادة وطنية
أشار الکاظمي لدعم ايران لعراق آمن ومستقل، حيث أكّد قائد الثورة الإسلامية في هذا اللقاء أنّها السياسة المبدئية للجمهورية الإسلامية تجاه العراق. السياسة التي تطالب فيها إيران بنموذج عراقي يحظى بالسيادة الوطنية. تستفيد الجمهورية الإسلامية من هذا النموذج العراقي كما يستفيد العراق والشعب العراقي، ويعتمد ثبات وإستقرار المنطقة وأمنها على وجود مثل هذا النموذج العراقي. یظهر سجل الجمهورية الإسلامية منذ بداية تشكيل العراق وحتى اليوم أنّ إيران تسير في هذا الاتجاه. فالجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الدولة الوحيدة التي وقفت بكل إخلاص وتواضع وإقتدار إلی جانب الشعب والحكومة العراقية في جميع الظروف، وخاصة في الظروف الصعبة والحرجة، سواء في مسألة الإحتلال أو في مسألة الإرهاب والجماعات التكفيرية التي حاصرت بغداد. فأمريكا ودول الشرق والدول التي تدعي بأن العراق جزء من المجتمع العربي ويجب مساعدته، لم تساعد العراق في محنتها، بل وقفت ضد مطالب الشعب العراقي. 
أشار الكاظمي نقلا عن الإمام الخامنئي إلى دور السعودية في العراق وقال: السعودية هي عرابة هذه التحركات، التي تعارض بشكل أساسي وجود هكذا عراق وبهذه الخصوصیة. فحكام المملكة العربية السعودية يعارضون وجود عراق مستقر وآمن ومزدهر وذو سيادة منبعثة من إرادة الشعب، أي نظام شعبي ديمقراطي. ولأنه لايوجد تناوب للسلطة والديمقراطية في نظام حكم المملكة العربية السعودية ولا يُسمح بإجراء الانتخابات على الإطلاق، وفيما أجريت انتخابات في العراق وتم بسط السيادة والأمن والازدهار والاستقرار والاستقلال فيها، فإنها رسالة إلى الشعب السعودي بأنه يجب عليه أن يعلن تبرّيه من النظام الملكي الوراثي، هذا النظام الذي يطعن العالم الإسلامي الیوم ويتحالف مع أعداء العالم الإسلامي، أي الكيان الصهيوني المحتل  للأسف.

ثانیاً: التعاون من دون التدخلات الخارجية
النقطة الأخرى التي أكد عليها قائد الثورة الإسلامية في هذا اللقاء هي أننا لا نتدخل في شؤون العراق الداخلية. كما أنّ الجمهورية الإسلامية لا تسمح للآخرين بالتدخل في شؤونها الداخلية، فإنها لا تسمح لنفسها بالتدخل في الشؤون الداخلية للآخرين. ولكن هل يعتبر التشاور وإعطاء الرأي والتعاون تدخلا؟ لا، على الإطلاق لا يعتبر  تدخّلاً. تتمتع جمهورية إيران الإسلامية بخبرة واسعة في مجال إقامة نظام سياسي مستقل، وفي إرساء الأمن والازدهار الاقتصادي وأمن الحدود وأي عمل آخر.
كما أشار السفیر السابق لإيران فی العراق في حدیثه عن كلام قائد الثورة الإسلامية في لقائه مع رئيس الوزراء العراقي إلی أن التحذير من خطر الإرهاب والاحتلال وإعطاء المشورة لا يعني التدخل. ولن تعمل الجمهورية الإسلامية الإيرانية كمراقب محايد في العراق. نحن كدولة وجارة قوية، نقف إلی جانب الشعب العراقي ونتعاون ونتفاعل ونساعد، لكن لن نتدخل في شؤونها. ولهذا السبب، وخلافاً لأي من التكهنات أو التحليلات حول رئيس الوزراء العراقي الجديد، دعمت الجمهورية الإسلامية رأي الشعب والبرلمان العراقي في انتخابه كرئيس جديد للوزراء. فاستقبال السيد الكاظمي في الجمهورية الإسلامية ولقائه مع أعلى مسؤول في البلاد يظهر أن الجمهورية الإسلامية تحترم آراء الشعب العراقي وأيضاً آراء أي دولة أخرى. لكننا لسنا مراقبين محايديين. فاذا نشأ نظام ديكتاتوري في العراق، يعتبر ذلك تهديدا للجمهورية الإسلامية ولكل بلدان المنطقة. واذا كان بلدا محتلا، فهذا أيضاً يشكل خطراً علينا وإذا تعرض العراق لهجوم من قبل الجماعات الإرهابية والتكفيرية واستقرّت على آرض العراق جماعات من المنافقين الخبثاء والمرتزقة الذين ارتكبوا جرائم مختلفة ضد الشعب الإيراني. فهذا  أيضاً يشكل خطراً علينا وبالتالي من الطبيعي أن لا تسمح الجمهورية الإسلامية بحصول أي شكل من أشكال التهديد. لكن المهم هو المحافظة على مصالح الشعب العراقي والجمهورية الإسلامية ومواجهة التهديدات المشتركة. اٍنّ ما يصبّ في مصلحة الشعب العراقي هو أيضا يصب في مصلحتنا. فالتهديد ضد الشعب العراقي يعتبر تهديداً لنا أيضا. إن استقلال هذا البلد في مصلحتنا والعكس صحيح. لذا لدينا مصالح وتهديدات مشتركة. وبينما لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول، فإننا لا نسمح أيضاً للآخرين بالتدخل في شؤوننا.

ثالثاً: التأكيد على الحشد الشعبي يعني عدم الحاجة لقوات أجنبية
تطرّق الكاظمي في حديثه إلى الحشد الشعبي وهي نقطة أخرى في خطاب الإمام الخامنئي. الاعتماد على "الحشد الشعبي". إن خطابه عن الحشد الشعبي ليس مجرد رسالة إلى هذه الفئة، بل  خطابا موجها لكل من الأمريكيين والحكومة العراقية. في الواقع، إذا تم إرساء الاستقرار والأمن في العراق في الحرب ضد الإرهاب، فذلك لأن العراقيين استطاعوا الوقوف ضد المطالب غير المشروعة للمحتل. إذا أصبح العراق بهذا المستوى، فذلك بسبب وجود الشعب في الساحات الاجتماعية والسياسية والأمنية. أصدرت المرجعیة فتوى ضد منظّمة داعش الإرهابية، قائلة إن من قتل في هذا الطريق فهو شهيد في سبيل الله. فالیوم يعتبر الحشد الشعبي والمجموعات المقاومة جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الدفاعیة للعراق، وذلك بسبب تأكيد الإمام الخامنئي علی الحشد الشعبي بالقول"إذا كنتم تريدون عراقًا مستقلاً وآمنًا وذوسيادة ، فیجب أن يكون للحشد الشعبي حضوراً قوياً في الساحات". فالأساس هو توفير الأمن والدفاع عن الشعب العراقي. لايمكن للجيش والقوات المسلحة القيام بمهامهم دون دعم الشعب ولا يمكن استمرار الاحتلال والتدخل في شؤون العراق وأفغانستان من دون الاعتماد علی البنية الدفاعية والأمنية لهذه الدول في حربهم ضد  القوات الأجنبية. فإذا كان للحشد الشعبي حضور، فلن یکون هناك عذراً لوجود المحتلين والأمريكيين. إن تأكيد قائد الثورة الإسلامية على الحشد الشعبي، يعني التأكيد على استقلال هذا البلد وعدم الحاجة إلی القوات الأجنبية. وبالتالي فإن خطاب الإمام الخامنئي یعتبر تحذیراً مباشراً لرئيس الوزراء العراقي إلی أن أي خطوة تضعف الانتفاضة، تشكل خطراً على الأمن القومي والمصالح الوطنية للعراق.

رابعاً: المرجعیة الداعمة لاستقلال العراق وسلامة أراضيه
أضاف الكاظمي أنّ الرسالة الاخرى لخطاب قائد الثورة الإسلامية تتعلق بمسألة المرجعیة، وخاصة مرجعیة آية الله العظمى السيد علي السيستاني. المرجعیة الدینیة کانت رأس القيادة السياسية للشعب العراقي منذ بداية الاحتلال وحتى اليوم وحاولت في أشد الظروف والمحن، عدم استغلال وجود المحتل في العراق. وقادت المرجعیة المجتمع العراقي، إلی مقاومة المحتل والمجموعات التكفيريّة وداعش والدفاع عن السيادة الوطنية والاستقلال والسیادة لهذا البلد. العراق لایزال مجتمعاً دينياً، والمرچعیة السياسية للشعب العراقي هي المرجعیة الدينية. وسبب محاولة العدو إضعاف موقف المرجعية، هو دورها المؤثر في الشعب العراقي. وعلى هذا الأساس کان تأكید قائد الثورة الإسلامية على أهمية موقف المرجعیة.

خامساً: فشل المشاریع الأمیركية في العراق
أشار الكاظمي اٍلى أنّه يجب علينا أن نکون من رواد العلاقات بین ایران والعراق. إن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وهم أعداء الإسلام والجمهورية الإسلامية والمقاومة الإسلامية، يعرقلون التعاون بين البلدين. مع بداية الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، كانت مهمة السيد بريمر تشكيل نظام سياسي أمريكي بالكامل بثوب من الديمقراطية والانتخابات. بالطبع لم یکن في مخطط الأمريكيين إجراء الانتخابات حتى عام 2008. عارض العراق، والمرجعية، والجمهورية الإسلامية مثل هذه الخطة، معلنین أن النظام السياسي يجب أن يقوم على أساس إرادة الشعب في العراق. كان سبب احتلال العراق من قبل الأمريكيين هو جعل وجودهم العسكري دائماً في العراق وکذلك سیطرتهم علی البنية الدفاعية والأمنية وإدارة العلاقات الخارجية لهذا البلد.جاء الأمريكيون إلی العراق لإنشاء هذا النظام السياسي الموالي لهم وبهذه الخصائص بحيث تكون هذه الدولة هي الخطوة الأولى في تشكيل شرق أوسط جديد للأمريكيين. بالطبع، لم يسمح قادة العراق والمرجعیة الدينية والجمهورية الإسلامية بحدوث ذلك. ووفقًا لتقدير الخبراء، عندما تقول الجمهورية الإسلامية بأن المحتل يجب ألا يكون في المنطقة، فهذا يعني أن عملیات انسحاب المحتلین العسكريين الأمريكيين من المنطقة ستبدأ من العراق. وإذا انسحبت الولايات المتحدة من العراق، فهذا يعني أن وجودها العسكري في المنطقة سينتهي. ومثلما عينت الولايات المتحدة العراق كخطوة أولى في تشکیل الشرق الأوسط الجديد، اليوم، سيساهم صمود المقاومة ومجموعات المقاومة وشعوب المنطقة، في جعل العراق، الخطوة الأولى في طرد الوجود العسكري الأمريكي من هذا البلد.

سادساً: سعي الولايات المتحدة للضغط على الحكومة العراقية
علّق الكاظمي على كلام الإمام الخامنئي القائل بأنّ الأمریكيين يكذبون عندما یقولون أنهم جاؤوا إلى العراق من أجل ضمان أمن هذا البلد. لقد مرت سبعة عشر سنة منذ احتلال العراق وتسعة عشر سنة على احتلال أفغانستان وما فعله الأمریكيون طیلة هذه السنوات هو خلق نوع من عدم الاستقرار ونشوب الصراعات والانقسامات الداخلية. إن كل الجهود الأمیركية من أفغانستان إلى سوريا کانت تعمل على اضعاف قدرات المقاومة القادرة على الوقوف بوجه الکیان الصهیوني المحتل. إنخرطت سوريا  أيضا، في هذه القضايا منذ عدة سنوات. وجاءت الولايات المتحدة وحلفائها والکیان الصهيوني بما يقارب  1800 مجموعة إرهابية إلی سوریا لقتل الشعب السوري ومحاربة النظام ودمرت هذا البلد ولم تكن رغبة الشعب السوري في تدمير بلاده.
 يواجه العراق اليوم، مشاكل اقتصادية نتیجة إنخفاض صادرات النفط الناشئ عن انخفاض الاسعار. العراق لدیه حوالي تسعة مليارات ونصف المليار دولار شهريا من النفقات الجارية حیث تصل الیوم إلى ثلث دخله، وهو يسعى للاستقراض من المجتمع الدولي والذي لن يقرضه بالطبع. العراق لدیه مصروف باهظ، ولكن ما هو دور الأمريكيين في مساعدة العراق؟ إحدی مساعداتهم هي تهديد الحكومة العراقية بضبط أموالها في صندوق النفط فیما الأخیرة ضغطت من أجل الانسحاب العسكري من العراق. وخلافا لما یدعیه الأمریكیون، فإن أي حكومة تتولى السلطة في العراق ولا تتعاون معهم، یسعون  بالضغط علیها، إلی فرض سيطرتهم وارادتهم لتحقيق مطالبهم في العراق. وأضاف الكاظمي، يعرقل الأمریكيون اليوم، التعاون بين جمهورية إيران الإسلامية والعراق، ويؤكد ذلك كلام قائد الثورة الإسلامية عن استشهاد الشهيد سليماني، حينما قال "أنهم قتلوا ضيفكم"، بمعنی آخر أنهم انتهكوا السيادة الوطنية. أن الولايات المتحدة المتغطرسة لا تحترم الحكومات أو تقدرها. الطبيعة المتغطرسة لأمیركا جعلتها لا تلاحظ مصالح الآخرين بتاتاً. فلهذا السبب کان هناك التدخل الأمریکي. يوجد الآن فريق أمريكي في البنك المركزي العراقي يراقب العلاقات والأنشطة لدی البنوك العراقية ويحاول تخريبها والتدخل فيها بذرائع مختلفة. إحدى الخطط الأمريكية في العراق هي منع توسيع دائرة التبادلات الاقتصادیة بين إيران والعراق وخلق الموانع، لکن لايمكنهم أن ينجحوا في خططهم.

سابعاً: الخطة الأمیرکیة لضرب العلاقات الإيرانية العراقية
حول مسألة التعاون مع إيران، أشار قائد الثورة الإسلامية إلى أن هذه العلاقة هي نموذج للآخرين لإیجاد التعاون مع العراق، ونحن نشجع الآخرين على التعاون مع العراق أيضًا. ولا قلق للجمهورية الإسلامية بشأن ذلك، لأن سياستنا واضحة للغاية. ووجود عراق بهیکلیة جدیدة يصبّ في مصلحة الجميع. قبل زيارة السيد الكاظمي إلى إيران، قالوا أنه سيذهب أولاً إلى المملكة العربية السعودية ويوقع عقودًا اقتصادية کبیرة، مثل إمدادات الطاقة مع المملكة. ولکن هذا الأمر لم يحدث بتاتاً، لأن سياسات الدول مثل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لا تقوم علی أساس بناء عراق جدید. إن الاحتجاحات التي وقعت مؤخرا في العراق، کانت في الأساس وراء تلبیة مطالب الشعب العراقي، ولکن الأمريكيبن خلقوا تيارًا مثل جوكرز للضغط علی المجتمع العراقي، لا علاقة له بالمصالح العراقية، وقد تم إنشاء ما يقارب  1200 منظمة غير حكومية، معظمها بدعم من الولايات المتحدة. الأمريكيون یخصصون ميزانية لكل مهمة ومسؤولية. إن مهماتهم في الظاهر هي لخدمة الشعب العراقي، لكنهم في الواقع وقفوا في وجه مصلحة الشعب والسيادة الوطنية للعراق. في مثل هذه الأجواء، تعمل الجمهورية الإسلامية من أجل التعاون لتصبح نموذجاً للآخرین. ونحن بالطبع، خلافا للشعار الأمريكي، نرحب  بقدوم الآخرين في هذه الساحة. قدم الأميركيون مؤخراً خطة جديدة وقالوا إننا نريد أن يكون لدينا تعاون اقتصادي كبير مع العراق. كما أن العرب قالوا الشيء نفسه، لكن هذا يتطلب ألا يكون لإيران دور في  هذه الساحة. ثم يقول الأمريكيون للدول العربية  إذا كنا لا نريد أن يکون لإیران دور، فمن الضروري بالنسبة لنا أن یتم تحويل العلاقة العراقية- الإيرانية إلى العلاقة العراقية -العربية، ويجب على المستثمرين الأمريكيين الكبار الاستثمار في العراق حتى لا يأتي رأس المال الإيراني إلى هذا البلد. لكن في الواقع كل هذه الخطة ذریعة هدفها منع  سير العلاقات العراقية الإيرانية وعرقلة هذا الدعم الإیراني الذي هو خدمة للعراق اليوم وإذا وقع ذلك، يمكنهم فرض أي شروط على العراق. جلبت الولايات المتحدة داعش إلى العراق ومنعت تشكيل جيش وطني محترف في العراق لأنه إذا تم تشكيل هذا النوع من الجيش، فلن يكون هناك ذریعة لوجود المحتل. تعمل الولايات المتحدة على عدم تشکیل حكومة قوية وقوة دفاع رادعة على مستوى القاعدة الشعبية في العراق خلافاً للجمهورية الإسلامية التي تبحث دائما عن مثل هذه الركائز التي يمكن أن يعتمد عليها العراق.

ثامناً: تداعیات اغتيال الشهيد قاسم سليماني على الولايات المتحدة
في موضوع قتل الضیف،الشهيد سليماني في العراق والذي حضر بدعوة رسمية واستهدفه الأمريكيون واعترفوا بذلك، استخدم قائد الثورة الإسلامية عبارة" "قتل الضيف" والتي لها عدة معانٍ. أولها، أن قیمة دم هذا الشهید الغالي، کانت كبيرة لدرجة أن البرلمان العراقي وافق في اليوم التالي من عملیات الاغتیال على طرد قوات الاحتلال الأمريكية. إن دم الشهيد فی هذه المسألة کان أكثر تأثیراً من الوجود الجسدي للشهيد. ثانياً، حكومة السيد كاظمي أو أي حكومة أخرى في السلطة لا یمکنها الاعتماد على الولايات المتحدة أو التعويل عليها. لقد أظهر الأمريكيون في جميع الساحات أنهم ليسوا مخلصين لما يتعهدون به. تعهد الأمريكيون في أكثر المراحل الصعبة منذ عام 2003 حتى الوقت الحاضر، لكنهم لم يحترموا عهودهم وفعلوا عكس ذلك. يرى قائد الثورة الإسلامية أن الاعتماد على الولايات المتحدة مخالف للمصلحة الوطنية العراقیة.
يدل خطاب الإمام الخامنئي علی أن الأمريكيين منافقين. الأمريكي الذي يدعي بأنه یحارب الإرهاب قتل أعلى قائد في المنطقة. لم يكن لدينا شخصية اکثر أهمیة من شهید سلیماني لمواجهة الکیان الصهيوني المحتل  ولمواجهة التيارات التكفيرية- الإرهابية مثل داعش ومجموعات الإرهابية. إغتالت أمیرکا هذه الشخصیة العظيمة وهذا الزعيم. وهذا يدل على أن الولايات المتحدة تتصرف بنفاق. فضلاً عن ارتكابها للجرائم، فإنها تعطي جرائمها لوناً أخلاقيًا . وهذا ما تفعله أمیركا في كل جريمة ترتكبها.

تاسعاً: إذا لم تغادر الولايات المتحدة العراق، فسوف تواجه انتقاماً شديداً
أضاف الكاظمي: هناك رسالة أخرى في خطاب قائد الثورة الإسلامية هي أن أمريكا لن تكون آمنة بعد الآن. والانتقام الصعب لم ينتهي بعد، وهذا الدم لن یتم نسيانه. ومخاطباً الحكومة العراقية والولايات المتحدة، وكذلك جبهة المقاومة، قال، إذا أراد الأمريكيون التمرد وتجاهل رأي البرلمان العراقي، فمن واجب المقاومة طردهم من العراق. تعتبر هذه الرسالة مهمة ومؤثرة إلى كل من الحكومة والشعب العراقي والمقاومة بأن رمز الصمود والبقاء هو المقاومة  والعمل لطرد المحتل،  والاستراتيجية المقاومة هي التي يمكن أن تضمن الاستقرار والتقدم والكرامة للبلد وللمنطقة.  لذلك أکد قائد الثورة الإسلامية على موضوع المقاومة الذي كان له معنى كبير في هذا اللقاء. اعتبر الشعب العراقي هذه الرسالة سنداً له. وتغطية هذا اللقاء، سواء في العراق أو في المنطقة، وكذلك علی مستوی وسائل الإعلام الدولية کانت مهمة جداً. لذلك، يمكن القول بأنّ هذا اللقاء، الذي جاء في سیاق تعزيز العلاقات بين البلدين، وطرح قضایا الولايات المتحدة، والمقاومة وموقف المرجعیة وأیضاً لمواصلة المسار الطویل للشعب العراقي، كان تعبيراً واضحاً عن استراتيجية الجمهورية الإسلامية التي أتت علی لسان الإمام الخامنئي.

عاشراً: ربط العلاقات الاقتصادية مع العراق بالعملة الوطنیة الدینار أو الریال
قال السيد الكاظمي نقلا عن خطاب الإمام الخامنئي في هذا اللقاء إن الشعب العراقي  وعلی الرغم من الاستفزازات الغوغائية، يعرف أن الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية في جميع الظروف الصعبة  أفضل داعم ومساند له. ولكن يجب علينا أن نکون الرواد في مجال العلاقات الاقتصادية ونجد الظروف المواتية لربط البنية التحتية الاقتصادية للبلدين. لقد أنعم الله بقدرات ضخمة لا مثيل لها لهذين البلدين. الأعداء يحاولون توجيه الرأي العام وخلق تصور سلبي تجاه الشعب العراقي في ذهنیة الإيرانيین والعكس صحيح. فإذا توجهنا إلی مصالح الناس، فإن المصالح العامة ذاتها، ستمنع التهديد علینا من قبل الحكومات والمحتلين.على سبيل المثال، في مجال الاقتصاد، تكمن المشكلة اليوم في مجال التجارة الخارجية في وجود العملات الوسيطة،  كاليورو والدولار. نحن بحاجة إلى خروج هذه العملات من سوق معاملاتنا. يجب أن تكون المعاملات الاقتصادية مع العراق على أساس العملة الوطنیة أي الدينار والريال. ربما السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد حول حجم المعاملات، على سبيل المثال في مجال الطاقة، هو ملياري دولار، ولا نحتاج إلى الكثير من الدينارات. لكن هذا الاعتقاد خاطئ. في الأساس، یجب إبرام الاتفاقيات علی اساس عملة الريال والدينار وأن يكون الصرف أیضا بعملة الدینار ولکن ما يحدث الآن هو إبرام العقود بالدولار، والعراق يدفع لنا بالدينار وهذا يشکل خسارة لنا. يجب علینا أن نبدأ بتفعيل حرکة النقل للسلع والركاب وإزالة الثغرات في هذا المجال. وللقيام بذلك، يجب علينا إنشاء مشروع مشترك واستخدام شركات النقل بمعايير السلامة والخدمات المواتیة كمجموعة فرعية من المشروع المشترك. إن قضية داعش كانت السبب في تعامل المؤسسات في مجال الدفاع والأمن بين البلدين، وأدرك الشعب العراقي أن الجمهورية الإسلامية قدمت التضحيات. وکان الشهيد سليماني یعتقد أن الفرص التي تخلق في قلب الأزمة هي أکثر أهمیة من الفرص ذاتها، وأثبتت الجمهورية الإسلامية بقيادة الحاج قاسم سلیماني أنها هي التي القادرة على خلق الفرص في قلب الأزمة.
يجب أن نعتمد على القدرات الفريدة التي نمتلكها من جانب الناس والثقة بالله والأئمة ، ولا ينبغي أن نشك على الإطلاق في هذا المسار. كل ما فعلته الجمهورية الإسلامية في العراق والمنطقة كان بفضل دماء الشهداء، والأئمة، والثقة بالله وإيمان الشعب، وتم هذا كله بحكم القيادة إلالهية. ما لا يملكه العالم اليوم هو وجود مثل هذا القائد الإلهي المقدس، الذي يقوم بكل ما يقوم به في إطار المعاملة مع الله وهدایة المجتمع.

الحادي عشر: إفشال جبهة المقاومة للمشاريع الأمريكية
أشار السفير السابق لدی ايران في العراق أنّ هذا اللقاء لم يوجه  إلى حكومة الكاظمي فحسب، بل إلى المقاومة والأمريكيين وبلدان المنطقة والشعب العراقي والجمهورية الإسلامية نفسها. يجب على الجمهورية الإسلامية أن تأخذ العراق بجدية أکثر وأن تعزز إجراءاتها التنفيذية. فالخطوات التي جرت في العراق حتى الآن، تهدف إلى خدمة مصالح شعبنا وخدمة جبهة المقاومة وخطاب الثورة الإسلامية بالمعنى الحقيقي للكلمة. ولكن في الطرف الآخر، وقفت الولايات المتحدة وحلفائها ضد الشعب العراقي. في الواقع لم يرغب الأمريكيون في السماح للعراقيين بالتدخل في شؤون الإدارة والحکم، وکان  جزءاً من مشروعهم أنه فور الإطاحة بنظام صدام، يقومون بتشكيل حكومة عسكرية، لكن هذه الحکومة لم تستمر لأكثر من بضعة أشهر. كان كل هذا نتیجة لدعم الجمهورية الإسلامية وفهم القادة العراقيين الذین أدرکوا أن ذلك الحدث كان خطيراً جدا، وبالتالي بدأ وا حينها بالضغط على الولايات المتحدة.
واشار الكاظمي أن بدء الغزو العسكري الأمريكي جری دون إذن من الأمم المتحدة ومجلس الأمن. والسبب هو أن الولايات المتحدة أرادت أن تعلم العالم أن الممارسات الدولية قد تغيرت وأن البلد المحتل يجب أن يحكمه المحتلین. كانت رسالة الأمريكيین للجمهورية الإسلامية أن العراق ليس آمنا وبالتالي لا يجب أن یأتوا إلى هذا البلد. وكانت رسالتهم إلى الدول مثل فرنسا وألمانيا والدول المجاورة أن أولئك الذين لم یشارکوا في الحرب، لا یحق لهم المجيء إلی سوریا والمشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا. وقیل للعراقیین إيضاً أن كل من يدخل العراق أو يغادره من دون تنسيق أو إذن، سوف نتعامل معه على أنه إرهابي. وفي مثل هذه الظروف، کانت مساعدة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة في مجال التعاون وإعطاء المشورات المبدئیة. وأضاف الكاظمي: أن السيد بريمر جاء إلی العراق تحت عنوان "حاکم مدني". قال بريمر "أريد أن أسس مجلس شوری، هذا يعني أنني الحاكم. حکمت الولايات المتحدة في العراق، وألزمت العراقيين بالتشاور. وهذا یعني أنّ کل ما ترتکبه الولايات المتحدة هو برسم القادة والمسؤولين العراقيين. لكننا شجعنا العراقيين على عدم الاستسلام لهذه المطالب. لا تزال بعض القوانين التي سنها مجلس الحکم للسيد بريمر في ذلك الوقت تضر بمصالح الشعب العراقي والمصالح الوطنية للعراق. في الواقع، أراد السيد بريمر أن يحكم داخل العراق كما أنّ القوانين التي أصدرها بشأن مسألة القوات المسلحة، وما إلى ذلك، كانت ضد مصالح الشعب العراقي. شكل الأمريكيون تدخلاً سافراً تحت عنوان الحكومة المدنية في العراق، وهو انتهاك كامل للسيادة الوطنية. حل الجيش وتم اتخاذ تدابير أخرى في ذلك الوقت. بالطبع حاول العراقيون الاستفادة من بعض هذه القوانين. 
قام الأمريكيون بأمرين أساسيين، قبل سقوط نظام صدام واحتلال البلاد. الأول كان کتابة مسودة الدستور، والثاني أن ما يقارب 3000 عراقي، وقعوا اتفاقيات مع الأمريكيين لدخول الحكومة وتقديم الإرشادات للأمريكيين كمستشارين واستشاريين. في ذلك الوقت اعتبرت الولايات المتحدة نفسها الحاكم بلا منازع، ولم يكن من السهل تخطي ذلك. وفي هذا السياق أثيرت قضایا كالسيادة العراقية والانتخابات البرلمانية وصياغة الدستور الذي عارضه الأمريكيون. وفي عام 2008 فرض الأمريكيون على العراقيين "الاتفاقیة الأمنية والاستراتيجية" والتي كانت في الواقع انتهاكاَ للسيادة الوطنية العراقية وتهديدا لدول الجوار. وقد ساعدت الجمهورية الإسلامية ، في ذلك الوقت، بخبرتها في صياغة الدستور، وتقديم استشارات جيدة للعراقيين بشأن فرض إتفاقیة التعاون الأمني والإستراتيجي مع الأمریکیين وموضوع قانون الاستسلام والأمن القضائي لجنودهم، الذي كان مخالف تماما للسيادة الوطنية واستقلال الوطن. هذه المشاورات ساعد ت العراقیین کثیراٌ  وبالطبع، العراقيون هم أذکیاء یدرکون مصلحتم جيدًا. لكن تجربة الجمهورية الإسلامية كانت أيضًا فعالة ومؤثرةً، ومنعت الأمریکیين بالسیر قدما علی الرغم من کل قواهم المادیة والعسکریة. لكن الحمد الله استطاعت جبهة المقاومة أن تمضي في هذا الطريق الخطير والصعب حتى يومنا هذا علی الرغم من كل التحديات والتهديدات.

الملخص النهائي
إنّ مستقبل العلاقات بين البلدين إيجابي، بشرط الحفاظ على هذه الإنجازات وتعزيزها. إن وجود الهيكليّات العادية الحالية لا يتوافق مع أهدافنا العلیا في المنطقة واليوم، يجري إعداد أسس لتكوين التعاون الجماعي، خاصة في مجال الأمن، وهو أمرٌ مهم للغاية.  
ما قالته الجمهورية الإسلامية یوماً ما، بأنّ الأمن الإقليمي يعتمد على التعاون الإقليمي الجماعي يحدث اليوم، وأساس هذا التعاون هو إيران والعراق وسوريا. يمكن أن يشكّل هذا التعاون لاحقًا الهندسة الأمنیة في المنطقة بمشاركة جميع البلدان ونحن نعمل على تشكيل  هذا النظام الجديد في المنطقة بغض النظر عن موضوع الاحتلال. هذه أيضا قضية مهمة. إذا واصلنا هذا الجهد في إطار خارطة الطريق وبشکل منظم وتحت قيادة واحدة ، وبالنظر إلى موقع غرب آسيا في النظام الدولي الجديد، فإن خطاب المقاومة يمكن أن يكون له مكان جيد في تشكيل النظام العالمي في المستقبل.