وجّه الإمام الخامنئي الدعوةَ للمواطنين إلى اتباع مقررات المسؤولين الصحيين والعلاجيين ولا سيما «الهيئة الوطنية لمكافحة كورونا»، ضارباً المثل بتفشّي «كورونا» وتأثيره في مراسم مسيرة زيارة «الأربعين». وقال: «الناس يعشقون الإمام الحسين – عليه السلام – وزيارة الأربعين. أنتم ذهبتم وأنا كنت محروماً مع أنني مشتاق أيضاً... ولو أننا بعيدون، لكننا نتحدث لذكراك (كما يقول الشاعر)».
وبشأن مسيرة «الأربعين»، قال الإمام الخامنئي: «هي صرفاً متوقفة على تشخيص المصلحة لدى مسؤولي ’الهيئة الوطنية لمكافحة كورونا‘ التي عارضت ذلك حتى اللحظة. لذا ينبغي للجميع أن يتبعوا (توجيهاتها) ويسلّموا لها». لكنّ سماحته أشار إلى قراءة زيارة «الأربعين» من البيت، مضيفاً: «التعبير عن المحبة يجب أن يأتي من البيوت، كما أن هناك بعض الزيارات التي وردت في خصوص یوم الأربعين ويمكن للناس بقراءتها أن يشكوا لسيد الشهداء – عليه السلام – أنه كان لدينا أمنية الحضور، ولكن جراء هذا الوضع لم يكن ذلك مقدّراً، لكي يرمقهم حضرته بلطفه وعنايته إن شاء الله».
كذلك، أعرب قائد الثورة الإسلامية عن أسفه وحزنه لوفاة 150 إلى 170 شخصاً من المواطنين يومياً بسبب «كورونا»، مُقدّراً «المساعي المُضحيّة والدائمة لفرق العلاج ومسؤولي مكافحة كورونا». واستدرك: «معالجة هذه الواقعة المؤسفة هي بيد الناس ومتوقفة على رعاية الأصول الصحية مثل التباعد واستعمال الكمامة وغسل اليدين».
في شأن المناسبة، تطرّق الإمام الخامنئي إلى أيام ذكرى «الدفاع المقدّس» والهجوم الذي شنّه نظام صدّام (حسين)، قائلاً إن «صدّام المتسلّط لم يكن إلّا آلة بيد القوى الكبرى، بالأخصّ أمريكا»، مضيفاً: «الأطراف الحقيقيّون في الحرب ضد الشعب الإيراني، أي أمريكا التي تلقّت صفعة من الثّورة الإسلامية والقوى القلقة من ظهور هويّة إسلامية–إيرانية جديدة في المنطقة وحلف شمال الأطلسي والدول الأوروبية الغربية والشرقية، هم من حرّضوا صدّام على الهجوم لیحطّموا النظام والثورة الإسلامية».
واستدلّ الإمام الخامنئي بوثائق الاتفاقات الموقّعة بين أمريكا وصدّام قبل بدء الحرب، إذ «لم يتوقّف الدعم العسكري والاستخباراتي والماليّ من الغرب والشرق للنظام البعثي عبر الإمارات والكويت والسعودية، وغيرها من الخطوط، طوال سنوات الحرب». وبعدما شرح كيفية بدء حرب السنوات الثماني المفروضة، تناول بتحليل موثّق أهم العوامل والنقاط في «الدفاع المُستميت والمنتصر للشعب الإيراني في مواجهة الأعداء».
في خضمّ الحرب، رأى سماحته أن قيادة الإمام روح الله الخميني – قدّس سرّه - للأوضاع منذ بداية «الدفاع المقدّس» حتى النهاية كانت «دقيقة جداً ومُبهِرة»، وقال: «كان الإمام (الخميني) منذ البداية قد شَخّصَ الأبعاد والحجم الحقيقي للمعركة، وأعلن بمعرفةٍ رائعة أنّ هذه الحرب ليست معركة بين دولتين جارتين، وإنّما أعداء الثورة الإسلامية والشعب الإيراني هم من يصطفّون خلف صدّام في مواجهة النظام الإسلامي».
ربطاً بذلك، رأى الإمام الخامنئي أن زجّ الشعب في ساحات «الدفاع المقدس» آنذاك كان من «التّشخيصات المصيريّة للإمام العظيم (الخميني)»، لأنّ «الإمام بإدراكه العميق، مثل إدراكه أصل الثورة، دعا الشعب للنزول إلى قلب ساحة المعركة، ليقينه بأن القوات المسلّحة لن تستطيع وحدها حلّ المسألة».
وذكّر الإمام الخامنئي، في قسم آخر من كلامه حول «الدفاع المقدّس»، بالهزائم المتوالية لإيران في الحروب التي خاضتها في القرن أو القرنين الأخيرين، في العهدين القاجاري والبهلوي، و«الإهانة التي كان يتعرّض لها قادة إيران» في هذين العهدين، مُستدركاً: «استطاع الشّعب الإيراني في أيام الدفاع المقدّس أن يقف في وجه قوى الشرق والغرب والدول التابعة لهم، وأن ينتصر بكل اعتزاز، ولذلك هذا الدفاع المُظفّر جزء من الهوية الوطنية».
وأشار سماحته إلى أنّ «الدفاع المقدس ذُخرٌ للبلاد»، مضيفاً أنّ «إحدى هذه الذخائر الثمينة هي الأمن الذي تحقق ببركة الدفاع المقدّس، لأن الشّعب الإيراني أثبت بمقاومته ودفاعه أن تكلفة الاعتداء على البلاد ستکون كبيرة جداً (على المعتدي)، وأن کل معتدٍ سيلقى رداً مُدوّیاٌ، ولهذا سيُفكّر المعتدي مليّاً قبل إقدامه على أي عمل، بل سيعلم أنه غير مجدٍ».
قائد الثورة الإسلامية رأى أيضاً أنّ الجُرأة على تنفيذ أعمال «كانت تبدو مستحيلة في الظاهر»، والارتقاء بالطّاقات البشرية في البلاد، هما من مكاسب «الدفاع المقدّس»، موضحاً أن من نماذج تلك الطاقات «الشهيد قاسم سليماني الذي كان يقوم بأعمال مُبهِرة على صعيد المنطقة وعلى الصعيد الدبلوماسي. لا يزال الشعب الإيراني غير مطّلع كفايةً على نشاطات هذا الشهيد العزيز». كما بَيّن سماحته أنّ «إظهار قدرات وطاقات الشّعب الإيراني للعالم نقطةٌ أخرى من نقاط الدفاع المقدّس التي تبعث على التأمّل»، قائلاً: «في ذروة الهجمة الإعلامية للأعداء على ايران، تحوّلَ الدفاع المقدّس إلى وسيلة إعلامية بليغة، وصوت عالٍ، فلقد استطاع بإظهاره الشجاعة والوحدة والعزيمة والمقاومة الوطنية للإيرانيين أن يجعل لهذا الشعب قيمة ومنزلة في العالم».
وخَلُصَ الإمام الخامنئي إلى أنّ «الدفاع المقدّس بمنزلة لوحة عظيمة متألّقة قبالة وجه الشعب الإيراني... إنّ الحرب ظاهرة مخيفة وعنيفة، لكن رغم كل الخسائر والمشكلات التي أوجدتها، استطاع الدفاع المقدّس أن يجلب إلى الشّعب الإيراني البركات والبشارات والتقدُّم والتجدُّد». وفي شأن ذي صلة، وصف المدافعين عن العتبات المُقدّسة بأنهم «نموذج مشرق لاستمرار بركات الدفاع المقدّس، واستمرار روح الجهاد في الجيل الجديد»، مضيفاً: «وجود مجاهدين من قوميات مختلفة في آنٍ واحد وصَفٍّ واحد، إيرانيين وسوريين وعراقيين ولبنانيين وأفغانستانيين، هو من الحقائق والظواهر المُحيّرة والمُدهشة في زماننا».