سياستنا بشأن أمريكا سياسة محسوبة ومحددة، وهذه السياسة لا تتبدّل برحيل الأشخاص وقدومهم، واليوم نشهد الانتخابات الأمريكية. يتناقش البعض بشأن من سيأتي؟ ومن سيرحل؟ وما سيحدث إذا أتى فلان؟ نعم، قد تقع بعض الأحداث التي لن تعنينا. أي أنها لا تؤثر في سياستنا على الإطلاق. سياستنا محسوبة وواضحة، ولا يؤثّر فيها رحيل الأشخاص وقدومهم.
تعتري الأمّة الإسلامية اليوم مشاعر الغضب والاستنكار لإهانة رسول الإسلام (ص)؛ هذا دليلٌ على كون المجتمعات الإسلاميّة حيّة؛وهذا أمرٌ يبعث السّرور. في شرق وغرب العالم الإسلامي، دافع غالبيّة الناس والمسؤولين والعديد من الساسة المسلمين -طبعاً أظهر البعض في هذا الموقف حقارتهم،- عن الهويّة الإسلاميّة وشخصيّة رسول الإسلام الأكرم، وأعلنوا عن غضبهم واستنكارهم.
الكارثيٌّ اليوم في العالم الإسلامي، وبشكل خاص في هذه المنطقة؛ هو مسار تطبيع العلاقات الذليل والمحفوف بالخيانة مع الصهاينة، وهذه كلّها نتائج لعدم اتّحاد العالم الإسلامي، وقد تمّ ارتكاب مثل هذه الخطوة القبيحة انطلاقاً من دوافع فاسدة وخاطئة؛ وحقيقة الأمر هي أنّه تمّ سلب حقّ الشعب الفلسطيني من قِبل البعض. هؤلاء (المطبّعون) يضعون قدر إمكانهم العوائق أمام مسار [تحرير فلسطين] بإقامتهم للعلاقات مع الغاصب والقاتل والمجرم. طبعاً هؤلاء عاجزون وأقلّ من أن يستطيعوا إنهاء هذه القضيّة، وفلسطين ستعود للفلسطينيّين.
أعداء الإسلام الأساسيّين اليوم هم "أئمّة يدعون إلى النّار"، أي الاستكبار والصهيونيّة. وآخر تجسيد لهذا العداء تجلّى في أحداث باريس. لا يقتصر الأمر على ارتكاب رسّام كاريكاتور لحماقة معيّنة وتوجيهه إهانة للرسول (ص) بلسان كاريكاتوريّ. بل هناك أيادٍ تقف خلف هذا الحدث. ما هو السّبب؟ السّبب هو أنّ رئيس جمهوريّة وحكومة بأكملها يقفون للدّفاع عن هذا العمل، وتدعمهم أيضاً بعض الحكومات الأخرى؛ من الواضح حضور منظّمات في كواليس هذه القضيّة.
الأمريكيّون اجتاحوا البلدان الإسلاميّة بحجّة حضور الجماعات التكفيريّة. هاجموا سوريا وأفغانستان, ويفكّرون باجتياح بلدانٍ أخرى كالعراق. طبعاً لن يسمح الشباب والمؤمنون العراقيّون لهم بذلك، وسوف تمنع تلك حميّة العراقيّين وتعصّبهم للحقّ الأمريكيّين من التغلغل، إن شاء الله.
بعض الحكومات في هذه المنطقة التي تكفّلت بالمساندة الماليّة [للجماعات التكفيريّة] ذنبها أعظم من الأفراد الذين انضمّوا إلى هذه الجماعات... لقد كان الجرم الأساسيّ في قضيّة الجماعات التكفيريّة في هذه المنطقة جرم الأمريكيّين والسعوديّين التابعين لهم. السعوديّون قدّموا المال، وساعدوا وساندوا.